أزمة نقــل تتجدّد مـع الدخـــول الاجتمـاعــي

تتجدد مع كل دخول اجتماعي معاناة المواطنين بالعديد من المدن مع الاختناقات ونقص وسائل النقل الجماعي، حيث تظهر الطوابير ويتحول التنقل إلى كابوس يومي، وسواء كانت الوسيلة حافلة أو سيارة أجرة فإن الحصول على مقعد بها مشقة تطرح بالكثير من الوجهات.
وإن تخلصت بعض الخطوط من المشكل بعد دخول وسائل نقل جديدة كتراموي و الميترو و التليفيريك وحافلات عصرية عمومية،فإن محاور أخرى لا تزال تحت رحمة خدمات متقطعة ورديئة، تحكمها أمزجة ناقلين وأصحاب سيارات أجرة  يرفضون العمل بمناطق معينة بحجة نقص المردودية،  تاركين فراغا يستغله أصحاب " الفرود" الذين يشكلون حظيرة موازية آخذة في التوسع إلى درجة احتلال محطات النقل.
مظاهر الاختناق بمدن ولايات قسنطينة وهران والعاصمة و عنابة وغيرها تحمل في طياتها أزمة نقل دفعت إلى استعمال السيارات الخاصة بشكل مفرط زاد من حدة الاكتظاظ بالطرقات،  فيما وقع من لا بديل لهم عن وسيلة النقل الجماعي تحت رحمة ناقلين يحشرونهم داخل علب متحركة أو يستنزفون جيوبهم بتسعيرات " الكورسة".

المختصون يرون أن أزمة النقل لها علاقة بعدم تحيين مخططات المرور والتي يعود بعضها لبدايات الإستقلال، كما يقترحون دعم النقل الجماعي للتقليل من استعمال السيارات الخاصة وتنظيم التنقل نحو الضواحي، ويرون أنه لا بد من العودة إلى استعمال القطار الذي هجره الجزائريون،  فيما يبقى الركن من مسببات الإزدحام ويحتاج إلى استراتيجية لتخفيف الضغط عن المحاور الكبرى.
النصر وبتجدد مظاهر الاختناق بعودة الحياة إلى ريتمها العادي مع الدخول الاجتماعي نقلت عبر هذا الملف آراء فاعلين في المجال حول الأزمة والمنافذ التي يمكن أن تؤدي إلى حلها ، كما توقفت عند إجراءات تنظيمية تقوم بها وزارة النقل، ومنها الاستعانة بالخبرة الاجنبية لتنظيم مخططات المرور ودمج الناقلين في مؤسسة واحدة، كما يجري بالتوازي مع ذلك دعم النقل بالسكك الحديدية  بـ2000 كلم على أن يتم ربط هذا النوع من النقل بوسائل أخرى لتسهيل التنقل من وإلى أطراف المدن.

المدير الفرعي بوزارة النقل صالحي سالم يكشف للنصر
سنقوم بدمج حافلات الخواص في مؤسسة موحدة
• شركات مختلطة لمواجهة أزمة المرور بالمدن الكبرى
كشف مدير النقل البري و الحضري بوزارة الأشغال العمومية و النقل، صالحي سالم، عن مشروع لدمج ناقلي الحافلات عبر الوطن في مؤسسة موحدة، ما من شأنه تنظيم القطاع و مراقبته أكثر، كما ذكر أن التجربة النموذجية التي أطلِقت بالجزائر العاصمة، للتحكم في الازدحام المروري عن طريق مؤسسة مختلطة، سوف تعمم على باقي ولايات الوطن بصفة تدريجية.
و قال صالحي في اتصال بالنصر، إن وضع مخططات المرور و النقل يبقى من صلاحيات الجماعات المحلية، لكن ذلك لم يمنع مديريات النقل من التدخل للمساهمة في إعدادها عبر عدد من الولايات، كما أنها تقوم كل سنة بتغيير المسارات وفق الاحتياجات الجديدة ليصادق عليها المجلس الشعبي الولائي، مضيفا أنه قد تم إعطاء تعليمات للمدراء الولائيين بالسهر على سد  حالات العجز خلال الدخول الاجتماعي، على غرار ما هو معمول به في باقي المناسبات و الأعياد.
و فيما يخص الاختلالات التي يشهدها النقل الجماعي عن طريق الحافلات، ذكر المسؤول أن المشكلة تكمن في كيفية مراقبة السائقين، ما جعل الوزارة تعدّ دراسة تبحث كيفية تجميع هؤلاء المتعاملين، الذين لا يعملون، مثلما يؤكد، حسب دفتر الشروط الخاصة بممارسة هذا النشاط، مضيفا أن الحل الذي تم التوصل إليه، تمثل في تجميع الناقلين الخواص في مؤسسة موحدة، ما يسمح بمراقبتهم و الحد من المنافسة غير الشريفة، و ذلك ضمن استراتيجية ستطبق لأول مرة.
