سيدات - الأتلتيك - يعدن الاعتبار للكرة القالمية
بصم أتلتيك قالمة لكرة القدم النسوية على انجاز تاريخي، باقتطاعه تأشيرة الصعود إلى الوطني الأول، بعد موسم استعراضي سار فيه الفريق على وقع الانتصارات المتتالية، ليكون استكمال عملية حجز التذكرة المؤدية إلى حظيرة «النخبة،» في مباراة السد بالمسيلة.
روبورتاج : صالح فرطاس
هذا الإنجاز تحقق بفضل سلاح الإرادة، لأن «الأتلتيك» لم ير النور سوى منذ سنتين، لكنه «كبر» بسرعة البرق، لتنجح بذلك «السيدات» في نفض الغبار عن القليل من أمجاد الكرة القالمية، التي تمتد جذورها في أعماق المنظومة الكروية الوطنية، لكن سقوط «الترجي» إلى غياهب الأقسام السفلى، أدخل «السرب الأسود» ومن خلاله الولاية دائرة النسيان من الناحية الكروية، فكان لزاما انتظار المشروع الذي كسر «الطابوهات»، بتوسيع دائرة الممارسة إلى الجنس اللطيف، وتكون ثمار هذا المشروع نجاح العنصر النسوي، في تحقيق ما عجز عنه الرجال، وذلك باعادة فريق من ولاية قالمة إلى القسم الأول، بعدما غاب الترجي لمدة 28 سنة.

التعداد الرسمي لأتلتيك قالمة لموسم (2018 / 2019)
حسناء نميري – حسيبة بلعيدي – إلهام عروي – ريم سلطاني – حدة بن عميرة – ياسمينة عدالة – فاطمة مزالي – بثينة أوصيف – حياة خليفة – فريال كعور – شاهيناز شنة – رندة تومي – صونية صنصري – مروة خلفلاوي – روميساء غريب – أميرة كريلة – إكرام فرحي – وردة عطاء الله
رئيس النادي: علي مباركي
المدرب: عبد القادر حداد
طبيب الفريق: عبد الرحمان توايمية
المسيرون: فاتح معلالة - طارق بوشلاغم - فاتح بوشدق – شافية شابي

