البكالوريا.. شهادة تحرّر الإناث من قيود المجتمع!

كشفت نتائج البكالوريا لدورة  2018 عن تقدم كبير للفتيات في نسب النجاح حيث شكلن ثلثي عدد من اجتازوا حاجز هذه الشهادة المصيرية، وهو ما اعتبر في نظر المختصين مؤشرا قويا على تفوق الإناث دراسيا، في ظاهرة فسرها أكاديميون بأنها نتيجة منطقية لما تظهره الفتيات من انضباط و اجتهاد وتمسك بالمسار الدراسي ، فيما تذهب التفسيرات النفسية و الاجتماعية إلى أن الشهادات الجامعية هي السبيل الأنجع للتخلص من القيود الاجتماعية، كونها تمنح الفتاة استقلالية مالية تجعل الأسرة والمحيط يغير معاملته لها وينقلها من مرتبة العبء إلى العنصر الفعال والمشارك في صناعة القرار .
وفي عالم الشغل يرى من تحدثنا إليهم في ندوة النصر أن بعض المهن سيختل توازنها سيما تلك التي تتطلب شهادة جامعية، حيث سيطغى العنصر النسوي عليها، كما يتوقعون أن مبدأ تكافؤ الفرص سيتأثر لعدم وجود توازن عددي بين الجنسين.

الفتيات يشكلن ثلثي الناجحين  في بكالوريا 2018
تفجير الطموحات لإثبات الذات و تحقيق الاستقلالية المادية  
تشكل الإناث ثلثي ( 3 / 2 ) العدد الإجمالي للناجحين في شهادة البكالوريا دورة جوان 2018، حيث بلغت نسبة نجاحهن  29. 65 بالمئة، مقابل  34.71 بالمئة بالنسبة للذكور، حسب النتائج الرسمية التي أعلنت عنها وزارة التربية الوطنية الخميس الفارط، مما يؤكد مواصلة الجنس اللطيف درب التفوق في هذه الشهادة ـ الرمز، التي ترتبط في مجتمعنا بالفوز بمقعد في الجامعة و ضمان المستقبل الزاهر، و أكثر من ذلك بالنسبة للفتيات، إذ تعتبرنها سلاحا فعالا، لإثبات الذات و تفجير الطموحات و تحقيق الاستقرار المعنوي و النفسي، و من ثمة التخلص من التبعية المادية للأب أو الأخ، و رفع التحدي لمواجهة كافة الظروف في مجتمع رجالي، لا يزال ينظر إلى الفتاة و المرأة عموما، بأنها الحلقة الأضعف في كل سلسلة و في كل موقف أو وضع أسري أو اجتماعي.
تؤكد النتائج تحقيق نسبة نجاح88. 55 بالمئة في دورة 2018 في حين كانت
 07. 56 بالمئة في سنة 2017 ، و تواصل بنات حواء التربع على عرش قوائم الناجحين و كذا المتفوقين في «الباك» بنسب أعلى من الأعوام الماضية عبر ولايات الوطن، حيث بلغت 29 . 65 بالمئة في دورة جوان الفارط، في حين كانت
 03 .  65 بالمئة في دورة 2017 ، و قد أعربت المتفوقات للنصر ،عن طموحاتهن الكبيرة في مواصلة دراساتهن العليا و افتكاك أعلى المناصب، حيث أعربت معظمهن عن رغبتهن في دراسة الطب أو  دخول المدارس العليا في الإعلام الآلي، وأكدت الكثيرات بأنهن يقتدين في خياراتهن بأحد الوالدين أو فرد آخر من أفراد الأسرة يعتبرنه مثلهن الأعلى في التفوق والتألق العلمي والمهني، مشيرات إلى أنهن بذلن قصارى جهدهن و شحذن كل طاقتهن وتحدين أنفسهن من أجل تجسيد حلم «الباك» الذي لا يزال يحتل مكانة هامة و مصيرية في مجتمعنا، وإثبات أن الفتاة يمكن أن تنافس زميلها الفتى في كل المجالات، بالرغم من أن العديد من الذكور انسحبوا من حلبة المنافسة ، خوفا من شبح البطالة الذي لا يزال يهدد نسبة كبيرة من خريجي الجامعات.
