خضع كتّاب جزائريون لقواعد اللّعبة التي يضعها اللّوبي الصهيوني وتمتثلُ لها وسائل الإعلام الفرنسيّة في التعاطي مع ملف الحرب على غزّة.

هذه الفئة من الكتّاب، تكتب بالفرنسيّة و تتوجّه بالأساس إلى الجمهور الفرنسي، وتنشد الجوائز الفرنسيّة وتبيع الكتب هناك، كما تبيع أشياء أخرى أثمن من ثمار الخيال!  
وحتى وإن كانت مواقف هؤلاء الكتّاب لا تستحق التوقّف عندها أو مناقشتها، لتكرارها و تهافتها وبهتانها، فإنّ الأمر يطرح هذه المرّة، مشكلة أخلاقيّة بالأساس، لأنّنا أمام آلة دعائية تضليليّة انخرطت فيها وسائل إعلام  ونخبة سيّاسيّة وثقافيّة لشيطنة شعبٍ مُحتلّ وتبرير السلوك الوحشي لقتلة الأطفال، وتقتضي ردّ فعل من النّخب المحسوبة على الضّفة الجنوبيّة.
يقول ياسمينة خضرة إنّ من يفرح لما حدث يوم 07 أكتوبر ليس إنسانًا، لكنّه لم يستطع إسقاط الإنسانيّة عن كل الذين فرحوا بما حدث بعد هذا التاريخ، ويكتفي بإدانة المقاومة أما العدوان الإسرائيلي فهو في نظره يتجاوز الفهم، ولا بأس أن يستعين بالإنشاء للحديث عن مأساة طالت، وبالطبع فإنّ خضرة يرى نفسه كاتبًا عالميًا، تقتضي "وضعيّته" إبداء التعاطف مع مانحي الصّفة الذين قدّم لهم أوراق اعتماده قديمًا برواية "الاعتداء"، أما الطّرف المسحوق فإنّه وإن كان لا ينفعه، لن يستطيع إلحاق الضّرر بمكانته . وقد حاول أمس تدارك ما كتبه بالقول إنّ منشوره موجّه  للغرب بوجه عام وفرنسا خصوصًا، لوضع هذا الغرب أمام مسؤولياته، لكنّ بعض الجزائريين الذين وصفهم بأنّهم أكثـر فلسطينيّة من الفلسطينيين لم يحتفظوا من منشوره سوى بما تعلّق بقتل المدنيين الإسرائيليين، لكن الواضح أنه كان يردّ على سيل الانتقادات ولا يصحّح الموقف.
أما بوعلام صنصال فقد استغرب كيف صبر سكان غزّة على حماس ولم يثوروا و كيف لم يبلّغ محمود عباس إسرائيل بخطّتها، إن كان على علم بما دبّرته؟ متهما إيران التي دخلت البريكس بالمشاركة في خطة حماس "الإجرامية"، واكتفى الكاتب الذي صرح بأنّه يهودي بالتبني بتحذير "الديموقراطية العظيمة" المسماة إسرائيل من التحوّل إلى دولة تيوقراطية.
واختار من جهته كمال داود، المناسبة، ليعتذر للإسرائيليين عن الوقت الذي ضيّعه من دون أن يفهمهم وعذره أنه فهمهم أخيرًا وفهم ما يعنيه تشردهم وبحثهم عن الاستقرار بعد قرون من الاضطهاد و فهم حقهم في الدفاع عن النفس، كما اعتذر لهم لأن الناس في (بلاده) لا يرون فيهم سوى المستعمر سارق الأراضي، أما هو فقد رأى فيهم ما لم يستطع رؤيته أحد!
أما الكاتب الصحافي محمد سيفاوي الذي تحوّل إلى "يوتبر" بعد نهاية صلاحيّة خدمته  إثر اتهامه بالاستفادة غير المشروعة من صندوق الدعم "ماريان" مقابل محاربة الإسلاميين، فقد بلغ من تودّده للوبي سيء الذّكر، حدّ انتقاد وكالة الأنباء الفرنسية لعدم وصف حماس بالتنظيم الإرهابي، ونصّب نفسه كشارح للاستراتيجيّة الإعلاميّة  التضليليّة للمقاومة!
لا تمثّل هذه الفئة النّخبة الجزائرية، التي تحتفظ بمواقف مُشرّفة من القضيّة الفلسطينية، من مالك حداد وكاتب ياسين إلى رشيد بوجدرة صاحب "يوميات فلسطينية" الذي تناصبه اللّوبيات الإعلامية والثقافيّة الفرنسيّة العداء، والذي نبّه إلى الكتّاب المصنوعين في المخابر النيوكولونيالية في مصنّفه "زناة التاريخ".
ولا تمثّل الجزائريين الذين يعيشون المأساة الفلسطينيّة كمأساة جزائريّة، لذلك يجب النّظر إلى هؤلاء الكتاب في واقعهم المُحزن كباعة كتبٍ وباعة مواقفٍ، أما الحريّة التي يدعونها فإنّها لن تتوفر لهم إلا في حالات انتقاد بلادهم وشتم أصولهم،  لأنّ الحرية لا تُبيح امتداح الجلّاد والقاتل.
سليم بوفنداسة

