نجح أمل برج صباط في تحطيم جدران العزلة الكروية، التي كانت تحاصر المنطقة، باقتطاعه تأشيرة الصعود إلى الجهوي الأول لرابطة عنابة، في انجاز واكب الانتفاضة الرياضية، التي أصبحت تعيشها على وقعها هذه البلدية، ذات الطابع الريفي في السنوات الأخيرة، حيث أن «النسور الجارحة» تحلق عاليا في سماء جهوي عنابة، رغم أنها لا تتوفر سوى على ملعب ترابي، يفتقر لأدنى شروط الممارسة الكروية، في انتظار تجسيد المشروع «الحلم»، والمتمثل في تغطية الأرضية بالعشب الاصطناعي.
روبورتاج : صالح فرطاس
وقد شاءت الصدف أن يجمع فريق الأمل بين «التاريخ» و»الجغرافيا»، عند كتابة صفحة جديدة في مشواره الكروي، لأن برج صباط ترجمة للتسمية الأصلية التي أطلقها المعمرون على المنطقة، وهي «سوق السبت»، وكان يوم السبت 21 أفريل 2019 موعدا لترسيم صعود الفريق إلى الجهوي الأول، تزامنا مع آخر جولة من البطولة، لتكسر البلدية «الروتين» القاتل الذي كانت تعيش على وقعه، وتشهد احتفالات كبيرة، امتدت إلى غاية ساعة متأخرة من الليل، وهي أجواء تبقى راسخة في ذاكرة كل أبناء المنطقة، الذين أصبحوا يتنفسون برئة كرة القدم، وهذا بفضل الانجازات الباهرة للفريق.
تواجد أمل برج صباط في الجهوي الأول، رفع من التمثيل القالمي في هذه الحظيرة إلى ثمانية أندية، لكن أبناء «سوق السبت» يعدون بمثابة الضيف الأصغر خبرة في هذا القسم، لأن الفريق تأسس في جوان 2011، تحت إشراف طاقم إداري شاب، برئاسة عبد المجيد جطني، والذي بادر إلى تسطير مشروع رياضي، انطلقت معالمه من الفئات الشبانية، قبل الانخراط في الرابطة الولائية بعد موسمين، ليكون الصعود من الشرفي كأولى ثمار النجاح، والمسيرة الناجحة تواصلت، على اعتبار أن المغامرة في الجهوي الثاني لرابطة عنابة دامت ثلاثة مواسم، الأمر الذي من شأنه أن يبقي باب التألق مفتوحا على مصراعيه، مادام حلم اللعب في قسم ما بين الرابطات أصبح يراود أسرة النادي، من لاعبين، مسيرين وأنصار، بعد اقتناعهم بأن بلديات ولاية قالمة، أصبحت مهدا لثورات كروية عديدة.
ويحتفظ أمل برج صباط بميزة الاستقرار، لأن المدرب فاتح عجرود يقود الفريق منذ تأسيسه، وحضوره على رأس العارضة الفنية كان بانتظام، على مدار 7 مواسم متتالية، رغم أن الأمل يضطر إلى استقبال ضيوفه بملعب وادي الزناتي، في انتظار انجاز ملعب برج صباط، بصرف النظر عن الوضعية المالية، لكن الديون المتراكمة لم تكن كافية للحد من إرادة المجموعة، فكان الصعود التاريخي بمثابة الانجاز الذي ولد من رحم الأزمة، في انتظار الظهور في الجهوي الأول الموسم القادم.

* رئيس النادي عبد المجيد جطــني
جيــــــراننـــــا في هــــواري بومـــــــدين  قدوتنا
* جنينا ثمار الاستقرار وعمل المدرب عجرود
هل كنتم تتوقعون النجاح في الظفر بتأشيرة الصعود إلى الجهوي الأول؟
ما هو مؤكد أن الصعود كان الهدف الرئيسي الذي سطرناه، لأن الفريق كان قريبا من تجسيد هذا الهدف قبل موسمين، لكن بعض الأساليب اللارياضية، قطعت أمامه طريق الجهوي الأول في المنعرج الأخير من السباق، وتلك التجربة رغم قساوتها، إلا أنها لم تثن من عزيمتنا، بل زادتنا إصرارا على مواصلة العمل بجدية أكبر، مع استخلاص العبر والدروس، تحسبا لأي مفاجأة غير سارة في نهاية المشوار، فكان الصعود إلى الجهوي الأول تاريخيا، لكنه تحقق ميدانيا وعن جدارة واستحقاق.
