سليم بوفنداسة

يدخلُ "كراسُ الثّقافة" الموسمَ الجديد، بتساؤلٍ عن وضعِ "القيّم"  في حياتِنا التي تشهد هزّات متواصلة، يحتاجُ وصفُها إلى أصواتٍ عارفةٍ، ويحاول وقد بلغ أكثـر من عشرين حولاً (و لم يسأم) الإبقاء على "الثقافيِّ" في دائرة الاهتمام، سواء بمتابعة الإبداعات في مختلفِ الفنونِ أو بإثارة النّقاش والأسئلة في محاولةٍ للتدرّب على الحوار الديمقراطيّ الذي نفتقرُ إلى فضائله في مرحلةٍ عصيبةٍ برز فيها "الغوغائيُّ" و"المتطرّفُ" وانصرف فيها "الحقيقيُّ" إلى المناطق المظلمة حيثُ يُراكم إبداعه من دونِ ضجيجٍ أو شكوى، في وقتٍ استجاب فيه مثقّفون ومبدعون لإغراءات الميديا الجديدة أو سقطوا في هوسِها، وخير مثالٍ على ذلك تلك الكتابات العنصريّة التي ازدهرت خلال الأزمات التي عرفتها البلاد في الأشهر الأخيرة، والتي كشفت عن وجه مخيف للمثقّف، يجعل من الازدراء الذي يُقابل  به اجتماعياً وسيّاسيّاً، في بعض الأحيان، أمراً غير مجانبٍ للصّواب!
والمؤكد أنّ شبكات التواصل كشفت المكبوتات التي كانت تحجبها الوسائل التقليديّة، و مكنّت من رسم بورتريهات حقيقيّة ما كانت لتُرسم لو لم يُتِحها "العلاجُ الجماعيُّ"  و "التداعي الحرّ" على صفحاتِ هذه الشبكات، التي نالت في نهايةِ المطافِ من "صورة المثقّف" التي لم تكن زاهيّة  في مختلفِ المراحلِ التي مرّت بها البلاد، و ربّما تسبّب الوضع السيّاسيُّ والاجتماعيُّ  في تكريس ذلك، لكنّ المُبدع كان دوماً ينجو بنصّه الباقي الذي قد يحجبُ مواقفه الظرفيّة.
وفي جميع الأحوال فإن الجزائر تبدو في حاجة ماسّة إلى "الثقافيّ" الذي يجمع مختلف مشاربها وروافدها ويستوعبُ الاختلافات ويُشيع الثقافة الديمقراطيّة وقيّم الحريّة والعدالة، في ظرفٍ جيوسياسيّ حسّاس استعر فيه التكالب الاستعماريّ وحلّت الصهيونيّة كلاعب غير مرحّب به في الجوار، ومن المفارقات أن تجد بين الكتّاب من يحمل خناجر هذا الكيان الجائر عن سذاجةٍ  في فهمٍ التسامح، أو طمعاً في جوائز توزّع شرقاً وغرباً على أصحاب "النوايا الحسنة"، أو عن تناغمٍ مع خطاب سائد يهجو كلّ مناهضة للاستعمار الجديد ويعتبرها من بنات "نظريّة المؤامرة" التي تم اختراعها للتغطيّة على الإخفاقات.
 ومن غير المثقّف يملك القدرة على قراءة وتفكيك هذه الصّورة المعقّدة، المثقّف المُخلص لأدواته، المتخلّص من حسابات المنفعةِ والخسارةِ. 

    • ضرورة التفكير في المجتمع

        سليم بوفنداسة انتفض المجتمع المدني في ولاية خنشلة ضدّ "الراقي الزائر"، الذي أثار الجدل على مواقع التواصل، ودعا السلطات لفتح تحقيق حول قيّامه بنشاط غير مرخص، في مبادرة حضاريّة تكشف عن وعي الجمعيّات وتحمّلها مسؤوليّة التصدي لآفات ظلّت لفترة...