شهدت دورة جوان 2018 لشهادة البكالوريا، ترشح أكثر من 700 ألف شخص (بالضبط 448. 709 مترشحا) من الجنسين، 40 بالمئة منهم  مترشحون أحرار و 400 من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، 216 مكفوفا و916 معاقا حركيا، حسب إحصائيات وزارة التربية الوطنية التي لم تتطرق هذا العام لنسبة الإناث المترشحات، عكس دورة 2017 ، حيث تم تسجيل 54.71 بالمئة من المترشحات،  و قد اتخذت كافة الإجراءات و التدابير التكنولوجية و كذا في مجال التأطير و الإشراف و المراقبة ، بمختلف مراكز الامتحانات ببلادنا ، لكي تنظم في أحسن الظروف « حفاظا على مصداقية الامتحانات و المسابقات الوطنية»، كما أكدت وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط.
الوزيرة أكدت بأن الجنس اللطيف تفوق كثيرا على الذكور في البكالوريا هذا الموسم، في مختلف الشعب، مشيرة إلى أن شعبة الرياضيات سجلت أعلى نسبة ب61 .78بالمئة، علما بأنه قبل 20 عاما ، كانت نسبة النجاح من20 إلى 30 بالمئة ، وخلال السنوات العشر الأخيرة تراوحت بين 40 و 60بالمئة، مما يعني أن نسب النجاح في تطور مستمر، بالموازاة مع الزيادة المطردة في نسب النجاح بالنسبة للفتيات.
المختصون يؤكدون بأن نسبة كبيرة من الفتيات تغلبن على أزمة المراهقة التي تتزامن مرحلتها المتوسطة والأخيرة مع الطور الثانوي والبكالوريا، بكل ما ترمز له من أعراض القلق والتوتر والحيرة والانفعالات القوية والرغبة في إثبات الذات والتمرد على كل رموز السلطة، حتى وإن تعلق الأمر بالمنظومة التعليمية، بالانهماك أكثر في رسم الأهداف المستقبلية و تفجير الطموحات و القدرات و المواهب وتكريسها للدراسة وطلب العلم ، ما يفسر تفوقهن في الدراسة، في حين يعاني العديد من الذكور من ضعف القدرة على التركيز في الدراسة وتشتت الذهن و الانغماس في اللعب و الهوايات المختلفة ، خاصة في عصر طغيان التكنولوجيا وسلطة النت، كما أن الترويج على نطاق واسع بأن البطالة هي مصير عدد كبير من خريجي الجامعات يثبط هممهم و يكبح إرادتهم في السعي للنجاح والتفوق.
وهنا يكمن دور الوالدين و الأساتذة و الأخصائيين النفسانيين و التربويين و السوسيولوجيين في التوجيه و النصح، علما بأن ربط بعض الجهات ارتفاع نسبة النجاح في هذه الشهادة بالنسبة للجنس اللطيف بزيادة عددهن في المجتمع، مجرد تضليل و إخفاء لحقيقة واضحة وضوح الشمس في مختلف الأطوار التعليمية.
إلهام.ط

فتيحة باشا عضو قيادي في الجمعية الوطنية لأولياء  التلاميذ
التفاوت في النتائج المدرسية بين الذكور والإناث قد يؤثر على مبدأ تكافؤ الفرص
• الخجل يمنع الذكور من إعادة السنة
فسرت العضو القيادي في الجمعية الوطنية لأولياء التلاميذ فتيحة باشا تفوق الإناث على الذكور في امتحانات شهادة البكالوريا بتحقيق نسبة فاقت ال 66 بالمائة من مجموع الناجحين، بطبيعة النمط السلوكي للفتيات الذي يغلب عليه روح التحدي والمنافسة، والانجذاب إلى الدراسة لتحقيق الذات، في حين يميل الذكور إلى قضاء أكبر قدر من الوقت في الترفيه عن النفس وفي التجمعات الرياضية وغيرها، في المقابل تخصص البنت القسط الأكبر من يومها في المذاكرة والمراجعة، ما جعل التفاوت بين الجنسين جد واضح من خلال نتائج امتحانات شهادة البكالوريا.