وما هو أهم عامل راهنتم عليه وكان بمثابة مفتاح بوابة الصعود؟
لعّل الاستقرار المسجل على مستوى العارضة الفنية، يبقى من أبرز العوامل التي ساعدتنا على بلوغ الهدف الذي سطرناه، لأن المدرب فاتح عجرود، يقود الفريق للموسم السابع على التوالي، وانطلق في عمله مع الفئات الشبانية، وهذا الأمر يعد بمثابة نقطة قوة، على اعتبار أنه ساير الاستقرار الإداري للنادي، وزميله ياسين تباني يتواجد ضمن الطاقم الفني للموسم الثاني تواليا، ولو أننا حفظنا التجربة الأولى جيدا، فقمنا بتدعيم التعداد بلاعبين أصحاب تجربة، لأن عامل الخبرة في الجهوي خيار حتمي وضروري، لأي فريق يراهن على ورقة الصعود، والتغيير الذي مس التشكيلة بنسبة 40 بالمئة، أعطى الإضافة المرجوة.
لكن المهمة كانت صعبة للغاية، والصعود لم يتحقق إلا في الجولة ما قبل الأخيرة؟
تركيبة المجموعة التي لعبنا فيها هذا الموسم كانت استثنائية، وضمت عدة فرق راهنت على الصعود، رغم أن اتحاد البوني ومستقبل طاشة خرجا من السباق مع بداية مرحلة الإياب، لكن التنافس ازداد حدة في الثلث الأخير من المشوار، خاصة وأن الصراع بقي رباعيا، وما أبقى «السيسبانس» قائما المواجهات المباشرة بين الأندية المعنية بالصدارة، والتي كانت في الجولات الأخيرة، وليس من السهل التنافس مع أندية كانت تنشط في بطولة ما بين الجهات، في صورة نادي القالة ومولودية الشريعة، ولو أن فريق مولودية عين علام كان قد تمسك بحظوظه في الصعود، إلى غاية الجولة 28، حيث وجدنا أنفسنا مجبرين على تنشيط «نهائي الصعود»، والذي كنا مطالبين فيه بتفادي الهزيمة بأكثر من هدفين، وقد نجحنا في الخروج من ملعب الذرعان بتعادل نصبنا على منصة التتويج.
وماذا عن العراقيل التي واجهتكم في هذا المشوار؟
تسطير الصعود كهدف رئيسي، جعلنا نضرب بكل المشاكل عرض الحائط، لأننا صممنا على رفع التحدي، والوصول بالفريق إلى الجهوي الأول، وتجاوب اللاعبين مع إستراتيجية العمل التي انتهجناها مكننا من تأدية مشوار دون طفو أي مشكل داخلي، لتكون روح المجموعة بمثابة كلمة السر في هذا الانجاز، مادامت الأزمة المالية تبقى القاسم المشترك بين جل أندية الهواة على اختلاف مستوى نشاطها، لأن إعانات السلطات العمومية تبقى المصدر الوحيد لتمويلها، والكل ينتظر حصة فريقه من ميزانية البلدية أو الصندوق الولائي، لتغطية المصاريف وكذا تسديد شطر من الديون السابقة.
نلمس في كلامكم مؤشرات بخصوص الأزمة المالية؟
بالنسبة لنا الصعود كان قد تحقق بفضل سلاحي الإرادة و»النيف»، لأن الحديث عن الجانب المادي يجرنا على فتح ملف الديون العالقة، على اعتبار أن حصتنا من ميزانية البلدية، خلال سنتين اقتصرت على مداولة بقيمة 700 مليون سنتيم، ظلت تتأرجح بين مختلف الهيئات، ووصلت خزينة النادي في فيفري الماضي، رغم أن المجلس كان قد صادق عليها منذ عدة أشهر، الأمر الذي أجبرنا على تسديد شطر من ديون المواسم السابقة، في حين تحصلنا على دعم من الصندوق الولائي بمبلغ 25 مليون سنتيم، مقابل تكفل المجلس الولائي بتسوية حقوق الانخراط في الرابطة، وعليه يمكن القول بأن الصعود تحقق في ظروف استثنائية، لأن إجمالي المصاريف بقت كديون، وبقيمة تفوق المليار سنتيم.
في ظل هذه الوضعية، كيف تنظرون إلى مستقبل الفريق في أول مغامرة له في الجهوي الأول؟
الحقيقة أن إشكالية الاستقبال خارج الديار، تبقى من بين العوائق التي تؤثر على نتائجنا، خاصة وأننا بحاجة إلى دعم ومؤازرة أنصارنا، بصرف النظر عن قضية الديون المتراكمة، والتي تجعلنا ننتظر تجسيد السلطات المحلية للوعود التي قدمتها، لكننا رغم ذلك جد متفائلين بمستقبل الفريق في الجهوي الأول، لأننا نتخذ من التجربة الناجحة للجار شباب هواري بومدين، كمثال حي نسعى للإقتداء به، خاصة وأننا نسير على خطاه انطلاقا من الشرفي، وسنعمل على تكرار نفس «السيناريو» للمرة الثالثة على التوالي، ولو أن المهمة لن تكون سهلة، في وجود الكثير من الأندية التي يراودها نفس الطموح، فضلا عن تواجد 9 فرق من ولاية قالمة، والبطولة بطابع «الديربي» لها نكهة مميزة، ونسعى لأن يكون فريقنا بمثابة «الحصان الأسود» في السباق، وهذا كله يمر عبر تدعيم التعداد.

