دعا أمس، الناقد والروائي الحاصل على جائزة كتارا للرواية العربية،عز الدين جلاوجي، إلى وجوب اعتماد الروائيين على أسلوب التجريب، والخروج عن القوالب التقليدية في الكتابات الروائية، مع الانتقاء الجيد للعناوين كونها المفتاح لولوج القارئ إلى المضمون.
ويرى جلاوجي، الذي حل ضيفا على مكتب بيت الشعر الجزائري بقسنطينة، أنه من الحمق أن يجعل الكاتب من الجائزة غرضا له يسعى لتحصيله خلال مشواره الأدبي فالأديب من خلال كتاباته الإبداعية يحمل مشروع حضارة وثقافة أمة، ولهذا يجب عليه أن يخلص لكتاباته ونصوصه حتى تقابله هي بالإخلاص، أما إذا اتخذ من الأدب مطية لنيل الجوائز والمناصب وركوب موجة الشهرة فسيخونه الأدب يوما ما، لأن حقيقة الأدب تكمن في أنه رسالة وتضحية ومعركة طويلة مع الحياة ترويها ريشة الأديب بالكلمات.
وأضاف الروائي، خلال تنشيطه لجلسة ثقافية بالمكتبة الرئيسية للمطالعة، أن المبدع يجب أن يكون صاحب فكر وعلم وثقافة ولغة، يحمل رسالة يؤمن بها ويضحي من أجلها، قائلا إن رسالته تقف على دعامتين تتمثل الأولى في كون الأدب رسالة فنية جمالية، لهذا فإنه عندما يحمل قلمه يضع حق القارئ نصب عينيه معلقا : « أسعى جاهدا للارتقاء بأحاسيسه ومشاعره وعواطفه إلى درجة التجاوب مع القصة أو الرواية  وهذا من خلال أسلوب اللغة المعتمد وأساليب التشويق والإثارة التي أعتمدها في النص» .
أما الدعامة الثانية :» فتكمن في أن الكتابة رؤية وفلسفة وانتماء، مرتبط ارتباطا لصيقا بثقافة الأديب وجذوره التي ينتمي إليها، وتعبر عن واقع حقيقي معيش، فالكتابة تنبع من العمق  و لا تحتاج إلى توجيه».
و أضاف المتحدث، أنه يتفادى دوما الوقوع في فخ التكرار، لهذا يجدد في كتاباته و يجعل لكل عمل أدبي رونقه وهندسته الخاصة،  معبرا بالقول : « المتابع لمساري الأدبي سيلحظ اختلافا في أعمالي الأدبية فالتجديد بالنسبة إلي رهان أقف على إنجازه، بخوض غمار البحث في معاجم اللغة وغيرها، وكذا تقفي كل ما هو مستحدث في الساحة الأدبية الجزائرية والعالمية حتى أصل إلى مصاف الاختلاف الذي أرغب فيه وأًصنع من خلاله تميزي ونجاحي».   
التعامل مع قارئ اليوم ليس بالأمر السهل أو الهين، فهو متلق عارف متذوق للكلمات ومعانيها مستنبطا للرسائل المتغلغلة في أعماق النص كما علق،  و لهذا من الجهل أن نقدم له أعمال قديمة لا تحمل في طياتها أية مستجدات أدبية، فما لم يجرب الشخص استحداث النصوص سيظل مقلدا إلى الأبد.  
و التجريب حسبه، يجب أن يتقيد بشروط أساسية منها الوعي العميق بفعل التجريب والمعرفة بكل المستجدات والاطلاع على المقروء من الأعمال الأدبية السائدة في هذا الوقت، مع ضرورة الإلمام بكتابة الرواية التقليدية ذات النفس الطويل، والتمكن من أبجدياتها حتى يستطيع الكاتب أن يتمرد على متونها ويخرج عن القالب المعتاد مشيرا في ذات السياق، إلى أن التجريب في المسرح قد طال الخشبة كثيرا لكن النص المسرحي ظل جامدا في العالم كله.
كما تحدث عن شعرية اللغة، معتبرا إياها ضرورية للارتقاء بالعمل الأدبي، حتى يستطيع الكاتب أن يتألق بعمله ويصنع بقلمه عالما من الأدب الجميل، إلى جانب الانتقاء الجيد للعناوين التي تعتبر نصا موازيا قائما بذاته، من شأنها أن تثير الدهشة والحيرة لدى المتلقي ولما لا الصدمة أيضا، تماما كالعنوان الذي اختاره لأحد مؤلفاته « حائط المبكى» و الذي أثار ضجة وسط متابعيه كما قال، مؤكدا على ضرورة اعتماد الأدباء على الأساطير و الحكايا القديمة في اختيار العناوين.
رميسا ءجبيل

الرجوع إلى الأعلى