رحلة قبطان مستبد نحو المجهول
أدّى أول أمس الجمعة، الممثلان جمال مزواري وحسان بولخروف مسرحية “بيرات خراييب” على ركح مسرح الحاج محمد الطاهر فرقاني بقسنطينة، حيث قدّما للجمهور قصّة قبطان فاشل ومستبد يقود سفينة مشلولة في عرض البحر إلى وجهة مجهولة، لتنتهي المسرحية بانقلاب أقرب معاونيه عليه.
واتّسم العرض، الذي اقتبسه الفنان كريم بودشيش عن مسرحية رحلة الألف ميل للأردني بدر الحمداني، بالسّخرية السوداء من الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، حيث تتمثل أغلب الأحداث في حوار بين القبطان الذي أدى دوره الفنان حسان بولخروف ومساعده المُقرّب المدعو عيوْزة –وهي كلمة من اللّهجة الدارجة الجزائرية تعني الأعور- وأدى دوره الفنان جمال مزواري. وتتميز شخصية القبطان بالاستبداد والجهل، ففي أكثـر من محطة في السفينة يحاول المساعد تملقه بتشبيهه بشخصيات تاريخية من الأدب والسياسة، لكن القبطان يطلب منه أن يقترب ليسأله عما إذا كانت هذه الشخصيات تقطن بنفس البلدة التي ينتميان إليها، فيكتفي المساعد، الذي لا تنقصه الحيلة، بإقناعه بأن هذه الشخصيات تعرف القبطان وتسمع عن أخباره، فيغتبطُ الأخير.
وقد كان القبطان يشتري ولاء عيوزة العربيد بمكافأته بزجاجة نبيذ معتقة وفاخرة، ويعده بأنه عند تحقيق رؤيته القيادية للسفينة بالوصول إلى “الهدف المنشود” فإنه سيجازيه بمنحه حانة كاملة، كما يعده بأنهما سيصلان إلى مكان لا يخلو من المُتع والشهوات، وسيجدان فيه نساء كثيرات لقضاء أوقات ممتعة معهن، لكن المساعد يرفض ويرد بأنه يكتفي بالخمر جزاءً عند الوصول على عكس القائد الذي يدخن الحشيش. ويُحرج المساعد قائد السفينة بأسوأ سؤال عندما يطلب معرفة الوجهة التي تتخذها السفينة، ليؤنّبه القبطان ويطلب منه ألا يتساءل عن هذه الأمور، قبل أن يعيد التأكيد على أنه يقود السفينة إلى “الهدف المنشود”، الذي يتحول إلى عنوان لسياسته الفضفاضة على فُلك يمخر البحر نحو اللامكان، لأن القبطان نفسه يسيرُ على غير هدى.
وتتخذ أحداث المسرحية مسارا نحو التعقيد عندما يطالب البحارة بمعرفة وجهتهم، فيقوم القبطان بقمعهم من خلال قطع رأس أحدهم ورميه داخل السفينة، لكن بعد فترة يستاء لأن سفينته تسير ببطء شديد مقارنة بالسفن الأخرى، فيبدأ بإلقاء اللوم على من معه واتهامهم بالتكاسل والخذلان، ثم يهتدي إلى فكرة التخفّيف من الأحمال الزائدة ويبدأ ببرميل النبيذ الخاص بمعاونه، واعدا إياه بمنحه شيئا أفضل عند بلوغ “الهدف المنشود” بالإضافة إلى مشاريع طرقات ومستشفيات جامعات وغيرها يضعانها في كيس ويلقيانها في البحر، لكن القبطان قبل دخول فترة الضيق كان يصرف اهتمام البحارة عنه من خلال إسعادهم بمنحهم المخدرات وتنظيم سهرات غناء الملاهي الليلية، التي يسميها جُزافا بـ”الثقافة”، إلا أنه عاد وسلبهم كل ذلك بحجة اللحاق بغيرهم.
وتنتهي المسرحية بأن يطلب القبطان من البحارة بإلقاء أنفسهم في البحر لكي تتمكن السفينة من التقدم، غير أنهم يترجونه أن يمنحهم قوارب نجاة يربطونها بالسفينة الأم لتجرهم فيقبل في البداية، ثم يقطع بهم الحبال ويتركهم للغرق، لكن مساعد القبطان يستاء كثيرا فينقلب على قائده وينزع منه قبعة القبطان ثم يأخذ مكانه ويحرك السفينة، فلا يبقى للقبطان السابق إلا تجرع الحسرة والندم حاملا في يده زجاجة النبيذ ومردِّدًا بأنه أحسن لمعاونه سابقا.
واختار مصمِّمو العرض ديكورا بسيطا يتمثل في هيكل سفينة شراعية صغيرة وضعت خلال أغلب العرض كخلفية للممثليْن ووُضع على مُقدمتِها علمٌ يحملُ صورة جمجمة وسكين، تشبه صورة رمز القراصنة كما روجت لها السينما، في حين ارتدى مساعد القبطان ملابس قريبة من ملابس جاك سبارو، بطل فيلم قراصنة جزر الكاريبي، كما يحمل على خصره سيفا امتشقه عدة مرات احتفاءً بقائِده ثم ضدّه عند قيامه بالانقلاب. أما القبطان فارتدى سترة جلدية سوداء طويلة وقبعة قراصنة، تداخلت مع سواد الخلفية، لولا الأضواء التي وُظفت كجزء من الديكور.
