عمــارات وســط مدينــة قسنطينـــة في ثـــوب البنايــات الهشـة

تحولت البنايات الكولونيالية بوسط مدينة قسنطينة، إلى مجرد واجهات جميلة كاذبة لمدينة عريقة، يكاد ما تبقى من تاريخها المعماري أن يندثر، حيث تدهورت غالبية العمارات بشكل كبير، نتيجة عدم إخضاعها لعمليات ترميم عميقة و جادة، لتكون النتيجة المئات من المباني المهددة بالانهيار.
روبورتــــاج/ لقمان قوادري
وأصبحت بنايات وسط  مدينة عاصمة الشرق الجزائري،  عبارة عن أحياء تشبه     تلك الهشة ، رغم محاولات عديدة من طرف السلطات في أكثر من مناسبة لإعادة الاعتبار لها ، حيث سجلت في عام 2014 عملية ضخمة في إطار تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، بأكثر من 300 مليار سنتيم لترميمها، لكنها اقتصرت على الشكل الخارجي فقط ، والذي سرعان ما بدأت تظهر به عيوب تقنية كثيرة ، بحسب ما أكده لنا سكان غالبية العمارات التي شملها المشروع.
و قبل انطلاق تظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية، قدم مسؤولو الولاية نظرة جميلة لمشروع، يعيد الاعتبار لمباني المدينة ويحيمها من التدهور، لكن كل تلك الوعود ذهبت في مهب الريح ، وظلت العديد من البنايات بأحياء وسط المدينة ورشة مفتوحة على كل الاحتمالات ، قبل أن يطوى الملف نهائيا مع انطلاق التظاهرة وإزالة أعمدة الصقالة من الكثير من المواقع دون تجسيد تلك المشاريع.
تدهور كبير في الأجزاء المشتركة و تصدعات  خارجية

وفي جولة استطلاعية قادت النصر، إلى مختلف أحياء المدينة على غرار محمد بلوزداد مسعود بوجريو والكدية، فضلا عن  شارع 19 جوان والعربي ين مهيدي وطاطش بلقاسم، وقفنا على تدهور كبير في الأجزاء المشتركة، حيث طالتها  تصدعات كثيرة في مشاهد لا تختلف كثيرا عما نراه في الأحياء  الهشة أو القصديرية.
بشارع مسعود بوجريو الذي  انهارت به بناية قبل أشهر ورحلت منها 12 عائلة إلى علي منجلي ، وقفنا على وضعية كارثية ، حيث أصبحت غالبية البنايات  تشكل خطرا على سكانها ، الذين قالوا بأنهم ألفوا الخطر و ألفهم ، إذ أن البنايات الثلاث التي تقع بالقرب من وكالة كناب تعرف تدهورا كبيرا، فقد تآكلت السلالم وجدران الشقق ، كما قال السكان إن مياه الأمطار تغمر المنازل رغم محاولات الترميم العديدة التي قاموا بها ، كما ظهرت للعيان تشققات كبيرة في الواجهات الخارجية.
 ويبرز من تحدثنا إليهم من سكان وسط المدينة، أن هذه البنايات التي أنجزت سنة 1936 لم تخضع لأي عملية ترميم واحدة سواء من طرف السلطات أو الملاك، حيث يظهر الأمر جليا  بمجرد الولوج  إلى أي عمارة، إذ أن السلالم المصنوعة  بالخشب قد تدهورت ويصعب الصعود عبرها، فقد وجدنا غالبيتها محطم وبه ثقوب، كما أنها لا تتسع إلا لشخص واحد ويصعب وضع أشياء ثقيلة فوقها، فيما أكد لنا أحد الشباب أن العام الماضي قد عرف حادثة سقوط ساكن بعد أن تحطم جزء من السلم، لكن لحسن الحظ لم يتم تسجيل أي إصابات خطيرة.
نوافذ لم تغير منذ أزيد من ثمانين عاما
وما يلاحظ أن  الأبواب الخارجية لجل العمارات ما تزال على حالها وتآكل جزء كبير منها، كما  أن النوافذ لم تتغير منذ عقود، مثلما أكده لنا غالبية المواطنين، كما تتميز مداخل غالبية هذه البنايات بظلام دامس  ناهيك عن الأوساخ التي وجدناها في المداخل، فضلا عن انعدام التهوية وانبعاث الروائح الكريهة في بعض الحالات، وكأنها بنايات مهجورة لكنها آهلة بعدد معتبر من السكان.
وقفنا بشراع بلوزداد الذي يعد القلب النابض لوسط المدينة ومقصد كل من يزورها ،  على وجود العديد من  المباني المتصدعة، حيث ذكر أحد السكان بالعمارة 25 ، أنهم ورغم إخضاع منزلهم إلى عملية ترميم قبل 10 سنوات، من خلال إعادة وضع القرميد والأرضيات التي جسدت فوق ألواح خشبية جديدة ، إلى أن التشققات الداخلية ظهرت من جديد  كما أن القرميد أصبح غير قادر على  تحمل الاضطرابات الجوية، حيث يتم تسجيل تسربات كثيرة أثرت بشكل كبير على الأسقف ، مشيرا إلى أن حالة السلالم جيدة جدا بعد أن تم هدمها كليا وإنجاز أخرى.
عدم وجود يد عاملة مؤهلة يعرقل عمليات الترميم

