عرفت الجولات الأولى، من الموسم الجاري للرابطة المحترفة بقسميها الأول والثاني، تصاعد موجة الغضب على سلك التحكيم، من طرف رؤساء النوادي وحتى المدربين والمتتبعين للشأن الكروي في بلادنا، مع توجيه اهتمامات خطيرة لمجموعة من الحكام، الذين يصنفون في خانة «النخبة»، على اختلاف شاراتهم الدولية أو الفيدرالية، لكن جوهر الإشكال أصبح يكمن في اللجنة الفرعية المكلفة بالتعيينات، والتي يرأسها الدولي السابق مختار آمالو، والتي تعالت الأصوات للمطالبة بضرورة رحيله.
ولئن كان التحكيم، يوضع دوما في قفص الاتهام بجميع المنافسات الكروية، حتى على الصعيد العالمي، فإن الحملة التي تشهدها الجولات الأولى للبطولة الوطنية، في موسمها الحالي تجاوزت الخطوط الحمراء، بعد خروج بعض الأطراف الفاعلة في المنظومة الكروية الجزائرية عن صمتها، واعترافها بلسان واحد عن وجود الكثير من الخروقات والتجاوزات من طرف الحكام، ولو أن التصريحات التي أدلى بها رئيس الرابطة المحترفة عبد الكريم مدوار قبل أسبوعين، عبر أمواج القناة الثالثة للإذاعة، كانت بمثابة «شهادة» واحد من أهل الدار، الذين أصبحوا يتخذون القرار، لأن مدوار يعتبر من أقدم رؤساء النوادي، بترأسه جمعية الشلف لمدة 23 سنة، وتواجده على رأس بالرابطة المحترفة، منذ جوان الفارط، جعلته يرتدي «قبعة» أخرى غير التي تعوّد عليها، لكنه أكد بأنه على دراية بكل ما يدور في محيط التحكيم، وأقر بوجود «كواليس» كثيرة، وتورط مجموعة من الحكام في قضايا فساد، مع تلقيهم ضمانات من أطراف فاعلة، بخصوص مواصلة المشوار في السلك، دون التعرض لأي عقوبة.
حديث مدوار، ذهب إلى أبعد من ذلك، بالتساؤل عن سر بقاء نفس قائمة الحكام لإدارة مباريات الرابطة المحترفة، بقسميها الأول والثاني في نهاية كل أسبوع، مع غلق الأبواب أمام وجوه جديدة، لتسجيل تواجدها في أعلى المستويات، وبالتالي التصدي لأي مناورة للتغيير، ولو أنه ما استغرب من تكليف الدولي السابق مختار أمالو بتعيينات الحكام في 4 بطولات، دون أن يحوز على أي صفة تمنحه « شرعية التكليف» داخل هيئة رسمية في الخارطة الكروية الوطنية، الأمر الذي جعله يطالب بضرورة اشراك ممثلين عن الرابطات المعنية في عملية التعيينات.
خروج رئيس الرابطة المحترفة، عن صمته بعد أقل من شهرين من انطلاق الموسم، وإقدامه على تصنيف سلك التحكيم في خانة واحدة من «النقاط السوداء» في البطولة، عبّد الطريق أمام رؤساء النوادي والمدربين، للتعبير عن استيائهم الكبير من الحكام، ولو أن رئيس شبيبة الساورة محمد زرواطي، عمد إلى تنشيط ندوة صحفية وجه فيها أصابع الاتهام لرئيس الفاف شخصيا، بخصوص عملية تعيينات الحكام، وتحدث عن وجود أشخاص لا علاقة لهم بالمنظومة الكروية الوطنية، يبسطون نفوذهم في سلك التحكيم، وقد تزامن ذلك مع الخرجة الإعلامية لمدرب الساورة نبيل نغيز الذي أكد بأن فريقه أصبح مستهدفا من طرف الحكام، لحاجة في نفس يعقوب.
وعلى نفس الموجة، سار رئيس وفاق سطيف حسان حمّار، الذي علّق الهزيمة داخل الديار أمام شبيبة القبائل على مشجب التحكيم، وألقى بكامل المسؤولية على الحكم عبيد شارف، ولو أن رئيس «النسر الأسود» استغرب من موقف المكتب الفيدرالي القاضي، بتزكية مختار أمالو على رأس اللجنة الفرعية المكلفة بالتعيينات، مقابل تجريد رئيس اللجنة الفيدرالية للتحكيم محمد غوتي، من جميع الصلاحيات المخولة قانونا، وانضم إلى قائمة المطالبين بضرورة تنحية آمالو، وتنصيب لجنة «مشتركة» تتولى التعيينات، في وجود ممثلين عن الرابطات كأعضاء فيها، مع وضع الثقة في أحد أعضاء المكتب الفيدرالي لترأسها.
