يستمرّ روّاد الأدب الجزائري من خلال إتاحة نصوصهم للأجيال الجديدة من القرّاء، عبر المنصّات الالكترونيّة أو في طبعاتٍ مدعومة تكون في متناول الطلبة والتلاميذ.

فليس من العدل أن تختفي روايات الآباء المؤسّسين أو تظهر في طبعاتٍ مشوّهةٍ، أو تنتشر "ملّخصات" عن الروايات يكرّرها "وكلاء" آلاف المرّات باسم الحبّ والتخصّص و الجهوية أو بعنوان الدّرس الأكاديمي أو بما تقتضيه طقوس الظّهور!
لا يحتاجُ الأدب إلى ناطقٍ رسميّ أو مُدافعٍ، فالنصّ يأخذ مجراه تمامًا كالحياة،  ومن حقّ المتلقي الجديد أن يتذوّق ديب وحداد وياسين و بوجدرة وبن هدوقة و وطار... من دون إرشاد، وفي ذلك خيْرٌ للكاتبِ والقارئ معًا، ولا تتطلّب هذه المُعادلة سوى توفّر ناشرٍ يستحقّ اسمه يستفيد من دعمٍ عموميّ لأنّ الأمر يتعلّق بإرثٍ وطنيّ تقتضي الضّرورة المحافظة عليه، وبحقّ مُغفلٍ في القراءة وبموقع على المسرح القومي يستدعي إلقاء ما أنتجته العبقرية الوطنيّة على الطاولة.
وربّما سمحت إتاحة النّصوص المؤسّسة للأدب الجزائري للجمهور الواسع بتشكيل صورةٍ جديدة عن الكتّاب ونظرة مختلفة لأدبهم، بعيدا عن الصوّر النمطيّة التي شكّلتها انتماءاتهم السياسة وعلاقتهم أو اصطداماتهم مع السلطة، أو التأويلات الإعلاميّة والنقدية، و كذا الفكر الديني الذي انتشر في المجتمع والمدارس والجامعات  ونَشرَ التوجّس والتخويف من الأدب والفن، فضلًا عن التصريحات التي وضعت كتّابا في قلب العواصف، كما حصل مع ياسين و بوجدرة و وطار، على سبيل المثال، على عكس ديب الذي قال بعد الاستقلال إنه أصبح كاتبًا فحسب، لا التزام له سوى أمام نصّه ولا كلام إلا ما يتدفّق من نصوصه.
وقد يساهم مشروعٌ من هذا النّوع في تحرير الكتّاب والذائقة، واستعادة الكلاسيكيين الكبار كما تفعل كثيرٌ من الأمم،  وهو مشروع يحتاج إلى مساهمة المؤسّسة التعليميّة التي تحتاج إلى مصالحة نفسها مع الأدب الحقيقي والقطيعة مع فكرٍ مدرسيٍّ يقيّم الأدب بمقاييس الالتزام، والانفتاح على مختلف الرياح، لأنّ الحرية شرطٌ أساسيٌّ للإبداع تمامًا كما هي شرطٌ لبناء الإنسان. 

سليم بوفنداسة

    • عباءة الجمهوريّة

      " ربما ستكون فرنسا في حالٍ أفضل لو ذهب المتمسّكون بالنمط الإسلامي فيها إلى بلدان إسلاميّة كما فعل بن زيمة"!هذا ما خلص إليه زعيم "الجبهة الوطنيّة" جوردان بارديلا، في معرض تعليقه على ارتداء كريم بن زيمة الزيّ السعودي في العيد...

    • حجاب

      لا تواكب الظواهر والتحوّلات الاجتماعيّة دراساتٌ بارزة، رغم توفر المادة في الحالة الجزائريّة، ورغم حاجة المجموعة الوطنيّة إلى تفسير "ما يحدث" بعيدًا عن المُعالجات السطحيّة  والاستنتاجات ذات الطابع السيّاسي التي سقط فيها حتى بعض...

    • نُدرة المُستهلك

      بات المعرضُ الدوليّ، فرصة حياةٍ للكتاب وصاحبه وناشره والماشي بينهما، لذلك يكاد الاهتمامُ بالكتاب يتوقّف عند هذه الفترة من السنة، ولا لوم على جميع المتدخّلين في هذا النّشاط المهدّد، ليس بسببِ غلاء الورق ولكن بسببِ ندرة...

    • لا تنظر إلى الشمال!

      أحيت الانقلابات التي عرفتها إفريقيا مؤخرًا، النّقاش حول الإرث الاستعماري، الفرنسيّ تحديدًا. و جرى ربطُ عدم الاستقرار السيّاسي والمشاكل الاقتصاديّة في هذه البلدان بهيمنة المستعمر القديم من خلال فرض نخبٍ مُواليّة تضمنُ استمرار...

    • درسٌ للمُبتدئين

      اختار ميلان كونديرا العُزلة كأسلوب في حياته التي بدأت صاخبةً، بقصّة انشقاقٍ مُعلن ومجدٍ خدمته السيّاسة من دون أن تفسد للأدب قضيّة.  الكاتبُ الذي توفي الأسبوع الماضي، أغلق الأبواب أمام الصّحافة والحياة العامة منذ منتصف ثمانينيات القرن...

    • محمد و نائل

      قبل أن يقوم الشرطيُّ الفرنسيّ بتصفيّة نائل، كانت صحافة هذا البلد قد تولّت، بعد طول استخدام، الإجهاز على "صحافيّ" من أصول جزائرية حمل على عاتقه مهمّة الدفاع عن الجمهوريّة الفرنسيّة ومحاربة "الإسلاماوية" لأكثـر من ثلاثة عقود.و...

    • الصّفةُ و الموصوفُ

      ينالُ الفنّانُ الحقيقيُّ من الحياةِ في اشتباكه بها، لأنّه غير حريصٍ عليها وغير مُلتزم ببروتوكولاتها، ولأنّه منصرفٌ إلى عالمه و همّه، لا يطلبُ الاعتراف و لا الجزاء، لأنّ الفنّ أسلوبٌ في العيش ومُخاتلة للحياة نفسها. لذلك يُحيل كلّ...

    • استدعاء المُؤسّسين

      يستمرّ روّاد الأدب الجزائري من خلال إتاحة نصوصهم للأجيال الجديدة من القرّاء، عبر المنصّات الالكترونيّة أو في طبعاتٍ مدعومة تكون في متناول الطلبة والتلاميذ. فليس من العدل أن تختفي روايات الآباء المؤسّسين أو تظهر في طبعاتٍ...

    • صناعةُ الرّمز وهدمه

      لم تتأثّر مكانة الرّموز الفنيّة والأدبيّة في المجتمعات الموصوفة بالاستهلاكيّة، بالانفجار الكبير في تقنيّات التّواصل، ولم تُغفل في زحمة الأخبار المطلوبة جماهيريا ولم تسقط من اهتمامات صنّاع الرأي العام من صحفٍ رصينة وقنواتٍ...

    • تيـــه

      باتت الآداب والفنون تُعاني من مشكلاتٍ في التلقي تجعلها محلّ محاسبةٍ بأدوات الواقع أو بأدوات التاريخ والدين والأخلاق. فيُساءل كاتب الرواية عن سلوكِ أبطاله ومخرجُ الفيلم عن عدم مُطابقة قصّته الخياليّة للوقائع الشّائعة، وأخطر من...

    << < 1 2 3 4 5 > >> (5)
الرجوع إلى الأعلى