يتعرّض طارق رمضان إلى عملية نهشٍ يوميّة في وسائل الإعلام الفرنسيّة بشكل يوحي بأن الأمر يتعلّق بأكبر سفّاح في التاريخ الحديث،
و من آخر اكتشافات الصحافة في هذا البلد أن حفيد حسن البنا لم يكتف باغتصاب النساء، بل اغتصب الشهادات والألقاب الجامعية أيضا، لتكتمل “صورة المغتصب” التي أشار إليها قضاةٌ في وقت سابق وهم يبرّرون  قرار رفض الإفراج عن الداعيّة باحتمال عودته إلى مُمارسة الفعل الأثير حتى  و لو وُضع تحت الرقابة القضائية أو أُخضع لسوار الكتروني  بعد أن أثبتت التحرّيات  أن سلوكه الجنسي “وحشيٌّ” ، وكأنّنا أمام مُنحرفٍ خطيرٍ من أولئك الذين رافع السيد ساركوزي، قديماً، من أجل إخصائهم.
و لا بدّ من التأكيد، هنا، أن فعل الاغتصاب مدانٌ، بغضّ النظر عن الفاعل والمفعول به، لكن الملفت في القصّة هو الإسراف في تناول القضيّة بشكل يوحي باستخدام الفعل سيء الذّكر في «حرب رمزيّة»  لا تستهدف الفاعل، تحديداَ، بل تستهدف ما يمثّله، والتقليل في المقابل من شأن حملات الدعم التي يطالب أصحابها باحترام قرينة البراءة وبمحاكمةٍ عادلةٍ، حيث نقرأ في بعض الصّحف والمواقع أن الأمر يتعلّق بأعدادٍ محدودةٍ من المناصرين،  و تماماً كما في قضية كريم بن زيمة، يبدو أن الإعلام قد استبق العدالة في إصدار «الإدانة» مستفيدا من تسريباتٍ تفيد الغرض.
ومثلما رفض تيار «النّقاء العرقي» المُمثّل بفلاسفةٍ وساسةٍ لا نقاء في أفكارهم ولا في أصولهم، وأذرعٍ إعلاميّةٍ، ظهور زيدان جديد في المنتخب الفرنسي، يرفض ظهور رجاء غارودي جديد في الساحة الثقافية، وكما تمّت"تصفيّة" اللاعب تجري عملية تصفيّة الداعيّة النجم الذي أحرج في مناظراته التلفزيونية مثقفين فرنسيين وفضح خطابهم العنصري ومعاييرهم المزدوجة في التعاطي مع الحقّ والباطل ودفاعهم غير القابل للمراجعة عن الممارسات غير الإنسانية للدولة العبريّة.
و حتى و إن جاءت متابعة طارق رمضان في سيّاق حملةٍ عالميّةٍ ضدّ التحرّش الجنسي، فإن سجن الرجل ورفض الإفراج عنه و إدانته إعلاميا في غياب قرائن واضحة، ترفع نسبة الشكّ في عدالة المحاكمة ونزاهة محركي الحملة  التي تستهدفه، خصوصا وأن التهمة بُنيت على شهادات محظيات قديمات اكتشفن متأخرات «قسوة ممارسات الشيخ»، فهل سيبحث المحقّقون عن حمضه النووي في «ذاكراتهن الحزينة»؟

    • ضرورة التفكير في المجتمع

        سليم بوفنداسة انتفض المجتمع المدني في ولاية خنشلة ضدّ "الراقي الزائر"، الذي أثار الجدل على مواقع التواصل، ودعا السلطات لفتح تحقيق حول قيّامه بنشاط غير مرخص، في مبادرة حضاريّة تكشف عن وعي الجمعيّات وتحمّلها مسؤوليّة التصدي لآفات ظلّت لفترة...

    • المخفيّ

      حين مات محمد ديب لم تجد وسائل الإعلام الوطنيّة، مادة سمعية بصريّة عن الكاتب تقدّمها للجمهور، كان ذلك سنة 2003، أي قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وكان محمد ديب أكبر كاتبٍ جزائري، عاش عمرًا مديدًا يكفي لاستدراجه إلى توثيق يخدم...

    • اختراق

      شهدت الفترة التي تلت اندلاع الحرب المدمرة على غزة، تسخير ذباب إلكتروني لتسفيه الخطابات المؤيدة للفلسطينيين، ويمكن أن نقرأ ما يندى له الجبين في تعليقات عربيّة على الجهود الدبلوماسيّة لوقف المذبحة، أو على التضامن مع الضحايا، حيث...

    • خِفّـــة

      يبحثُ المتحدّثُ عن العبارة التي ستبقى  في أثير الله الأزرق بعد أن يفنى الكلام، عبارةٌ واحدةٌ تكفي كي يبقى، لذلك صارت استراتيجيات التّواصل تُبنى على عبارات يوصى بإلقائها وسط موجة الكلام، في حملات الانتخابات وفي الخُطبِ والتدخلات في وسائل...

    • وصفُ السّعادة!

      تجري الحياة في فضاءات أخرى وليس على المُستطيل الأخضر، رغم المُتعة التي توفرها كرة القدم، باعتبارها مسرح فرجةٍ في عصرنا، يلتقي فيه الشغف الكونيّ. صحيحٌ أنّ هذه اللّعبة، تجاوزت حدود الرياضة بعد ظهور "المستثمرين" والتجّار من باعة...

    • القيمة والشّعار

      يخترقُ المنتوج الثقافيّ الحدود واللّغات، بجودته أولًا وأخيرًا، وقد يفوق تأثيره التوقّعات، لذلك استغلّت بعض الأمم المُتصارعة على المسرح الكونيّ الفنون لتمرير رسائل تستهدف وجدان البشر و تستدعيه في لعبة استدراج و تماهٍ، عبر صوغ...

    • كبارُ "الباعة"!

      سخر كمال داود من الصّفة التي يطلقها العرب والمسلمون على ضحايا العدوان الهمجي على غزّة، ووجد الوقت والمتعة للتّنكيل اللّغوي بمنكّل بهم في الواقع، لكنّ اللّغة ستخونه، قطعًا، في وصف القتلة، لأنّ حريّته تتوقّف عند جثث الضحايا،...

    • مقبرةُ جماعيّة للإنسانيّة

      في هذه الأرض المزدحمة، حيث يتعايش الأحياءُ والموتى، تُحفر القبور على عجلٍ في الأسواق السّابقة والأرصفة السابقة، لا أزهار هنا في وداع النّازلين إلى ترابهم من حياة، هي مجرّد استراحة بين ميتات مُختلفة. قد يُسرف القتلى في النوم حيث...

    • في وصف الشّر

      تدفعُ المقتلةُ الجاريّة هذه الأيّام ومحاولات تأويلها وتغطيّتها نحو التفكير في "الشّر"، ليس كمصطلح خاضت فيه الفلسفات، ولكن كعنوانٍ بديعٍ لعصرنا الذي صدّقنا أنّه يشهد ذروة تطوّر الإنسانيّة، في العلوم والمعارف وفي النظم السيّاسيّة...

    • سوط

      تمنح ُ الحرب القذرة الدائرة الآن  الوجاهة للروايات التي تتحدّث عن حكومة خفيّة تقود العالم، وعن جماعات شيطانيّة تتحكّم في المصائر، وتؤكد أنّها لم تكن بالضرورة مجانبة للصواب، شأنها في ذلك شأن الخطابات التي تسفّه القيّم الغربيّة وتُسقط عنها...

    << < 1 2 3 4 5 > >> (5)
الرجوع إلى الأعلى