تبدي منابر إعلاميّة عربية، اهتماماً متزايداً بالشأن الجزائريّ، الذي تستهدفُه يومياً بحثاً عن «التفاعل» على شبكات التواصل الاجتماعيّ، من تتبّع أخبار نجوم المنتخب، إلى المسائل الداخليّة إلى المشاكل الخلافيّة مع الجار الغربيّ التي تدر التعليقات والمشاركات وتُشعل الحروب الكلاميّة.
و واضح أنّ السيّاسة التحريريّة لهذه المنابر تقومُ على استهدافِ البلدان ذات الكثافة السكانيّة وإثارة المواضيع الحسّاسة، لتحقّق غايتها في الانتشار وتمرّر، بعد ذلك، «رسائلها» المُرتبطة بسيّاسات و أجندات «الدوّل المانحة».
وواضح، أيضاً،  أنّ القراءات الناقدة للأوضاع والسيّاسات في هذه الوسائط، تستهدف بلدانا بعينها، مصر والجزائر وبعض «الجمهوريات» التي سقطت في الفوضى أو التي لم تسقط تماماً، مثلما هو واضح بأنّها تنحاز للممالك إذا وقعت في خلافٍ أو تضارب مصالح مع الجمهوريّات، كما هو حاصل بين الجزائر والمغرب، حيث تتحدّث  بلسانٍ مغربيّ وتنتصر لطرح المملكة.
تُحيل هذه المعاينة إلى مسائل مرتبطة بصناعة المحتوى الإعلامي المكتوب بالعربيّة، التي باتت تحتكرها دوّل خليجيّة غنيّة توجّهت نحو الاستثمار في هذا القطاع الذي منحها مع مرور الوقت «قوّة ناعمة» باتت تستثمرها في توجهاتها الدبلوماسيّة، وحتى في أجندات جيوسياسية دوليّة، متعلّقة بإعادة ترتيب الأوراق، تتولاها قوى استعماريّة تقليديّة.
والأمر هنا، لا يتعلّق بشكوى من المؤامرات التي كانت ولا تزال أسلوباً في إدارة شؤون العالم الذي لم يتخلّص صنّاع القرار فيه من جشعهم وجوعهم المزمن لنهب ثروات بلدانٍ و شرب دماء شعوبها، ولكن بتنبيه إلى مآخذ أخلاقيّة في المحتوى الإعلامي الذي  يقدّم دولا بأنظمة بطريركية كواحات للتقدّم والحريّة ويسفّه بقيّة الدول، بل ويساهم في تفكيكها، وفي سلوك نخبٍ إعلاميّة وثقافيّة ضبطت نفسها على خطّ المانح، مساهمة في الوضع الحالي الذي تحوّل فيه مركز صناعة الإعلام والثقافة من حواضر وحضارات عريقة إلى دوّل غنيّة نجحت في استقطاب الكوادر الإعلاميّة  وحوّلت البعض منهم إلى «نشطاء»  تثير سلوكياتهم الحزن والأسى.
والذنب لا يقع على الفاعل وحده، ولكن على المقصّرين أيضاً، لتفريطهم في صناعة سبقوا غيرهم إليها لكنّهم أفسدوها بسوء تدبير أفقد المهنة وجاهتها وجعل جماهير البلدان المستهدفة في متناول ميديا يديرها وكلاء الاستعمار الجديد الذين يغطّون على أدوارهم المشؤومة بالتبشير بحريّة يحرمون منها شعوبهم، التي لم تجرّب إلى يوم الله المتأخّر هذا، الانتخاب أو التظاهر و الاحتجاج.
سليم بوفنداسة

    • صعلكة

        أصبح "خطاب الحق" عنوان ضعفٍ في عالم اليوم الذي باتت تتحكّم في مفاصله قوى ولوبيات لا تبالي بالقوانين ولا بالمبادئ التي راكمتها الإنسانيّة في خروجها الفاشل من الصّراعات الدموية. بل إن "التصعلك" تحوّل إلى ما يشبه العرف في العلاقات الدولية،...

