تهدد السوق الموازية للشتلات نشاط المستثمرين في مجال الأشجار المثمرة، حيث تجذب الفلاحين بسبب انخفاض أسعارها مقارنة بعروض المشاتل المعتمدة وإصرار كثيرين منهم على طرق تقليدية في العمل، رغم خطورة اختلاط الأصناف وعدم ملاءمتها لخصائص التربة والمناخ التي كبدت كثيرين خسائر مادية غير قابلة للتعويض بسبب الوقوع ضحية لخيارات خاطئة في اقتناء الشجيرات أو حوامل الطعم، مثلما يؤكد منتمون للمجال للنصر. في المقابل، تسعى العديد من مؤسسات إنتاج الشتلات المعتمدة، التي تخضع لرقابة المركز الوطني لمراقبة البذور والمعهد الوطني لحماية النباتات إلى توفير البدائل المضمونة، فضلا عن أن عددا منها أصبحت تعتمد على تكنولوجيات متقدمة ووسائل علمية دقيقة من أجل تقديم منتج تنافسي من ناحية الكم والجودة.

  تحقيق: سامي حباطي

وتحدثنا إلى فلاحين ينشطون في مجال الأشجار المثمرة، حيث أوضح لنا صاحب مزرعة أنه يقتني الشتلات التي يحتاج إليها من الأسواق أو من أصحاب مشاتل يعرفهم شخصيا، مشيرا إلى أنه يعتمد على الخبرة فقط في ذلك، لكنه أوضح أن بعض الفلاحين يتكبدون خسائر أو تمنى مشاريعهم بالفشل بسبب اقتنائهم لشتلات غير مناسبة أو ذات إنتاج ضعيف، لقلة خبرتهم.
وذكر لنا المصدر نفسه أنه يلجأ إلى سوق حامة بوزيان الأسبوعي لاقتناء بعض الأنواع من الشتلات أحيانا، سواء في شكل “قلم”، مثلما يسمى بين الفلاحين، يقوم لاحقا بتقليمه مع حامل طعم أو في شكل شجيرات “ملقمة” جاهزة، لكنه أشار إلى أنه لا يستثمر أمواله في مساحات واسعة من الأشجار المثمرة، لذلك لا يتخوف كثيرا من اقتناء شجيرات من السوق الموازية، رغم أنه يحوز خبرة سنوات طويلة في مجال الفلاحة تجنبه الوقوع في الخطأ.
الخبرة والفحص بالعين لـ”ضمان” الجودة بالسوق الموازية

وذكر لنا فلاح آخر أنه كان ينشط في مشتلة على مستوى بلدية حامة بوزيان مختصة في إنتاج الورود ونباتات الزينة، أنه على اطلاع بجميع الخصائص المتعلقة بهذا النوع من النشاط بحكم خبرته في المزرعة العائلية منذ طفولته، كما أشار إلى أنه يستطيع التعرف على نقاوة الأنواع التي يقتنيها بناء على الخصائص الشكلية للنباتات أو البذور، في حالة النباتات الصغيرة التي يقوم بزراعة بذورها للحصول على شتلات صغيرة.
وأضاف المصدر نفسه أن البذور التي يستعملها منتجة من قبل مؤسسات أو مشاتل معتمدة، تقوم بدورها بتعريف نوعها ومختلف خصائصه في أغلفة التوضيب التي تستعملها، لكنه لم ينف اعتماده على البذور التي يقتنيها مباشرة من فلاحين آخرين، معتبرا أن مصادره “مضمونة” لأنه لا يتعامل مع أشخاص لا يعرفهم.