و اعترف ممثل وزارة النقل أن تطبيق هذه الفكرة لن يكون بالأمر السهل، حيث ستُنفَّذ على مراحل، و قد تتطلب، كما يتابع، سنوات لتعميمها عبر الوطن، موضحا أن ولاية وهران احتضنت مشروعا نموذجيا في هذا الإطار، سيتم العمل به في ولايات أخرى، على أن يعمم تدريجيا بالتنسيق مع نقابات سائقي الحافلات، و هو ما قال إنه سيتم تنظيم يوم دراسي في شأنه هذا الشهر أو في بداية أكتوبر المقبل.
صالحي بّرر استمرار أزمة النقل بسيارات الأجرة، رغم أن عددها يكفي لتغطية الطلب الوطني من الناحية النظرية، بالازدحام المروري الذي قال إنه جعل “العدد الهائل” لهذه السيارات و الذي يصل في العاصمة لوحدها إلى 18 ألفا، لا يظهر و لا يلبي احتياجات المواطنين الذين يبحثون عن التنقل بسرعة، و هو ما جعل الوزارة تقرر إعادة الاعتبار للنقل الحضري و شبه الحضري.
و في هذا الخصوص، ذكر المسؤول أن شركة جزائرية- إسبانية، تعمل حاليا على تعديل حركة المرور بولاية وهران، حيث انطلقت في الأشغال التي تشمل تنظيم السير في مفترقات الطرق و وضع الإشارات الضوئية، ليتم تسييرها من مركز خاص للتحكم، و هو مشروع نموذجي أكد محدثنا أنه سوف يُعمم أيضا على المدن الكبرى للقضاء على مشاكل الاكتظاظ المزمنة.
مشاريع النقل الجماعي عن طريق العربات، أخذت أيضا حيزا هاما من اهتمام الوزارة الوصية، حسب ممثلها، و ذلك في إطار النقل المستدام و الحضري «النظيف”، من خلال مشاريع الترامواي، كما أضاف أن الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية، وضعت برنامجا خاصا لإعادة الاعتبار للنقل بالقطارات، حيث يشمل عدة عمليات قيد الإنجاز منها مدّ 2000 كليومتر جديد من السكة، على أن يصل طولها إلى 12 ألفا و 500 كيلومتر في آفاق سنتي 2025 و 2030، مع وضع برنامج لإعادة تأهيل السيارات التي ستعمل بالتوازي مع قطارات الضواحي.
ياسمين.ب

مستشار السلامة المرورية منصف بن عطاء الله
مخططات المرور لم تغير منذ الاستقلال و يجب استغلال القطارات  
• يجب تحسين النقل باتجاه الضواحي
أرجع مستشار السلامة المرورية ومكون السائقين المحترفين، منصف بن عطاء الله، الازدحام المروري ومشاكل النقل المسجلة على مستوى المدن الكبرى بالجزائر، إلى عوامل رئيسية تتعلق بنقص الثقافة المرورية، منتقدا عدم تغيير مخطط المرور منذ الاستقلال.
وأكَّد الخبير أن احترام قانون المرور، من شأنه تقليص 50 بالمائة من نسبة الازدحام مضيفا أن مفترقات الطرق تعد نقاطا سوداء يجب إعادة النظر فيها، وتكثيف التواجد الأمني ووضع إشارات المرور الضوئية وكاميرات المراقبة للتحكم في حركة المركبات بشكل أفضل ، كما صنَّف التوقف العشوائي كثاني مسبب لهذا الإشكال عند كل دخول اجتماعي، انتهاء بعدم احترام سائقي السيارات ومختلف الشاحنات للمسافة القانونية للأمان، والركن العشوائي للمركبات، وهي عوامل تسبِّب مجتمعة الاختناق المروري.
و تطرق بن عطاء الله إلى أحد أسباب تحول حركة المركبات في المدن الكبرى، إلى أرق وصداع يومي للسائقين، و هي، كما قال، عدم تغيير المخطط المروري للجزائر منذ الاستقلال، حيث لم تحص وقتها قسنطينة و العاصمة ووهران و عنابة و سطيف، أكثر من 1000 سيارة، بكل ولاية، فيما أصبح العدد يقارب بعاصمة الشرق لوحدها، حوالي مليون مركبة تسير خلال أوقات الذروة كل يوم.