وبحسب المتحدثة فإن هذه النتائج التي جاءت نوعا ما مفاجئة، بسبب اتساع الهوة ما بين الذكور والإناث ستكون محل دراسة من قبل مختصين وبيداغوجيين لمعرفة أسبابها الحقيقية، وهي تستدعي تفعيل أكثر لمستشاري التوجيه والمرشدين التربويين قصد مرافقة التلميذ بالطورين الابتدائي والمتوسط، وتحفيزه على المثابرة والعمل والتغلب على الظروف الاجتماعية الصعبة التي قد تدفع به إلى التخلي عن مقاعد الدراسة لمساعدة الأولياء على تأمين لقمة العيش.
وشددت المصدر على درجة أهمية مرحلة التعليم الابتدائي التي تتحدد خلالها ميول التلاميذ، عن طريق مساهمة المختصين في تأطير التلميذ وتوجيهه قبيل بلوغ سن المراهقة التي تعد مرحلة جد صعبة، يستعصي خلالها على الأولياء وكذا الأساتذة التحكم في سلوك التلميذ وتوجيهه، ومساعدته على تخطي العراقيل، وإتمام المشوار الدراسي مهما كانت الظروف ، وتضيف السيدة باشا بأن عدم اعتراف جل الفتيات بالفشل وتحليهن بروح المبادرة، ساعدهن على إعادة السنة في حال الإخفاق في نيل الشهادة، بعكس الذكور الذين يدفعهم الشعور بالخجل من الإعادة إلى التوجه نحو مراكز التكوين المهني أو عالم الشغل ، مما يتطلب ضرورة توفير المرافقة النفسية قصد التقليل من حدة التسرب المدرسي في وسط التلاميذ الذكور، الذين يمثلون أعلى نسبة سنويا.
وأبدت المتحدثة خشيتها من أن يكون لظاهرة التفاوت الواضح ما بين الجنسين في النتائج المدرسية، على رأسها شهادة البكالوريا تداعيات على مبدأ تكافؤ الفرص، لا سيما بخصوص احتلال مناصب المسؤولية و القيادية، قائلة إن الجمعية الوطنية لأولياء التلاميذ وضعت برنامج عمل للخمس سنوات المقبلة يتضمن جوانب عدة، من بينها كيفية ضمان تكافؤ الفرص بين مختلف جهات الوطن من حيث نوعية التعليم ومستوى النتائج المدرسية، وفي هذا الصدد أيدت السيدة باشا مقترح تسليط عقوبات على المؤسسات التربوية التي لم تحرز تقدما في النتائج المدرسية، كما يقترح هذا البرنامح وفق المتحدثة سبل ضمان التكافؤ ما بين الذكور والإناث، وذلك من خلال توسيع دور المستشارين التربويين والمكلفين بالتوجيه للتوعية بضرورة العمل والمثابرة لتحقيق النجاح.
ولا تقلل السيد فتيحة باشا من دور الأسرة في تشجيع الفتاة على التفوق، والعمل الدؤوب، لتحقيق الاستقلالية التي أضحت تطمح إليها نسبة هامة من الطالبات، هروبا من الضغوط التي قد تمارس عليها في حال الاخفاق،  كإرغامها مثلا على الزواج المبكر، لذلك نجد الكثير من الفتيات يكافحن ويعملن للتخلص من كافة هذه الضغوط.                                  