ونبه الفلاحون الذين تحدثنا إليهم بأن كثيرا من شجيرات الفواكه التي يعرضها بائعون في الأسواق الأسبوعية بشكل عشوائي تجلب من ولايات الوسط، خصوصا الحمضيات التي يجلبها البائعون من مشاتل في البليدة وبعض المناطق المحيطة بالعاصمة، في حين ذكروا أن عدد المشاتل الموجودة بولاية قسنطينة ليس كبيرا. وطلبنا من أحد الفلاحين أن يوجهنا إلى ما ينبغي فعله لاختيار شجيرة ذات جودة عالية لفاكهة الخوخ، فأوضح لنا أن بعض المشاتل التي تعرضها تنشط على مستوى حامة بوزيان والخروب، مؤكدا على ضرورة الانتباه لنوعية الشجيرة من خلال شكلها، واختيار شتلة تبدو مكتملة البنية من حيث الأوراق وجذعها، لكنه لم يقدم لنا أي معايير واضحة أو مضبوطة نستطيع من خلالها الاستدلال على النوعية الجيدة من الرديئة، أو النوع المختلط، رغم قوله “إنها طريقته في اقتناء الأشجار”.
وينشط بعض الفلاحين من أصحاب البساتين الصغيرة في بيع شتلات الخضر أيضا، على غرار بعض البائعين الذين يمارسون الفلاحة في بساتين محيطة بمدينة قسنطينة ويترددون على سوق بومزو المغطاة في الصباح الباكر لتسويقها، لكن بكميات قليلة، مثلما أوضحه لنا بائع أكد أنه مارس هذا النشاط في فترة سابقة، مضيفا أنه ليس مربحا كثيرا، فضلا عن أن زبائنه في سوق “بومزو” لم يكونوا من الفلاحين، بقدر ما كان يتردد عليه أشخاص تستهويهم الزراعة في الحدائق المنزلية لبعض الخضر، على غرار الطماطم والفلفل.
فلاحون متمسكون بالطرق التقليدية لاقتناء الشتلات
وعرضت مؤسسات مختصة في إنتاج شتلات الأشجار المثمرة سلعها في الصالون الدولي للفلاحة والمنتجات الغذائية والعتاد الفلاحي الذي نظم مؤخرا في ولاية قسنطينة، حيث لاحظنا وجود أنواع من الحمضيات، على غرار أشجار الليمون من صنف “الليمون القزم” التي تحمل توضيحا لنوع حامل الطعم المسمى Volca، فضلا عن موعد النضج المحدد بعبارة «الفصول الأربعة»، كما عرضت أيضا أشجار برتقال من نوع «طومسون» مع تحديد أنها من الصنف المسمى «Torose» الذي ينضج شهر مارس، فيما يسمى حامل الطعم الخاص بها بـ»Volca» أيضا.
ولاحظنا في جناح مؤسسة أخرى وجود بطاقات تعريفية خاصة بكل منتج من الأشجار المثمرة، على غرار شجيرات اليوسفي من نوع «ماندارين نوفا» المستخلصة من حوامل الطعم من نوعه «فولكاميريانا».
وتقرب من أجنحة هذه المؤسسات العديد من الفلاحين من أجل الاستفسار عن صلاحيتها للأراضي التي يستغلونها لإنتاج الأشجار المثمرة، فضلا عن السعر الذي تعرض به، في حين لاحظنا في الوسم الخاص بعلامة الشتلات لإحدى المؤسسات وجود بطاقة خاصة بالمركز الوطني لمراقبة البذور والشتائل على شجيرات زيتون التي تعرضها في جناحها، وذكر لنا ممثل الشركة التي تعرضها أن وجود هذا الوسم دليل على أن سلامة الشتلة من جميع الأمراض، فضلا عن أنه تأكيد على نقاوة نوعها مثلما يدون في البطاقة التقنية.
والتقينا في المكان بمستثمر في مجال الزيتون، حيث تقرب من الجناح للاطلاع على الشتلات المتوفرة والسؤال عن السعر، في حين أكد لنا أنه لا يقتني شتلات من خارج منطقة نشاطه للمحافظة على النوع الذي يزرع في حيّزه منذ عقود على الأقل، مشيرا إلى أنه يحصل عليها من جيرانه الفلاحين أو يقوم بزراعتها بنفسه.
