يحتاج تصريح وزير الشباب والرياضة محمد حطاب، عندما شبه ما يحدث بالملاعب الجزائرية، ب»الحروب»، لوقفات وعمل ميداني لتشريح أسباب العنف في الملاعب الجزائرية، الذي أخد في السنوات الأخيرة منحى أخر، أضحى من خلاله خطرا على الأمن العام، خاصة وأن بعض الأحداث، تجرأ المتورطون فيها على نقلها خارج الهيكل الرياضي، الذي كان من المفروض أن يكون مسرحا للمتعة، قبل أن يتحول لأسباب عدة يختلف الفاعلون في عدها باختلاف مركزهم وتوجهاتهم، إلى بؤرة ومنبع للعنف، على غرار ما حدث الموسم الماضي، بملاعب سكيكدة ووهران وقسنطينة، قبل أن يتكرر المشهد هذا الموسم، لكن أخطره ما عاشته ملاعب العاصمة قبل أيام.
تحرك السلطات العمومية على لسان الوزير حطاب، وتشديدها على ضرورة معالجة ظاهرة العنف في الملاعب، حتى وإن كان بادرة خير، غير أن الجميع يتمنى أن تكون تصريحات المسؤول الأول على قطاع الشبيبة والرياضة، دعامة لتأسيس قاعدة متينة، على غرار ما تم التعامل به في بلدان أوروبا، التي عانت من سلوكات مشجعي الكرة قبل عقود، لتنجح أخيرا في تهذيب سلوكيات كثير منهم، والحد من خطورة هذه الظاهرة، بعد اعتمادها على الجانب العلمي في تشريح أسباب الظاهرة والسبل المثلى لتطويقها، دون الاكتفاء بتوصيات الملتقيات والأيام الدراسية، وهو ما يتوجب تطبيقه في الجزائر، ويعد الاكتفاء بتدوين توصيات الندوات على الورق، دون مرافقة ذلك بعمل ميداني من أسباب استيقاظ هذا المارد، وتطور أشكاله من موسم لأخر، حتى بات خطرا كبيرا.
التعصب الكروي، الذي يكون دوما مرادفا لمصطلحات الجهل والتخلف، سبق العام الماضي، تشريح ظاهرته واتفق الجميع على أن وقف الظاهرة يتطلب إستراتجية ترتكز لخطة عمل مدروسة، يضع محاورها الكبرى خبراء ودكاترة، وفق منهج علمي، غير أن عدم إتباع ذلك بما نصح به الخبراء، تسبب في ظهور الظاهرة من جديد، لكن ب»توابل» جديدة، جعلت الظاهرة أخطر مما تم تسجيله في السابق، وأرغمت حتى السلطات العمومية على التحرك، كونها تدرك خطورة ما وصله عنف الملاعب، المؤشر لمستوى العنف في مجتمعنا.
أحداث ملاعب العاصمة الأخيرة، وما حدث بعد ذلك ببعض شوارعها وأحيائها، أعادت للسطح سؤالا جوهريا حول أسباب الظاهرة، غير أن إجابات هذا التساؤل، تبقى هي نفسها التي بحثنا عنها قبل سنوات وعثرنا عليها، لكن عدم ترجمة الإجابات لعمل ميداني، منع استعادة هياكلنا الرياضية لماهيتها وحولها لبؤرة عنف، عوض لعبها لدورها على الصعيد الاجتماعي والترفيهي.
 ما وصله مؤشر العنف في ملاعبنا، يجعل تجاوز مرحلة حصر نتائج الظاهرة ضرورة، كون فترة تحديد الأسباب يفترض أنه تم تجازوها منذ زمن، لأن الجميع على دراية أن تقييم سلوكات الفاعلين من لاعبين ومدربين ومسؤولين وحتى حكام وتنقية محيط الأندية من الدخلاء، إضافة لتغيير طرق تسيير الهياكل الرياضية وتنظيم المباريات، أصبحت مسلمات في درب اجتثاث مارد العنف.
كريم - ك

