ربيعــة جلطي تدعو  إلى تحويل النــصوص الأدبيــة إلى المســــرح والسينــــما

دعت الشاعرة والروائية ربيعة جلطي، أمس، لتحويل الروايات الجزائرية إلى المسرح والسينما، واستحسنت الكاتبة التي حلت ضيفة على نادي المزهر بمسرح قسنطينة الصدى الذي لقيته روايتها «عازب حي المرجان» بعد تحويلها إلى مسرحية، مؤكدة أن تحويل الأعمال الأدبية إلى أعمال مسرحية وسينمائية يمكن من التعريف بها أكثر لدى الجمهور.

 رميساء جبيل

وقالت الروائية إنها اختارت منذ نعومة أظافرها أن تكون مكتبة أبيها، التي تحتوي مؤلفات مختلفة، حضنا ينسيها ألم الفقد ويملء وقت فراغها ويجعلها تخلق بمخيلتها الفتية عالما فانتازيا. وبترعرعها في ظل هذه الأجواء بدأت ربيعة جلطي الكتابة بالعربية في سن مبكرة وهي لم تتعد السابعة، خصوصا وأنها تأثرت، مثلما تضيف، بكتب «ألف ليلة وليلة» و»كليلة ودمنة» وغيرها، وفي سن المراهقة برزت لديها ميولات جديدة نحو الأدب الغربي، فأبحرت في قراءة مؤلفات باللغتين الفرنسية والإسبانية، جعلتها تكتشف مجموعة من الأدباء العالميين الذين أثروا بشكل كبير في طريقة كتابتها، وتوجيه قلمها مع مرور الوقت لانتهاج ذات الأسلوب الأدبي.
كما أكدت جلطي، أنها تهوى الكتابة بأسلوبها الخاص، الذي لا يشبه الآخرين، وأنها تركز على أدق التفاصيل فتعطي لشخصيات الرواية التي تعدها أبعادا مفصلة، تجعل القارئ يسرح ويشرد بمخيلته مع حيثياتها وأبطالها، ما جعل جل أعمالها تلقى صدى واهتماما كبيرا من الإعلام الجزائري والعربي، كما تم تناول نصوصها في البحوث الأكاديمية المنجزة للحصول على شهادة تخرج ماستر أو دكتوراه، وكذا في الترجمة.
وذكرت الكاتبة، أنها لا تكتب للقارئ بدرجة أولى، بل تكتب من أجل ذاتها، لهذا فهي أثناء إعداد أي منتج جديد تنقطع عن العالم تماما، وتبحر في عالم مواز تكون فيه هي وأفكارها وفقط، بحيث لا تفكر في تلبية رأي الجمهور وحاجاته الأدبية، بقدر ما يكون همها الوحيد هو كتابة نص أدبي راق يعتمد لغة قوية، ويمتلك كل مقومات التأليف الروائي التي اكتسبتها من خلال قراءتها لأمهات الروايات العالمية والأدب الكلاسيكي.
فرواية «عازب بن مرجان» التي صدرت سنة 2016، تقول المتحدثة، لاقت إعجاب الكثيرين حيث ترجمت إلى اللغة الفرنسية منذ سنتين، وتناولتها عشرات الرسائل الأكاديمية سواء في الجزائر أو العالم العربي على غرار لبنان.
«أنتـــهج الصـــدق الأدبــي والفنـــي»
وأرجعت جلطي نجاحها، إلى الصدق الأدبي والفني الذي تعتمده في كتاباتها والذي يلمسه القارئ في حروفها، فيشعر وكأنه المعني بالقصة، وهذا ما يشعرها بالأمان في ظل الأوضاع الصعبة التي تشهدها الساحة الأدبية بالبلاد. وتوضح الأديبة، أن المرأة في رواية «عازب بن مرجان» تمثل جميع نساء الجزائر على اختلاف صفاتهن، واللائي يعشن وسط مجتمع يقدس الذكورة بدرجة أولى على حساب الأنثى ما أدى لإحداث عطب في الرجولة، بحسب وصفها، وبسببه تنتهج المرأة في النهاية أسلوبا خاطئا في التعامل يذهب ضحيته رجال آخرون، كقصة بطل الرواية «زبير» الذي مات في النهاية، بعد أن كسرت قلبه سكينة التي قهرت في السابق، فأصبح الزبير يجسد بخياله شخصيات نسائية فنتازية لإشباع الفراغ الذي بداخله فينسى بذلك الرفض الذي تعرض له.
وفي هذا الصدد تقول المتحدثة، إن الجمهور القارئ لم يتقبل فكرة موت الزبير، لكنهم في النهاية يرضخون للأمر الواقع كون البطل كان من البداية شخصا مشوها ومليئا بالآلام والمآسي التي أرهقت كاهله. واستحسنت الأديبة تحول روايتها «عازب بن مرجان» إلى عمل مسرحي يعرض على الخشبة، قائلة إنها تجربة جديدة وجيدة بالنسبة لها، خصوصا وأن المخرج ملياني كان وفيا للنص، حيث تمت تأدية الأدوار بالشكل المطلوب، والتعبير عما جاء في الرواية من أحداث كما يجب، على غرار السخرية السوداء والواقع السياسي والاجتماعي والنفسي.  كما قالت الكاتبة خلال النقاش، إنها لم تفكر يوما في اللحاق بالركب وتقديم أعمال روائية مكررة، شبيهة بما تم تقديمه في السابق، بل ظلت حليفة نظرتها في أن العمل الروائي الجزائري خصوصا والعربي عموما، بحاجة لنقلة فكرية وأدبية بنكهة عصرية ولمسة أنثوية، تحتكم لمجموعة من القواعد والأدبيات التي تقومها. وتضيف جلطي، أن الروائي قبل أن يكون كاتبا لامعا له حس إبداعي مثقل، يجب أن يحمل في داخله صفة الباحث والمفكر الذي لا يرضى بوضع النتائج قبل جمع المعلومات التي تخدم موضوعه وتثري مساره الفني، ليكون بذلك رقما حساسا يضاف إلى قائمة عمالقة الكتابة والأدب، ويصنف مؤلفه ضمن الأعمال الراقية التي تستحق أن يتدبر القارئ معانيها، وهو ما تحقق فعليا مع أول رواية صدرت للمتحدثة، بعنوان «ذروة» والتي لاقت إعجاب النقاد قبل الكتاب، ما جعلها، مثلما تبرز جلطي، تحصد جائزة بدبي وتترجم إلى اللغة الفرنسية، وقيل فيها «أنها لامست عمق القارئ فأثرت فيه من جميع النواحي».   كما أجابت جلطي على سؤال آخر، حول غياب الاهتمام بالرواية والقول إنها لا تثقف القارئ بقدر الكتب الاجتماعية والتاريخية والعلمية، بأن الرواية المسبوكة تعتبر من أرقى وأقوى وأفخم الأعمال الأدبية الروائية في العالم ككل، نظرا لكونها تجمع بين الفلسفة والحكمة والأدب واللغة، كما تتطرق لذكر مسارات تاريخية وحتى جغرافية.

الرجوع إلى الأعلى