وذكر لنا سكان آخرون، أن هذه المباني شيدت في الثلاثينيات من القرن الماضي، بلبنات من الحجارة الصلبة جدا وكذا الطين،  لكن الجدران الخارجية بدأت تتآكل تدريجيا بفعل العوامل الطبيعة ومرور الزمن، مشيرين إلى أنهم وفي حال قيامهم بأشغال داخل منازلهم فإن أجزاء العمارة كاملة قد تتعرض للانهيار وهو الأمر الذي جعلهم لا يقومون بأي ترميمات عميقة، بحسب تعبيرهم، إذ يتطلب الأمر  يد عاملة متخصصة، فيما أكد لنا صاحب محل تجاري أنه اكتشف كميات ضخمة من المياه تحت العمارة نتيجة التسربات المائية المتراكمة، وهو ما اضطره إلى ضخها طيلة شهر كامل، مؤكدا بأنه وفي حال لم يكتشف الأمر، فإن العمارة كليا كانت مهددة بالانهيار.
وبالعمارات المحاذية للمقهى المعروف باسم “طبوش”، فقد وجدنا العمارات في وضعية  يرثى لها   ، فقد انهارت أجزاء كثيرة من السلالم، وتحولت مداخل العمارات إلى ما يشبه المفارغ العمومية، حيث وقفنا على وجود كميات كبيرة من الردوم والأوساخ بها ، وقال سكان من تلك العمارات إن غالبية أجزائها مهددة بالانهيار، كما ذكر أحد المستأجرين الذي يزاول مهنة حرة، أن الشقة التي يعمل بها يكاد أن يسقط سقفها، كما ظهرت تشققات كبيرة بغالبية الجدران، و أشار أحد الملاك، إلى أنهم كانوا يعولون على ترميمات قسنطينة عاصمة الثقافة العربية لكنها كانت مخيبة للآمال ، حيث اقتصرت العملية على طلاء الواجهات فقط.
ولم يختلف الوضع ، في جل البنايات ، التي زرناها بكل من شارع 19 جوان  وطريق جديدة ، حيث وقفنا بالعديد من العمارات على تحطم شبه كلي للسلالم ولا يمكن سوى لشخص واحد أن يعبر بتلك العمارة الآهلة بالسكان، وهو وضع قال قاطنو تلك المنطقة أنه يعود إلى أزيد من 20 سنة ، فيما وجدنا عمارة بشارع طاطش تتكون من تسعة طوابق في وضعية هشة جدا ، وكأنها مهجورة منذ عقود ، حيث بدا ظاهرها جميلا لكنها من الداخل كانت تتآكل رغم محاولات بعض السكان بإعادة الاعتبار لها ، وهو ما وقفنا عليه إذ وجدنا العديد من الملاك يقومون بعمليات ترميم على تلك الجدران الهشة.
باب القنطرة الحي المنسي
أما حي باب القنطرة، فقد بدت غالبية البنايات بها في وضعية سيئة للغاية، باعتبار أنها تعد الأقدم بالمدينة بحسب ما أكده لنا السكان، حيث أشار أحد الملاك إلى أن الحي بعيد عن الأنظار ووسط المدينة، وهو ما تسبب في عدم استفادته من عملية تهيئة أو طلاء وظل على حاله القديم، منذ أزيد من قرن من الزمن، مؤكدا بأن العديد من العمارات غير صالح للسكن ، في الوقت الذي لا يتمكن فيه عدد معتبر من المواطنين من الترميم لانعدام الإمكانيات.
مشاريع عاصمة الثقافة العربية تخيب الآمال
وذكر لنا العديد من سكان البنايات ، بأنهم علقوا آمالا كبيرة على مشاريع عاصمة الثقافة العربية ، لكنهم اصطدموا بسطحية العملية وسوء الإنجاز ، حيث أكدوا بأن طبيعة المواد المستخدمة كانت رديئة جدا ، كما أن الأشغال  سرعان ما ظهرت بها العديد من العيوب نتيجة عدم تخصص العمال والتسرع في الإنجاز ، خاصة ما تعلق  بكيفية الطلاء وترميم الأسقف و الكتامة .
وأكد من تحدثنا إليهم ، أنهم قاموا بتوقيف المؤسسات العاملة بالمشروع بعد أن تبين لهم عدم امتلاكهم لأي خبرة في مجال الترميم ، حيث تم الاستعانة بشباب غير مهني لإتمام المشاريع التي وصفوها بالمزيفة، كما قال آخر إن إحدى المؤسسات تسببت له في تحطيم القرميد ، فضلا عن تصدعات بالجدار الخارجي ليقوم بعدها برحلات مارطونية إلى مديرية السكن من أجل إعادة الوضع إلى حاله الطبيعي ، لكن جل محاولاته باءت بالفشل.
مسؤول بمديرية السكن يؤكد
مشاريع الترميم لم تستكمل بسبب البداية الخاطئة