عضو المكتب التنفيذي للرابطة عراس هرادة للنصر
«استيراد» القوانين لم يساعد على وقف العنف
• علينا التصدي للعنف الإلكتروني !
• مارد العنف يطل برأسه خلال كل موسم، ما تعليقك على هذه الظاهرة التي باتت تقدم صورة قاتمة عن الكرة الجزائرية ؟
علينا أن نقر بأن المشاهد المروعة والمزعجة والفظيعة، التي تشهدها ملاعبنا كل أسبوع في كافة الأقسام، سواء المحترفة أو الهاوية، باتت تقدم صورة قاتمة عن الكرة الجزائرية، وإذا ما استمرت الأوضاع على ما هي عليه، قد تحل الكارثة بنا في أي لحظة، نحن كأعضاء فاعلين، سواء رؤساء أندية أو إتحاد كرة أو رابطات مسيرة لمختلف الأقسام، نندد بشدة بظاهرة العنف التي باتت تهدد الجميع، ونطلب من الجماهير التعقل، وجعل الملاعب أماكن للمشاهدة والفرحة واللعب النظيف، وليس لإثارة الشغب والقيام بسلوكيات غير حضارية، قد تتسبب في سقوط الأرواح.
• ألا تعتقد بأن الإجراءات المتخذة خلال المواسم الماضية، لم تجد نفعا، بدليل أن ظاهرة العنف في تفش مستمر؟
المشكل الخاص بسلامة وأمن المشجعين بالملاعب، أكبر وأعمق مما كان نتصور، بدليل أن أعمال الشغب والعنف في تزايد ملحوظ إن لم نقل في تطور مخيف، وهو ما يؤكد بأن الإجراءات المتخذة خلال المواسم الماضية لم تجد نفعا، وبالتالي بات لزاما على القائمين على شؤون كرة القدم الجزائرية، وبالتنسيق مع السلطات الأمنية إعادة النظر في الكثير من الأشياء، لعل وعسى نتجنب وقوع كوارث لا يحمد عقباها، خاصة إذا ما علمنا بأن أعمال الشغب، وصلت إلى مستويات غير مقبولة، لقد قلتها وأعيدها التدابير التي عملنا بها طيلة الفترة الماضية، استهلكت بالكامل، وعلينا تطبيق القوانين بحذافيرها، إذا ما أردنا وضع الأمور في السكة الصحيحة.
• كرئيس فريق وعضو فعال في الرابطة المحترفة، بماذا تنصح لوقف مارد العنف؟
يجب أن يأخذ القانون مجراه مع المتسببين في إثارة الشغب والعنف بالملاعب، حتى ولو تعلق الأمر باللاعبين أو الرؤساء، كونهم مسؤولون أيضا عن تفشي هذه الظاهرة، سواء بتصريحاتهم غير المتزنة أو تصرفاتهم غير العقلانية، أنا أنصح بوضع كاميرات المراقبة في كل مكان، ومن يتم التأكد من إثارته للمشاكل يتم محاسبته بشدة، وجعله عبرة للبقية، أنا أود التنبيه لنقطة مهمة، وهي أن مواقع التواصل الاجتماعي غذت العنف، وجعلت الاحتقان يصل ذروته بين مناصري الفرق الجزائرية، إلى درجة جعلتنا ننسى بأننا أبناء بلد واحد، أنا أطالب بمحاسبة كل صفحة عبر «الفايسبوك» تقوم بالتحدث باسم فريق ما، وإن اقتضى الأمر علينا جلب من وراء تلك الكتابات المسيئة والمشجعة، على إثارة البلبلة بين المشجعين.
• بماذا تريد أن تختم الحوار ؟
الرابطة المحترفة، مدعوة على جناح السرعة لإيجاد حلول تطبيقية وليس نظرية، كما يتوجب علينا سن قوانين خاصة بنا، والابتعاد عن القوانين المستوردة، التي أثبتت فشلها، كونها لا تتماشى مع الظروف، والمعطيات الموجودة بالملاعب والمجتمع الجزائري.
حاوره: مروان. ب