وتحدثت النصر منذ فترة إلى المدير العام للمعهد التقني لزراعة أشجار الفواكه والكروم، خالد ربيحة، حيث ذكر المسؤول أن المعهد انطلق في إنجاز التوصيف الوراثي لأشجار الزيتون بالتعاون مع مركز البحث في البيوتكنولوجيا بقسنطينة، بينما يتطلع إلى إنجاز دراسات أخرى على التفاح والمشمش والكرز، لتعريف الأصناف الوطنية والأجنبية بصفة دقيقة لفائدة الباحثين من خلال التحليل الجزيئي، فضلا عن أن العملية تستهدف مواجهة السوق الموازية لتجارة الأشجار، التي تباع فيها بعض الأصناف تحت مسمى صنف آخر، مثلما أكد، فضلا عن عدم سلامة بعض الأصناف المتداولة في السوق الموازية من الأمراض أو تكون مردوديتها ضعيفة أو غير مناسبة، خصوصا في ظل التغيرات المناخية.
النشاط العشوائي لتجارة الشتلات ينتقل لمنصات التواصل

من جهة أخرى، يلاحظ أن فضاء منصات التواصل الاجتماعي قد تحول أيضا إلى دعامة لتجارة شتلات الأشجار المثمرة ونباتات الزينة، حيث اطلعنا على منشورات في مجموعات مخصصة للفلاحين والمهتمين بالفلاحة لأشخاص يعرضون أعدادا كبيرة من الشتلات للبيع، على غرار ما لاحظناه في مجموعة تحمل تسمية “بيع وتسويق شتلة الأشجار المثمرة في الجزائر” التي وجدنا فيها العديد من الحسابات التي يتخصص أصحابها في بيع الشتلات، من بينهم من يعرضون حتى خدمة التوصيل إلى مختلف الولايات، في حين وجدنا تعليقات شاكين من تعرضهم للغش على بعض منشورات البائعين، رغم أن الأخيرين يردون بالتأكيد على أنهم يقدمون منتجات مضمونة.
ويعرض بعض البائعين في منصات التواصل حوامل الطعم فقط، على غرار ما لاحظناه على أحد الحسابات التي وضع صاحبها صورا لحوامل الطعم من نوع “فولكاميريانا” الخاصة بالحمضيات، بينما يضع آخرون صور بذور وشتلات للفواكه الاستوائية. ورغم اكتفاء أصحاب العديد من الحسابات بوضع منشورات لجذب الفلاحين لاقتناء سلعهم فقط، إلا أن بعض البائعين يؤكدون أنهم ينشطون بطريقة قانونية ويوفرون الفواتير وشهادات الضمان.
وتحولت منصات التواصل إلى ساحة تنافس بين المشاتل المعتمدة التي تعمل بطريقة قانونية، وبين أصحاب المشاتل التي تنشط بطريقة عشوائية، حيث لاحظنا أن صفحة مشتلة معتمدة، يتابعها عدد معتبر من المستخدمين، وتعرض منتجاتها من الأشجار المثمرة مع مختلف المواصفات والتسميات الدقيقة لها، كما يقوم المدير العام للمؤسسة بتقديم نصائح وإرشادات للفلاحين من خلال قناة خاصة بالمشتلة على منصة “يوتيوب” وفيديوهات على صفحة “فيسبوك” أيضا، فضلا عن أنها بصدد تطوير موقع إلكتروني.
وشملت المقاطع التي تنشرها المؤسسة تحذيرات من اقتناء شتلات مجهولة المصدر من السوق الموازية غير الخاضعة للرقابة، “لأن الفلاح قد يجد النوع غير نقي أو مختلفا”، ما يؤدي إلى تكبد خسائر كبيرة في الإنتاج، على غرار مقطع فيديو لبستان اقتلع صاحبه جميع الأشجار بعدما استثمر فيها واكتشف أنها تنتمي لثمانية أصناف مختلفة ما يجعل استخلاص محصول منها أمرا شبه مستحيل، مثلما جاء في المقطع. ووجدنا في الصفحة الخاصة بمؤسسة أخرى، مختصة في إنتاج الشتلات، أنها تقدم عروضا مختلفة وتخفيضات للفلاحين، على غرار منشور تعرض فيه حوامل طعم للوزيات مستخلصة مخبريا بسعر 195 دينارا للواحدة.