قال  مسؤول  أشرف على الترميمات مديرية السكن، إن قسنطينة استفادت  عام 2015 في إطار عاصمة الثقافة العربية من برنامج مهم لإعادة الاعتبار للحظيرة السكنية ، لكن العملية ، كما أكد، عرفت بداية خاطئة ، لتكون النتيجة عدم استكمال المشروع وإعادة أموال معتبرة إلى الخزينة العمومية.
وذكر مصدرنا، أنه وتحضيرا لفعاليات عاصمة الثقافة العربية، استفادت قسنطينة من عمليات ضخمة لإعادة الاعتبار للحظيرة السكنية، حيث تم تخصيص 3 ملايير دينار لترميم 434 عمارة بشوارع العربي بن مهيدي و طاطاش و زيغود يوسف و عبان رمضان و  الكدية وكذا عمارات السيلوك ، كما تم مثلما أكد رصد غلاف مالي يقدر بـ 410 مليون دينار من الدخل الضريبي للسكن ، لترميم 63 عمارة بجانب طريق ترامواي ، من بينها عدد معتبر من العمارات القديمة.
 وأوضح محدثنا، أن هذه العمليات، شابتها  الكثير من التجاذبات حول الجهة المشرفة على المشروع، ومدى استعدادها لإنجاز هذه المشاريع الكبرى ، قبل إسناد المشاريع إلى مؤسسة أجنبية ، لكنها لم تحترم دفاتر الشروط ، وقامت بمنح  المشاريع إلى مؤسسات محلية  تفتقر إلى الخبرة و الامكانيات ، بعد أن تحصلت على صفقات بالملايير ، دون أن تقوم بأي شيء سوى أنها وزعت المشاريع على مؤسسات محلية تبين أنه لا علاقة لها بعملية الترميم.
وأضاف ذات المصدر، أن غالبية المشاريع أنجزت بشكل عشوائي، حيث اقتصر الأمر على عمليات طلاء وتغيير للأبواب والنوافذ في بعض المواقع دون غيرها، وذلك بسبب اقتراب موعد التظاهرة والتأخر الكبير  في تجسيد المشروع ، كما أشار إلى أن دفاتر الشروط، لم يتم إعدادها بشكل دقيق، وهو ما فتح المجال للأخطاء والفراغات القانونية، مؤكدا أن غلافا ماليا معتبرا قد تم استهلاكه  فيما تم تحويل ما تبقى إلى الخزينة العمومية.
  المصالح التقنية لبلدية قسنطينة
الأجزاء المشتركة للبنايات الكولنيالية في وضعية هشة جدا