من الجهة المقابلة، فإن الفاف عمدت إلى التعامل مع هذه «الزوبعة»، بطريقة لا توحي بوجود نوايا في القيام بأي تغيير في المستقبل القريب، خاصة فيما يتعلق بقضية التعيينات، والدليل على ذلك تجديد الثقة في شخص مختار أمالو على رأس اللجنة الفرعية المكلفة بالتعيينات، مع استدعاء بعض الحكام الذين كانوا محل انتقادات في الجولتين الفارطتين للمثول أمام اللجنة، وإلزامهم بتقديم مبررات بخصوص الأخطاء المرتكبة، والتي كانت لها تأثيرات مباشرة على نتائج المباريات، ليكون القرار الأولي وضع 3 حكام في الثلاجة، ويتعلق الأمر بكل من زواوي، براهيمي ولطفي بوكواسة، مع السعي لإذابة الجليد بين رئيس اللجنة الفيدرالية محمد غوتي وكل طاقمه، لكن من دون المبادرة إلى توسيع تركيبة لجنة التعيينات.
وفي سياق ذي صلة، فإن اللجنة المعنية إرتأت تنظيم جلسة عمل مع حكام النخبة، خصصت بالأساس لتقييم مردود الحكام في الجولات الست الأولى من الموسم الجاري، مع محاولة الكشف عن الأخطاء التي ارتكبها كل حكم، ولو أن غالبيتها تم تعليقه على مشجب «السلطة التقديرية»، خاصة ما يتعلق بضربات الجزاء، لكن من دون أن تكون هناك عقوبات صارمة، لأن القانون الداخلي للتحكيم، المعمول به من طرف الفاف منذ جانفي 2016، لا يتضمن عقوبات تزيد من الشهرين، باستثناء تلك التي تخص الأخطاء الجسيمة، رغم أن زطشي» عبر عن غضبه الشديد خلال اجتماع المكتب الفيدرالي، وأصر على ضرورة انتهاج سياسة جديدة في تسيير سلك التحكيم في مرحلة الإياب من الموسم الحالي.
صالح / ف

تجارب سابقة أثبتت فشلها
تعيينات الحكام تسيل اللعاب وتغرق الفاف في الاتهامات
مازالت قضية تعيينات الحكام، تصنع الحدث في البطولة الجزائرية رغم دخول عهد الاحتراف موسمه التاسع، لأن هذا الشق يبقى يسيل «اللعاب»، وكأن الأمر يتعلق بهيئة تحسم نتائج المباريات في «الكواليس» قبل الاحتكام إلى الميادين، بدليل أن المنظومة الكروية الوطنية تبقى مبنية على «إمبراطورية» التعيينات، والكل يسعى لبسط نفوذه على سلك أصبح غارقا في بحر الاتهامات.
وما يجسد هذا الطرح، هو إصرار كل من يتولى رئاسة الفاف على القيام بثورة في سلك التحكيم، وذلك بمجرد الإعلان عن ترشحه لرئاسة الاتحادية، وكأن إشكالية الكرة الجزائرية تبقى منحصرة في هذه الحلقة، لكن التجارب الميدانية التي عاشتها الفيدرالية في عهد كل من حداج، روراوة وزطشي لم تكن كافية للخروج من هذه الدوامة، وملف التحكيم يبقى القطرة التي تفيض دوما الكأس، وتتسبب في تفجير الأوضاع بين رؤساء النوادي والفاف والرابطة، مع تسجيل اتهامات خطيرة توجه لأصحاب القرار، بخصوص ضلوع «أصحاب النفوذ» في عملية التعيينات، والتواطؤ مع بعض الحكام في الحسم في نتائج بعض المباريات، سيما في الفترات الحاسمة.
والملفت للانتباه أن زطشي وعند تسلمه المشعل من روراوة في مارس 2017، سارع إلى تزكية السياسة التي كان يتعامل بها سابقه في سلك التحكيم، وذلك بتجديد الثقة في شخص الحكم الدولي السابق مختار آمالو لمواصلة مهامه كمسؤول أول على اللجنة الفرعية للتعيينات، وهو الإجراء التي تسبب ـ آنذاك ـ في تفجير أزمة داخل المكتب الفيدرالي، بعد خروج مسعود كوسة عن صمته، ورفضه تولي منصب رئاسة اللجنة المركزية للتحكيم، بسبب تزكية آمالو كمسؤول على التعيينات، وتجريد الرئيس الفعلي من هذه المهمة، ليكون محمد غوتي العضو الذي وافق على التواجد في رئاسة اللجنة، لكن بصورة «مظهرية» فقط، مادامت التعيينات تبقى خارج دائرة اختصاصه، والمتعارف عليه أن السلك مبني على ركيزة التعيينات، وباقي الإجراءات الإدارية تبقى عبارة عن أمور «روتينية».