لجان الأنصار  مٌنحت الشرعية وظهورها يقتصر على المناسبات الاحتفالية
أثبتت تجربة أعوان الملاعب في الجزائر فشلها الميداني الذريع، رغم المساعي الحثيثة التي قامت بها السلطات لتفعيل دور هذا السلك، من خلال تنظيم دورات تكوينية تحت إشراف مديريات الأمن، لكن قوائم الأعوان ومعايير ضبطها، كانت السبب الذي عطّل هذا المشروع.
هذه التجربة، جاءت امتدادا لتلك المقترنة بلجان الأنصار، لأن هذه المشروع يبقى بعيدا عن مستوى التطلعات المتوخاة، من هيكلة المناصر في إطار منظم، والواقع الذي تعيشه المنظومة الكروية، يبقي لجنة الأنصار مجرد حبر على ورق في كل الأندية، بما فيها تلك التي بادرت إلى استكمال اجراءاتها الإدارية، والحصول على اعتماد رسمي.
والغريب في الأمر، أن تركيبة لجنة الأنصار لا تضبط وفق معايير مدروسة، بل أن «الشوفينية» تعد المعيار الوحيد الذي يؤخذ في الحسبان، في الوقت الذي تبقى فيه إدارة النادي بمثابة «العقل المدبر» في هذا الشأن، ولو بطريقة خفية، لأن كل المسيرين يعمدون، إلى
تنصيب المناصرين المحسوبين على جناحهم، في لجنة الأنصار، لتفادي رد فعل سلبي من المدرجات في حال أي تعثر.
ويبقى أهم جانب، قبّر تجربة لجان الأنصار في المهد، يتعلق بالدور الذي تلعبه هذه اللجان، لأن التجربة الأخيرة في الأندية الجزائرية كسرت «الطابوهات»، وجعلت دور اللجان منحصرا في التكريمات، والبحث عن «البريستيج»، وحتى التدخل في القرارات الإدارية والمبادرة إلى مناقشتها «سريا» مع المسيرين قبل تنفيذها، مع تجاهل المهمة الرئيسية والمتمثلة، في توعية وتحسيس المناصرين، من خلال خلايا فرعية في مختلف الأحياء، وكذا تنظيم الأنصار في تنقلاتهم، فضلا عن الدور البارز في المدرجات أثناء المباريات، والعمل على ضمان المقابلات في أحسن الظروف، لأن معظم تركيبات اللجان تكون مشكلة من «بلطجية» ومسبوقين قضائيا، بحثا عن ترهيب المنافس والحكام، خاصة عند مدخل الملعب وفي النفق المؤدي إلى حجرات الملابس.
صالح /  ف

معايير اعتماد الملاعب تفتقر للشروط الأمنية
طفا الحديث عن الملاعب والهياكل الرياضية، من جديد على السطح، بمجرد استيقاظ مارد العنف، مع مبادرة جميع الأطراف، خاصة في المنابر الإعلامية و»بلاطوهات» التلفزيون، إلى التساؤل عن المعايير التي تم بها اعتماد الكثير من الملاعب الجزائرية، رغم أن المكتب الحالي للرابطة برئاسة مدوار، كان خلال الصائفة الماضية، قد أشهر سيف الحجاج، وتحدث بلهجة فيها الكثير من الصرامة، بخصوص هذه القضية، لكن التطبيق الميداني أبقى دار لقمان على حالها.
ولعّل ما يجسد هذا الطرح، حوصلة نشاطات الرابطة المحترفة في مجال معاينة الملاعب، والتي اقتصرت في نهاية المطاف، على عدم اعتماد ملعب وحيد فقط، ويتعلق الأمر بملعب الإخوة دمان دبيح بعين مليلة، بحجة عدم استيفاء الشروط المحددة لطاقة الاستيعاب، في الوقت الذي تم فيه الترخيص لباقي النوادي، باستقبال ضيوفها في نفس الملاعب، التي كانت محل تحفظ منذ عدة سنوات، الأمر الذي يطرح أكثر من علامة استفهام، حول دواعي برمجة زيارات معاينة لجميع الملاعب خلال فصل الصيف، ثم تكون الخاتمة بقرار الاعتماد، والذي ينتظره الجميع.
من هذا المنطلق، فإن الرابطة تبقى المتهم الرئيسي في هذه القضية، كونها الهيئة الوحيدة المخول لها قانونا اعتماد أي ملعب.
صالح /  ف

