الصّيفُ، فصل الكسلِ والاسترخاءِ، لكنّه موعد للاحتفاء بالحياة أيضًا، لا نحسنُ استغلاله في كثير من الأحيان لأنّنا لم نتدرّب، على ما يبدو، على فنون العيش وقواعد السّلامة، وفق ما يمكن رصده من اندفاعٍ محموم نحو الموت على الطرق وفي الشواطئ، في ظاهرة لا تستدعي التحسيس فقط،  ولكنّها تتطلّب طرح الأسئلة والإحاطة بأسباب السلوكات المتهوّرة التي يمكن تصنيفها في خانة الانتحار.

والمشكلة قد تكون ثقافيّة مرتبطة بالتنشئة  وبالتصوّرات الاجتماعيّة عن الموت الذي يُقدّم في  عدّة سرديات كعنوان شجاعةٍ، بل كأهم ما يُطلب في هذه الحياة القليلة!
لذلك فإنّه من الضروري إعادة النّظر في طرق التنشئة الاجتماعيّة وفي تأهيل الأجيال القادمة للعيش خارج دائرة الخطر، وتعليمها كيفية المحافظة على حياتها وعلى المحيط الذي تعيش فيه، ويقتضي هذا التوجه انخراط منظومتي التعليم والإعلام، إذ لا يُعقل أن نزوّد بالعلوم والمعارف من سيصاب عند أول احتمالات الخطر، والاكتفاء بتقديم أرقام الضحايا وإطلاق التحذيرات من دون البحث عن أسباب المشكلة الكامنة، كما لا يعقل ألا تقوم مؤسسات علميّة كالجامعات بتقديم معالجات علميّة لظواهر تحدث في محيطها، رغم ما يقدّمه المحيط من مواضيع تتكرّر بإلحاح ينادي الدارسين.
و علينا ألا نخجل من الاعتراف بأنّنا لا نحسن السباحة ولا نُحسنُ السيْرَ في الطرقات، بالشكل الذي يجعلنا نغيّر سلوكنا في البرّ وفي البحر.
لأنّ الأرقام المخيفة لعدد الموتى غرقًا مع بدايات هذا الصيف، وعند كلّ صيف، تستوقفنا وتستدعي التنبيه الحاد إلى أنّ الأمر لا يتعلّق بحوادث عاديّة، بل بإخفاق يتطلّب وضع تدابير لتجاوزه.
 ومن الضروري الانتباه إلى أهميّة الترفيه في الحياة الاجتماعية ومراعاة ذلك في إنشاء المدن، ليصبح سلوكًا عاديا  يخدم الصّحة النفسية والبدنية للساكنة، وليس مناسبة تأخذ بعدًا طقسيا بما يرافقه من اندفاع يصل إلى حدود التهلكة،  كما نلاحظ في مواكب الأعراس وعند الاصطياف وفي الطرق السريعة و غير السريعة، حيث يتمّ التّعبير عن الحاجة إلى الترفيه في المكان  والزّمان غير المناسبين، فتمنحنا المقدّمة الخاطئة النتيجة غير المتوقعة: الموت، مثلًا، كخاتمةٍ للفرحِ.

سليم بوفنداسة

    • في وصف الشّر

      تدفعُ المقتلةُ الجاريّة هذه الأيّام ومحاولات تأويلها وتغطيّتها نحو التفكير في "الشّر"، ليس كمصطلح خاضت فيه الفلسفات، ولكن كعنوانٍ بديعٍ لعصرنا الذي صدّقنا أنّه يشهد ذروة تطوّر الإنسانيّة، في العلوم والمعارف وفي النظم السيّاسيّة...

    • سوط

      تمنح ُ الحرب القذرة الدائرة الآن  الوجاهة للروايات التي تتحدّث عن حكومة خفيّة تقود العالم، وعن جماعات شيطانيّة تتحكّم في المصائر، وتؤكد أنّها لم تكن بالضرورة مجانبة للصواب، شأنها في ذلك شأن الخطابات التي تسفّه القيّم الغربيّة وتُسقط عنها...

    • عن الوحشيّة عموما وعن الغرب بالخصوص

      قد تبدو الكلماتُ تعيسةً أمام الأهوال التي تحدثُ، وقد يبدو كلّ موقفٍ لا يغيّر الحال مجرّد انفعال بلا أثر، أمام الجدران التي أقامتها وسائل الإعلام الغربيّة ووسائل إعلام عربيّة مُتصهينة، حاولت اختزال ما يحدثُ في ردّة  فعل على اعتداء لمنع...

    • حريّةٌ مشروطة

      خضع كتّاب جزائريون لقواعد اللّعبة التي يضعها اللّوبي الصهيوني وتمتثلُ لها وسائل الإعلام الفرنسيّة في التعاطي مع ملف الحرب على غزّة. هذه الفئة من الكتّاب، تكتب بالفرنسيّة و تتوجّه بالأساس إلى الجمهور الفرنسي، وتنشد الجوائز...

    • نهاية خطاب الباطل

      ستسقطُ أشياءٌ كثيرة بعد هذه الحرب، وسيُعاد النّظر في كثيرٍ من المفاهيم التي تحوّلت إلى معتقدات لدى نخبٍ من "عالمنا" آمنت بالقيّم التي يدعيها الغرب و"نزّلتها" على واقعٍ له وضعيّته الخاصّة، وضعيّته المأساوية التي تسبّب فيها الغربُ بالذات بهوسه...

    • أعشابُ الخلود وفخاخه

      تلقى أمين معلوف ثالث أغلى هديّة من فرنسا بانتخابه على رأس أكاديميتها، بعد الانتساب لذات الهيئة التي تجمع "الخالدين" والفوز بالغونكور. وقد تكون جميع الهدايا مستحقّة بالنّسبة لكاتبٍ نال حبّ القرّاء في مختلف اللّغات في رواياته التي تستعين...

    • عباءة الجمهوريّة

      " ربما ستكون فرنسا في حالٍ أفضل لو ذهب المتمسّكون بالنمط الإسلامي فيها إلى بلدان إسلاميّة كما فعل بن زيمة"!هذا ما خلص إليه زعيم "الجبهة الوطنيّة" جوردان بارديلا، في معرض تعليقه على ارتداء كريم بن زيمة الزيّ السعودي في العيد...

    • حجاب

      لا تواكب الظواهر والتحوّلات الاجتماعيّة دراساتٌ بارزة، رغم توفر المادة في الحالة الجزائريّة، ورغم حاجة المجموعة الوطنيّة إلى تفسير "ما يحدث" بعيدًا عن المُعالجات السطحيّة  والاستنتاجات ذات الطابع السيّاسي التي سقط فيها حتى بعض...

    • نُدرة المُستهلك

      بات المعرضُ الدوليّ، فرصة حياةٍ للكتاب وصاحبه وناشره والماشي بينهما، لذلك يكاد الاهتمامُ بالكتاب يتوقّف عند هذه الفترة من السنة، ولا لوم على جميع المتدخّلين في هذا النّشاط المهدّد، ليس بسببِ غلاء الورق ولكن بسببِ ندرة...

    • لا تنظر إلى الشمال!

      أحيت الانقلابات التي عرفتها إفريقيا مؤخرًا، النّقاش حول الإرث الاستعماري، الفرنسيّ تحديدًا. و جرى ربطُ عدم الاستقرار السيّاسي والمشاكل الاقتصاديّة في هذه البلدان بهيمنة المستعمر القديم من خلال فرض نخبٍ مُواليّة تضمنُ استمرار...

    << < 1 2 3 4 5 > >> (5)
الرجوع إلى الأعلى