رئيس النادي علي مباركي
حققنا الصعود بعدما كسرنا طابو في ولاية محافظة
لم نجد لاعبات في قالمة واستقدمنا 10 شابات لتفادي الإقصاء
nفي البداية بودنا أن نعرف كيف فكرتم في تأسيس فريق نسوي لكرة القدم بقالمة؟
الفكرة كانت تراودني منذ سنة 2012، لما كنت أشغل منصب أمين عام لفريق آمال قالمة، لكن تجسيدها الميداني تطلب الكثير من الوقت، لأنه من الصعب كسر “الطابوهات”، في ولاية محافظة، مادام القالميون لم يتعودوا على توجه العنصر النسوي لممارسة رياضة كرة القدم، رغم أن هناك تجربة سابقة، كانت قد امتدت على مدار 7 مواسم، إلا أن الفريق السابق توقف عن النشاط، ولم يكن باستطاعتنا الانطلاق في العمل بسرعة، بسبب عدم توفر قالمة على لاعبات، ليكون الاعتماد الرسمي للنادي في صائفة 2017.
nهذا يعني بأن قطع أولى الخطوات الميدانية كان صعبا للغاية؟
كثيرون من تنبؤوا بإجهاض هذا المشروع قبل مروره إلى مرحلة التجسيد، لكننا صممنا على رفع التحدي، وكتابة صفحة جديدة في تاريخ كرة القدم القالمية، من خلال توسيع دائرة الممارسة إلى العنصر النسوي، رغم أننا لم نتمكن من ضبط التعداد إلا بصعوبة كبيرة، حيث وجدنا 9 لاعبات فقط من ولاية قالمة، كن يمارسن رياضات أخرى، فكان الاستقدام من خارج الولاية خيارا حتميا، بإلحاق 10 عناصر أخريات بالتشكيلة، لضمان مشاركة الفريق في البطولة الجهوية لرابطة قسنطينة، ولو أن الجانب المادي كان أكبر هاجس، لأننا لم نتلق أي سنتيم طيلة موسم كامل، ومع ذلك فإننا نجحنا في الوصول إلى المبتغى، بقطع أولى الخطوات، ودخول الفريق غمار المنافسات الرسمية، وقد أنهينا الموسم في الصف الثالث.
nلكن المشروع كلل بالنجاح في ثاني موسم، فما سر ذلك؟
التجربة الأولى مكنتنا من أخذ نظرة شاملة عن أجواء البطولة الجهوية، وتحمس اللاعبات لتأدية مشوار أفضل، جعلنا ننظر إلى المستقبل بكثير من التفاؤل، رغم أن “الأتلتيك” ضيف جديد على كرة القدم النسوية، ولم تكن لدينا الإمكانيات التي تدفعنا إلى التفكير في الصعود إلى الوطني الأول، ولو أن هذا الهدف كان عبارة عن حلم راود أعضاء المكتب المسير في صائفة 2018، خاصة وأننا نمتلك إدارة “محترفة”، وهو العامل الذي حفزنا على المرور إلى مرحلة التطبيق، وذلك باستقدام العديد من اللاعبات، ثم الاتفاق مع المدرب عبد القادر حداد، لينطلق الفريق في التحضيرات قبل شهرين من بداية المنافسة.
nوماذا عن مشوار الفريق في البطولة الجهوية؟
العمل الجبار الذي قمنا به في فصل الصيف، سمح لنا بالاطمئنان وبنسبة كبيرة جدا على اللقب الجهوي، لأننا كنا أول فريق يودع ملفات تأهيل اللاعبات، في الوقت الذي كانت فيه باقي الأندية تفكر في الانسحاب من المنافسة، والبطولة انطلقت بشق الأنفس، لكننا قدمنا أوراق الاعتماد كأبرز مرشح للتتويج باللقب، حيث أحكمنا سيطرتنا المطلقة على المنافسة، وفزنا بجميع اللقاءات التي أجريناها، ليكون لقاء السد أمام جمعية عين البيضاء من ولاية ورقلة.
nترسيم الصعود كان يمر عبر الفوز بالمقابلة الفاصلة، فكيف تعاملتم مع هذا الموعد؟
كنا على دراية مسبقة بأن المهمة ليست سهلة، لأنني شخصيا تتبعت البطولة الجهوية لرابطة ورقلة، ووقفت على قوة المنافس، خاصة وأنه كان يعتمد على لاعبات يشاركن بإجازات “مزدوجة”، استقدمهن من أندية من الوطني الأول، وعليه فقد رفعنا احترازات قبل انطلاق “لقاء السد”، وقد حاولنا تخليص تشكيلتنا من الضغوطات النفسية، خاصة وأننا لم نسطر الصعود كهدف رئيسي، لكننا بالموازاة مع ذلك أبقينا باب التفاؤل مفتوحا على مصراعيه، وكل ما أتذكره من تلك المباراة صاروخية بن عميرة، التي أتى منها هدف الفوز والصعود، وكذا اللقطة التي حالفنا فيها الحظ في الدقائق الأخيرة، لما اصطدمت الكرة بالعارضة، لأن تجاربي السابقة كمسير في آمال قالمة جعلتني أعيش ضغطا رهيبا، خاصة بعدما ضيعنا الصعود في آخر الجولات 4 مرات، وقد خشيت كثيرا أن أعيش نفس “الكابوس”، وهو الضغط الذي جعلني أفقد الوعي بعد نهاية المباراة الفاصلة، لأن هذا الانجاز هو الأول لي كرئيس للنادي، كما أنه مرر “الإسفنجة” على “الصدمات” التي تلقيتها مع آمال قالمة، وفرحة اللاعبات في المسيلة كانت أهم لحظة عشتها في مسيرتي الرياضية.
nوكيف تنظرون إلى المستقبل، بالتواجد في القسم الأول الموسم القادم؟
هذا الإنجاز لم يكن ليتحقق، لولا التضحيات التي قدمتها اللاعبات، لأن النتائج المسجلة فاقت كل التوقعات، في ظل الافتقار إلى الإمكانيات المادية، حيث أن كامل التعداد لم يتلق سوى رواتب 4 أشهر، من دون الحصول على أي علاوة، باستثناء مكافأة الفوز في “المباراة الفاصلة”، والتي كانت بمثابة منحة الصعود، ومع ذلك فقد كان الانضباط كبيرا داخل المجموعة، ولم يطرح إطلاقا مشكل المستحقات، في الوقت الذي لم تتجاوز فيه حصة النادي من إعانات السلطات المحلية 80 مليون سنتيم، منها 30 مليون سنتيم من المجلس الولائي والشطر المتبقي من “الديجياس”، وتكلفة الصعود قاربت 230 مليون سنتيم، لأن تسيير فريق نسوي أقل بكثير من تكاليف فرق الرجال، وهذا الجانب يجعلنا نراهن على تشكيل فريق قوي الموسم القادم، من أجل تفادي العودة السريعة إلى الجهوي، لأن تركيبة القسم الأول تضم 12 فريقا، وكل النوادي لها خبرة طويلة في المنافسة، ولن يكون من السهل علينا ضمان البقاء، الأمر الذي يجرنا إلى رمي الكرة في معسكر السلطات الولائية، بحثا عن الدعم  للمحافظة على المكسب التاريخي، للرياضة النسوية بقالمة.