    • ضرورة التفكير في المجتمع

        سليم بوفنداسة انتفض المجتمع المدني في ولاية خنشلة ضدّ "الراقي الزائر"، الذي أثار الجدل على مواقع التواصل، ودعا السلطات لفتح تحقيق حول قيّامه بنشاط غير مرخص، في مبادرة حضاريّة تكشف عن وعي الجمعيّات وتحمّلها مسؤوليّة التصدي لآفات ظلّت لفترة...

    • المخفيّ

      حين مات محمد ديب لم تجد وسائل الإعلام الوطنيّة، مادة سمعية بصريّة عن الكاتب تقدّمها للجمهور، كان ذلك سنة 2003، أي قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وكان محمد ديب أكبر كاتبٍ جزائري، عاش عمرًا مديدًا يكفي لاستدراجه إلى توثيق يخدم...

    • اختراق

      شهدت الفترة التي تلت اندلاع الحرب المدمرة على غزة، تسخير ذباب إلكتروني لتسفيه الخطابات المؤيدة للفلسطينيين، ويمكن أن نقرأ ما يندى له الجبين في تعليقات عربيّة على الجهود الدبلوماسيّة لوقف المذبحة، أو على التضامن مع الضحايا، حيث...

    • خِفّـــة

      يبحثُ المتحدّثُ عن العبارة التي ستبقى  في أثير الله الأزرق بعد أن يفنى الكلام، عبارةٌ واحدةٌ تكفي كي يبقى، لذلك صارت استراتيجيات التّواصل تُبنى على عبارات يوصى بإلقائها وسط موجة الكلام، في حملات الانتخابات وفي الخُطبِ والتدخلات في وسائل...

    • وصفُ السّعادة!

      تجري الحياة في فضاءات أخرى وليس على المُستطيل الأخضر، رغم المُتعة التي توفرها كرة القدم، باعتبارها مسرح فرجةٍ في عصرنا، يلتقي فيه الشغف الكونيّ. صحيحٌ أنّ هذه اللّعبة، تجاوزت حدود الرياضة بعد ظهور "المستثمرين" والتجّار من باعة...

    • القيمة والشّعار

      يخترقُ المنتوج الثقافيّ الحدود واللّغات، بجودته أولًا وأخيرًا، وقد يفوق تأثيره التوقّعات، لذلك استغلّت بعض الأمم المُتصارعة على المسرح الكونيّ الفنون لتمرير رسائل تستهدف وجدان البشر و تستدعيه في لعبة استدراج و تماهٍ، عبر صوغ...

    • كبارُ "الباعة"!

      سخر كمال داود من الصّفة التي يطلقها العرب والمسلمون على ضحايا العدوان الهمجي على غزّة، ووجد الوقت والمتعة للتّنكيل اللّغوي بمنكّل بهم في الواقع، لكنّ اللّغة ستخونه، قطعًا، في وصف القتلة، لأنّ حريّته تتوقّف عند جثث الضحايا،...

    • مقبرةُ جماعيّة للإنسانيّة

      في هذه الأرض المزدحمة، حيث يتعايش الأحياءُ والموتى، تُحفر القبور على عجلٍ في الأسواق السّابقة والأرصفة السابقة، لا أزهار هنا في وداع النّازلين إلى ترابهم من حياة، هي مجرّد استراحة بين ميتات مُختلفة. قد يُسرف القتلى في النوم حيث...

    • في وصف الشّر

      تدفعُ المقتلةُ الجاريّة هذه الأيّام ومحاولات تأويلها وتغطيّتها نحو التفكير في "الشّر"، ليس كمصطلح خاضت فيه الفلسفات، ولكن كعنوانٍ بديعٍ لعصرنا الذي صدّقنا أنّه يشهد ذروة تطوّر الإنسانيّة، في العلوم والمعارف وفي النظم السيّاسيّة...

    << < 1 2 3 4 5 > >> (5)
الرجوع إلى الأعلى