الرواية التي تعيد كتابة التاريخ ليست تأريخا ولا تحريفا هوياتيا
اعتبر الأستاذ الباحث حسن رمعون أن علم التأريخ يساير المسألة الهوياتية في الكتابة الروائية التي غالبا ما تطرح نقدا للتاريخ عبر قصصها، مضيفا أنه يمكن أن نكتشف تاريخ شعب معين من خلال الروايات الوطنية أو حتى الرومانسية، فالرواية هي قاعدة لإظهار الوقائع التاريخية بطريقتها التجميلية الممزوجة بنكهة الخيال الأدبي. معربا في الوقت نفسه عن أسفه  لنقص المقروئية في بلادنا، مما لا يعطي لهذا النوع من الروايات مكانتها في إعادة الكتابة الهوياتية للتاريخ والذاكرة. وأوضح الدكتور حسن رمعون أول أمس خلال ندوة خاصة بـ «الكتابات الهوياتية للتاريخ والذاكرة  بين المقاومة وإعادة الكتابة» التي احتضنها مقر مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية بوهران، أن كتاب الرواية يبحثون عن إعادة بناء الماضي والبحث عن هوية الشخصية التي يرسمها من خلال الأحداث التاريخية و الذاكرة، فهؤلاء الكتاب لا ينظرون إلى الماضي لاحتياجات نرجسية روائية، بل لفهم كيفية التدخل من أجل بناء المستقبل، وهنا لا يكتفي الكاتب بسرد قصصي عادي، لكن هناك عمل معمق يغوص في الأرشيف و يدرسه ليستشف منه الجوانب التاريخية التي يبني عليها قصته التي تسبح أيضا في خيال يفتح لها مساحة  حرية لترسم رواية تعيد من خلالها كتابة التاريخ والذاكرة بطريقة نقدية مختلفة عما يقوم به المؤرخون. وأضاف الأستاذ رمعون أن إعادة كتابة التاريخ عن طريق الرواية، يعيد الحياة للتاريخ و يكرم الأبطال الذين صنعوه، سواء في الجزائر أو في أي دولة أخرى، و يسمح للقارئ باكتشاف التاريخ بطريقة روائية بعيدة عما تحمله كتب التاريخ المثقلة بالأحداث، معتبرا التاريخ الوطني رواية تحمل التاريخ بين طياتها.
من جهته أكد الدكتور بن عودة  لبداي من جامعة «مانس» بفرنسا، أن التأليف الروائي الهوياتي التاريخي، من شأنه كشف حقائق تتواصل عبر الزمن، مثلما يجري حاليا في الإنتخابات الرئاسية الفرنسية التي يعتمد أغلب مترشحيها في خطاباتهم على ذكر الجزائر، سواء تاريخها الإستعماري أو ما بعد الإستقلال، مما يعني أن القصة التاريخية تظل متواصلة وممتدة عبر الزمن، ويمكن تناولها روائيا من كل الزوايا وليس حصر الرؤية في فترة زمنية معينة، مشيرا إلى أن اختيار كاتب الرواية لزاوية معينة من التاريخ، هو اختيار شخصي ولا أحد يفرض عليه ذلك مما يحرر المؤلف من عدة قيود. وأعطى الدكتور لبداي مثالا عن الأدباء الأفارقة الذين لا يتخلون عن تناول مسألة «العبودية» التي تعرضت لها عدة شعوب في القارة، وهذا اختيار نابع من المخلفات الإنسانية الواقعية التي لا تزال شاهدة على تلك الحقبة، علما بأن المتحدث مختص في الكتابات الإفريقية و آخر كتاب ألف عن كيفية تناول الأديب لواقع زيمبابوي خلال فترة الإستعمار البريطاني.      هوارية.ب

الرجوع إلى الأعلى