* مدرب الفريق فاتح عجرود
هدفنا المستقبلي لعب الصعود مرة أخرى
* استثمرت في شباب البلدية وألعب أحيانا دور المدرب والمسير
في البداية بودنا أن نستفسر عن سر بقاءكم مع الفريق لسبعة مواسم متتالية؟
ليس هناك أي سر، وكل ما في الأمر أنني وجدت الظروف، التي تساعدني على القيام بعمل جدي، وقد اقتنعت بالمشروع الرياضي الذي سطرته إدارة النادي، عندما رأى الفريق النور في سنة 2011، حيث أنني بدأت العمل مع الأصناف الشبانية لموسمين، وعند الانخراط في الرابطة الولائية بفريق الأكابر، توليت مهمة قيادة التشكيلة، تكملة للعمل الذي كنا قد وضعنا لبنته الأساسية، في الفئات الصغرى لسنتين متتاليتين.
هذا يعني بأن الصعود إلى الجهوي الأول، يعد ثمرة العمل المنجز طيلة هذه الفترة؟
مما لا شك فيه أن الاستقرار تكون له انعكاسات جد إيجابية، لأن الثقة المتبادلة بين اللجنة المسيرة والطاقم الفني أصبح كبيرة جدا، وتساهم بصورة مباشرة في بناء الفريق خلال كل صائفة، لأننا نباشر العمل بصورة أوتوماتيكية، بالبحث عن الوجوه الجديدة التي من شأنها أن تدعم التعداد، مادام أمر العارضة الفنية محسوم، وهذا الجانب ساعدنا كثيرا على العمل في ظروف مريحة، بحصر التركيز في الجانب الميداني، لأنني أصبحت عبارة عن مسير في النادي، بعد الفترة التي قضيتها مع الفريق، ولعب دور همزة الوصل بين اللاعبين، والإدارة يبقى مهما طيلة الموسم، لتجنب طفو مشاكل هامشية على السطح، سيما في الشق المتعلق بالمستحقات المالية.
وهل وجدتم في برج صباط الإمكانيات التي تسمح بتواجد الفريق في الجهوي الأول؟
بحكم التجربة الميدانية الطويلة، التي كانت لي مع شباب وادي الزناتي فإن بلدية برج صباط تتوفر على مادة خام من المواهب الشابة، والتي كانت تبحث عن استثمار عقلاني لاستغلالها، بدليل أننا كنا نستقدم لاعبين من هذه البلدية النائية، للعب في الجهوي الأول مع «الزرقاء الزناتية»، فضلا عن وجود بعض العناصر، التي خاضت تجارب أخرى مع فرق مجاورة، لأن النادي الذي كان ينشط على مستوى هذه البلدية كان لا يتوفر على الإمكانيات المادية، ومشاركته في البطولة الولائية، كانت متذبذبة من موسم لآخر، لكن مشروع تأسيس فريق الأمل كان بمثابة المحطة، التي مهدت لانتفاضة كروية بالمنطقة، بعد النجاح في الصعود لأول مرة إلى الجهوي الثاني، وهذا الانجاز فتح باب الطموحات على مصراعيه، فكان الصعود إلى الجهوي الأول عن جدارة واستحقاق.
نفهم من هذا بأنكم لا تخشون على مستقبل الفريق في المحطة الموالية؟
شخصيا فإنني جد متفائل بقدرة أمل برج صباط، على صنع الحدث في بطولة الجهوي الأول، خاصة إذا ما توفرت الإمكانيات المادية، والتي تبقى العائق الوحيد، لأن الفريق أصبحت له «شخصية»، بعد النجاح في كسر «الطابوهات»، وكسب الكثير من الخبرة جراء الاحتكاك بأندية عريقة أمثال القالة والشريعة، والتجربة الناجحة هذا الموسم أعطت اللاعبين والمسيرين على حد سواء الكثير من الثقة، في ظل توفر كل مقومات النجاح، لأننا نمتلك تعدادا قادرا على قول كلمته في الجهوي الأول، رغم أنه يبقى بحاجة إلى بعض الروتوشات، لتغطية النقائص المسجلة، وبالتالي فإننا سنلعب الأدوار الأولى الموسم القادم.

الرجوع إلى الأعلى