كما تطرق الخبير لموضوع حظائر الركن النظامية، التي تمثل موردا هامّا لخزينة الدولة ، لكنه يرى بأنه لا يزال مهملا ولا يلقى الاهتمام اللازم، مضيفا أن الحظيرة ذات الطوابق بباب القنطرة بقسنطينة، على سبيل المثال، لا تكفي لهذا الكمّ الهائل من السيارات، لذلك يجب خلق المزيد، نظرا لتواجد الجامعات والمعاهد بالولاية، وارتفاع معدل شراء المركبات لدى الفرد الجزائري.
واقترح المتحدث تبني سياسة النقل الجماعي بشكل أوسع من الحالي، مثمنا تبني الترامواي كحلٍّ أساسي، وتوسيع خطه نحو المدينة الجديدة علي منجلي، التي تضمّ حاليا حوالي 400 ألف نسمة، لكنه انتقد المسار الذي لم يكن، حسبه، مدروسا وتمَّ تبنيه بنقائصه ونقاطه السوداء، ومنها مروره من زواغي إلى جامعة قسنطينة 3 دون وجود موقف، وهو أمر لن يذرَّ الأموال المطلوبة، والمحتملة عبر استثمار اقتصادي مماثل، كما تحدث عن إهمال ربط الجهاز بمرفق نقل حيوي وهو المطار الذي سيقلص معاناة المسافرين للتنقل إلى المدينة الجديدة وضواحيها.
زيادة على هذا، دعا الخبير إلى تبني خيارين آخرين، وهما تكثيف استغلال السكك الحديدية وخلق المزيد من المحطات لتوقف الراكبين، وكذا ما يسمى بالنقل المحيطي، أو نقل الضواحي، عبر تخصيص حافلات بين مختلف الوحدات الجوارية للمدينة الجديدية علي منجلي، وماسينيسا، ووادي الحجر ببلدية ديدوش مراد، مثالا، بالنسبة للأخيرة، وتعميم استعمال القطار، خاصة نحو الضواحي البعيدة، مثلما هو عليه الحال بالنسبة للعاصمة والبليدة والبلديات الرابطة بينهما.و قال بن عطاء الله منصف إن مهمة وحدة الاستغلال والتطوير بمديرية النقل، محورية وقوية في وضع مخطط مروري حديث وسليم، أساسه معطيات دقيقة، كدراسة عدد المتنقلين خلال ساعات الذروة وما يقابله من وسائل النقل اللازمة، وكيفية تخفيض عدد السيارات والحافلات العاملة خارج هذه الساعات، داعيا إلى استغلال المختصين الدارسين بجامعة قسنطينة في شعبة هندسة النقل لتجسيد دراساتهم الأكاديمية على أرض الواقع، وتبنيها لحلول ناجعة للقضاء على الزحام المروري.واختتم خبير السلامة المرورية حديثه للنصر، بالتساؤل عن مصير اللجنة الولائية المنبثقة عن توصيات وزارة الداخلية والجماعات المحلية، العام الفارط، وهي لجنة النقل والأمن المروري، التي تضمُّ مختلف الفاعلين من الهيئات التنفيذية والأمنية والجماعات المحلية، حيث تتخلص مهمَّتها في تقديم إحصائيات دقيقة للوزارة عن سير حركة المرور وتدفق المواطنين، خاصة بالمدن الكبرى، إلا أنه لم يعد لها وجود بعد شهرين من تنصيبها، على حد قوله.                                        
فاتح خرفوشي

اختناق مروري والفرود يستغل الأزمة  
كــابــوس يومـــي بمـداخــــل قسـنطينــــة
تعود مشاهد الاختناق المروري بطرقات مدن   خلال فترة التحضيرات للدخول الاجتماعي، حيث أصبحت المسالك الرئيسية تعرف انسدادا كبيرا خلال ساعات الصباح، في حين يعاني المواطنون من فوضى النقل على الخطوط الرابطة بين الأحياء التي يقطنون فيها وأماكن عملهم.
روبورتــاج: سامي حباطي
 وفي جولة صباحية عبر إقليم بلدية قسنطينة، لاحظنا تشكل رتل طويل من المركبات عبر طريق الصومام، حيث يمتد من النقطة المحاذية لملعب الشهيد حملاوي إلى غاية معبر الراجلين القريب من محطة المسافرين بحي  بن تليس. وأخبرنا مستعملو الطريق الذين تحدثنا إليهم، بأن الحركية كانت سلسة في الفترة الماضية من العطلة الصيفية، لكن السيارات أصبحت تتحرك بصعوبة على الطريق المذكور مؤخرا، بسبب تزايد عدد المواطنين الذين يقطعون الطريق بين المحطة وموقف الحافلات على الجهة المقابلة أسفل متحف المجاهد. وأضاف محدثنا بأن المواطنين الذين يفضلون مزاحمة السيارات على عبور الجسر المخصص لهم يساهمون في تفاقم الوضع المروري. وسجّلنا بأنّ الحركة تعود إلى طبيعتها بعد تجاوز مكان المحطة.
