مرضى القصور الكلوي بقسنطينة يقضون صبيحة العيد بجوار أجهزة الغسيل
بعيدا عن الجو الأسري الحميم و الموائد العامرة، يقضي مرضى القصور الكلوي بقسنطينة عيدهم داخل قاعات الانتظار في مستشفى الدقسي، موصولين إلى أجهزة الغسيل الكلوي، التي تصفي سعادتهم بالمناسبة و تترك في قلوبهم رواسب من الحزن، الذي تزيده ساعات الانتظار الطويلة رفقة ذويهم.

استقبلت مصلحة غسيل الكلى بمستشفى الدقسي، خلال أول أيام العيد 27 مريضا، بمعدل تسع مرضى في كل فوج، من بينهم أطفال حرمهم المرض من فرحة اليوم السعيد، بعدما اضطروا للتواجد في المستشفى ،بدلا من اللهو مع أترابهم.
 قاعة الانتظار ضمت أيضا أمهات و آباء و أجداد، جمعهم المرض تماما كما فرقهم عن عائلاتهم، معاناة هؤلاء المرضى صبيحة العيد لخصتها أم رامي، التي كانت تصطحب ابنها رامي ،صاحب 14سنة من أجل عملية التصفية، بكثير من التأثر وعيون تملؤها  الدموع، لم تستطع التعبير عن حزنها، ليس بسبب مرض ابنها في حد ذاته لأنها ،كما قالت، راضية بقضاء الله، لكنها تعجز كل عيد على تحمل رؤية صغيرها موصولا إلى جهاز التصفية، يعاني الألم، وهو يرتدي بذلة العيد بدلا من التواجد مع أشقائه و أصدقائه، في المنزل أو الحي ،حيث يمكنه اللهو بسعادة.
تضيف محدثتنا :» أكثر ما يحز في نفسي هو أن عملية الغسيل تسبب له الكثير من الألم ، وهو لا يزال صغيرا عليه ، كما أنها عملية مرهقة في حد ذاتها ، كونها تستمر لثلاث حتى أربع ساعات  في كل مرة، حسب قدرة رامي على التحمل، عندما نعود إلى البيت تكون قواه قد خارت، هكذا كل سنة يمر العيد و لا يتذكر ابني منه سوى آلام جهاز الغسيل».
داخل قاعة الانتظار بوحدة الغسيل الكلوي بالمستشفى ، التقينا أيضا بالسيدة صورية 45 سنة ، كانت رفقة ابنتها خديجة ، أوضحت محدثتنا بأنها تتابع عملية الغسيل منذ حوالي 12 سنة ، و في  كل سنة تقصد المستشفى في حدود الساعة الثامنة صباحاً من يوم العيد، و تمكث هناك لمدة أربع ساعات وهي مدة الغسيل التي قد تنقص عن ذلك، حسب احتياجات المرضى وظروفهم الصحية،كماقالت.
أما خديجة فقد استرسلت في حديثها إلينا مضيفة: « أمي تعجز عن تحمل  الجهاز لأزيد من ساعتين، منذ 12 سنة وهي على هذا الحال، لكنها لم تستطع إلى اليوم تقبل وضعها، أول ما تقوم به حين تستفيق صباح العيد هو البكاء، يحزنها كثيرا أن تترك بيتها و أبناءها لتقصد المستشفى و تقضي صبيحته كاملة هنا، والدتها أي جدتي ، وهي من ولاية بسكرة تزورنا كل عيد ،لكنها تغادر دون أن تتسنى لها رؤية ابنتها، فعملية التصفية ترهق والدتي، و بمجرد عودتها إلى المنزل تغط في نوم عميق بسبب الألم».
تواصل « أنا و بقية إخوتي تأقلمنا مع الوضع، كل ما يهمنا هو صحة والدتنا، لكن رؤيتها موصولة إلى جهاز التصفية و حزنها على وضعها، يصعبان علينا الأمر، خصوصا صبيحة العيد، أؤكد بأنها أتعس أيام السنة بالنسبة إلينا، بالرغم من أن والدتي تتابع حصص التصفية بمعدل مرتين في الأسبوع لأزيد من 12 سنة «.
مقارنة بالمريضين السابقين، بدا عمي محمد أقل حزنا، فقد هنأ الجميع بالعيد بمجرد دخوله إلى قاعة الانتظار، و تمنى الخير و الصحة لكل مريض، سألناه عن شعوره، فأوضح بأنه يحمد الله على كل شيء، موضحا بأنه باشر عملية الغسيل قبل  ثلاث سنوات و يحاول التعايش مع وضعه، و يرفض أن يترك المرض يهزمه و يسرق منه سعادته بالعيد، أخبرنا أيضا بأن اليوم الأول يضيع عليه كل سنة بسبب التصفية ،لكنه دائما يحاول التعويض عن ذلك من خلال اغتنام كل دقيقة في اليوم الثاني.
مرضى آخرون، قضوا عيدهم بعيدا عن الأحبة، هم مرضى مصلحة أمراض القلب بمستشفى قسنطينة الجامعي. حوالي 10 مرضى، اضطروا لملازمة أسرة المصلحة  بسبب تدهور حالاتهم الصحية، منهم من أسعفه الحظ بزيارة أهله و أحبته، ومنهم من وجد نفسه وحيدا في انتظار زيارة قريب، و هي حال المرضى من خارج الولاية، مع ذلك ساهم زوار باقي مرضى المصلحة في إضفاء جو من المحبة و التراحم بزيارة باقي الغرف لمعايدة جميع المرضى دون استثناء.
أما بمصلحة طب الأطفال، فقد صنعت زيارة ناشطين بجمعيات خيرية ، الكثير من السعادة ، إذ كسرت المبادرة حزن الأطفال المرضى الذين استمتعوا بعروض بهلوانية ، كما أحبوا الهدايا التي قدمت لهم، فيما أكد ذووهم، بأن التراحم و التكافل الذي تبديه الطواقم الطبية و شبه الطبية في المستشفى ،بالإضافة إلى مبادرة مثل هذه الجمعيات، يمنحهم الدفء و يخفف عنهم ألم قضاء العيد في المستشفى بعيدا عن العائلة.
نور الهدى طابي

الرجوع إلى الأعلى