لطيفة/ب

مفتش الطور الثانوي غزالي بوحجر
الانضباط من أسرار تفوق الإناث والذكور لا يثقون في الدراسة
• التنافس بين الجنسين غائب داخل الأقسام
أكد مفتش الطور الثانوي بمادة اللغة العربية غزالي بوحجر للنصر ، بأن نسبة النجاح في شهادة البكالوريا أبرزت تفوق الإناث على الذكور و بشكل كبير، مشيرا إلى أنهن تفوقن أيضا في الحصول على أعلى المعدلات، مرجعا ذلك لكون الإناث مجتهدات و يتميزن بالتفاني في العمل و المثابرة و كذا تقديم كل ما بجعبتهن لبلوغ أعلى درجات التفوق ، و الواقع اثبت ذلك ، حيث اعتلين مناصب سامية في الدولة ، كما أن النمو الديمغرافي يعد من أبرز الأسباب لكون كفة الإناث غلبت كفة الذكور، و هو ما نشاهده في أغلب المؤسسات التربوية .
ذات المتحدث أضاف بأن عامل الحضور يعتبر من أبرز أسرار التفوق، لكون التلميذات مواظبات على الحضور و منضبطات عكس الذكور ، فهم كثيرو الغياب و في الغالب دون مبرر، بالإضافة إلى كون التعامل مع التلميذات داخل القسم أسهل بكثير من معاملة الذكور، فهن يمتلكن قابلية للتعلم ، عكس الذكور، الذين و بالرغم من أنهم يمتلكون قدرات و إمكانات لا  بأس
 بها ، إلا أنهم متهاونون و يبخلون على أنفسهم حسبه.
كما أن النظرة التشاؤمية للمستقبل السائدة في مجتمعنا، جعلت الذكور يفقدون الأمل في الدراسة و لا يعتبرونها الحل الوحيد الذي يجنبهم الوقوع في مصيدة البطالة، و هو ما يحبط معنوياته و يثبط عزيمته ، بحيث لا توجد المحفزات الكافية التي تجعله متحمسا و مجتهدا للتفوق، فالواقع الاجتماعي جعل تفكير الذكور يسير في منحى آخر و هو كيفية ضمان منصب عمل ، ما جعل البعض يميل للتسرب المدرسي.
و قد حمل الأستاذ غزالي بوحجر الأسرة و كل الفاعلين في القطاع التربوي من أساتذة و مستشاري التوجيه و غيرهم،  تراجع نسبة النجاح عند الذكور،  مشيرا في ذات السياق إلى أنه داخل الأسرة نجد الأولياء يفرضون سيطرتهم على البنت أكثر من الولد الذي يتركونه في الغالب يتصرف بحرية و يستغل وقته كما يشاء، فيما يغيب التنافس  داخل القسم بين الجنسين و يبقى منحصرا في الغالب بين الفتيات ، ما يخلق حافزا قويا لديهن على النجاح و بمعدل ممتاز .

و لتحقيق نتائج ممتازة عند الذكور و استغلال قدراتهم العلمية ، حث محدثنا الأساتذة على ضرورة خلق جو تنافسي داخل الأقسام، و تغيير النظرة السلبية لشهادة البكالوريا التي تعتبر عند الذكور مجرد وثيقة تسمح لهم بولوج أصوار الجامعة ، و ذلك بجعلها شهادة مهمة تتطلب الكثير من الجهد للحصول عليها و بتقدير مشرف.
أسماء بوقرن

مختصة في علم الاجتماع الدكتورة نجوى عميرش
تحقيق الاستقلالية المالية سبب رئيسي في تقدمهن  
• ثقة الأولياء حررت البنت إيجابيا
من جهتها أرجعت الدكتورة نجوى عميرش مختصة في علم الاجتماع و أستاذ بجامعة عبد الحميد مهري بقسنطينة، سبب تفوق الإناث بهذا الشكل الملفت، إلى تغير نظرة المجتمع الجزائري للأنثى ، بعد أن كان يقدس الذكر و يستصغرها، فالتغيرات التي شهدها المجتمع ، تجعل الأنثى تعيش نوعا من التحرر الإيجابي، و ذلك بعد انتقال الأفراد من الريف للعيش في المدينة، ، ما جعل المرأة تبرز و بقوة في الحياة الاجتماعية و تصبح قدوة للكثيرات، اللواتي أصبحن أكثر إصرارا على مواصلة مشوارهن الدراسي لبلوغ أعلى درجات النجاح.