وواصلنا تقدمنا عبر الطريق، لكن بمجرد اتخاذ المنعطف المؤدي إلى حي المحاربين، قابلنا ازدحام مروري كبير ناجم عن التقاء المئات من المركبات القادمة من عدة أحياء من المدينة في نقطة دوران واحدة، فالقادمون من وسط المدينة عبر شارع عواطي مصطفي يلتقون مع السائقين القادمين من جسر صالح باي ليشكلوا صفا واحدا ينتهي إلى نقطة الدوران المذكورة، التي يقصدها السائقون من المنطقة الصناعية أيضا، كما أن هذا الموقع يعتبر نقطة مرور إلى وسط المدينة عبر طريق حي المحاربين أو من خلال جنان الزيتون، في حين يقصدها آخرون من أجل تحويل وجهتهم إلى طريق زواغي أو بوالصوف. ويعرف حي جنان الزيتون اختناقا كبيرا يستمر طيلة اليوم، لأن الطريق الرئيسية التي تقطعه تعتبر منفذا إلى عدة وجهات.
الازدحام المروري مصدرُ إزعاجٍ لسكّان وسط المدينة
 أما مظاهر الحركية المرورية الصعبة بوسط المدينة، فقد صارت مألوفة للسائقين والراجلين على حد سواء، خصوصا خلال الأيام الجارية، التي يقصد فيها  الآلاف من المواطنين محلات وسط المدينة للتسوق، كما أن المشكلة تستمر حتى خلال ساعات متأخرة من الفترة المسائية. وقد سبق وأن تحدثت النصر مع معنيين بقطاع النقل في بلدية قسنطينة عن الازدحام بوسط المدينة، حيث أرجعوا المشكلة إلى غياب حظائر الركن على مداخل المدينة، باستثناء عدد محدود جدا، مما يجعل السائقين في تجوال مستمر عبر الشوارع الرئيسية بحثا عن فُسحة كافية لركن السيارة، في حين يقع كثير منهم تحت طائلة العقوبة الإدارية نتيجة الركن العشوائي في الأماكن غير المناسبة.
وأكّد لنا مواطنون بأنّ مشكلة الازدحام المروري تؤثّر عليهم كثيرا خلال ساعات النهار، بسبب هدير المحركات المستمر وروائح الغازات المنبعثة من المركبات، في حين أوضح لنا أصحاب المحلات بأن الحركية الكبيرة تؤدي إلى تراكم كميات كبيرة من الغبار على سلعهم، فضلا عن أنها توقعهم في مشاكل مع السائقين الذين يفكرون أحيانا بأنه من الممكن ركن سياراتهم بمداخل المحلات، لانعدام الأماكن. ويساهم بعض التجار أيضا في خلق الازدحام المروري بسبب المتاريس التي يضعونها بالقرب من متاجرهم لمنع السائقين من الركن.
انسدادات ومعاناة يومية في وسائل النقل الجماعي
وتتركز نقاط الاختناق المروري على مستوى مداخل مدينة قسنطينة، على غرار حي بو الصوف، حيث تحول مدخله إلى كابوس يومي يواجهه أصحاب المركبات والمواطنين، خصوصا مستعملي وسائل النقل العمومية مثل الحافلات، في حين يرجع الانسداد المسجل على مستواه إلى كونه نقطة تحويل مسار إلى عدة وجهات أخرى، فالراغبون في الدخول إلى بو الصوف يمكنهم فعل ذلك عبر طريقين رئيسيين، في حين يستطيع الراغبون في التوجه إلى المنطقة الصناعية وحي زواغي اتخاذ جهة اليمين، كما يمكن للراغبين في الدخول إلى الأحياء السفلى، مثل حي الإخوة عرفة، الانعطاف إلى جهة اليسار. ويمكن عبر حي الإخوة عرفة الوصول إلى وسط المدينة أيضا.
