تعرض لاعب باريس سان جيرمان السنيغالي إدريسا غانا غاي إلى نهشٍ إعلامي وسيّاسي بسببِ تخلّفٍ عن مباراة لفريقه، فُسر كتهرّبٍ من ارتداء القميص "المزيّن" بعلم المثليين في اليوم العالمي للهوموفوبيا.

وفوق ذلك تمت مساءلته من طرف لجنة الأخلاقيات في الاتحاد الفرنسي لكرة القدم وطُلب منه توضيح ما دار في رأسه، وإثبات حُسن نواياه بنشر صورة له وهو يرتدي القميص المرصّع بالعلم إيّاه!
و وصفت مرشّحة للانتخابات الرئاسيّة السابقة سلوك اللّاعب بالجريمة التي يجب ألا تمرّ من دون عقاب، و ارتفعت الدعوات إلى طرده من نادي العاصمة الفرنسيّة بداعي أنّه لن يكون قدوةً حسنةً للشباب في بلد الحريّات.
تكشفُ وضعيّة إدريسا عن موجة تطرّفٍ تصل إلى حدّ الإرهاب، لا يُمارسها اليمين وحده، وتبرز الاستغلال السيّاسيّ والإيديولوجيّ والفئوي للرياضة الأكثـر شعبيّة في العالم، ففي وقتٍ قصيرٍ رأينا كيف حوّلت أوروبا والهيئة الكرويّة الدوليّة الملاعب إلى منصّات لإدانة روسيا، وهي التي كانت إلى وقتٍ قريبٍ ترفض وتُعاقب على التعبير عن المواقف السيّاسيّة في المنافسات الرياضيّة، والآن نلاحظ الحملة التي يتعرّض لها لاعبٌ في وسائل الإعلام بمختلف أنواعها التي تحيلُ إلى ازدواجيّة في التعاطي مع مسائل الحريّة تصل إلى درجة تنصيب محاكم تفتيش من جهة، من خلال دعوته إلى الإشادة العلنيّة بظاهرة لم يبد موقفًا منها ويفترض أنّه لا يُساندها بسبب معتقداته، وفي الجهة المقابلة عدم احترام حريّته في عدم إبداء موقفٍ بالسّلب أو بالإيجاب، إنّنا بالمختصر المفيد أمام حالة إفلاس أخلاقي تحوّل الحريّة ذاتها إلى إيديولوجيا تُستخدم لغرضٍ وتُمنع في حالة مُشابهة.
ولم تعد سطوة فئة المثليين على وسائل الإعلام ومفاصل صُنع القرار في أوروبا خافيّة، حيث نجحت في دفع وجوه منها إلى برامج "البرايم تايم" في التلفزيونات، وفي إقرار تشريعات لردع ما تسمّيه رهاب المثليّة، بل إنّ هذا "اللّوبي" أصبح يُعاقب مقاوميه في وسائل الإعلام ويسفّههم و بات مؤثرا في إدارة العلاقات الدوليّة بأجندةٍ واضحةٍ لا تكتفي بدفع قادة دوّلٍ كبيرةٍ إلى طرحِ حقوق الفئة على طاولة المفاوضات مع الشركاء الدوليين، بل جعلت منها أداة من أدوات الاستعمار الجديد في ابتزاز الدوّل وفي الحروب الدينية التي لا تسمي نفسها.

سليم بوفنداسة

    • المخفيّ

      حين مات محمد ديب لم تجد وسائل الإعلام الوطنيّة، مادة سمعية بصريّة عن الكاتب تقدّمها للجمهور، كان ذلك سنة 2003، أي قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وكان محمد ديب أكبر كاتبٍ جزائري، عاش عمرًا مديدًا يكفي لاستدراجه إلى توثيق يخدم...

