شد العرض المسرحي الجديد «نوستالجيا» أنظار جمهور المسرح الجهوي عبد القادر علولة بوهران على مدار ساعة من الزمن مساء السبت المنصرم، وهو عمل فني لتعاونية مسرح النقطة التي يرأسها  الأستاذ لخضر منصوري مخرج هذا العمل الذي قدم عرضه الثالث بوهران.
ففي دائرة الحياة التي تشرق وتظلم وتأخذك لعالم خاص وأسمى معاني الحب وتثمر تارة ثم تتساقط أوراقها تارة أخرى هي عبثية الحياة وحقيقة الموت، هي المتعاكسات التي تجادل الحياة مع الموت وسط دائرة مغلقة لا مفر من حدودها، هي دائرة الحياة التي رغم قساوتها نتمنى أن تستمر وتمهلنا حتى نحقق ما عجزنا عن تحقيقه منذ ولدنا، ولكننا نستمر ولا نصل لقمة الانتصار ونحن نسعى لتذوق طعم الملذات في ساعة الاحتضار، هو ملخص العمل الفني الذي جسده الممثل «مباركي فتحي» الرجل الذي عاش حياته يتأرجح بين المقدس والمدنس وفي أحضان عائلة تؤرخ لأبنائها بغرس شجرة لكل مولود جديد، هي شجرة الحياة التي لم يقطف ثمارها البطل ولم يتذوق طعمها ولم يستمتع بها، فيحاول وهو في آخر لحظات عمره أن يستدرك كل هذا قبل أن يغادر هذا العالم.
هي الموت التي كانت فوق الركح، امرأة جميلة لباسها يتغير بين الداكن والمزهر، هي التي لا يستعصي عليها أي باب كي تفتحه لتدخل عند من تريد، ولقد جسدت الممثلة «أسماء الشيخ» الدور بجدارة جعلت الجمهور ينتقل معها من دور العشيقة المتمردة في بداية العرض، إلى الحبيبة التي استرجع معها الحبيب ذكريات نسي بعضها وتغافل عن البعض الآخر، لتصل لمرحلة تجسيد دور الموت الذي يتربص بالإنسان وقد يمهله لحظات، ساعات، أيام ولكن لابد أن يتوقف الزمن ليرتاح المحتضر من نبضات قلب موجوع وجسد منهك. وعلى هامش العرض، أوضح المخرج لخضر منصوري في تصريح صحفي، أن مسرح النقطة دائما يختار النصوص التي تشتغل على الذهنيات والإنسان بصفة عامة وتحاول أن تستنطقه بشكل عميق حول الأفكار، ومنها هذا العرض «نوستالجيا» الذي قال إن نصه الأصلي للكاتب الروماني «ماتيني فيزنياك» وعنوانها الأصلي «قصة دببة الباندا يرويها عازف الساكسفون له خليلة بفرنكفورت»، مبرزا أن موضوع هذه المسرحية يتمحور حول تيمة الموت وعلاقته بالذكرى وكيف أن الإنسان يستطيع أن ينسى المآسي والأموات، وتدور الأحداث حول حياة فنان عازف موسيقى يتوسل الموت لتمهله قليلا ليعود للحياة ويعيش كل ذكرياته ثم يفارقها. واعتبر المتحدث أن هذا العمل يمكن تصنيفه في خانة المسرح الرمادي وأن هذا تجلى خلال العرض في نسبة الإضاءة وأماكنها وفي الملابس وفي الموسيقى، مشيرا إلى أن التعاونية لم تتلق دعما ماليا وأن هذا العمل أنجز بالإمكانيات الخاصة لها، ولكنه يتطلع أن يجوب مختلف ولايات الوطن وأن يشارك به في مهرجانات دولية.
للتذكير، فقد تأسست تعاونية مسرح النقطة سنة 1995 بوهران، وفي رصيدها العديد من الأعمال المسرحية، منها «قلعة الكرامة»، «ديك الكولونيل»، «معروض للهوى» بالإضافة إلى مسرحية «مرة مرة» ومسرحية «كانت ليلة»، و«القناع»، من جهة أخرى، عبر بعض الحاضرين المختصين في الفن الرابع في دردشة مع النصر، أن سينوغرافيا العمل كانت عالية المستوى، مثلها مثل أداء الممثلين اللذين ينتميان لمسرح سعيدة وقد أبدعا في تقمص وتجسيد الأدوار، علما أن الممثلة «أسماء الشيخ» كانت ضمن فريق مسرحية «جي بي أس» التي نالت عدة جوائز وطنية ودولية، علما أن العرض كانت باللغة العربية الفصحى.
بن ودان خيرة

الرجوع إلى الأعلى