مهنيون يحذرون من السوق السوداء
وأوضح المحاسب جيلالي شعالة، ممثل مشتلة “مجيد” لإنتاج وبيع الأشجار المثمرة في بوفاريك أن المؤسسة مختصة في إنتاج الأشجار بمختلف أنواعها، على غرار اللوزيات والتفاحيات والحمضيات، مشيرا إلى أن الشتلات التي تقوم بتسويقها المؤسسة لا تعتمد على البذور، وإنما تستخلص من حوامل الطعم المخبرية المستوردة من إيطاليا وفرنسا وتركيا، كما أضاف أن استيرادها يكون في مبردات وتجهيزات خاصة، ليتم نقلها بعد ذلك إلى أكياس كبيرة للسماح لحامل الطعم بالنمو لحوالي 4 إلى 6 أشهر. وشرح محدثنا أن المشتلة تقوم بتلقيم حامل الطعم مع الشجرة بحسب طلبية الزبون، منبها إلى وجود عدة أصناف من حوامل الطعم التي تتميز عن بعضها بخصائص مختلفة، مثل القدرة على تحمل نقص المياه.
ويعمل القائمون على المشتلة على ضبط الطلبيات بحسب التربة والمناخ، حيث ذكر لنا المصدر نفسه أن حوامل الطعم معرّفة بشكل واضح ولا تنطوي على أي أمراض أو اختلالات، فضلا عن أن أصل النبات يكون واضحا ومعرفا، كما أوضح أنها تشتمل على خصائص متميزة لكل نوع، منبها إلى أن الحصول على الشجرة يكون بتلقيم البرعم مع حامل الطعم للحصول على المميزات القابلة للتأقلم مع المناخ والبيئة. وضرب محدثنا المثال بالتفاحيات التي لم تكن تنجح في منطقة سطيف بسبب البيئة الجليدية، لكن القائمين على المشتلة ارتأوا العمل على النباتات المتأخرة التي تنتج في أواخر شهر جوان إلى غاية أوت، ما يعطي إنتاجا وفيرا.

أما بخصوص ما يدفع الفلاحين لاقتناء الشتلات من السوق السوداء، فاعتبر محدثنا أن الأمر يعود بالدرجة الأولى للأسعار المنخفضة مقارنة بالشجيرات التي يحصلون عليها من المشاتل المعتمدة، مضيفا أن الشجيرة التي تنتجها المشتلة ترفق بمختلف الوثائق الرسمية وشهادة الضمان ووصل التسليم المصادق عليه، فضلا عن البطاقة التقنية التي تتضمن مختلف الخصائص. ولاحظنا خلال تواجدنا في جناح المشتلة بالمعرض الدولي للفلاحة المنظم بولاية قسنطينة مؤخرا أن الشجيرات المعروضة مرفقة بنوع الشجرة وصنفها وموعد نضجها وحامل الطعم الخاص بها، فضلا عن الصورة التي توضح شكل الشجرة وثمارها بعد نموها.
وأكد المتحدث أن الشتلات التي توفرها المؤسسة مضمونة، معتبرا أن عدم بلوغ النتيجة المتوقعة منها يمكن عزوه بالدرجة الأولى للتهاون من طرف الفلاح أو سوء التعامل مع الشجرة من خلال عدم الاعتناء بعملية التسميد أو غيرها من العوامل الخارجية. وأضاف المصدر نفسه أن المؤسسة تتكفل بعملية المتابعة الميدانية عندما يتعلق الأمر بمشاريع كبرى متربعة على مساحات واسعة، سواء من ناحية الغرس أو المتابعة الميدانية من خلال النصائح والتوجيهات المقدمة للفلاحين، بينما اعتبر أن الكثير من الفلاحين الذين يتجهون إلى السوق السوداء يعتمدون على خبرتهم في المجال، رغم أن الخبرة لا يمكن أن تكون كافية لتمييز الشجيرات المناسبة، مضيفا أن الوسائل التي يعتمد عليها العديد من الفلاحين غير علمية أيضا.
