منحت الجائحة فرصةً جديدة للتفكيرِ في الحياة و شؤونها، بعد "الإشباع" الذي تحقّق نتيجة ما راكمته الفلسفة والعلوم الاجتماعيّة وجنوح دارسي العصر نحو فحص أثر التطوّر التكنولوجي على الإنسان.

وهكذا بدأت تُطالعنا  دراسات ترصدُ التحوّلات الاجتماعيّة، بعد التّنبيه الحادّ الذي وجّهه الوباء، بل و نَسْفِه للعقيدة العلميّة التي حوّلها الإنسانُ المعاصرُ إلى "دوغم"،حيث استغلّ الباحثون  فرصة وجودهم في هذه العتبة التاريخيّة لتشكيل فرق بحثٍ تتولى إنجاز دراسات عن البيوت و فضاءات العمل والاقتصاد العائلي والعادات الغذائيّة وحركة الساكنة...
ولم تنتظر بعض الشعوب في البلدان الغربيّة، نتائج الدراسات ولا القرارات السياسيّة بل انخرطت تلقائيا فيما يفرضه الوضع من تحوّل،  ويمكن أن نقرأ أخباراً  ومعلوماتٍ مُذهلة في هذا الباب، كتخلي عشرين بالمئة من الموظفين الأمريكيين عن وظائفهم وتوجّههم إلى عمل مستقل، أو نزوح مواطنين في بلدان أوروبيّة إلى الريف أو ارتفاع عدد المقيمين في بيوت فرديّة في بلدان صناعيّة صغيرة المساحة مقارنة بالمقيمين في عمارات.
 وحتى وإن تعلّق الأمر، هنا، بمجتمعات معرفة، تُحسن التدبير فإنّ المجتمع العلميّ يُساهم بطريقةٍ فعالة في نشر الثقافة العلميّة، حيث تعرض، مثلاً، مراكز علميّة وجامعيّة عبر منصّاتها تنزيل بحوثٍ وكتب مجاناً، في سلوكٍ يؤكد وجود خيّرين في عصر الأشرار هذا.
 والسؤال السؤال ما الذي نفعله نحنُ الآن؟ وهل نفكّر في حياتنا وندرسها؟ وما الذي تقدّمه عشرات الجامعات للمجموعة الوطنيّة؟ وهل يقرأ الباحثون المجتمع وحركته في هذا الفضاء الشّاسع الذي نتزاحم في مساحة ضيّقة منه؟ وهل نستفيد من المعارف في العمران و الاقتصاد؟ وما الذي نتطلّع إليه و ما هي اهتماماتنا  وكيف نفهم السعادة  بعيدا عن هوس الاستهلاك؟ وكيف نعيش؟
تترامى حقولٌ شاسعة أمام الباحثين، لكنّ الجزائر تبدو غير مدروسة، مع استثناءات لا تشبع الجوع ولا تكسر القاعدة، ومن المُحزن حقاً ألا يجتمع أساتذة في جامعة عريقة إلا  للمطالبة بأمرٍ ما، كتأجيل الامتحانات.. ومن المؤسف أن تتحوّل منشورات الكثير من أهل العلم والمعرفة  إلى سيول شكوى لا تختلف عن منشورات المواطن العادي عامرُ البال بهموم المعيشة.
سليم بوفنداسة

    • صعلكة

        أصبح "خطاب الحق" عنوان ضعفٍ في عالم اليوم الذي باتت تتحكّم في مفاصله قوى ولوبيات لا تبالي بالقوانين ولا بالمبادئ التي راكمتها الإنسانيّة في خروجها الفاشل من الصّراعات الدموية. بل إن "التصعلك" تحوّل إلى ما يشبه العرف في العلاقات الدولية،...

    • ضرورة التفكير في المجتمع

        سليم بوفنداسة انتفض المجتمع المدني في ولاية خنشلة ضدّ "الراقي الزائر"، الذي أثار الجدل على مواقع التواصل، ودعا السلطات لفتح تحقيق حول قيّامه بنشاط غير مرخص، في مبادرة حضاريّة تكشف عن وعي الجمعيّات وتحمّلها مسؤوليّة التصدي لآفات ظلّت لفترة...

    • المخفيّ

      حين مات محمد ديب لم تجد وسائل الإعلام الوطنيّة، مادة سمعية بصريّة عن الكاتب تقدّمها للجمهور، كان ذلك سنة 2003، أي قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وكان محمد ديب أكبر كاتبٍ جزائري، عاش عمرًا مديدًا يكفي لاستدراجه إلى توثيق يخدم...

    • اختراق

      شهدت الفترة التي تلت اندلاع الحرب المدمرة على غزة، تسخير ذباب إلكتروني لتسفيه الخطابات المؤيدة للفلسطينيين، ويمكن أن نقرأ ما يندى له الجبين في تعليقات عربيّة على الجهود الدبلوماسيّة لوقف المذبحة، أو على التضامن مع الضحايا، حيث...

    • خِفّـــة

      يبحثُ المتحدّثُ عن العبارة التي ستبقى  في أثير الله الأزرق بعد أن يفنى الكلام، عبارةٌ واحدةٌ تكفي كي يبقى، لذلك صارت استراتيجيات التّواصل تُبنى على عبارات يوصى بإلقائها وسط موجة الكلام، في حملات الانتخابات وفي الخُطبِ والتدخلات في وسائل...

    • وصفُ السّعادة!

      تجري الحياة في فضاءات أخرى وليس على المُستطيل الأخضر، رغم المُتعة التي توفرها كرة القدم، باعتبارها مسرح فرجةٍ في عصرنا، يلتقي فيه الشغف الكونيّ. صحيحٌ أنّ هذه اللّعبة، تجاوزت حدود الرياضة بعد ظهور "المستثمرين" والتجّار من باعة...

    • القيمة والشّعار

      يخترقُ المنتوج الثقافيّ الحدود واللّغات، بجودته أولًا وأخيرًا، وقد يفوق تأثيره التوقّعات، لذلك استغلّت بعض الأمم المُتصارعة على المسرح الكونيّ الفنون لتمرير رسائل تستهدف وجدان البشر و تستدعيه في لعبة استدراج و تماهٍ، عبر صوغ...

    • كبارُ "الباعة"!

      سخر كمال داود من الصّفة التي يطلقها العرب والمسلمون على ضحايا العدوان الهمجي على غزّة، ووجد الوقت والمتعة للتّنكيل اللّغوي بمنكّل بهم في الواقع، لكنّ اللّغة ستخونه، قطعًا، في وصف القتلة، لأنّ حريّته تتوقّف عند جثث الضحايا،...

    • مقبرةُ جماعيّة للإنسانيّة

      في هذه الأرض المزدحمة، حيث يتعايش الأحياءُ والموتى، تُحفر القبور على عجلٍ في الأسواق السّابقة والأرصفة السابقة، لا أزهار هنا في وداع النّازلين إلى ترابهم من حياة، هي مجرّد استراحة بين ميتات مُختلفة. قد يُسرف القتلى في النوم حيث...

    • في وصف الشّر

      تدفعُ المقتلةُ الجاريّة هذه الأيّام ومحاولات تأويلها وتغطيّتها نحو التفكير في "الشّر"، ليس كمصطلح خاضت فيه الفلسفات، ولكن كعنوانٍ بديعٍ لعصرنا الذي صدّقنا أنّه يشهد ذروة تطوّر الإنسانيّة، في العلوم والمعارف وفي النظم السيّاسيّة...

    << < 1 2 3 4 5 > >> (5)
الرجوع إلى الأعلى