ويسجل حي بو الصوف ازدحاما كبيرا عند الجسر الذي يقود إلى الطريق المؤدية نحو حي زواغي مرورا بالمنطقة الصناعية، فغالبا ما يتشكل صفٌّ طويل من المركبات فيه، إلا أن كابوس المتوجهين نحو حي زواغي لا ينتهي، فبمجرد انتهاء الطريق الذي تبدو فيه الحركة في غاية السلاسة بعد تجاوز الجسر، يعود الاختناق انطلاقا من معبر ماسينيسا إلى غاية المكان القريب من محطة النّهاية للترامواي، كما أنه يظهر على طريق الذهاب نحو علي منجلي أو طريق العودة إلى مدينة قسنطينة.
ولا يخلو حي الدقسي أيضا من مظاهر الانسداد لكونه يمثل امتدادا للمدخل الشمالي للمدينة، لكن المشكلة فيه تعود أيضا إلى التجارة الفوضوية، بالقرب من السوق المغطاة المحاذية لملعب بورطل، فأصحاب الطاولات هناك، يحتلون حيزا هاما من الطريق الخاصة بالمركبات، ويعيقون حركتها. وتتعثر الحركة كثيرا بالقرب من حي وادي الحد بسبب سيارات الناقلين غير الشرعيين والحافلات، في حين أدى تنامي النشاط التجاري في سيدي مبروك إلى جعل هذه الطرقات مأهولة بحركة كبيرة طيلة اليوم، ما يتجلى في الاختناق المروري.

ويظهر بالمدينة الجديدة علي منجلي اختناق مروري على مستوى المدخل الرئيسي إلى غاية المكان المعروف باسم «كوسيدار»، لكن الحركة تنفرج بعد ذلك عند التقدم إلى الجهة العلوية من المدينة، باستثناء بعض الأماكن التي توجد فيها نقاط الدوران، أين تتعثر الحركة قليلا نتيجة التقاء عدة مركبات في مكان واحد. كما أن أصحاب السيارات الذين يحاولون التجاوز بطريقة فوضوية يساهمون في خنق الحركة، فغالبا ما يسارع أصحاب المركبات إلى التجاوز، ما يجعل أصحاب مركبات أخرى يحاولون منافستهم في العبور ويؤدي إلى الانسداد.
الاختناق المروري يتسبب في انعدام وسائل النقل
وأوضح لنا كثير من المواطنين بأنهم غالبا ما يضطرون إلى الانتظار لوقت طويل، يقارب الساعة في بعض الأحيان، داخل محطات سيارات الأجرة عند تسجيل انسداد مروري في الطرقات الرئيسية على غرار طريق حي الصنوبر بمدينة قسنطينة أو طريق زواغي على الخط المؤدي إلى علي منجلي، لأن سائقي الأجرة يعزفون عن العمل في انتظار انفراج المشكلة. وقد وقفنا على هذا الوضع بوسط المدينة على مستوى محطة سيارات الأجرة، التي يعمل أصحابها على الخطوط المؤدية إلى أحياء الجهة الشمالية الشرقية من المدينة، في حين لاحظنا الكثير من المواطنين الذين ينتظرون سيارات الأجرة بعلي منجلي في محطة «كوسيدار».
ويتأثر نشاط الحافلات أيضا بتثاقل حركة المرور في المدينة، حيث يستغرق وصولها إلى المحطات والمواقف المخصصة لها وقتا أطول مما يسجل في الظروف العادية، في حين يشتكي الكثير من المواطنين من عدم احترام أغلب أصحاب الحافلات لقواعد العمل، بسبب السرعة المفرطة التي يسيرون بها في تسابقهم اليومي نحو المحطات للظفر بعدد أكبر من الركاب معرضين المواطنين للخطر، كما أنهم يقضون وقتا طويلا في المواقف المخصصة لهم.
محطات للناقلين غير القانونيين وسائقو الأجرة مستاؤون
وتُمثل محطات سيارات الأجرة غير القانونية المعروفة باسم «الفرود»، مشكلة كبيرة بالنسبة لسائقي الأجرة، ففي علي منجلي لاحظنا محطة خاصة بهم وينشط فيها أشخاص بسياراتهم الخاصة وكأن الأمر يتعلق بنشاط في إطار قانوني، في حين يزاحمون سائقي الأجرة على مستوى المحطة المخصصة لهم بمدخل علي منجلي، ويظهرون بشكل أقل في وسط مدينة قسنطينة خلال ساعات النهار على عكس الساعات الليلية، التي ينتشرون خلالها في المحطات. وقد أكد لنا رئيس مكتب الاتحاد الوطني لسائقي الأجرة لولاية قسنطينة، في تصريح سابق، بأن عدد سيارات الأجرة يتجاوز 3700 سيّارة، ما أدى إلى تسجيل تشبع في حظيرة النقل بالولاية، لكن الكثير من سائقي الأجرة يفضلون تركيز نشاطهم على المحاور القريبة من التجمعات العمرانية الكبيرة، ما يخلق عجزا في نقاط أخرى وينتهي بتضاؤل الطلب مع فائض في العرض.ويعيش سكان بعض المناطق البعيدة عن وسط المدينة مشاكل في التنقل، بسبب عزوف سيارات الأجرة وأصحاب الحافلات عن التوجه إليها، على غرار تحصيص رمضان بن عبد المالك، الواقع غرب حي الجذور، حيث اشتكوا لنا من غياب سيارات الأجرة والمرور النادر للحافلات دون عبورها مسالك  الحي، بسبب تدهور وضعيتها.