النشاط بطريقة قانونية يمنح صاحب المشتلة امتيازات كثيرة
وقال عبد الجبار بن عباس، المدير العام لشركة “شتلات” الفلاحية المختصة في إنتاج الأشجار المثمرة منذ 2018، إن القائمين على منتج المؤسسة المتمركزة في العاصمة من المختصين الذين يملكون خبرة لأكثر من 15 سنة، مضيفا أنها تتضمن أكثر من 30 نوعا من شتلات الحمضيات، كما شرع منذ عامين في إنتاج شتلات اللوزيات، على غرار الخوخ والمشمش.
وأضاف محدثنا أن مشتلة المؤسسة خاضعة لرقابة السلطات العمومية المختصة، حيث تضمن نقاء الصنف وخلو الشتلة من الأدواء النباتية المذكورة في القانون، كما أبرز أن الأمراض واختلاط الأصناف تعتبر من المشاكل الكبيرة التي تواجه الفلاحين، لافتا إلى أن بعض الأنواع تطعم داخل مشتلة المؤسسة، بينما يتم اقتناء بعض الأنواع المطعمة في الخارج، إلا أن المعني لفت أن الضامن في العملية هو تقديم وثيقة رسمية تثبت نقاء الصنف.
ويرى المدير العام للشركة أن الكثير من المشاتل التي تعمل بشكل مواز تؤدي نشاطها بشكل متقن ويتوارث أصحابها الحرفة عائليا، لكنهم يترددون في تسوية وضعيتهم للعمل بشكل قانوني بسبب تخوفهم من الرقابة، إلا أن محدثنا أكد أن النشاط بشكل قانوني وشرعي ينطوي على الكثير من الامتيازات والعمل بطرق احترافية وترويج أحسن للمنتج، فضلا عن إمكانية الحصول على صفقات والعمل بأريحية من الناحية القانونية.
وأضاف المصدر نفسه أن الخضوع لرقابة المركز الوطني لمراقبة البذور والشتائل والمعهد الوطني لحماية النباتات يساعد المشتلة على تحسين نوعية منتجاتها، لكن محدثنا دعا إلى ضرورة تحسيس أصحاب الشتلات العشوائية بضرورة جعل نشاطهم قانونيا، مؤكدا أن الفلاحين أصبحوا أكثر وعيا بضرورة تجنب السوق السوداء، بعدما تكبد كثيرون منهم خسائر كبيرة بسبب الشتلات غير المناسبة.
مؤسسة تعتمد التكثير المجهري لإنتاج 3 ملايين شجرة سنويا
من جهته، قال كريم بوفتاش، ممثل شركة “فيتروبلانت” الجزائر، التي أنشئت بشراكة جزائرية إيطالية، إنها مشتلة متخصصة في إنتاج حوامل الطعم والأشجار المثمرة عن طريق الأنسجة، مشيرا إلى أنها تمتاز بسرعة الحصول على الشتلة وتجانسها وبنيتها السليمة، كما ذكر أن الشتلات المنتجة من طرف المؤسسة تخضع للمعاينة الصحية والجينية في جميع مراحل العملية الإنتاجية، وذلك للحصول على شتلة مصادق عليها، في حين أكد أن “فيتروبلانت” الجزائر تعمل على نقل هذه التكنولوجيا محليا. وذكر محدثنا أن المؤسسة تشتمل على مخبر تابع لها على مستوى المشتلة الكائنة في منطقة الزاوية بالبليدة.