الحكم الدولي الأسبق سليم أوساسي للنصر
الأخطاء التحكيمية المؤثرة ساهمت في تفشي الظاهرة
اعترف الحكم الدولي الأسبق سليم أوساسي، بمساهمة التحكيم بطريقة أو بأخرى في تفشي ظاهرة العنف في الملاعب، موضحا في تصريحه للنصر، إلى إمكانية تخفيض نسبة الأخطاء التحكيمية بعد استعمال تقنية الفيديو مستقبلا:» لما تكون الأجواء مكهربة، وغير مهيأة لتقبل الهزيمة، في ظل غياب ثقافة كروية، أظن أن أي خطأ تحكيمي من شأنه أن يغير مجرى مباراة، يتحول لدافع من الدوافع التي يمكنها أن تشعل فتيل «إرهاب الملاعب»، لأن ما يحدث في ملاعبنا مؤخرا، يؤكد بأن ظاهرة العنف تشهد منحى تصاعدي، والأمور تجاوزت الخطوط الحمراء، وأي هفوة من أي طرف كان، سواء اللاعبين، الذين يمكنهم أن يؤثروا بشكل كبير على تنامي هذه الظاهرة، لأن سلوك المناصر من سلوك اللاعبين فوق المستطيل الأخضر، وكما نعلم جميعا، الملاعب تعرف تواجد الأنصار من مختلف الشرائح، وهناك من يعيش ضغوطات اجتماعية، ويتنقلون للملعب للترويح عن النفس، لكن العكس يحدث عندنا مقارنة بما نشاهده في أوروبا والبلدان المتطورة».
وتابع محدثنا تصريحاته بالتطرق إلى مشكلة تكوين الحكام:»أعتقد بأنه من الضروري، إعادة النظر في بعض الأمور المتعلقة بتكوين الحكام، صحيح الخطأ كان وسيظل، ولكن ارتكاب أخطاء مؤثرة، وتصفير ضربة جزاء خيالية، خاصة في التقدير من طرف حكم فدرالي أو حكم يملك أكثر من عشر سنوات ممارسة يؤجج الأوضاع، وهنا يجب الرجوع إلى القيم والأخلاق، ويجب محاسبة الحكام والضرب بيد من حديد».
وردا على سؤالنا، بخصوص إدراج تقنية الفيديو مستقبلا في ملاعبنا وإمكانية مساهمتها في تقليص الأخطاء التحكيمية، قال:» في ظل التطور الحادث على مستوى سلك التحكيم، واستعمال سماعة الأذن للتواصل بين الحكام، واستحداث تقنية الفيديو، ربما يمكن إصلاح جزء من الأخطاء، لكن أقولها وأكررها يجب الثبوت على القيم، لأنها دائما هي الحلقة المفقودة في تكوين الحكام، وخاصة عندما نمنح تسير التحكيم، لكل من هب فتيقنوا بأن آخر يوم في الرياضة والتحكيم قادم لا محال».
بورصاص.ر

الأخصائي النفساني كمال بن عميرة للنصر
ضغط العالم الخارجي وراء السلوكات العدوانية
اعتبر الأستاذ والأخصائي النفساني كمال بن عميرة، بأن ضغط العالم الخارجي لمشجعي كرة القدم، وراء سلوكياتهم العدوانية والعنيفة بمختلف ملاعب الجمهورية الجزائرية، ولو أن محدثنا حمل بعض المسؤولية لرؤساء الفرق واللاعبين، باعتبار أن تصرفاتهم، قد تتسبب في إثارة الأنصار، الباحثين عن الانتصارات فقط، لنسيان متاعب الحياة.
وفي هذا الشأن قال بن عميرة للنصر في رده عن أسباب الظاهرة: «العنف بالملاعب الجزائرية موضوع جد حساس، باعتبار أن الأمور تسير من سيء إلى أسوأ، وبالتالي بات لزاما علينا معرفة مسبباته، التي يمكنني تلخيصها في بعض النقاط، والبداية بالظروف الصعبة التي يعيشها المناصر، الذي يتخبط في الكثير من المتاعب في حياته اليومية، على غرار البطالة والفقر وغلاء المعيشة، وغيرها من الأشياء، التي يفضل الهروب منها نحو المدرجات، التي يراها متنفسا له، غير أنه يصطدم بسوء النتائج، وهو ما يخلف لديه نوعا من الإحباط والقلق والتوتر يدفع به للسلوك العدواني والعنف، كما توجد أشياء أخرى وراء انتشار الشغب، في صورة التصرفات غير المسؤولة، من طرف اللاعبين والمنظمين وحتى الرؤساء والمسيرين، إذ يثيرون هيجان المشجع، في حال قيامهم بأشياء مستفزة، ولذلك ننصح بأن يكونوا عند قدر المسؤولية لتفادي أي انزلاقات».
وبخصوص الحلول التي ينصح بها فقد لخصها فيما يلي:»الرياضة وسيلة حضارية لاستثمار وتفعيل الطاقات الشبابية، ومد الجسور الاجتماعية بين أعضاء الفرق الرياضية من ناحية، ومن جهة أخرى بين الفرق الرياضية فيما بينها، وكذلك يجب أن يكون التشجيع للهدف الجميل والأداء الرائع، بغض النظر عن أمور أخرى، صدقوني إنّ الشعوب الراقية والأمم الحية، هي التي تجعل من الرياضة والملاعب وسيلة للتلاقي وبذر بذور المودة، لا وسيلة للاحتراب والخصومة والشجار، فمن هذه الزاوية وحدها، يمكن الإطلال على الرياضة والنظر إليها”.                               
مروان. ب

 

الرجوع إلى الأعلى