أكد مسؤول بمصلحة العمران بالمجلس الشعبي البلدي بقسنطينة ، أن مصالح البلدية ، تتكفل فقط بتسجيل المخالفات العمرانية ، وكذا إحصاء البنايات المهددة بالانهيار، التي تشكل خطرا على السكان، مشيرا إلى أن الأجزاء المشتركة في وضعية هشة جدا.
وأوضح ذات المصدر، أن غالبية البنايات الكولونيالية بوسط المدينة، في وضعية أقل من المتوسط ، من حيث البنية الكلية، لكن الأجزاء المشتركة في وضعية  هشة جدا ، وذلك بسبب عدم إخضاعها لأية عملية صيانة، مشيرا إلى أنها أملاك خاصة وعملية ترميمها والاعتناء بها تقع على عاتق الملاك ، معتبرا أن تسجيل عمليات ترميم شاملة يتطلب قرارات مركزية ومن أعلى مستوى، بحسب تأكيده.  
 المهندسة والخبيرة العمرانية الدكتورة  سامية بن عباس
لابد من إنشاء مرصد للإسكان وعمليات الترميم تمت بعشوائية  
أكدت البرفسيور  سامية بن عباس، أن غالبية مشاريع ترميم البنايات الكولونيالية بقسنطينة، قد تمت بطريقة عشوائية وسطحية جدا، مشيرة إلى أن الأحياء القديمة في تآكل مستمر، كما اقترحت إنشاء مرصد رقمي للإسكان، يتولى متابعة نوعية المواد التي تستخدم  في إنجاز البنايات ، فضلا عن وضعيتها وكيفيات حمايتها.
وقالت السيد بن عباس ، إن المستعمر الفرنسي، قد تغلغل في المدن العتيقة في الجزائر ، و قام  ببناء بنايات بمواصفات جديدة أدخل  فيها عنصر السيارة بحسب الهندسة المعمارية الكولونيالية السائدة آنذاك ، لتتحول بعد الاستقلال إلى غنائم حرب، وهو ما أحدث جدلا في بداية الاستقلال حول أهمية هذه البنايات وكيفية الاهتمام بها والحفاظ عليها، قبل أن يتم اعتبارها بنايات جزائرية أنشئت من طرف المستعمر الفرنسي، لاسيما وأن هندستها المعمارية تعتبر مزيجا بين الطابعين الكولونيالي والمحلي أيضا.
وأكدت المتحدثة ، أن هذه البنايات ، تصنف ضمن التراث الوطني القديم، باعتبار أن المدينة القديمة مصنفة، مشيرة إلى أن الوالي الأسبق حميميد ، قام بعمل تنسيقي مع كلية الهندسة المعمارية بقسنطينة، من أجل ترميم التراث القديم   ، حيث انطلقت العملية بطلاء الواجهات الرئيسية ، بعد أن «وجدوا» آنذاك أن العدو الأكبر لأي بناية هو تسرب مياه الأمطار وكذا المياه الخارجية، ليتم بعدها مباشرة بعض أشغال تصريف قنوات المياه ، التي تمت بطريقة غير صحيحة، فضلا عن بعض مداخل العمارات ، بعد أن وجد عدد كبير منها في وضعية هشة جداّ، وذلك كما أكدت على مستوى شوراع رئيسية كطاطاش بلقاسم و العربي ين مهيدي وغيرها من الأحياء التي تقع في مواقع بوسط المدينة، معتبرة أن طبيعة الأشغال كانت شكلية  وسطحية  جدا.
وتابعت الدكتورة بلعباس، التي كانت تشغل أيضا منصب رئيسة لجنة التعمير بالمجلس الشعبي الولائي ، أنه وخلال عاصمة الثقافة العربية، تم تسجيل عملية مهمة لترميم العمارات، لكن في الحقيقة لم يتم إنجاز أي شيء، فقد تم إيكال العملية إلى أشخاص لم يمتلكوا يوما مؤسسة، حيث تم إنشاء مؤسسات ظرفية فقط ، كما قامت بعض المؤسسات بفرض أسعار خيالية تقدر بـأربعة ملايين لترميم المتر المربع الواحد ، في حين أن ثمنها الحقيقي لا يتجاوز 3 آلاف دينار ، بعد أن استعملت مواد رديئة جدا ولا تناسب العملية، فيما لم تقم بعض المؤسسات سوى بجلب أعمدة الصقالة ، وانتهى الأمر كما أكدت، دون إنجاز أي شيء ، مشيرة إلى أن تلك المشاريع  تحولت إلى  فرصة لسرقة المال العام.
وقالت المتحدثة ، إن البنايات الكولنيالية حاليا في وضعية متوسطة والبعض منها في وضعيات بناء تقدر بأقل من 40 بالمئة، لكن بحسب الخبيرة ، فإن البنايات التي تم تشييدها في الستينيات هي أيضا الآن في وضعية تآكل وتدهور مستمرين، مشيرة إلى أن قطاع السكن هو أضعف قطاع في الجزائر، وهو ما تسبب في هذه الوضعية  حيث أنه لا توجد أي صيغة قانونية للتكفل بالبناءات القديمة ، ولابد من هيئة تتولى تسيير هذه الحظيرة السكنية المهمة.
لا يوجد قانون ينظم تسيير الأجزاء المشتركة في الجزائر