ثقة الأولياء اعتبرتها المختصة من بين العوامل المساعدة على تفوق الجنس اللطيف، بحيث أصبحت تُزرع في الإناث أكثر من الذكور، نظرا لعزيمتهن القوية  و كذا قدرة الأولياء على احتوائهن و السيطرة على سلوكاتهن، عكس الذكور الذين لم يعد بإمكانهم التحكم فيه  بالشكل اللازم ، باعتبار  أنه يسيطر عليه هاجس الخروج للشارع و الضجر من  البقاء بالبيت.
كما تعتبر أغلب الإناث خاصة القاطنات في مناطق نائية أو شبه حضرية، شهادة البكالوريا سبيلهن الوحيد للخروج من العزلة و التحرر من القيود الاجتماعية و مواكبة التطور، و كذا كسب ثقة أوليائهن ، و يرين في نيلهن للبكالوريا و التحاقهن بالجامعة سيوفر لهن حياة أفضل و يوصلها لبر الأمان، مؤكدة على أنها تتحدى بالتعليم .
و أضافت في ذات السياق بأن الأنثى العاملة أصبحت قدوة للكثيرين ، و لم تبق تابعة للرجل كما كان سائدا، بالرغم من أنها لا تزال وفية لزوجها و والدها و أخوتها ، و أن هذا التحول الاجتماعي أزال كيان الأسرة الرجعية التي تكسر طموحات المرأة ، مضيفة بأنه و من أهم الأسباب التي خلقت دافعا قويا لدى الإناث للنجاح و بتفوق ، هو تحقيق الاستقلالية المادية، بحيث تقتدي بالنساء العاملات اللواتي يتمتعن بمدخول مادي و فيهن من تعيل أسرتها و والديها، فاقتحام عالم الشغل يعتبر من أبرز حوافز تفوق الإناث على الذكور في البكالوريا.
الأنثى كذلك حسبها، لم تعد تشكل عبئا ماديا و لا معنويا على أسرتها و لم تعد العنوسة تشكل هاجسا لدى والديها كما في السابق ، حيث كان الأب لا يهتم بتعليم ابنته و يرى بمجرد بلوغها سن معينة أنه يجب أن تتزوج و تكون أسرة، لكن حاليا أصبح هدفه هو تعليمها و إصراره على نجاحها و ظفرها بمنصب شغل.
كما أن المرأة أصبحت متحررة بالمعنى الإيجابي ، و لم يعد المجتمع يرى بأنها عائق ، فالأب مثلا أصبح بحاجة لابنته أكثر من ابنه ، لكونها تبقى ممتنة لكل ما قدمه و تقف بجانبه في أحلك الظروف، في حين الذكر لا يعير أدنى اهتمام لهذه الأشياء، و هو ما تيقنه عديد الأولياء.  
أسماء بوقرن

مختصة في علم النفس التربوي الأستاذة نبيلة عزوز
نظرة المجتمع الإيجابية للمرأة المثقفة خلقت دافعا قويا عند الإناث
• التنشئة الإجتماعية ساعدت الفتيات على التفوق
في المقابل حللت المختصة النفسانية الأستاذة نبيلة عزوز الظاهرة نفسيا ، بالقول أن من  بين الأسباب التي جعلت الإناث يتفوقن على الذكور و يحصدن أعلى المعدلات في البكالوريا ، أنهن يبلغن بيولوجيا قبل الذكور ، بحيث يبدأن في التفكير و التخطيط لمستقبلهن و هن في مرحلة المتوسط، و يرون بأن نجاحهن مرهون  بتفوقهن الدراسي، و هذا عكس الذكور، كما أنهن يتمتعن بحسن الإصغاء و الانتباه ، و عند إجراء الإختبارات خاصة المصيرية يقدمن إجابتهن بذكاء و بشكل منظم، فيما يتميز الجنس الخشن بالاندفاعية، و ذلك لإثبات الذات.
