سينما الجامعة تأسيس لرؤية فنية جزائرية جديدة

تتواصل منذ ما يقارب الشهر، فعاليات مشروع «سينما الجامعة» الذي أطلق مؤخرا، بالتنسيق بين وزارتي التعليم العالي والثقافة والفنون، بهدف تحسين ظروف الحياة الطلابية و ترقية مختلف النشاطات في الوسط الجامعي و تشجيع الجامعة على الانفتاح أكثر على المحيط الثقافي و الفني.

بن ودان خيرة

و اعتبر مختصون، أن هذه المبادرة تساهم في الترويج للسينما في الوسط الجامعي و تكوين الطلبة عن طريق ورشات لإنتاج أفلام قصيرة و وثائقية و روائية، بهدف المشاركة في المهرجانات الجامعية، مع تحميل الأفلام المعروضة في المنصة الرقمية المعدة  لهذا الغرض بهدف توسيع مجال الاستفادة، وأيضا تعزيز دور ومكانة السينما في الوسط الجامعي و نشر قيم و مبادئ المواطنة لدى الطالب، و الاعتزاز بمقومات الشخصية و الهوية الوطنية و وفق تصريح لوزيرة الثقافة خلال إطلاق  المشروع، فإن الخطوة تعبر عن إرادة مشتركة وصادقة بين وزارتي الثقافة و التعليم العالي للتأسيس لتقليد ثقافي فني يترجم على أرض الواقع الالتزامات الثقافية التي رفعها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.
من جانبهم أجمع مختصون في مداخلات مع النصر     بأن ربط السينما بالمسار التكويني الجامعي أضحى مهما للحفاظ على مكونات المجتمع من خلال الرؤية الفنية الجزائرية، ولكن تجسيد هذا الأمر مرهون بمراعاة بعض المقاييس التي تساعد حسبهم، على الدفع بالإنتاج السينمائي الوطني نحو الرقي والتكفل بانشغالات المجتمع.
صورة السينمائي الجزائري ترسخ الوعي المجتمعي
أكد البروفيسور إلياس بوخموشة، أستاذ متخصص في السينما بجامعة سيدي بلعباس، أن مساعي وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي و الثقافة والفنون، لإدراج السينما في الوسط الطلابي وحتى في مسار التكوين الأكاديمي  من شأنه أن ينعش الجامعة ويفتح آفاق جديدة للثقافة كي يحمل مشعلها شباب جزائريون، فبفضل هذه التجربة يمكن أن يتخرج حسبه كثير من السينمائيين الذين ينيرون الدرب ويحصنون المجتمع والشباب منا الانسلاخ الثقافي الذي تروج له الصورة القادمة من الآخر، لأن الصورة القوية التي ينتجها السينمائي الجزائري المثقف والواعي سترسخ قيما سوية.
وركز البروفيسور بوخموشة، في حديثه على تاريخ مسارات السينما في الجامعة الجزائرية، حيث قال إدراج الفنون الدرامية في مسار التعليم العالي بالجزائر، انطلق من كلية الآداب بجامعة وهران، حيث تم فتح قسم للنقد والأدب التمثيلي في خضم التغيرات التي حدثت خلال ثمانينيات القرن الماضي، لكن الظروف آنذاك لم تسمح بتطوير البعد الممارساتي و وبقيت الدراسة نظرية فقط مبرزا، أن معهد «يرج الكيفان للدراما» الذي انفتح على السمعي البصري، شكل الاستثناء الوحيد في تلك الفترة.
وأوضح محدثنا، أنه ومع مطلع القرن الحالي استطاع البروفيسور عشراتي سليمان، أن يمهد لماجيستير في تخصص السيناريو السينمائي، وكانت بادرة أكاديمية رائدة لتدريس السينما في الجامعة الجزائرية منذ تأسيسها ولم يسبقها سوى مشروع متخصص في الفنيات السينمائية انبثق عن قسم الفنون الوحيد في الجزائر آنذاك بكلية الآداب بجامعة وهران.
