المحرر الاستقصائي بحاجة إلى ترسانة قانونية
شدد  أمس دكاترة و باحثون في الإعلام في ملتقى دولي حول الصحافة الاستقصائية،  بجامعة صالح بوبنيدر بقسنطينة، على ضرورة البحث و بشكل جدي في تأسيس قانوني لصحافة استقصائية في الجزائر، مؤكدين بأن المحرر الاستقصائي بحاجة ماسة إلى حماية قانونية تساعده للوصول إلى المعلومة و الكشف عن وثائق حساسة و التحقق من مصداقيتها،  دون التعرض لمساءلات قانونية .
الملتقى الدولي الذي احتضنته كلية علوم الإعلام و الاتصال و السمعي البصري  تحت عنوان « الصحافة الاستقصائية في الوطن العربي : الواقع و التحديات»، تطرق خلاله الأساتذة المتدخلون إلى واقع الصحافة الاستقصائية و نشأتها و خصوصياتها، حيث تحدث الدكتور نبيل دريس في مداخلته التي حملت عنوان « الصحافة الاستقصائية بين الممارسة و الحماية التشريعية»، عن البداية الفعلية لممارسة الصحافة الاستقصائية في الجزائر ، و قال بأنها بدأت بشكل ملحوظ بعد الثورات العربية أي سنة 2011 ، لكنها تبقى ضعيفة مقارنة بالدول الأخرى.
و أشار الأستاذ المتدخل إلى أن المحرر الاستقصائي يحتاج إلى حماية قانونية و إلى ضمانات الممارسة الصحفية ، لكونه يواجه مشاكل قد تؤثر على شخصه و حياته المهنية و العائلية، فهو إما أن يمارس هذه المهمة أو يتعرض للتهديد، خاصة في ظل مجتمع يصعب فيه الحصول على المعلومة، و حث على ضرورة إيجاد ترسانة قانونية لحماية الصحفي، و مساعدته للوصول إلى المعلومة و مصادر القرار ، و كذا وضع ضمانات قانونية،  حيث لا يتعرض إلى متابعات قانونية.
في المقابل تطرقت الدكتورة شريفة ماشطي في مداخلتها المعنونة بـ» أخلاقيات مهنة الصحافة و العمل الإعلامي الاستقصائي في الجزائر» ، إلى خاصية  الموضوعية في العمل الاستقصائي ، و قالت بأنها مرتبطة بمصداقية المعلومة و مدى استقلالية الصحفي، لكون الصحفي المستقل يستطيع، حسبها، أن يكون موضوعيا ،عكس غير المستقل الذي لا  يمكن أن يكون كذلك، و قالت في ذات السياق، أن الصحافة الاستقصائية حاليا  تراجعت لأن كل الصحفيين المتخرجين حديثا وضعيتهم المهنية و المادية متدهورة نوعا ما ، ما جعل صحافة الخواص تعاني الكثير من الممارسات غير الأخلاقية .
و دعت ذات المتدخلة  الصحفيين إلى الالتفاف و تشكيل جمعيات و هيئات لتضع اتفاق و تشريع ذاتي متمثل في الأخلاق، بإمكانه دفع الصحافة الاستقصائية إلى الأمام ، مشيرة إلى أنه  يجب ألا  نحكم على القانون المنظم للمهنة الحالي، ما لم يكن هناك تطور مواز بين القوانين و الممارسة الإعلامية، و قد تطرقت الأستاذة في مداخلتها إلى تاريخ الصحافة الاستقصائية في الجزائر، مشيرة إلى أنها كانت مزدهرة في التوجه الاشتراكي، أكثر منه في الجانب الليبيرالي ، موضحة بأنه و قبل صدور قانون 1990 ازدهر العمل الاستقصائي للصحفيين و فتحت عدة ملفات لمنتخبي المجالس البلدية و قضايا الفساد، و عرفت وقتها الصحافة الاستقصائية نقلة نوعية، لكن في ذلك الوقت حدثت انزلاقات ، حيث أصبح الصحفي طرف في القضية التي بها نزاع، و هذا تنفيه القوانين و الأخلاق.
فيما تحدث الأستاذ و عميد كلية الإعلام فضيل دليو في مداخلة بعنوان» أخلاقيات الإعلام و الصحافة الاستقصائية»،  عن أخلاقيات الصحافة الاستقصائية التي تستدعي التأكد من المعلومات الموجودة في الوثائق، و كذا الالتزام بالموضوعية و الحياد في تحرير الموضوع، و الالتزام بالبنية الدرامية للقصة لضمان تأثيرها، و دعا الإعلاميين إلى عدم نشر المعلومة قبل استكمال عناصرها ، مهما كلف ذلك من وقت، و تجنب ارتكاب أخطاء قد تعرضهم إلى عقوبات.
و أكد من جهته ممثل سفارة دولة فلسطين الأستاذ منصور المغربي ، على هامش الملتقى، بأن الجزائر لها موقف صارم من القضية الفلسطينية، و بأن الصحافة الجزائرية آمنة و لها مواقف ثابتة ، و بخصوص الصحافة الاستقصائية في الوطن العربي، قال بأنها تختلف من وسيلة إلى أخرى في نقل الأحداث، فبعض القنوات تحرص على إظهار شقاق وسط الشعب الفلسطيني ، و نسوا بأن الشعب الفلسطيني واحد يناضل للانتصار على العدو الصهيوني، حسبه.
أسماء بوقرن

الرجوع إلى الأعلى