هذه الإستراتيجية، كانت سببا في توتر العلاقة بين الرئيس السابق للفاف محمد روراوة ورئيس اللجنة الفيدرالية في عهدته، خليل حموم، لأن «البيطري» راح ضحية موجة الغضب التي تصاعدت عليه، وبلغت ذروتها في مارس 2016، ولو أن محفوظ قرباج كان من بين أبرز أطراف المعادلة في تلك الفترة، ليجد نفسه خارج المنظومة الكروية بعد فترة وجيزة من رحيل روراوة، بينما كانت تجربة حميد حداج «هادئة» نسبيا بالمقارنة مع الوضع الراهن، نتيجة إحكام بلعيد لكارن سيطرته المطلقة على سلك التحكيم، رغم أن ذراعيه الأيمن والأيسر بيشيران وولد الحاج، خرجا من اللجنة عبر أضيق الأبواب، بسبب قضية التعيينات.
وانطلاقا من هذه المعطيات، يمكن القول بأن ملف التحكيم يبقى شائكا، والجميع، من حكام ومسؤولي الأندية يسعى لكسب ود وثقة أصحاب القرار في لجنة التعيينات، دون غيرهم من المسؤولين في المنظومة الكروية، كما أن علامات الاستفهام تبقى مطروحة بخصوص المسؤولين الفعليين عن عملية التعيينات، ورجال الظل الذين ينشطون في محيطهم، وهي مشاهد ما فتئت تشوه صورة التحكيم الجزائري، بتزايد الاتهامات الخطيرة من موسم لآخر، دون النجاح في إيجاد حل ناجع لهذه المعضلة.
صالح  / ف

رئيس لجنة التحكيم محمد غوتي يكشف
زطشي فتح تحقيقا ومن حق حمّار الدفاع على فريقه
كشف رئيس لجنة التحكيم محمد غوتي، بأن رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم خير الدين زطشي، قرر فتح تحقيق بخصوص التحكيم، كما اعترف غوتي بأنه ليس مسؤولا على التعيينات:” رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، عبر عن استيائه وغضبه الكبير من التحكيم وأداء بعض الحكام، حيث تحدث خلال اجتماع المكتب الفدرالي المنعقد أمس (يقصد أمس الأول)، بلهجة شديدة، وأكد بأنه سيتكفل بقضية التحكيم، وسيفتح تحقيقا في الموضوع، مهددا بالضرب بيد من حديد”.
وأضاف غوتي خلال نزوله ضيفا أمس، على القناة الإذاعية الأولى والثالثة:”هناك عدة لجان على مستوى التحكيم، ولا يمكنني الإشراف عليها جميعا بمفردي، صحيح أمالو هو من يقوم بالتعيينات، ولكنني أتدخل في بعض الأحيان، عندما أتلقى اتصالات وشكاوى من طرف رؤساء الأندية، بخصوص رفضهم بعض الحكام، ولكن لجنة التعيينات لديها مسؤول وهو أمالو”.
ورد غوتي على اتهامات حمار الموجهة للحكم عبيد شارف، الذي أدار مباراة فريقه أمام شبيبة القبائل، حيث قال:” حمار لديه الحق في الدفاع على فريقه، ولكن الشيء الذي أؤكده له، وأتحمل مسؤولية كلامي، هو أن الحكم عبيد شارف حكما نزيها، وشرف التحكيم الجزائري في المحافل الدولية، وفي الوقت الحالي لا أملك الصور الخاصة بمباراة وفاق سطيف وشبيبة القبائل، ولكن إن أخطأ عبيد شارف، فإنه لم يكن متعمدا، وكفانا اتهامات باطلة، حيث أشاهد وأقرأ بعض التصريحات وبعض الكلام في القنوات، عن حيازة حكم فلاني على قطعة أرض وآخر بناية ضخمة، ولكن أين هو الدليل، يجب الارتقاء نوعا ما في المستوى”.