وبالنسبة لتسيير الأجزاء المشتركة، ومسؤولية الملاك في عملية ترميمها، أوضحت المتحدثة، أنه لا توجد قوانين ولا أطر تنظيمية، تنص على كيفية تسيير هذه المساحات المشتركة سواء الداخلية أو الخارجية منها ، بعد أن قامت الدولة ببيع والتنازل عن كل أملاكها ، دون أن تحدد كيفية تنظيم العملية، ففي فرنسا على سبيل المثال «نجد» أن كل عمارة يعين لها مقاول خاص، يتولى دور الوسيط بين الدولة والخواص الملاك للعمارة.
وأضافت المتحدثة، أنها ترأست في عهد الرئيس الأسبق اليمين زروال، ملف الاستراتيجية الوطنية للسكن، حيث تم إنجاز دراسة على مختلف أنماط السكن ومجال التدخل وطرق تسييرها، لكن للأسف مثلما أكدت، فإن هذه الدراسة ظلت حبيسة الأدراج كغيرها من الدراسات الأخرى.
وأوضحت بن عباس، أن القائمين على ملف السكن بالجزائر، غير قادرين حاليا على التسيير، حيث أن وضعية عمل الإطارات، بالعديد من المؤسسات مزرية جدا والبعض منها، لا يتوفر حتى على مكاتب لائقة أو أماكن لوضع ودراسة الملفات وهو ما ينعكس على الأداء بشكل عام، كما ينعدم مثلما قالت التأطير ولا يتم إعداد دفاتر شروط قوية إلى درجة أنها أصبحت تعد بحسب رغبة المقاولة.

وأكدت المتحدثة، على ضرورة البداية بتكوين مؤسسات ويد عاملة مؤهلة، حيث أن منظومة تكوين اليد العاملة غير مؤهلة، إذ تم تسجيل العديد من المشاريع التي لم تنطلق ، بسبب عدم توفر المهنيين والعمال المؤهلين في حرف البناء والبناية، كما أشارت إلى أن كل ما هو قديم يتطلب حرفيين متخصصين «ونحن « لا نمتلك أي نوع من التكوين في هذا الإطار.
وأضافت المتحدثة، أنها أنجزت دراسة، في كيفية التعامل مع البنايات القديمة حيث صنفتها  إلى نوعين، الأول يتعلق بالبنايات المصنفة ذات الطابع التراثي والتي تشرف على تسييرها وزارة الثقافة، وهو ما انعكس سلبا عليها لعدم وجود أي عناية بها، أما البنايات القديمة، التي لا تمتلك معاني تراثية فهي تتطلب أيضا تدخلات تقنية خاصة، ولابد أن تدرس هذه التقنيات، لكن للأسف بحسب المتحدثة لا توجد أي كفاءات في الجزائر، للاعتناء بهذين الصنفين.

وأكدت المتحدثة، أن حي باب القنطرة يعد المثال الأسوأ في قسنطينة،  حيث تدهورت وضعيته، بشكل كبير سواء البنايات أو المساحات الخارجية، إذ  تحولت العمارات إلى ما يشبه الأكواخ، مقترحة إنشاء مرصد وطني للإسكان، في كل ولاية  يتم فيه إحصاء نوعية وتاريخ والمواد، التي استخدمت في إنشاء البنايات، فضلا عن مستوى وضعيتها وكيفيات حمايتها، وذلك من خلال إنشاء نظام رقمي متطور، يستطيع تحديد وضعية كل البنايات التراثية بدقة.                          ل/ق

الرجوع إلى الأعلى