فقدت الجزائر أول أمس الخميس قامة ثقافية كبيرة، برحيل الأستاذ الدكتور بوعمران الشيخ، رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، عن عمر ناهز 92 سنة،و يعتبر الفقيد من أهم الأقلام الجزائرية التي تبنت خطابا إسلاميا ناضجا و معتدلا مبنيا على أسس معرفية وعلمية.
الشيخ بوعمران من مواليد مدينة البيض، سنة 1924، زاول دراسته الابتدائية بمسقط رأسه خلال الفترة ما بين 1934 إلى 1940، ثم انتقل إلى المرحلة الثانوية بثانوية وهران 1941-1944، ونال شهادة البكالوريا سنة 1944، درس بعدها بكلية الآداب في جامعة الجزائر وتحصل على شهادة الليسانس في الفلسفة سنة 1948، ثم شهادة الليسانس في الأدب 1954، قبل أن ينتقل إلى فرنسا لمواصلة التدرج العلمي بجامعة السوربون، أين نال شهادة الدراسات المعمقة سنة 1956م، تربص بعدها بالمدرسة العليا للأساتذة في باريس بين سنتي 1956 و1957، ونال دكتوراه دولة في الفلسفة بدرجة مشرف جدا عام 1974 من الجامعة نفسها.
للراحل عدة مؤلفات في التاريخ والفلسفة والثقافة والفكر الإسلامي، كما له مقالات كثيرة منشورة في مجلات وصحف جزائرية وأجنبية من بينها: مشكلة الحرية الإنسانية  والتي نالت سنة 1981جائزة الأكاديمية العلمية، إضافة لمؤلف ابن رشد الصادر سنة 1978، والفكر الإسلامي نظرة شاملة مع لويس غاردي 1984، إضافة إلى الموسوعة الفلسفية 1989 ، والأمير عبد القادر المقاوم و الإنساني سنة 2001، فضلا عن عمال أخرى جماعية باللغتين العربية و الفرنسية، على غرار معجم مشاهير المغاربة  والكشافة الإسلامية الجزائرية، إلى جانب مؤلفات لا تزال تحت الطبع منها الجزائر المستعمرة عبر النصوص، مع الأستاذ جيجلي، وقضايا في التاريخ والثقافة.
تقلد الراحل عديد المناصب قبل تعيينه رئيسا للمجلس الإسلامي الأعلى في 2001، بداية بالتدريس الابتدائي والثانوي بالبيض ومليانة وبوفاريك والعاصمة في الفترة من 1945 إلى غاية 1954، ثم مفتشا للتعليم في مستغانم ووهران والأغواط ما بين 1959و 1962 ، ومن ثم مديرا للتربية بمدينة الشلف سنة 1962، فملحقا بديوان وزارة التربية ما بين سنوات 1963 و1965، ثم أمينا عاما للجنة الوطنية لليونيسكو بين سنتي1963-1964.
بعدها عين أمينا عاما لاتحاد نقابة المعلمين ما بين 1969-1975، كما عمل أستاذا للفلسفة في جامعة الجزائر بين 1965-1991، وكذا مستشارا وطنيا في الثقافة 1990م، قبل أن يعين  وزيرا للثقافة والاتصال سنة 1991، ثم اختير على رأس اتحاد الكتاب الجزائريين  بين 1995-1996، ثم رئيسا للمجلس العلمي لمؤسسة الأمير عبد القادر بين 1991-1999، ونائبا لرئيس المؤسسة منذ سنة 1999، قبل أن ينصب رئيسا للمجلس الإسلامي الأعلى منذ 31 ماي 2001.
كما كانت للفقيد مساهمات كثيرة في مجالات متخصصة في الجزائر وخارجها، إلى جانب مشاركته في العديد من الملتقيات داخل الوطن وخارجه، خاصة في اليونيسكو والاتحاد الإفريقي وأوروبا وغيرها أين مثل الجزائر أحسن تمثيل.

ق/ث 

الرئيس بوتفليقة في برقية تعزية  لأسرة الفقيد
الشيخ بوعمران كان من دعاة الوسطية و من الذين يحاجون بالمنطق
بعث رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة برقية تعزية لأسرة الشيخ بوعمران الذي وافته المنية أول أمس الخميس، أكد فيها أن المرحوم كان «أحد أقطاب الفكر والثقافة في بلادنا».و كتب الرئيس بوتفليقة في برقيته يقول «نمي إلي النبأ الأليم بوفاة المثقف الكبير ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى المغفور له بإذنه تعالى أبو عمران الشيخ، أحد أقطاب الفكر والثقافة في بلادنا، الذين أفنوا حياتهم في التدريس والتوجيه والإشراف على أجيال متعاقبة من طلبتنا وباحثينا».و يضيف رئيس الجمهورية أن «فكر الفقيد قد اتسم في مجال التراث والفلسفة بالتدقيق والوسطية، فهو من العلماء الذين يوائمون ما بين النقل والعقل، ويحاجون بالمنطق الذي لا يخل بمنظومة القيم الروحية في تراثنا العربي الإسلامي، وقد برز منهجه في البحث والتوجيه في المقالات التي كان يكتبها في مجلة المجلس الإسلامي الأعلى الذي ترأسه أعواما عدة، ومن خلال نضاله الطويل في مجال الكشافة الإسلامية، و أن رحيله اليوم ليعد خسارة في حقل المعرفة والثقافة في بلادنا».
وأضاف الرئيس في برقيته يقول «وإذ أعرب لكم جميعا ولزملائه وطلبته ومحبيه عن بالغ العزاء وصادق الدعاء أتضرع إلى المولى وسعت رحمته العالمين أن يكرم وفادته إلى جواره، ويبوئه مقاما يرتضيه له في جنات الخلد والنعيم، وينزل في قلوب أسرته وذويه الأكارم الصبر الجميل». و اختتم الرئيس برقية التعزية «وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون».                 

ق و/ وأج

رئيس مجلس الأمة
 الجزائر فقدت واحدا من أعمدة الفكر المستنير و الثقافة الوطنية
أكد رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، أن الجزائر فقدت في شخص الشيخ بوعمران، رئيس المجلس الاسلامي الأعلى، الذي وافته المنية أول أمس، «واحدا من أعمدة الفكر المستنير والثقافة الوطنية».
وقال رئيس مجلس الامة في برقية تعزية وجهها إلى عائلة المرحوم أن الجزائر فقدت «واحدا من أعمدة الفكر المستنير والثقافة الوطنية، فضلا عن كونه مجاهدا من الرواد الذين أثروا سجلهم الوطني بعطاءات متواترة استمرت على مدى عقود من الزمن الى أن التحق بالرفيق الأعلى».
وأضاف أن الفقيد كان «مثالا في الفكر الوسطي المعتدل بما قدم من موقع المهام والمسؤوليات السامية التي تقلدها وعلى مستوى الاسهامات الثقافية والفكرية»، مشيرا إلى أنه كان «المؤلف الكاتب الحصيف والمحاضر الحري بمنبر العلماء ورفعة مقامهم في الداخل والخارج».
 وخلص السيد بن صالح إلى القول أن الشيخ بوعمران كان «عالما مفكرا من كبار رجالات الامة» وأنه من «القامات الوطنية المتميزة, إذ سيظل بما أنجز طيلة مساره الثري حاضرا يذكره رصيده الوطني والعلمي».           
ق ث/ وأج

الرجوع إلى الأعلى