لا تواكب الظواهر والتحوّلات الاجتماعيّة دراساتٌ بارزة، رغم توفر المادة في الحالة الجزائريّة، ورغم حاجة المجموعة الوطنيّة إلى تفسير "ما يحدث" بعيدًا عن المُعالجات السطحيّة  والاستنتاجات ذات الطابع السيّاسي التي سقط فيها حتى بعض الأكاديميين، الذين استسلموا إلى نوازع الموقع بين مُعارضٍ يهجو الظواهر ويستخدمها في انتقاده للواقع ومُؤيد يزيّن الواقع ذاته ويجمع البراهين على سلامة تأويله.

وتستفيدُ النظرتان من كرم الميديا الذي قد لا يصيب دراساتٍ جادة تبقى طيّ كتبٍ محدودة التّوزيع أو مخطوطاتٍ غير منشورة أصلًا.  هذا الوضع سيجعلنا أمام حالات قصورٍ في فهم  واقعٍ سريع التحوّل، بكلّ ما لذلك من تأثيرٍ في الحلول المقترحة أو في عمليات التخطيط والاستشراف، فصناعة القرار مركزيًا ومحليا تحتاج  إلى مقاربات علميّة تنهض بها السوسيولوجيا، وفهم الواقع في وضعه المركّب يُمكّن من اتخاذ القرار السليم، كما أنّ تأثيرات العولمة والتكنولوجيات الجديدة على المجتمع تقتضي قراءة علميّة قائمة على الدراسة والتحليل، بعيدًا عن خطابات الشكوى والتّخويف، أو الوعظ  الذي يتوسّل مستمعين استسلموا لإغراءات لا ينفع معها الكلام.
 و تبدو خطابات من هذا النوع غير مجدية، أمام إنسانٍ معولم ارتدى النموذج الذي رآه مناسبًا أو سِيق إلى حيث هو، وفق تدبيرٍ تتولاه الخوارزميّات التي يصيبُ مصمّموها الأهداف من دون مشقة أو خطبة أو وعظ أو وعد أو تحذير.
لكل ذلك تبدو محاولات تسفيه العلوم الاجتماعيّة أو مقارنة "عائداتها" مع عائدات العلوم الدقيقة، سلوكًا غير وجيه، فكلّ تدبيرٍ مهما كان مُمعنًا في التقنيّة يتطلّب خلفيات معرفيّة  وفهمًا للسياقات الثقافيّة والاجتماعيّة وتأصيلًا للعلوم ومناهجها، وكلّ محاولة ذهابٍ إلى المستقبل تقتضي توقعات تُبنى على مقدمات يضعها طبيبُ الاجتماع  عارفُ العلّة  والقدرات وحدودها. والتقدّم المنشود لا يصنعه مهندسو الذّكاء الصنّاعي والمقاولون فقط، إذ لا بدّ من دور في القصّة للمشتغلين على الإنسان ذاته في رحلته الميمونة من الوضع البدائيّ إلى العاصفة التكنولوجيّة.  

سليم بوفنداسة

    • عباءة الجمهوريّة

      " ربما ستكون فرنسا في حالٍ أفضل لو ذهب المتمسّكون بالنمط الإسلامي فيها إلى بلدان إسلاميّة كما فعل بن زيمة"!هذا ما خلص إليه زعيم "الجبهة الوطنيّة" جوردان بارديلا، في معرض تعليقه على ارتداء كريم بن زيمة الزيّ السعودي في العيد...

    • حجاب

      لا تواكب الظواهر والتحوّلات الاجتماعيّة دراساتٌ بارزة، رغم توفر المادة في الحالة الجزائريّة، ورغم حاجة المجموعة الوطنيّة إلى تفسير "ما يحدث" بعيدًا عن المُعالجات السطحيّة  والاستنتاجات ذات الطابع السيّاسي التي سقط فيها حتى بعض...

    • نُدرة المُستهلك

      بات المعرضُ الدوليّ، فرصة حياةٍ للكتاب وصاحبه وناشره والماشي بينهما، لذلك يكاد الاهتمامُ بالكتاب يتوقّف عند هذه الفترة من السنة، ولا لوم على جميع المتدخّلين في هذا النّشاط المهدّد، ليس بسببِ غلاء الورق ولكن بسببِ ندرة...

    • لا تنظر إلى الشمال!

      أحيت الانقلابات التي عرفتها إفريقيا مؤخرًا، النّقاش حول الإرث الاستعماري، الفرنسيّ تحديدًا. و جرى ربطُ عدم الاستقرار السيّاسي والمشاكل الاقتصاديّة في هذه البلدان بهيمنة المستعمر القديم من خلال فرض نخبٍ مُواليّة تضمنُ استمرار...

    • درسٌ للمُبتدئين

      اختار ميلان كونديرا العُزلة كأسلوب في حياته التي بدأت صاخبةً، بقصّة انشقاقٍ مُعلن ومجدٍ خدمته السيّاسة من دون أن تفسد للأدب قضيّة.  الكاتبُ الذي توفي الأسبوع الماضي، أغلق الأبواب أمام الصّحافة والحياة العامة منذ منتصف ثمانينيات القرن...

    • محمد و نائل

      قبل أن يقوم الشرطيُّ الفرنسيّ بتصفيّة نائل، كانت صحافة هذا البلد قد تولّت، بعد طول استخدام، الإجهاز على "صحافيّ" من أصول جزائرية حمل على عاتقه مهمّة الدفاع عن الجمهوريّة الفرنسيّة ومحاربة "الإسلاماوية" لأكثـر من ثلاثة عقود.و...

    • الصّفةُ و الموصوفُ

      ينالُ الفنّانُ الحقيقيُّ من الحياةِ في اشتباكه بها، لأنّه غير حريصٍ عليها وغير مُلتزم ببروتوكولاتها، ولأنّه منصرفٌ إلى عالمه و همّه، لا يطلبُ الاعتراف و لا الجزاء، لأنّ الفنّ أسلوبٌ في العيش ومُخاتلة للحياة نفسها. لذلك يُحيل كلّ...

    • استدعاء المُؤسّسين

      يستمرّ روّاد الأدب الجزائري من خلال إتاحة نصوصهم للأجيال الجديدة من القرّاء، عبر المنصّات الالكترونيّة أو في طبعاتٍ مدعومة تكون في متناول الطلبة والتلاميذ. فليس من العدل أن تختفي روايات الآباء المؤسّسين أو تظهر في طبعاتٍ...

    • صناعةُ الرّمز وهدمه

      لم تتأثّر مكانة الرّموز الفنيّة والأدبيّة في المجتمعات الموصوفة بالاستهلاكيّة، بالانفجار الكبير في تقنيّات التّواصل، ولم تُغفل في زحمة الأخبار المطلوبة جماهيريا ولم تسقط من اهتمامات صنّاع الرأي العام من صحفٍ رصينة وقنواتٍ...

    • تيـــه

      باتت الآداب والفنون تُعاني من مشكلاتٍ في التلقي تجعلها محلّ محاسبةٍ بأدوات الواقع أو بأدوات التاريخ والدين والأخلاق. فيُساءل كاتب الرواية عن سلوكِ أبطاله ومخرجُ الفيلم عن عدم مُطابقة قصّته الخياليّة للوقائع الشّائعة، وأخطر من...

    << < 1 2 3 4 5 > >> (5)
الرجوع إلى الأعلى