    • اختراق

      شهدت الفترة التي تلت اندلاع الحرب المدمرة على غزة، تسخير ذباب إلكتروني لتسفيه الخطابات المؤيدة للفلسطينيين، ويمكن أن نقرأ ما يندى له الجبين في تعليقات عربيّة على الجهود الدبلوماسيّة لوقف المذبحة، أو على التضامن مع الضحايا، حيث...

    • خِفّـــة

      يبحثُ المتحدّثُ عن العبارة التي ستبقى  في أثير الله الأزرق بعد أن يفنى الكلام، عبارةٌ واحدةٌ تكفي كي يبقى، لذلك صارت استراتيجيات التّواصل تُبنى على عبارات يوصى بإلقائها وسط موجة الكلام، في حملات الانتخابات وفي الخُطبِ والتدخلات في وسائل...

    • وصفُ السّعادة!

      تجري الحياة في فضاءات أخرى وليس على المُستطيل الأخضر، رغم المُتعة التي توفرها كرة القدم، باعتبارها مسرح فرجةٍ في عصرنا، يلتقي فيه الشغف الكونيّ. صحيحٌ أنّ هذه اللّعبة، تجاوزت حدود الرياضة بعد ظهور "المستثمرين" والتجّار من باعة...

    • القيمة والشّعار

      يخترقُ المنتوج الثقافيّ الحدود واللّغات، بجودته أولًا وأخيرًا، وقد يفوق تأثيره التوقّعات، لذلك استغلّت بعض الأمم المُتصارعة على المسرح الكونيّ الفنون لتمرير رسائل تستهدف وجدان البشر و تستدعيه في لعبة استدراج و تماهٍ، عبر صوغ...

    • كبارُ "الباعة"!

      سخر كمال داود من الصّفة التي يطلقها العرب والمسلمون على ضحايا العدوان الهمجي على غزّة، ووجد الوقت والمتعة للتّنكيل اللّغوي بمنكّل بهم في الواقع، لكنّ اللّغة ستخونه، قطعًا، في وصف القتلة، لأنّ حريّته تتوقّف عند جثث الضحايا،...

    • مقبرةُ جماعيّة للإنسانيّة

      في هذه الأرض المزدحمة، حيث يتعايش الأحياءُ والموتى، تُحفر القبور على عجلٍ في الأسواق السّابقة والأرصفة السابقة، لا أزهار هنا في وداع النّازلين إلى ترابهم من حياة، هي مجرّد استراحة بين ميتات مُختلفة. قد يُسرف القتلى في النوم حيث...

    • في وصف الشّر

      تدفعُ المقتلةُ الجاريّة هذه الأيّام ومحاولات تأويلها وتغطيّتها نحو التفكير في "الشّر"، ليس كمصطلح خاضت فيه الفلسفات، ولكن كعنوانٍ بديعٍ لعصرنا الذي صدّقنا أنّه يشهد ذروة تطوّر الإنسانيّة، في العلوم والمعارف وفي النظم السيّاسيّة...

    • سوط

      تمنح ُ الحرب القذرة الدائرة الآن  الوجاهة للروايات التي تتحدّث عن حكومة خفيّة تقود العالم، وعن جماعات شيطانيّة تتحكّم في المصائر، وتؤكد أنّها لم تكن بالضرورة مجانبة للصواب، شأنها في ذلك شأن الخطابات التي تسفّه القيّم الغربيّة وتُسقط عنها...

    • عن الوحشيّة عموما وعن الغرب بالخصوص

      قد تبدو الكلماتُ تعيسةً أمام الأهوال التي تحدثُ، وقد يبدو كلّ موقفٍ لا يغيّر الحال مجرّد انفعال بلا أثر، أمام الجدران التي أقامتها وسائل الإعلام الغربيّة ووسائل إعلام عربيّة مُتصهينة، حاولت اختزال ما يحدثُ في ردّة  فعل على اعتداء لمنع...

    << < 1 2 3 4 5 > >> (5)
الرجوع إلى الأعلى