أثارت برامج تلفزيونية التعليقات الغاضِبة طيلةَ رمضان، إلى درجة أن القنوات المغضوبِ عليها، أصلاً، خصّصت حيّزاً معتبراً لهجاءِ جاراتها.
و «النقد العارف»  الذي لا يكتفي بالغضب ضروريّ، في مثل هذه الحالات، لأنّ الأمر يتعلّق ببرامج «تعتدي» على الجمهورِ الواسعِ في فترات الذّروة خصوصاً وأن هذا الجمهور ليس لديه ما يفعله في حياته، على ما يبدو، سوى مُمارسة حريّة مشاهدة التلفزيون المشروطة، وهو يحتاج إلى دليلٍ غير مخادعٍ في وضعيّته المأسوف عليها.
الآن وقد ذهب الظمأ وخفتَ النّقاشُ علينا أن ننتبه إلى أنّ مطلبَ الجودةِ يحتاجُ إلى تعميمٍ، فإجازة عملٍ فنيٍّ ضعيفٍ تُحيل إلى خللٍ في التقديرِ يُحيل بدوره إلى مشكلةٍ تحتاجُ إلى حلٍّ.
و المؤكد أنّ البرامج لم تنبت تلقائياً، مثلما لم تنبت هذه التلفزيونات تلقائياً وإنما تمّ استنباتها بطريقةٍ خاطئةٍ وعُهد برعايتها إلى غير مختصّين في شؤون النبات وأحواله، والوضع لا يخصّ التلفزيون وحده بل يشمل قطاعات كثيرة انفتحت على غيرِ العارفين المتلهّفين لجنيِ الثمراتِ وتحصيل المجد و زبدته، حتى أصبح اقتحامُ مجالٍ يتوقّف على “جرأة” المُقتحمِ وليس على كفاءته ومدى إجابته على الشّروط التي يقتضيها الانتساب إليه.
لذلك نحتاج إلى “ضبطٍ” على جميع المستويات: من ممارسةِ السيّاسة إلى إنتاج الكاميرا الخفيّة، ولا حاجة في ذلك إلى جهدٍ أو ابتكارٍ لأنّ قواعد السّير معروفة عالميّاً، ولعلّ المشكلة الأخطر التي لم تُعقد حولها نقاشات في التلفزيونات، هي مستوى النّخب السياسيّة التي يُفترض أن تتولّى إنتاج الأفكار وتقديم الحلول للمشكلات الطارئة والتشريع، لأن أصل المشكلة قد يكون هناك! إذ يكفي الانتباه إلى الخطابِ السّائدِ لإثارةِ المخاوفِ، لأن الخطاب يُحيل إلى نوعيّة التدبير.
أجل، يجب تعميم مطلبِ الجودة وإخراجه من دائرة الكاميرا الخفيّة والنّاخب الوطني ليشمل جميع مناحي حياتنا، لأن رفض «العملة الرديئة» هو السبيل الوحيد لمنعها من التداول، ولأن الجودة منظومة تبنى و تتكرّس مع الوقت والإصرار، وحين تسري نواميسُها لن يجد عديمُ أهليّة الفرصة والوجه لاقتحام مجالٍ غير مجاله ولن يصرّ أحدٌ على الترشّح لتولي مهامٍ يُحاسب على أدائها بقسوةٍ، ولن يتمسّك أحدٌ بتدريب المنتخب!

    • ضرورة التفكير في المجتمع

        سليم بوفنداسة انتفض المجتمع المدني في ولاية خنشلة ضدّ "الراقي الزائر"، الذي أثار الجدل على مواقع التواصل، ودعا السلطات لفتح تحقيق حول قيّامه بنشاط غير مرخص، في مبادرة حضاريّة تكشف عن وعي الجمعيّات وتحمّلها مسؤوليّة التصدي لآفات ظلّت لفترة...

    • المخفيّ

      حين مات محمد ديب لم تجد وسائل الإعلام الوطنيّة، مادة سمعية بصريّة عن الكاتب تقدّمها للجمهور، كان ذلك سنة 2003، أي قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وكان محمد ديب أكبر كاتبٍ جزائري، عاش عمرًا مديدًا يكفي لاستدراجه إلى توثيق يخدم...

    • اختراق

      شهدت الفترة التي تلت اندلاع الحرب المدمرة على غزة، تسخير ذباب إلكتروني لتسفيه الخطابات المؤيدة للفلسطينيين، ويمكن أن نقرأ ما يندى له الجبين في تعليقات عربيّة على الجهود الدبلوماسيّة لوقف المذبحة، أو على التضامن مع الضحايا، حيث...

    • خِفّـــة

      يبحثُ المتحدّثُ عن العبارة التي ستبقى  في أثير الله الأزرق بعد أن يفنى الكلام، عبارةٌ واحدةٌ تكفي كي يبقى، لذلك صارت استراتيجيات التّواصل تُبنى على عبارات يوصى بإلقائها وسط موجة الكلام، في حملات الانتخابات وفي الخُطبِ والتدخلات في وسائل...

    • وصفُ السّعادة!

      تجري الحياة في فضاءات أخرى وليس على المُستطيل الأخضر، رغم المُتعة التي توفرها كرة القدم، باعتبارها مسرح فرجةٍ في عصرنا، يلتقي فيه الشغف الكونيّ. صحيحٌ أنّ هذه اللّعبة، تجاوزت حدود الرياضة بعد ظهور "المستثمرين" والتجّار من باعة...

    • القيمة والشّعار

      يخترقُ المنتوج الثقافيّ الحدود واللّغات، بجودته أولًا وأخيرًا، وقد يفوق تأثيره التوقّعات، لذلك استغلّت بعض الأمم المُتصارعة على المسرح الكونيّ الفنون لتمرير رسائل تستهدف وجدان البشر و تستدعيه في لعبة استدراج و تماهٍ، عبر صوغ...

    • كبارُ "الباعة"!

      سخر كمال داود من الصّفة التي يطلقها العرب والمسلمون على ضحايا العدوان الهمجي على غزّة، ووجد الوقت والمتعة للتّنكيل اللّغوي بمنكّل بهم في الواقع، لكنّ اللّغة ستخونه، قطعًا، في وصف القتلة، لأنّ حريّته تتوقّف عند جثث الضحايا،...

    • مقبرةُ جماعيّة للإنسانيّة

      في هذه الأرض المزدحمة، حيث يتعايش الأحياءُ والموتى، تُحفر القبور على عجلٍ في الأسواق السّابقة والأرصفة السابقة، لا أزهار هنا في وداع النّازلين إلى ترابهم من حياة، هي مجرّد استراحة بين ميتات مُختلفة. قد يُسرف القتلى في النوم حيث...

    • في وصف الشّر

      تدفعُ المقتلةُ الجاريّة هذه الأيّام ومحاولات تأويلها وتغطيّتها نحو التفكير في "الشّر"، ليس كمصطلح خاضت فيه الفلسفات، ولكن كعنوانٍ بديعٍ لعصرنا الذي صدّقنا أنّه يشهد ذروة تطوّر الإنسانيّة، في العلوم والمعارف وفي النظم السيّاسيّة...

    • سوط

      تمنح ُ الحرب القذرة الدائرة الآن  الوجاهة للروايات التي تتحدّث عن حكومة خفيّة تقود العالم، وعن جماعات شيطانيّة تتحكّم في المصائر، وتؤكد أنّها لم تكن بالضرورة مجانبة للصواب، شأنها في ذلك شأن الخطابات التي تسفّه القيّم الغربيّة وتُسقط عنها...

    << < 1 2 3 4 5 > >> (5)
الرجوع إلى الأعلى