وصرح خلال الأيام الماضية مدير مؤسسة النقل الحضري لولاية قسنطينة بأن مصالحه ستقتني خمسين حافلة جديدة لتدعيم الخطوط التي تتكفل بها على مستوى التجمعات السكنية الجديدة بكل من علي منجلي وماسينيسا، في حين تجدر الإشارة إلى أن سكان التوسعة الجنوبية من الوحدة الجوارية 20 قد اشتكوا لنا من قبل من نقص وسائل النقل في الأحياء الجديدة التي تنقلوا إليها منذ فترة قصيرة.
س.ح

في حالات كشفت عنها حملة تحسيسية للأمن
حافلات غير مؤمنة وأدوية فاسدة لإسعاف المسافرين
أظهرت حملة تحسيسية حول قواعد السلامة المرورية، قام بها أمن ولاية قسنطينة بالمدينة الجديدة علي منجلي الأحد الماضي، تجاوزات عديدة يرتكبها سائقو الحافلات و تشكل خطرا على سلامة المسافرين، الذين يزداد استعمالهم لوسائل النقل مع الدخول الاجتماعي، وسط ضغط كبير في الحركة المرورية، و هو ما وقفت عليه النصر خلال مرافقة عناصر الشرطة في خرجتهم.
بداية الخرجة كانت من مقر مصلحة الأمن العمومي بعلي منجلي، بمشاركة كل من محافظ الشرطة نبيل بوعزة وكذا بعض الأعوان، إلى جانب المكلف بالإعلام على مستوى الأمن الولائي بقسنطينة الملازم الأول بلال بن خليفة، والوجهة كانت المحطة الأخيرة للمدينة الجديدة، أين توجد العديد من حافلات النقل العمومي، و ذلك قصد تحديد إن كانت تتوفر على تجهيزات الأمان من مطفأة الحريق وحقيبة الإسعافات الأولية ومثلث الخطر.
ومع وصولنا للمحطة بدأت عملية المراقبة لأول حافلة والتي تعمل على خط جبل الوحش- علي منجلي، الذي يستقطب أعدادا كبيرة من الزبائن، حيث أظهر سائقها الذي كان متقدما في السن، الوثائق المطلوبة، ليدخل في حوار مع محافظ الشرطة في ما يخص العملية التحسيسية، حيث قال إنه يزاول مهنة السياقة منذ 25 سنة ولم يسبق له وأن قام بحادث مرور، موضحا أنه لا يستعمل السرعة ما جعل العديد من الزبائن يفضلون التنقل معه إلى مختلف وجهاتهم، معترفا أن بعض زملائه يتعمدون القيادة بسرعة من أجل جني أكبر قدر ممكن من الأموال.
بعدها تنقلنا لمحاورة سائق آخر يشتغل على نفس الخط، حيث كان شابا لكنه تحدث بوعي كبير، إذ أكد أنه بتضافر جهود المواطنين والسائقين والشرطة، يمكن الوقاية ولو نسبيا من الحوادث التي تحدث يوميا ويذهب ضحيتها العديد من الأشخاص.
تنقلنا عقب ذلك للحافلات الخاصة بالمسافات الطويلة، وهنا وجدنا حافلة واحدة فقط، تعمل على خط قسنطينةـ عين تيموشنت، وبعد المراقبة الروتينية للشرطة، اتضح أن قارورة إخماد النار منتهية الصلاحية، إضافة إلى أن الأدوية الموضوعة في حقيبة الإسعافات الأولية منتهية الصلاحية أيضا، ليحاول السائق الدفاع عن نفسه بالقول إنه لم يكن يعلم بذلك، رغم أنه تعمد تمزيق واجهة تحديد تاريخ الصلاحية.