وأردف قائلا، إن مشروعا ثانيا جاء بعده وشمل دفعتين في تخصص نظرية السينما والتحليل الفيلمي، تحت إشراف البروفيسور بوقربة الشيخ من ذات الكلية، وخلال هذا المشروع تمكن الدكتور بوخموشة من إخراج أول فيلم قصير يتم إنجازه  وعرضه في الجامعة خلال الموسم «2003/2004» وعنوانه «الطالب».
 و أشار، إلى أنه لم يسبق مطلقا إخراج فيلم قصير في ظل تكوين عال في الدراسات السينمائية، التي لم تتوفر إلا في المشروعين المذكورين في النظام الكلاسيكي مستوى ما بعد التدرج ماجيستير.
واعتبر محدثنا، أن دخول نظام « ال أم دي» للتكوين الجامعي، نعمة للمهتمين بدراسة السينما تخصصا مباشرا بخلاف من يشتغلون على السينما أكاديميا و مسارهم ينبثق عن تخصصات أخرى، أثرت الدراسات السينمائية كثيرا عبر مقاربتها وفق كل تخصص، مما نتج عنه تطور في فهم فلسفة السينما و دور الإعلام في السينما و السينما والآداب، وغيرها من المقاربات الأكاديمية التي وسعت مجال الدراسات السينمائية وجعلتها عابرة للتخصصات.
 و قد ساهم النظام الجديد حسبه،  في فتح مشاريع ليسانس و ماستر و دكتوراه تخصص دراسات سينمائية، مما سمح بتوفير دكاترة  في  تخصص السينما، دون المرور عبر مسارات أكاديمية أخرى، ومن هؤلاء المتخرجين  من استطاعوا الربط بين النظري والتطبيقي، وقاموا بإخراج أفلام شاركت في تظاهرات ثقافية وطنية ودولية، ولا تزال أقسام الفنون بجامعتي مستغانم و سيدي بلعباس  مثالا عن دعم إنتاج أفلاما قصيرة للتخرج وهي متنوعة روائية، بينها أفلام خيال و أخرى وثائقية و حتى أفلام التحريك، حيث بدأ هؤلاء الطلبة في رسم مسيرتهم السينمائية  وإثراء تجربة صناعة السينما الشبانية الجديدة بلمساتهم الخاصة، دون أن ننسى تجربة قسم علوم الإعلام والاتصال بجامعة وهران، و الإقامات الجامعية في باتنة و مساهمتهم الكبيرة في تحفيز الطلبة على صناعة الأفلام من خلال المبادرة بمهرجانات جامعية للفيلم القصير الطلابي في فترات سابقة.
اقتراح نظام تكوين لمهن السينما
من جانبه، اقترح الدكتور عبد القادر مالفي، أستاذ الإعلام و الاتصال بجامعة مستغانم، أن يتم إنشاء أقطاب تكوين في السينما «الوسط و الغرب و الشرق» وفق نظام تكوين مهني أو تكوين مدمج مع أقسام الإعلام من خلال تخصص السمعي البصري، لأن اللغة واحدة و هي لغة الضوء المشتركة ما بين السينما و السمعي البصري وكذا الصوت و الصورة، ناهيك عن المهن الأخرى التي تدعم الإخراج السينمائي.
وأضاف، أن التكوين  يجب أم يكون فنيا يشمل كل ما هو مرتبط بالكاميرا و أن يرتبط الجانب التقني بكل بما هو خلف الكاميرا، فموضوع السينما في الجامعة يتطلب فتح تخصصات مهنية لتوفير تقنيين ذوي مستوى عال و توفير إمكانيات كبيرة، بينما تعد كتابة السيناريو مسألة أخرى  تتم  في ورشات تكوين لصياغة القصة و تحويلها إلى مشاهد، وهو تخصص موجود في المعهد العالي لمهن فنون العرض و السمعي البصري بالعاصمة، و أقسام الفنون عبر الجامعات أين يدرس هذا التخصص كمقياس.

الرجوع إلى الأعلى