يجيبُ على جميع الأسئلة في مختلف المجالات، كأولئك الذين نصادفهم يوميا في كلّ مكان فيبادرون إلى إخبارنا بأحوال العالم مع تعليلاتهم الخاصّة، مع فارق في الدقة، هو خاصيّته الجينيّة باعتباره كائنًا ذكيًا ينحدر من شجرة "الأتمتة" المباركة، فضلًا عن سرعته في استظهار البيانات النائمة في أعماقه.

أثار ظهوره المخاوف التي يثيرها كلّ جديد بين البشر المطمئنين في بيتِ العادة، فجرى التحذير من خطره على أنظمة التّعليم، باعتباره ينسف مبدأ اختبار الأفراد، وخطره على المهن وعلى أخلاقيات تداول المعلومات،  والمثير في قصّته أنه يشكّل خطرا على الشّعراء والصّحافيين أيضًا، لأنّه يكتبُ الشّعر والقصّة والمواضيع الصحافيّة ويلحّن ويغني!
وهو بذلك (في واحدة من حسناته) قد يخلّص العالم من فائض البارانويا التي تنتجها فئات نخبويّة مُعتدة تعيش نشاطها كامتياز وكمرض يُؤثّر في محيطها سلبا!
إنّنا إزاء ثورة جديدة، تتمثّل في إخراج إحدى ثمرات الذّكاء الاصطناعي للجمهور الواسع عبر نظام المحادثة "شات جي بي تي"، يتولى بموجبه روبوت الإجابة على كل أسئلة المستخدم ويوفر له كلّ المعلومات قبل أن يرتد إليه طرفه، وقد انتشرت مباشرة بعد دخول التّطبيق الخدمة أساطير حول هذا الجنيّ الالكتروني  تغذّت على أفلام الخيال العلمي التي تنبأت بمستقبل يسحب فيه الروبوت البطولة من الإنسان، بل وقد يسحب منه الحياة نفسها.
 وسادت مخاوف دعا أصحابها إلى وضع تشريعات وقواعد لردع الوحش من التهام نشاطات تحميها القوانين، مثلما فعل الاتحاد الأوروبي وبعض الهيئات الدولية، في وقت سارعت شركاتٌ مُنافسة لشركة "أوبن أي آي" صاحبة المشروع، إلى إطلاق نسخٍ مشابهة، في معركة الكترونيّة شرسة للاستحواذ على المستخدمين، وابحث بعد ذلك عن المصالح  وعن عائدات الاقتصاد الجديد وعن إدارة العالم عبر خدمات يطلبها البشر طوعًا وهم يتخفّفون  من عادات درجوا عليها في التعليم والعمل والعيش.
يقترحُ الذكاء الاصطناعي برامج تجعل الحياة بسيطة وتعفي الإنسان من البحث والتفكير، وشيئًا فشيئا يغيّر نمط العيش والمفاهيم السائدة، وهو تطوّر يستدعي الاجتهاد والمواكبة وقبل ذلك الاستعداد والمُساهمة، لكن المؤكد أن هذا الذكاء يتناسب طردًا مع ذكاء خالقه، الذي يبدو أنّه سلك طريق العودة إلى نقطة البداية وقد شرع في التخلّص من الزاد الذي جمعه في مرحلة الذهاب: اللّغة و العقل و الأخلاق !

سليم بوفنداسة

    • قوّة ناعمة

        سليم بوفنداسة تعيشُ مدنٌ و بلدانٌ حياةً ثانيّة في الأدب، برعايةِ خيالٍ عارفٍ يجعلها أبديّة وغير قابلة للسّقوط، لأنّها سكنت الذاكرة الجمعيّة عبر تأريخٍ موازٍ يمنحها الحصانة أمام تقلّبات الدهر وأمام الأفول الذي يصيب الحضارات بشرًا...