وتضمّن العرض أيضا مقاطع موسيقية مختلفة، مثل موسيقى “واي واي”، التي قال القبطان إنه اختارها رمزا لسفينته وبحارته، في حين ظل المُساعد يكرر عبارة “سوسو ضعي لهم الموسيقى”، لتنطلق مقاطع موسيقية جزائرية من التراث مثل أغنية “أنا وغزالي” للشيخة الريميتي وأغنية “يحياو ولاد بلادي”، التي اعتمد عليها لرفع همة البحارة. وتجدر الإشارة إلى أن مسرحية “بيرات خراييب” عُرضت لأول مرة السنة الماضية، وأنتجت بالتعاون بين مسرح قسنطينة والتعاونية الثقافية “الماسيل”.
سامي .ح
في عرض “بيرات خراييب” بركح مسرح قسنطينة
- التفاصيل
-
أكاديميون وباحثون خلال ملتقى وطني بقسنطينة: الخطاب التعليمي لجمعية العلماء المسلمين كان تجديديا
ناقش أمس، دكاترة وباحثون قضية الخطاب التعليمي عند جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في ضوء اللسانيات المعاصرة، وذلك خلال ملتقى...
المخــرج محمد فوزي ديلمي للنصر: «كن أنت» أول كوميديا موسيقية جزائرية تعرض على تطبيق إلكتروني
كشف المخرج محمد فوزي ديلمي، عن مشروع فني جديد سيجمع وجوها من قسنطينة، ويتعلق الأمر بكوميديا موسيقية من أربعة مواسم بعنوان « كن...
عودة إلى رؤية العلامة للقضية الفلسطينية: 22 دار نشر وطنية في صالون بن باديس للكتاب بقسنطينة
انطلقت أمس، بدار الثقافة مالك حداد بقسنطينة، فعاليات الطبعة الأولى من صالون الكتاب الوطني العلامة عبد الحميد بن باديس تحت شعار «إننا للعلا إننا...
مجموعة من 1400 كتاب: جامعة ميلة تستلم المكتبة الشخصية للبروفيسور «مرمول محمد الصالح»
تسلّمت يوم أمس، المكتبة المركزية للمركز الجامعي عبد الحفيظ بوالصوف بميلة، ما مجموعه 1400 كتاب من المكتبة الشخصية للبروفيسور...
الممثل والحكواتي والمسرحي فؤاد لبوخ للنصر: الحكاية أفضل طريقة تربوية للطفل دون تلقين مباشر
يحرص الحكواتي ومخرج مسرحيات الأطفال على ركح باتنة الجهوي فؤاد لبوخ، على انتقاء النصوص التربوية التعليمية للأطفال، ويستلهم أعماله من قصص...
عرض الفيلم وسط حضور كبير في ذكرى استشهاد البطل
- العربي بن مهيدي -.. قصة مناضل قهر فرنسا بابتسامةاحتضنت دار الأوبرا «بوعلام بسايح» بالجزائر العاصمة، سهرة أول أمس الاثنين العرض الشرفي للفيلم الروائي الطويل «العربي بن مهيدي» للمخرج بشير درايس، والذي...
الطبعة 13 للمهرجان الثقافي للشعر النسوي بقسنطينة: بحـــور للعــــزة و قــــواف لفلسطيـن الصامـــدة
انطلقت مساء أمس، بدار الثقافة مالك حداد بقسنطينة، فعاليات الطبعة الثالثة عشرة للمهرجان الثقافي الوطني للشعر النسوي، تحت شعار «...
ختام أيام برج بوعريريج المسرحية
- سيفار - رسالة الشعوب المستضعفة للتحرر من القيود اختتمت ليلة أمس الأول، فعاليات التظاهرة الثقافية أيام برج بوعريريج للعروض المسرحية المتوجة، بدار الثقافة محمد بوضياف بتقديم عرض «سيفار»، وتكريم عائلة فقيد...
مقهى ثقافي جديد يصنع الحدث بعنابة
- الجبـل السحري - خلـوة ثقافية بأعالـي سيرايـدي افتتحت مؤخرا، سيدة من عنابة مشروعا ثقافيا بنكهة سياحية بمنطقة سيرايدي، وهو عبارة عن مقهى ثقافي أسمته السيدة كريمة شيبان «لامونتان ماجيك» أو الجبل السحري، مستوحية...
فعاليات المسابقة الوطنية الجامعية بميلة: «ثلاثة أيام في غزة» يتوّج بجائزة أفلام الموبايل
اختتمت يوم أمس، فعاليات المسابقة الوطنية الجامعية لأفلام الموبايل، بدار الثقافة مبارك الميلي بميلة، بتتويج فيلم «ثلاثة أيام في...
<< < 1 2 3 4 5 > >> (5)