مدرب الفريق عبد القادر حــداد
توجّست قبل الموافقة على تدريب الفريق وأنهيت الموسم بطلا
هل لنا أن نعرف الكيفية التي تعاملتم بها في تسيير مجموعة من اللاعبات من العنصر النسوي؟
ليس من السهل الإشراف على قيادة فريق نسوي، وقد ترددت كثيرا في قبول العرض الذي تلقيته من إدارة النادي، إلا أن العلاقة الوطيدة التي تربطني بالرئيس مباركي أجبرتني على الموافقة، رغم أنني كنت جد متخوف من الإخفاق في المهمة، ليس من الجانب الفني، وإنما من ناحية تسيير المجموعة، وما أن باشرت العمل في أول حصة تدريبية، حتى اكتشفت واقعا مغايرا تماما للصورة الراسخة لدى الأغلبية، بخصوص الأندية النسوية، حيث لقيت تجاوبا كبيرا من كل اللاعبات مع طريقة العمل المنتهجة، مع إصرارهن على تطوير المستوى التقني من الناحية الفردية، وسط انضباط كبير، لتكون هذه التجربة مفيدة جدا لي، لأنني تعلمت منها الكثير، ومكنتني من اكتشاف الوجه الحقيقي للرياضة النسوية.
nوكيف نجحتم في إحكام السيطرة على مجريات البطولة؟
الحقيقة أنني وجدت التعداد مضبوطا، لأن المكتب المسير هو من تكفل باستقدام اللاعبات، ومهمتي انحصرت في العمل الميداني، حيث كانت تحضيراتنا في المستوى، باستغلال مدة شهرين للتحضير، مما سمح لنا بوضع اللمسة على المستوى الفني، مع السعي لتحسين الأداء الجماعي، فكانت روح المجموعة والجاهزية البدنية، أهم العوامل التي صنعت الفارق، ومكنتنا من الفوز بكل المباريات، أمام منافسين عانوا كثيرا من الجانب البدني.
nوماذا عن مستقبلكم مع الفريق بعد تحقيق الصعود؟
الصعود كان ثمرة تعب موسم كامل، وقد تحقق عن جدارة، لأن إصرار اللاعبات على رفع التحدي كان كبيرا، لكنني شخصيا كنت متخوفا في “مباراة السد” من التأثر بعامل نقص الخبرة، خاصة بعد “السيناريو” الذي عشناه في لقاء الكأس ببجاية، حيث أقصينا من الدور 16 بسبب قلة التركيز، وبركلات الترجيح، ولو أن ذلك الإقصاء جعلنا نستخلص العبرة، ونتفادى الهفوات، ومن السابق لأوانه الحديث عن مستقبلي، لأن فرحة الصعود أعادت إلى ذاكرتي “كابوسا”، كنت قد عشته كمدرب مع آمال قالمة في جوان 2011، لما كان الرئيس الحالي لنادي “الأتلتيك” مباركي بجانبي كأمين عام للفريق، وذرفنا دموع الحسرة على ضياع تأشيرة الصعود في آخر جولة من البطولة، لكن القدر شاء أن يجمعنا مرة أخرى، لتكون الدموع في المسيلة تعبيرا عن فرحة الصعود إلى الوطني الأول، ولو أنني شخصيا جد متفائل بمستقبل الفريق.   