أما المهندس الفلاحي بالشركة، قويدر لولحال، فقد أوضح لنا أن منتجات “فيتروبلانت” يتم تكثيرها مجهريا في المخبر، حيث تفترض العملية من ناحية المادة النباتية التأكد من أن النوع المستعمل للتكثير أصلي، مؤكدا أن المشتلة جلبت المادة الأولية في البداية من إيطاليا، من خلال بنوك الشركة التي تحتوي على الجذع الأم، في حين أن عملية التكثير تعتمد على الهرمونات والسكريات وجميع العناصر التي يحتاجها النبات الذي يكون صغير الحجم، أو ما يمكن تسميته “فسيلة”، مثلما قال.
وتعمل المؤسسة محليا على تعزيز خصائص “دقلة نور” لتقليص المدة التي تستغرقها لتشرع في تقديم إنتاج من التمر، بحيث لا يتجاوز ما بين 3 إلى 4 سنوات فقط. وتنتهج المؤسسة في نشاطها طريقة عملية في تحديد المنتج المناسب لكل فلاح بحسب خصوصيات الأرض والمناخ، حيث يطلب من المتقدمين من المؤسسة من أجل الحصول على طلبيات، توفير وثيقتين حول تحاليل التربة وتحاليل المياه، التي تتحدد من خلالها خصائص حامل الطعم المناسب له، فضلا عن إدراج معطيات أخرى متعلقة بخصائص المنطقة الجغرافية المحددة التي ينشط فيها الفلاح، مؤكدا أن بعض المناطق قد تكون متجاورة، مثل الأراضي الواقعة في الشرق، لكن المنتجات الأنسب لكل رقعة تتباين، لتقدم للمستثمرين الأنواع المختلفة بحسب تاريخ النضج.
ويختار المستثمر نوع الفاكهة التي يريد إنتاجها، مثلما ذكر محدثنا، إلا أن الشركة هي من تقوم باختيار حامل الطعم الأنسب له، ليضيف بالقول “إن معادلتنا تقوم على أن اختيار ما يكون تحت التربة يقع على عاتق المؤسسة، بينما يختار الزبون ما ينمو فوق الأرض”. من جهة أخرى، أكد محدثنا أن نشاط “فيتروبلانت” لا يتأثر بالسوق السوداء لتجارة الشتلات، حيث اعتبر أنها “الأولى وطنيا” بقدرة إنتاج تجاوزت 3 ملايين شتلة من مختلف الأنواع خلال هذه السنة، فضلا عن أن المشاتل الصغيرة تعتبر من زبائن الشركة، كما أشار إلى أن المشاتل النشطة بالسوق السوداء تؤثر على الفلاحين بالدرجة الأولى، داعيا أصحاب الاستثمارات الفلاحية في مجال الأشجار المثمرة إلى التعامل مع المشاتل القانونية والمعتمدة، لأنها تخضع للرقابة من طرف الهيئات العمومية المختصة.
وأكد المتدخلون الذين التقينا بهم في المعرض الدولي للفلاحة تلقيهم شكاوى من طرف فلاحين بخصوص مشاكل تعرضوا لها بسبب اقتنائهم لشتلات غير مناسبة من السوق السوداء، حيث أجمعوا أن السعر المنخفض هو ما يغري الفلاحين، إلا أنهم يدفعون ثمن تبعات ذلك من الوقت الطويل الذي يخسرونه، معتبرين أن السنوات المهدورة هي أكبر خسارة بالنسبة للفلاح. وذكر لنا المهندس الفلاحي بشركة “فيتروبلانت” أن اقتناء شتلات غير مناسبة دفع بفلاحين إلى اقتلاعها جميعا من قطعهم الأرضية وإعادة زرع شتلات جديدة مناسبة من مؤسسات معتمدة، بعدما مرت فترة طويلة دون الحصول على إنتاج.
س.ح

الرجوع إلى الأعلى