و تمكن الشرطي المراقب بفضل خبرته، من كشف محاولة التحايل، يأتي هذا في وقت تستوعب فيه الحافلة حوالي 50 مسافرا، وتسير لنحو 980 كيلومترا من قسنطينة إلى عين تيموشنت، ويمكن أن تتعرض لحريق في أي وقت، في حين قال السائق إنه لا يستعمل السرعة المفرطة وبأنه يحمل مسؤولية أرواح كل المسافرين، مؤكدا أنه يستحق العقاب على نسيانه تجديد بعض المستلزمات الضرورية السالف ذكرها، و جدير بالذكر أن عقوبة عدم تجديد قارورة إخماد النيران، هي فتح إرسال ملف إلى مديرية النقل مع مصادرة الحافلة لمدة تتراوح ما بين 8 إلى 15 يوما.

المكلف بالإعلام بمديرية الأمن الولائي بقسنطينة بلال بن خليفة
التجهيزات الأمنية ضرورية  في الحافلات
أوضح المكلف بالإعلام على مستوى مديرية الأمن الولائي بقسنطينة، الملازم الأول بلال بن خليفة، أنه ومن خلال العمل اليومي الذي تقوم به مصالح الشرطة، من أجل تنظيم حركة المرور ومحاولة تخفيض الحوادث التي تسجل يوميا، تقرر الشروع في حملة تحسيسية لفائدة السائقين تخص قواعد السلامة المرورية.
و أضاف المكلف بالإعلام بأن الحملة عرفت تقديم جملة من التوجيهات لمستعملي الشاحنات والدراجات النارية، على غرار عدم الإفراط في السرعة، والتجديد الدوري لعلبة الإسعافات ومطفأة الحريق، من أجل الحفاظ على سلامة السائق وأمن الأشخاص الذين يتواجدون معه، مؤكدا أن الشرطة تتخذ إجراءات ردعية صارمة لكل المخالفين لقواعد المرور.           ح.ب

رئيس فيدرالية نقل المسافرين والبضائع عبد القادر بوشريط
هناك اختلالات في توزيــع الخطوط
أكد رئيس الفيدرالية الوطنية لنقل المسافرين والبضائع عبد القادر بوشريط، أن هذا القطاع يشهد عشوائية كبيرة في تغطية مختلف المناطق، مرجعا ذلك إلى غياب دراسة أو مخطط واضح لتنظيم وسائل النقل في ولايات الوطن وخاصة الكبرى منها.
وأوضح بوشريط للنصر، أن هناك اختلالا كبيرا في طريقة توزيع حافلات النقل العمومي، بما أن بعض الخطوط تعرف تشبعا، فيما تشهد أخرى عجزا، خاصة وأن العديد من المدن توسعت مما ولد أحياء جديدة مع ارتفاع عدد البلديات وخاصة في الولايات الكبرى، ما يستوجب تغيير مخططات النقل لتكون مدروسة بدقة، لحل الأزمة التي قال إن الجزائر تعيشها في هذا المجال.
و بخصوص قدم الحافلات المستعملة، وضعف الخدمات المقدمة بها خاصة ما تعلق بالنظافة، فرد المتحدث بأن الناقلين الخواص يستعملون ما يجدونه في السوق الجزائرية، مضيفا أن فيدراليته تعرضت لـ «الخداع» من طرف وكلاء السيارات والحافلات، أما في ما يخص عدم جاهزية بعض الحافلات قيد الاستغلال منذ أكثر من 30 سنة، فقال بأنها في حالة جيدة وتخضع لرقابة تقنية شهريا ولو كانت غير صالحة للسير، لما تم، حسبه، اعتمادها من طرف الخبير.
و عن الخدمات المتدنية التي تتوفر في مختلف حافلات النقل رغم رفع تسعيرات التذاكر، قال بوشريط إن الزيادة لا تخص الخدمات وإنما هي نتاج لارتفاع سعر البنزين.                          حاتم/ب  

خبراء هندسة النقل بجامعة قسنطينة 1 للنصر
الحــلُّ في النقـــل الجماعـــي والتذكــرة الـموحــدة
اعتبر رئيس قسم هندسة النقل بجامعة قسنطينة 1، بلعور أحمد، أن مشاكل النقل والازدحام المروري خاصة على مستوى المدن الكبرى، راجعة إلى سوء التسيير، وعدم تماشي طريقة تنظيم حركة النقل مع التكنولوجيات الحديثة المتوفرة في الجزائر، فيما شاطره نائبه رمضان بوزرارة وجهة النظر، مقترحا إطلاق خدمة «التذكرة الموحدة» أو الرجوع إلى المؤسسة العمومية.
