يقدّم مركز البحث في الأنثـروبولوجيا الاجتماعية والثقافية بوهران، نموذجًا لما يمكن أن تكون عليه المؤسّسة الجامعيّة، من حيث البحث واستقطاب الكفاءات  ودراسة الظواهر الطارئة و اقتراح الحلول العلميّة والتكيّف مع المعطيات الجديدة.
وإذا كانت جامعة عاصمة الغرب معروفة بكونها مشتلة لعلماء الاجتماع، فإن "الكراسك" رسّخ هذا المعطى ووسّعه بفتح فروع في عدّة  جامعات و توفير ظروف البحث لباحثين من مختلف أنحاء الوطن.

وتكفى نظرة على إصدارات المركز للوقوف على حجم الجهد الذي بُذل في دراسة المجتمع الجزائري  والتغيّرات التي عرفها  وتحليل طقوسه ورموزه  تحليلًا علميا يمكّن من فهم ميكانيزماته ويقدّم صورة تُساعد على وضع السيّاسات العامّة.
وبإعلان المركز عن إتاحة خلاصات بحوثه للجمهور الواسع عبر الوسائط التكنولوجيّة، يتجاوز مشكلة توزيع إصداراته، ويلعب، في نفس الوقت، دوره في إنتاج المعرفة وتوفيرها للمجتمع فضلًا عن مشاريعه لتقديم حلول علميّة للمؤسسات كمقدمة لاستدراجها لتمويل البحوث كما يحدث في الدول المتقدمة.
و لعلّ هذا ما ينتظر من الجامعة في هذا العصر المعقّد الذي تتسارع فيه التفاعلات الاجتماعيّة وتفرز ظواهر جديدة تحتاج إلى فحصٍ علميٍّ يمكّن من فهم طبيعتها و مآلاتها، ويشيع الفهم الصّحيح والعقلاني بشكلٍ يحدّ من سلطة الخرافة والشائعة، ويساهم في تنشئة مجتمع معرفة ينخرطُ في التنميّة والتطوّر ويتخلى عن الأنماط البدائية القائمة على الحيلة والصّراع في تدبير الحاجة.
تلعبُ المؤسّسة الجامعيّة هذا الدور بالإنتاج العلمي الذي يقترحُ الحلول وبالبحث الجاد، وليس بالتظاهرات الفولكلورية التي تستدعي شعارات جاهزة للتظاهر بالانخراط في السيّاسة العامّة، أو بملتقيات ينتهي مفعولها في جلسات الختام، وبإعلاء مكانة العلم عبر تكريس الاستحقاق وانتهاج الصرامة في الدراسة والبحث، والحفاظ على التقاليد العلمية التي تجعل الجامعة مُؤثرة وليست متأثرة بالظواهر،  إذ لا يُعقل أن تنتقل طقوسٌ اجتماعيّة إلى المحفل العلمي مثلما يحدث في مناقشة الرسائل التي تتحوّل أحيانًا إلى ما يشبه الأعراس، أو أن تقع النّخبة الجامعيّة تحت سحرِ مؤثري الميديا الجديدة، فتختزل "نشاطها" في صوّر تعبّر عن عطشٍ إلى "نجوميّة" لا يجود بها النشاط العلميّ القائم في نواميسه على نكران الذات!

سليم بوفنداسة

    • ضرورة التفكير في المجتمع

        سليم بوفنداسة انتفض المجتمع المدني في ولاية خنشلة ضدّ "الراقي الزائر"، الذي أثار الجدل على مواقع التواصل، ودعا السلطات لفتح تحقيق حول قيّامه بنشاط غير مرخص، في مبادرة حضاريّة تكشف عن وعي الجمعيّات وتحمّلها مسؤوليّة التصدي لآفات ظلّت لفترة...

    • المخفيّ

      حين مات محمد ديب لم تجد وسائل الإعلام الوطنيّة، مادة سمعية بصريّة عن الكاتب تقدّمها للجمهور، كان ذلك سنة 2003، أي قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وكان محمد ديب أكبر كاتبٍ جزائري، عاش عمرًا مديدًا يكفي لاستدراجه إلى توثيق يخدم...

    • اختراق

      شهدت الفترة التي تلت اندلاع الحرب المدمرة على غزة، تسخير ذباب إلكتروني لتسفيه الخطابات المؤيدة للفلسطينيين، ويمكن أن نقرأ ما يندى له الجبين في تعليقات عربيّة على الجهود الدبلوماسيّة لوقف المذبحة، أو على التضامن مع الضحايا، حيث...

    • خِفّـــة

      يبحثُ المتحدّثُ عن العبارة التي ستبقى  في أثير الله الأزرق بعد أن يفنى الكلام، عبارةٌ واحدةٌ تكفي كي يبقى، لذلك صارت استراتيجيات التّواصل تُبنى على عبارات يوصى بإلقائها وسط موجة الكلام، في حملات الانتخابات وفي الخُطبِ والتدخلات في وسائل...

    • وصفُ السّعادة!

      تجري الحياة في فضاءات أخرى وليس على المُستطيل الأخضر، رغم المُتعة التي توفرها كرة القدم، باعتبارها مسرح فرجةٍ في عصرنا، يلتقي فيه الشغف الكونيّ. صحيحٌ أنّ هذه اللّعبة، تجاوزت حدود الرياضة بعد ظهور "المستثمرين" والتجّار من باعة...

    • القيمة والشّعار

      يخترقُ المنتوج الثقافيّ الحدود واللّغات، بجودته أولًا وأخيرًا، وقد يفوق تأثيره التوقّعات، لذلك استغلّت بعض الأمم المُتصارعة على المسرح الكونيّ الفنون لتمرير رسائل تستهدف وجدان البشر و تستدعيه في لعبة استدراج و تماهٍ، عبر صوغ...

    • كبارُ "الباعة"!

      سخر كمال داود من الصّفة التي يطلقها العرب والمسلمون على ضحايا العدوان الهمجي على غزّة، ووجد الوقت والمتعة للتّنكيل اللّغوي بمنكّل بهم في الواقع، لكنّ اللّغة ستخونه، قطعًا، في وصف القتلة، لأنّ حريّته تتوقّف عند جثث الضحايا،...

    • مقبرةُ جماعيّة للإنسانيّة

      في هذه الأرض المزدحمة، حيث يتعايش الأحياءُ والموتى، تُحفر القبور على عجلٍ في الأسواق السّابقة والأرصفة السابقة، لا أزهار هنا في وداع النّازلين إلى ترابهم من حياة، هي مجرّد استراحة بين ميتات مُختلفة. قد يُسرف القتلى في النوم حيث...

    • في وصف الشّر

      تدفعُ المقتلةُ الجاريّة هذه الأيّام ومحاولات تأويلها وتغطيّتها نحو التفكير في "الشّر"، ليس كمصطلح خاضت فيه الفلسفات، ولكن كعنوانٍ بديعٍ لعصرنا الذي صدّقنا أنّه يشهد ذروة تطوّر الإنسانيّة، في العلوم والمعارف وفي النظم السيّاسيّة...

    • سوط

      تمنح ُ الحرب القذرة الدائرة الآن  الوجاهة للروايات التي تتحدّث عن حكومة خفيّة تقود العالم، وعن جماعات شيطانيّة تتحكّم في المصائر، وتؤكد أنّها لم تكن بالضرورة مجانبة للصواب، شأنها في ذلك شأن الخطابات التي تسفّه القيّم الغربيّة وتُسقط عنها...

    << < 1 2 3 4 5 > >> (5)
الرجوع إلى الأعلى