    • مُخترعُ العزلةُ

        أصاب السّرطان أحد أكبر كتّاب الرواية، وهو بعدُ في السّادسة والسبعين بملامح فتوّة أبديّة وبمتواليّة من الفانتزيات منحت الأدب المكانة والشّغف في زمن المرئيات، وقدّمت أبناء إمبراطوريّة العصر ككائنات هشّة في معارضةٍ بديعةٍ للصّورة...

    • عالم لا تُُُحتمل نعومتُه !

      نجحت نساءُ العالم في تقويض قرون من سُلطة الذكورة بنضالٍ مريرٍ، وتُترجم ذلك المكانة التي انتزعتها المرأة سواء باحتلالها مراكز قياديّة أو بإبداعاتها وحتى في فرض تشريعات تصون حقوقها وتحميها من "عدوان" الذّكر الغالب.  بل إنّ عالم...

    • يكتبُ الشّعر أيضًا!

      يجيبُ على جميع الأسئلة في مختلف المجالات، كأولئك الذين نصادفهم يوميا في كلّ مكان فيبادرون إلى إخبارنا بأحوال العالم مع تعليلاتهم الخاصّة، مع فارق في الدقة، هو خاصيّته الجينيّة باعتباره كائنًا ذكيًا ينحدر من شجرة "الأتمتة"...

    • حديث الكرامة

      وجهت إفريقيا رسائل إلى العالم يُفهم منها أنّ القارة المُستباحة لم تعد  "سهلة المنال"، سواء بالنّسبة للنّاهبين القدامى الذين يعيشون على "ريع" الإمبراطوريات، أو النّاهبين الجُدد الذين يقترحون مشاريع مُضحكة على بلدان القارة، تتمثّل في...

    • رُكــام

      أثار التعاطي الإنساني مع كارثة الزلزال التي ضربت تركيا وسوريا الجدل في الدول الغنيّة، التي كشفت ممارساتها أنّ السخاء الذي تُظهره في الإنفاق على الحروب، يتراجع أو يختفي حين يتعلّق الأمر بكوارث طبيعيّة يُفترض أن تتوقّف خلالها جميع...

    • عُُنف النّخبة

      سحبت وسائل التواصل الاجتماعي خطابات كثير من الوجوه المحسوبة على النّخب الثقافية والإعلاميّة إلى أرضها وأخضعتها لمنطقها بحسب ما يمكنُ معاينته من "عنفٍ" و "كراهيّةٍ" في النقاشات أو في إبداء الرأي وطرح الأفكار. حيث تدفع هذه...

    • سنـــد

      يقدّم مركز البحث في الأنثـروبولوجيا الاجتماعية والثقافية بوهران، نموذجًا لما يمكن أن تكون عليه المؤسّسة الجامعيّة، من حيث البحث واستقطاب الكفاءات  ودراسة الظواهر الطارئة و اقتراح الحلول العلميّة والتكيّف مع المعطيات الجديدة.وإذا كانت جامعة عاصمة...

    • اللّغة في سوق الضّرورة

      تحتمي اللّغةُ بالحاجة إليها، أي بوظيفتها، في عالم يشهد تسارعا في اختفاء اللّغات وفق الإحصائيات التي تقدّمها اليونيسكو. وإذا كانت حملات الاستعمار وراء النّكبات التي حلّت بكثيرٍ من اللّغات  في السّابق، فإنّ التحدي يختلفُ اليوم، ليس بسبب...

    • يُرى في الظلام

      اقترح موقعٌ فرنسي عناوين كتبٍ للقراءة عند انقطاع التيّار الكهربائي في هذا الشتاء البارد، كتبٌ تُقرأ على ضوء المواقد أو الشّموع، كما في سالف العصر والأوان حين كانت "الرواية" رفيقة شعوبٍ خارجة من الظلام. الاقتراحُ الطريف يدفع لطرح أسئلة...

    << < 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 > >> (28)
الرجوع إلى الأعلى