قالوا عن الصعود
قائدة الفريق ريــم سلطاني: منحت الأتليتيك خبرة 20 عاما
هذا الموسم يبقى محطة استثنائية في مشواري الطويل في الملاعب، لأنني قضيت قرابة 20 سنة في عالم كرة القدم، لكنني لم أحس بثقل المسؤولية، كتلك التي حملتها على كاهلي مع أتلتيك قالمة، خاصة وأن إدارة النادي كانت تراهن على خبرتي للمساهمة في تأطير المجموعة، الأمر الذي أجبرني على توظيف كامل خبرتي الميدانية لتسيير زميلاتي فوق أرضية الميدان، سواء في التدريبات أو في المقابلات الرسمية، وبعد تحقيق الصعود، فإنني أفكر بجدية في الاعتزال، نزولا عند رغبة الوالدة الكريمة.

اللاعبة فاطمــة مزالي: أحببت المدينة وأهديتها صعودا مميزا
لقد بدأت نشاطي الكروي من بجاية، لكنني وافقت على اللعب في قالمة لموسمين متتاليين، رغم أن الأمر لم يكن سهلا، ومع ذلك فقد تعودت على أجواء المدينة وتقاليدها، ولو أنني لم أتحصل على أي سنتيم في الموسم الأول، رغم أني كنت من ركائز الفريق، لتكون ثمار التضحيات الميدانية التي قدمناها صعود تاريخي إلى الوطني الأول، وهي أغلى هدية يمكن أن نقدمها لكل من ساندنا، والمستقبل سيكون أفضل، مادامت الأجواء السائدة داخل المجموعة، تبعث على الكثير من الإرتياح والتفاؤل، لأننا عبارة عن أسرة واحدة.

اللاعبة صنصري صونية: لم أتوقع نجاحات مثل التي تحققت
لم أكن أتصور أن تكون مسيرتي في عالم كرة القدم ناجحة، لأنني إبنة مدينة قالمة، واكتشفت خبايا المستديرة، عند إمضائي لنادي «الأتلتيك» بعد تأسيسه مباشرة، وقد حاولت تطوير قدراتي الفردية من خلال المثابرة في التدريبات، لأظفر بمكانة في التشكيلة الأساسية، ولو أن الفخر الكبير يبقى الانجاز التاريخي الذي حققناه هذا الموسم، لأن هذا الصعود أعاد الكرة القالمية إلى الوطني الأول، بعد سنوات طويلة من غياب الترجي عن قسم «الكبار»، رغم أنه لا يوجد أي مجال للمقارنة، لكننا سنحمل راية تمثيل الولاية في أعلى المستويات.

 

الرجوع إلى الأعلى