غوتي، الذي دافع بشدة عن الحكم، اعترف بالمقابل بوجود الأخطاء التحكيمية في البطولة، حيث قال:” الحكم بشر يمكنه أن يخطئ ويمكنه أن يصيب، والأخطاء التحكيمية سجلت حتى في المونديال، رغم وجود نظام تقنية الفيديو، بدليل كم من ضربة جزاء احتسبت بعد العودة للفيديو، وعليه يجب البحث عن كيفية النهوض بالكرة الجزائرية وليس العكس، والتحجج بعد كل خسارة بالحكم”.
وختم رئيس لجنة التحكيم، تصريحاته بتأكيد تعرض بعض الحكام إلى عقوبات، حيث قال:” هناك بعض الحكام، الذين ارتكبوا أخطاء في المباريات الأخيرة وقمنا بمعاقبتهم، مثلما حدث مع بوكواسة لطفي وزواوي”.
بورصاص.ر

معاقبة بوكواسة لطفي  بشهر
الحكمان زواوي و براهيمي في «الثلاجة»  إلى نهاية الموسم
اعتمد المكتب الفيدرالي في اجتماعه المنعقد أول أمس، الاقتراح الذي تقدمت به اللجنة الفيدرالية للتحكيم، والقاضي بشطب الحكمين بوبكر زواوي ومرزوق براهيمي، من قائمة حكام النخبة إلى غاية نهاية الموسم الجاري، مع وضعهما في «الثلاجة» إلى أجل غير مسمى، وإذا اقتضت الضرورة، الترخيص بإدراجهما في قائمة الحكام المعنيين، بإدارة مباريات بطولة الهواة في النصف الثاني من هذا الموسم. هذا ما كشف عنه للنصر مصدر من داخل المكتب الفيدرالي، والذي أوضح في سياق متصل، بأن هذا القرار جاء كرد فعل من الفاف على الأخطاء التي ارتكبها كل حكم، في الجولتين الأخيرتين من بطولة الرابطة المحترفة الأولى، حيث أن الحكم زواوي ارتكب خطأ تقديريا مزدوجا في لقاء شبيبة القبائل وضيفها شباب بلوزداد، من خلال حرمان أبناء «العقيبة» من ضربة جزاء لا غبار عليها، مقابل الإعلان عن ركلة جزاء خيالية للشبيبة، الأمر الذي كان له تأثير مباشرة على نتيجة اللقاء، وكانت من عواقب ذلك غضب عارم لأنصار شباب بلوزاداد، مما كلّف فريقهم عقوبة الحرمان من الجمهور. إلى ذلك، فإن عقوبة الحكم مرزوق براهيمي، تعود إلى قضية مباراة شبيبة الساورة وضيفها أهلي البرج، وهي المقابلة التي كانت قد عرفت توقفا دام 13 دقيقة، مباشرة بعد الهدف الذي سجله «البرايجية» في آخر دقيقة من عمر اللقاء، وقد تم استئناف اللعب بعد التحكم في الأوضاع، لكن الحكم براهيمي، لم يدوّن في تقريره على ورقة التحكيم أي ملاحظة بخصوص هذا التوقف المؤقت وأسبابه، مع اكتفائه بالاستعانة بتقرير تكميلي تم إرساله إلى لجنة الانضباط والطاعة التابعة إلى الرابطة المحترفة، للتنبيه إلى توقف اللعب، حجته في ذلك عدم توفر الظروف التي تسمح بتسجيل هذه التجاوزات على ورقة التحكيم، في حجرات تغيير الملابس.
وحسب ذات المصدر، فإن رئيس الفاف صب جام غضبه خلال اجتماع أمس، وطالب بضرورة معاقبة المتسببين في هذه القضية، لأن الرابطة المحترفة، لم تكن قادرة على الاستعانة بمحتوى التقرير التكميلي لمعالجة الأحداث التي تخللت هذا اللقاء، في دقائقه الأخيرة، مما جعل زطشي يقرر معاقبة الحكم براهيمي بوضعه في الثلاجة، وشطبه من قائمة حكام النخبة، وكذا محافظ المباراة بغداد مباركي، رئيس الرابطة الولائية بالنعامة. على صعيد آخر، فقد صادق المكتب الفيدرالي في جلسة أول أمس، على قرار معاقبة الحكم الدولي لطفي بوكواسة، بعدم التعيين لمدة شهر، بسبب الخطأ التقديري الذي ارتكبه في مقابلة دفاع تاجنانت وشبيبة السورة، وذلك عند إعلانه عن ضربة جزاء لصالح «الدياربيتي»، تبيّن من خلال الإعادة التلفزيونية بأنها غير شرعية، وقد اعترف الحكم عند استدعائه من طرف اللجنة الفيدرالية بالخطأ الذي ارتكبه.
صالح  / ف

الرجوع إلى الأعلى