    • المخفيّ

      حين مات محمد ديب لم تجد وسائل الإعلام الوطنيّة، مادة سمعية بصريّة عن الكاتب تقدّمها للجمهور، كان ذلك سنة 2003، أي قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وكان محمد ديب أكبر كاتبٍ جزائري، عاش عمرًا مديدًا يكفي لاستدراجه إلى توثيق يخدم...

    • اختراق

      شهدت الفترة التي تلت اندلاع الحرب المدمرة على غزة، تسخير ذباب إلكتروني لتسفيه الخطابات المؤيدة للفلسطينيين، ويمكن أن نقرأ ما يندى له الجبين في تعليقات عربيّة على الجهود الدبلوماسيّة لوقف المذبحة، أو على التضامن مع الضحايا، حيث...

    • خِفّـــة

      يبحثُ المتحدّثُ عن العبارة التي ستبقى  في أثير الله الأزرق بعد أن يفنى الكلام، عبارةٌ واحدةٌ تكفي كي يبقى، لذلك صارت استراتيجيات التّواصل تُبنى على عبارات يوصى بإلقائها وسط موجة الكلام، في حملات الانتخابات وفي الخُطبِ والتدخلات في وسائل...

    • وصفُ السّعادة!

      تجري الحياة في فضاءات أخرى وليس على المُستطيل الأخضر، رغم المُتعة التي توفرها كرة القدم، باعتبارها مسرح فرجةٍ في عصرنا، يلتقي فيه الشغف الكونيّ. صحيحٌ أنّ هذه اللّعبة، تجاوزت حدود الرياضة بعد ظهور "المستثمرين" والتجّار من باعة...

    • القيمة والشّعار

      يخترقُ المنتوج الثقافيّ الحدود واللّغات، بجودته أولًا وأخيرًا، وقد يفوق تأثيره التوقّعات، لذلك استغلّت بعض الأمم المُتصارعة على المسرح الكونيّ الفنون لتمرير رسائل تستهدف وجدان البشر و تستدعيه في لعبة استدراج و تماهٍ، عبر صوغ...

    • كبارُ "الباعة"!

      سخر كمال داود من الصّفة التي يطلقها العرب والمسلمون على ضحايا العدوان الهمجي على غزّة، ووجد الوقت والمتعة للتّنكيل اللّغوي بمنكّل بهم في الواقع، لكنّ اللّغة ستخونه، قطعًا، في وصف القتلة، لأنّ حريّته تتوقّف عند جثث الضحايا،...

    • مقبرةُ جماعيّة للإنسانيّة

      في هذه الأرض المزدحمة، حيث يتعايش الأحياءُ والموتى، تُحفر القبور على عجلٍ في الأسواق السّابقة والأرصفة السابقة، لا أزهار هنا في وداع النّازلين إلى ترابهم من حياة، هي مجرّد استراحة بين ميتات مُختلفة. قد يُسرف القتلى في النوم حيث...

    • في وصف الشّر

      تدفعُ المقتلةُ الجاريّة هذه الأيّام ومحاولات تأويلها وتغطيّتها نحو التفكير في "الشّر"، ليس كمصطلح خاضت فيه الفلسفات، ولكن كعنوانٍ بديعٍ لعصرنا الذي صدّقنا أنّه يشهد ذروة تطوّر الإنسانيّة، في العلوم والمعارف وفي النظم السيّاسيّة...

    • سوط

      تمنح ُ الحرب القذرة الدائرة الآن  الوجاهة للروايات التي تتحدّث عن حكومة خفيّة تقود العالم، وعن جماعات شيطانيّة تتحكّم في المصائر، وتؤكد أنّها لم تكن بالضرورة مجانبة للصواب، شأنها في ذلك شأن الخطابات التي تسفّه القيّم الغربيّة وتُسقط عنها...

    << < 1 2 3 4 5 > >> (5)
الرجوع إلى الأعلى