و أضافت ذات المتحدثة بأن من أبرز العوامل التي ساعدت الأنثى على التفوق ، هو التنشئة الاجتماعية، فالذكور يتميزون بسرعة الغضب و عدم الخضوع للأوامر، و التصرف بطريقة سلبية حتى مع الآباء، الذين أصبحوا يلجؤون لبناتهن و يقدمون لهن التعزيز المعنوي و المادي، و هو ما يشجعهن على بذل قصارى جهدهن للتفوق لتكنّ عند حسن ظنهم و ليحافظن على صورتهن الجميلة في نظرهم ، و يرغبن كذلك  في إرضائهم بكل الطرق، غير أن الولد متسرع.
كما أن الأم حسبها، تصاحب البنت منذ صغرها، و تجعلها مرافقتها الدائمة في أشغال البيت كما تحملها المسؤولية في غيابها، و هو ما يجعلها تتمتع بروح القيادة، فيما تترك الحرية للإبن و تدفعه للخروج للشارع للعب و الترويح عن نفسه، و هو ما يجعله متأخرا علميا، كما أن الأنثى تفوقه في الذكاء ، و هو ما نلمسه عند تدريس المواد العلمية، بحيث البنت تحاول اكتشاف كل عنصر كأن تفكر بطريقة سليمة و منظمة للحصول على النتيجة، فيما يحب الذكور الوصول مباشرة للنتيجة .
نظرة المجتمع الإيجابية للمرأة المثقفة و تفضيلها على الرجل، خلقت دافعا قويا لها، حسب المختصة، و جعلتها تثبت جدارتها بالتعلم و التفوق لتصبح فاعلة في المجتمع و يُنظر إليها بنظرة إيجابية ، كما تفكر بأن النجاح في الدراسة هو المخرج الوحيد الذي يضمن لها مستقبل أفضل ، فيما يعوض الذكور ذلك بإبراز عضلاتهم أكثر.
عامل الثبات من أبرز الأسباب التي جعلت المرأة تبرز في دراستها، حيث نجد الذكور يحضروا لامتحان البكالوريا جماعيا، فيما تفضل الإناث المراجعة بمفردهن لأن لها جانب الغيرة الإيجابية، ما يجعلها تنجح و بتفوق ، كما لا تحب إعطاء كل ما بجعبتها لزميلاتها، بحيث تتنافس معهن لإرضاء والديها.
 أسماء بوقرن

عبد المالك عزي المنسق الوطني لنقابة كناس  
 التباين ستكون له تأثيرات على عالم الشغل
و أرجع المنسق الوطني لنقابة الكناس الاستاذ عبد المالك عزي تفوق الفتيات من حيث نسبة النجاح وكذا مستوى المعدلات في شهادة البكالوريا إلى الجانب التحفيزي التي تتحلى به البنت وسعيها لتحقيق الاستقلالية وفرض ذاتها، وتجاوز عقبة ضيق الأفق والخيارات في حال التخلي عن مقاعد الدراسة، مقارنة بالذكور الذين يمكنهم التوجه إلى مجالات مختلفة، كالانتماء إلى اسلاك الأمن او الجيش، أو دخول عالم الاعمال والتجارة، في حين قد تجد الفتاة نفسها محاصرة بين أربعة جدران إذا ما اخفقت في مشوارها الدراسي.
ويضيف المتحدث بأن هذا التباين من حيث النتائج ستكون له تداعيات مستقبلا على عالم الشغل، من خلال اتساع تواجد المرأة في مختلف المناصب والقطاعات التي تشترط الحصول على شهادات عليا، موضحا بأن الأسرة أصبحت بدورها أكثر حرصا على تعليم البنت، بعد أن كان الزواج هو الحل الذي يلجأ إليه لمعالجة إشكالية الإخفاق في الدراسة.
لطيفة/ب

الرجوع إلى الأعلى