قدمت مؤخرا ابنة باتنة، الفنانة رحمة قالة، مونودراما باللهجة الشاوية، تفاعل معه الكثيرون خاصة بعد عرض مقاطع منه على مواقع التواصل، الموندرام بعنوان «صليحة و ألف تكليحة»، وقد توج بعدة جوائز، خاصة وأنه عمل يهدف حسب ما كشفت عنه للنصر، إلى إبراز الثراء الثقافي الذي تتمتع به بلادنا والوصول إلى شرائح مختلفة من الجمهور، كما تحدثت الممثلة في هذا الحوار، عن تحضيرها لعروض توعوية تعنى بالعنف في الوسط المدرسي، فضلا عن مشاريع تجمع بين المسرح و  تخصصها في الهندسة المعمارية.  
استطاعت رحمة قالة صاحبة 32 سنة، أن تحقق حلمها في إنجاز عرض باللهجة الشاوية، و ذلك من خلال موندرام «صليحة ذوايم نتكليحث» أو «صليحة و ألف تكليحة»، الذي ألفته بنفسها وأنتجته جمعية أوراس للثقافة و العلوم الإنسانية ولاية باتنة، و أخرجه توفيق بخوش فيما ألف الموسيقى سليم سوهالي و ترجمته للأمازيغية نعيمة دلول، وحسب الفنانة، فإن العرض الشرفي الأول للعمل كان خلال المهرجان الوطني للمسرح الأمازيغي  سنة 2016  قبل أن يعود إلى الركح  مجددا سنة 2022 و يفتك العديد من الجوائز.  
الجمهور متعطش للعروض الناطقة باللهجات الأمازيغية
قصة الموندرام، تحكي عن فتاة هي ضحية مجتمع ذكوري، عانت كما أوضحت الفنانة، من عقدة النقص   و قوبلت بالرفض وسط أسرتها لكونها أنثى، فوالدتها التي أنجبت قبلها أطفالا ذكورا، لم تتقبلها بعد ولادتها    بسبب تفضيلها للذكور، الأمر الذي انعكس على شخصية صليحة، فأصبحت هشة وفاقدة للثقة في النفس، مع ذلك لم يؤثر التمييز على مشوارها الدراسي، فالتحقت بجامعة خارج ولايتها و كانت تحلم بحياة أفضل داخل الإقامة الجامعية، لكنها اصطدمت بواقع مغاير وبكثير من المغريات وبسبب هشاشة شخصيتها، وقعت في الخطأ، لتجد نفسها داخل دوامة مظلمة جرها إليها الابتزاز، الذي انتهى بها في مستنقع الإجرام.
وحسب الفنانة، فإن «صليحة» هي نموذج يتكرر في المجتمع وقصتها مستلهمة من الواقع، وقد قررت تقديم العمل باللهجة الشاوية، لتتقرب أكثر من جمهور المسرح بمدينتها باتنة، و لذلك استعانت بالإعلامية نعيمة دلول و هي مذيعة سابقة في إذاعة الأوراس، لمساعدتها على التحكم الجيد في اللهجة.
 العرض شارك  مؤخرا كما أوضحت، في المهرجان الثقافي الوطني للمونولوج في طبعته الأولى بتندوف و تحصل على جائزة أحسن تمثيل نسوي، كما نالت النسخة العربية منه، جائزة أحسن تمثيل نسوي خلال الأيام الوطنية للمونولوج بعنابة، وقد تحدثت الفنانة، عن اهتمامها بتنوع اللهجات المحلية، وهو تحديدا ما يدفعها كما قالت، للتركيز على المسرح الناطق باللهجات الأمازيغية « الشاوية و القبائلية و التارقية و المزابية» خاصة و أن الجمهور متعطش لهذا النوع من العروض كما أكدت مضيفة، بأن هذه العروض تبرز التنوع الثقافي الذي تزخر به بلادنا وهو ما يستوجب اهتماما رسميا أكبر بإنتاج مسرحيات متعددة اللهجات.
هكذا أزاوج بين
 التمثيل والهندسة
محدثتنا قالت، بأن علاقتها بالمسرح تمتد إلى 12 سنة حيث التحقت به بعد نجاحها في البكالوريا، خاصة وأنها لطالما امتلكت موهبة في التمثيل ورغبت في اعتلاء الركح  لكن الفرصة تأخرت، ولم تتوفر إلا بعد التحاقها بالإقامة الجامعية، ومنها إلى المسرح الجامعي الذي احتضن موهبتها سنة 2011، بعد مشاركتها في عرض بعنوان «ملامح»، و هو نص مقتبس عن مسرحية «جثة على الرصيف» للمخرج لحسن شيبة، حينها نال العمل جائزة أحسن عرض متكامل في المهرجان الوطني للمسرح الجامعي بمعسكر.
شغف رحمة بالمسرح زاد مع الوقت و توسعت مشاركاتها، حيث مثلت في مسرحية « إينورار نيموذار» سنة 2013، و مسرحية « سكيزوفرينيا» سنة 2014  و «مسرحية الحقيبة» سنة 2015، و كانت من بين الوجوه التي قدمت مسرحية «ضلال الغفران» كذلك    ثم التحقت بالمسرح الجهوي لولاية باتنة، أين قدمت أول عرض خاص بالأطفال بعنوان «فراشات و ملك»، سنة  2015، و في سنة 2021 مثلت في مسرحية «حكاية الأميرة راما» و «الخياط الماكر»، و كلها عروض فتحت لها أبواب المهرجانات، بما في ذلك المهرجان الوطني للمسرح الأمازيغي و مسرح الطفل و المهرجان الوطني للمسرح المحترف، كما كانت لها مشاركات دولية.
و عن توفيقها بين المسرح و الوظيفة باعتبارها مهندسة معمارية لدى مؤسسة أشغال البناء و الأشغال العمومية و الري بباتنة، قالت بأنها و تطمح للجمع بين تخصصها و المسرح، حيث تعمل على إعداد حصة تلفزيونية حول المدن التراثية، ستقوم بتجهيز الديكور الخاص بها، كما تسعى للتخصص في السينوغرافيا المسرحية، لتجمع بين التصور الفني و الهندسي  على الركح.  
و تحضر الممثلة حاليا كما أخبرتنا، لعروض مسرحية تربوية موجهة للأطفال، لأجل الحد من الظواهر السلبية التي تغزو الوسط المدرسي، على غرار الاعتداء بالأسلحة البيضاء على الأساتذة وغيرهم، حيث تسعى إلى تقديم مسرحياتها داخل المدارس و المؤسسات الثقافية، و ذلك لتوصل رسالتها بشكل مباشر و لتزيد من اهتمام الأطفال بالمسرح، مؤكدة بأنها وضعت اللبنات الأولى لمشروعها الطموح.
أسماء بوقرن

الرجوع إلى الأعلى