    • في وصف الشّر

      تدفعُ المقتلةُ الجاريّة هذه الأيّام ومحاولات تأويلها وتغطيّتها نحو التفكير في "الشّر"، ليس كمصطلح خاضت فيه الفلسفات، ولكن كعنوانٍ بديعٍ لعصرنا الذي صدّقنا أنّه يشهد ذروة تطوّر الإنسانيّة، في العلوم والمعارف وفي النظم السيّاسيّة...

    • سوط

      تمنح ُ الحرب القذرة الدائرة الآن  الوجاهة للروايات التي تتحدّث عن حكومة خفيّة تقود العالم، وعن جماعات شيطانيّة تتحكّم في المصائر، وتؤكد أنّها لم تكن بالضرورة مجانبة للصواب، شأنها في ذلك شأن الخطابات التي تسفّه القيّم الغربيّة وتُسقط عنها...

    • عن الوحشيّة عموما وعن الغرب بالخصوص

      قد تبدو الكلماتُ تعيسةً أمام الأهوال التي تحدثُ، وقد يبدو كلّ موقفٍ لا يغيّر الحال مجرّد انفعال بلا أثر، أمام الجدران التي أقامتها وسائل الإعلام الغربيّة ووسائل إعلام عربيّة مُتصهينة، حاولت اختزال ما يحدثُ في ردّة  فعل على اعتداء لمنع...

    • حريّةٌ مشروطة

      خضع كتّاب جزائريون لقواعد اللّعبة التي يضعها اللّوبي الصهيوني وتمتثلُ لها وسائل الإعلام الفرنسيّة في التعاطي مع ملف الحرب على غزّة. هذه الفئة من الكتّاب، تكتب بالفرنسيّة و تتوجّه بالأساس إلى الجمهور الفرنسي، وتنشد الجوائز...

    • نهاية خطاب الباطل

      ستسقطُ أشياءٌ كثيرة بعد هذه الحرب، وسيُعاد النّظر في كثيرٍ من المفاهيم التي تحوّلت إلى معتقدات لدى نخبٍ من "عالمنا" آمنت بالقيّم التي يدعيها الغرب و"نزّلتها" على واقعٍ له وضعيّته الخاصّة، وضعيّته المأساوية التي تسبّب فيها الغربُ بالذات بهوسه...

    • أعشابُ الخلود وفخاخه

      تلقى أمين معلوف ثالث أغلى هديّة من فرنسا بانتخابه على رأس أكاديميتها، بعد الانتساب لذات الهيئة التي تجمع "الخالدين" والفوز بالغونكور. وقد تكون جميع الهدايا مستحقّة بالنّسبة لكاتبٍ نال حبّ القرّاء في مختلف اللّغات في رواياته التي تستعين...

    • عباءة الجمهوريّة

      " ربما ستكون فرنسا في حالٍ أفضل لو ذهب المتمسّكون بالنمط الإسلامي فيها إلى بلدان إسلاميّة كما فعل بن زيمة"!هذا ما خلص إليه زعيم "الجبهة الوطنيّة" جوردان بارديلا، في معرض تعليقه على ارتداء كريم بن زيمة الزيّ السعودي في العيد...

    • حجاب

      لا تواكب الظواهر والتحوّلات الاجتماعيّة دراساتٌ بارزة، رغم توفر المادة في الحالة الجزائريّة، ورغم حاجة المجموعة الوطنيّة إلى تفسير "ما يحدث" بعيدًا عن المُعالجات السطحيّة  والاستنتاجات ذات الطابع السيّاسي التي سقط فيها حتى بعض...

    • نُدرة المُستهلك

      بات المعرضُ الدوليّ، فرصة حياةٍ للكتاب وصاحبه وناشره والماشي بينهما، لذلك يكاد الاهتمامُ بالكتاب يتوقّف عند هذه الفترة من السنة، ولا لوم على جميع المتدخّلين في هذا النّشاط المهدّد، ليس بسببِ غلاء الورق ولكن بسببِ ندرة...

    • لا تنظر إلى الشمال!

      أحيت الانقلابات التي عرفتها إفريقيا مؤخرًا، النّقاش حول الإرث الاستعماري، الفرنسيّ تحديدًا. و جرى ربطُ عدم الاستقرار السيّاسي والمشاكل الاقتصاديّة في هذه البلدان بهيمنة المستعمر القديم من خلال فرض نخبٍ مُواليّة تضمنُ استمرار...

    << < 1 2 3 4 5 > >> (5)
الرجوع إلى الأعلى