أضـــواء علـى سيـرة واستشهـاد لخضـر بن باديـس

نشط أول أمس، الباحثان في التاريخ، علاوة عمارة و رياض شروانة ، ندوة بالمكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية بقسنطينة، قدما خلالها كتابهما الجديد،  حول مسيرة الشهيد  الدكتور لخضر عبد السلام بن باديس  أين كشفا عن الظروف التي رافقت استشهاده، و استعرضا وثائق وشهادات تخص المسيرة الدراسية والثورية لهذه الشخصية، التي لم تحظ حسبهما، بالبحث و التأريخ الذي تستحقه.

وقال شروانة، إن صدور الكتاب يتزامن مع مئوية ميلاد الشهيد لخضر بن باديس بتاريخ 27 جانفي1923 بقسنطينة، حيث اختير له عنوان «من جامعة باريس إلى سوكياس ـ وثائق وشهادات عن المسيرة الدراسية والثورية للشهيد  لخضر عبد السلام بن باديس»، و الكتاب حلقة ضمن سلسلة من الأعمال التاريخية، التي تعنى بالشخصيات الوطنية والتاريخية، بدأت مع إصدار سابق حول مالك بن نبي، وسوف تستمر بهدف إثراء المكتبة التاريخية الوطنية، بما يمكن من الأعمال البحثية الأكاديمية حول سيرة هؤلاء الرجال، و تقدم أجوبة دقيقة و مثبتة بالدلائل حول بعض القضايا الجدلية المرتبطة بحياة بعضهم، و التي يمكن الحصول عليها من الأرشيف الجزائري وأرشيف أقاليم ما وراء  البحار.
و اعتبر الباحث في التاريخ، بأن أكثر ما يعيق عملية تدوين مسيرة الشخصيات هو شح المصادر، وذهب إلى حد القول بأن جانبا مما يتداول حول لخضر بن باديس، يندرج في خانة « الحكاية»، حيث تطلب العمل على الإصدار الخاص بع، التنقل بين ثلاثة مراكز أرشيفية فرنسية فضلا عن البحث في أرشيف كلية الطب بباريس من سنة 1804 إلى غاية 1970، و التفتيش في أرشيف العمل الثوري ودراسة وثائق الاعتقال الإداري وتقارير  يوميات الشهيد في المعتقلات.
كما أشار المؤلف، إلى أن أطباء كثرا مثل بن باديس لعبوا دورا هاما خلال ثورة التحرير، ولكن المعطيات حولهم شحيحة جدا،  ولا تزيد عن عمل واحد قدمه البروفيسور مصطفى خياطي، استعرض من خلاله ما يشبه بطاقات تعريفية لهم.
يضم الكتاب الجديد للمؤرخين 31  وثيقة منها التي تحمل ختم « سري»، و تكشف لأول مرة، عن تفاصيل استشهاد لخضر عبد السلام بن باديس، سنة 1960 على كما يقدم العمل، شهادات عن حياته و العديد من المحطات التي عايشها، و يوفر الإصدار معلومات وافية عن السيرة الذاتية لهذا الطبيب الشهيد الذي تذكر المصادر حسبهما، بأنه كان واحدا من بين أهم ثلاثة أطباء عيون في المغرب العربي والوحيد في مجاله في الجزائر آنذاك، ولذلك يحمل اليوم المستشفى الجامعي لقسنطينة اسمه، رغم الاعتقاد بأن الأمر يتعلق بعمه العلامة عبد الحميد بن باديس.
من جانبه، ذكر مسير الندوة الدكتور عبد الله بوخلال العميد السابق لجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة، بأن أرشيف الجامعة يتوفر على رصيد هام مصور يخص 300 شهادة حول الشهيد، بينها شهادة للدكتور محمود عثامنة، مسؤول القطاع الصحي بالولاية الثانية، والذي كان الشهيد لخضر بن باديس نائبا له وزميلا له أيضا في كلية الطب بباريس.
 وأشار إلى أن عثامنة، تحدث في شهادته عن ظروف عودة بن باديس من فرنسا، وكيف كان يشرف على علاج المجاهدين قبل التحاقه بالثورة، حينما كان صاحب عيادة طبية بجبل الوحش.
 وفي شرحهما لمضامين الكتاب الجديد، الذي قدمته الكاتبة والوزيرة السابقة و المجاهدة زهور ونيسي تطرق المؤرخان، إلى حيثيات التحاق الشهيد بصفوف الثورة عقب كشفه وكيف تم القبض عليه بسبب رسالة كانت موجهة إلى قائدة الناحية الشهيد « لخضر بن طوبال»، وظل موقوفا في عدد من مراكز الاحتجاز بين الجرف و قسنطينة وسيقوس وأم البواقي، قبل أن يتمكن من الفرار و يلتحق  بالأوراس.
الندوة عرفت حضورا لافتا لشخصيات من قسنطينة على غرار عبد الحق بن باديس عم الشهيد، و الوزير الأسبق عبد الحميد أبركان و الفنان أحمد بن يحيى ورئيس جمعية العلماء المسلمين بقسنطينة عبد العزيز فيلالي، و ممثلين عن الأسرة الثورية بالولاية، وقد استعرض خلالها المؤرخان عددا من الوثائق التي تضمنها الكتاب، بينها نسخ من الأرشيف الفرنسي كتبت بخط يد الشهيد.
و قال علاوة عمارة، إن الرصيد الأرشيفي الفرنسي يحمل ملفا كاملا  حول تفاصيل حياة الشهيد داخل وخارج الوطن، و تقارير أجهزة استعلاماتية تابعة لوزارة الدفاع، وملفا آخر يتحدث عن تحصيله العلمي بدءا من سنة 1929 بالجزائر  إلى غاية 1938 مرورا بثانوية  «دومال»، ونيله لشهادة البكالوريا سنة 1941 ثم حصوله على شهادة العلوم الفيزيائية والبيولوجية والكيمائية من العاصمة، واختياره لتخصص العلوم الطبية والصيدلانية، وبعد ذلك ذهابه إلى باريس سنة 1945، وعودته إلى الجزائر بعد اندلاع الثورة.
 وأضاف من جانبه رياض شروانة، أن بن باديس، خدم الثورة سرا  إلى غاية 1957، و اكتشف بفعل وثائق تخص أمانة الولاية الثانية في منطقة القل، وقعت في يد العدو خلال عملية « الخليج» التي نظمت للقضاء على بن طوبال، من بينها رسالة موقعة من عبان رمضان تبين بوضوح رغبة بن باديس في الالتحاق بالثورة، إذ نصب له المستعمر فخا بعيادته سنة 1957، وتم توقيفه لفترة، ثم أطلق  سراحه سنة 1958 وأعيد اعتقاله مجددا في اليوم الموالي بحجة « قرار إفراج خاطئ»، قبل أن يلوذ بالفرار بطريقة ظلت غامضة إلى يومنا.
 استشهد لخضر بن باديس، بمنطقة سوقياس بتاريخ 13 جوان 1960م على خط شال وموريس الكهربائي.
هدى طابي

الرجوع إلى الأعلى