وقال رئيس القسم في حديثه للنصر، بأن مقاربات الحلول تكمن في حلين اثنين، وهما بناء المنشآت القاعدية وتجديد وسائل النقل المناسبة للتكنولوجيا، بالخصوص في مدينة قسنطينة، ورغم إقراره بصعوبة الحلّ الأول في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة التي تعيشها البلاد، يبقى الشق الثاني متاحا إلى حدٍّ بعيد، حسبه، إلى جانب تشجيع وسائل النقل العامَّة أو الجماعية، تحديدا، مقترحا منع دخول كل السيارات إلى وسط المدينة، بالنسبة لقسنطينة والجزائر العاصمة ووهران وسطيف وعنابة، وغيرها من المدن الكبرى، والسماح للرسمية فقط بذلك.
كما تساءل الأستاذ بلعور عن دور الإحصائيات والمراقبين المعيَّنين من قبل مديريات النقل والوزارة الوصية، لضبط عدد المسافرين واحتياجاتهم، زيادة على تكوين السائقين وكلِّ العاملين في المجال، مشدّدا على «إلزامية احترام قوانين المرور والخضوع للإشارات الضوئية».
من جهة أخرى، ذهب الدكتور بوزرارة رمضان بعيدا في تشريح مشكلة الازدحام المروري والنقل بالمدن الكبرى، متحدثا عما أسماه تقنيا بموثوقية مسارات التنقل، والمتعلقة أساسا بالمدة الزمنية بكل خط، ومواعيد وصول الحافلات والقطار والطائرات وحتى سيارات الأجرة إلى الزبون، والمحطات، داعيا إلى تبني التذكرة الموحدة للسفر، خاصة بين الولايات وداخل المدن الكببيرة.
وأضاف نائب رئيس قسم هندسة النقل بزرزارة، أنَّ «كهربة» وسائل النقل يعدُّ من الحلول الناجحة والكفيلة بالقضاء على كثير الأمور السلبية بالمدن، بدءا بالتلوث والاكتظاظ بالطرقات، حيث تسمح بنقل عدد هائل من المسافرين في آن، وباتجاه خطوط كثيرة، وهو ما من شأنه رفع المداخيل الاقتصادية من جهة، وتوفير الحافلات والسيارات العديدة المتدفقة نحو وسط المدن، مطالبا بخفض عدد الممهلات بالطرق، خاصة الوطنية والسريعة، ودراسة كيفية وضعها بشكل تقني وحديث، وصيانة الطرقات دوريا.
وتحدث الدكتور عن مشكلة الهروب من استعمال القطار، بالقول إن مردُّ ذلك لازال غامضا رغم تبريره، أحيانا، بغياب الأمن وغلاء التذكرة وعدم التقيد بمواقيت التنقل والوصول إلى المحطات، بشكل دقيق، لكنَّه رافع لأجل استرجاع وسيلة النقل، أي القطارات، لمكانتها الأساسية، التي تعتبر شريانا حيويا لكل بلدان أوربا، مع فارق حداثة الوسيلة والدقة والرفاهية والسعر المناسب لكل مواطن بسيط، بدءا من البرتغال وصولا إلى روسيا.
بوزرارة انتقد اقتصار مشروع توسعة «ترامواي» قسنطينة، على زيادة المسافة من زواغي إلى المدينة علي منجلي، وقال إنَّ هذا المرفق الجميل والحديث المزود بأرقى ما توصلت إليه التكنلوجيا، كان ليصبح أكثر نفعا لو مدِّد مساراته نحو الخروب وجبل الوحش، صعودا، و مروره على المطار، رغم عدم اقتناعه بجدوى «مراقب النقل»، هذه المهنة التي اختفت رغم أنها ضرورية وعايشها كل الجزائريون سنوات السبعينيات والثمانينيات.
وقدم بلعور أحمد أمثلة كثيرة عن تطوُّر النقل ووسائله والخدمات المقدمة، بأوروبا، مثلا، مقارنة بالجزائر، رغم توفر الظروف الملائمة وحتى الأموال، في مواجهة الأزمات المالية العالمية ببلادنا، على غرار خدمة إرسال الأمتعة وبلوغها الوجهة النهائية ودقة المواعيد، والخدمات الاستثنائية المقدمة لذوي الاحتياجات، والترحيب بالسائح الأجنبي، معتبرا شبكة الطرقات الحالية كافية وتتطلب المزيد من استعمال التكنلوجيا والوسائل الحديثة والعمل بجد للحاق بركب دول أقل شأنا واقتصادا وبنى تحتية من الجزائر.
فاتح خرفوشي 

 

الرجوع إلى الأعلى