صنع شباب حمام السخنة الحدث وعلى طريقته الخاصة في رابطة قسنطينة الجهوية هذا الموسم، باقتطاعه تأشيرة الصعود إلى الجهوي الأول، في انجاز جسّد الحلم الذي ظل يراود الأنصار على مدار ثلاثة عقود من الزمن، لكن تفاصيله كانت برواية
 فيها الكثير من الخبايا الغريبة.
روبورتاج : صالح فرطـــاس
فالشباب، الذي رأى النور سنة 1989، ظل طيلة 16 موسما قابعا في الجهوي الثاني، وكان في العديد من المرات على مرمى حجر من إدراك الغاية، وإدارته هذا الموسم لم تسطر الصعود كهدف، خاصة بعد «نكسة» الموسم المنصرم، فكان ضمان البقاء هو الهدف الرئيسي، من خلال المراهنة على أبناء المدينة، سيما وأن الأزمة المالية تجاوزت الخطوط الحمراء، لأن الحساب البنكي ظل مجمدا، والنادي لم يتلق سوى إعانة من البلدية بقيمة 36 مليون سنتيم.
هذا الرقم يبقي كلمة السر مقترنة برد فعل اللاعبين، الذين أظهروا إرادة «استثنائية»، تجلت في الاكتفاء بتلقي  علاوات 3 مباريات فقط طيلة موسم كامل، وثمرة ذلك صعود تاريخي، وتجسيد حلم انتظرته المدينة على مدار 30 سنة، رغم أن الشباب أدى مشوارا متذبذبا في مرحلة الذهاب، مما عجّل برحيل المدرب فؤاد هروس، خاصة بعد التأخر بسبع نقاط عن شبيبة شلغوم العيد، ومهمة ثنائي الانقاذ صحراوي وقارة كانت مواصلة المشوار وضمان البقاء، إلا أن حلم الصعود بعث من جديد، وفي المنعرج الأخير، ليعتلي الفريق كرسي الريادة في الجولة 29، ويضمن صعودا تاريخيا قبل جولة من نهاية الموسم، في انجاز فاجأ المتتبعين على جميع الأصعدة، خاصة قضية اللاعبين الذين لم يتحصلوا على مستحقاتهم.

التعداد الرسمي لشباب حمام السخنة لموسم (2018 / 2019)
حراس المرمى: زكرياء براهيمي - أحمد عبد النوري- إلياس قاسم
الدفاع: قيس مودع عزام - إسلام مفجخ - عبد المالك طرطاق - زاكي هلال - إسحاق دغول - عبد الحكيم هلال
وسط الميدان: إبراهيم بوحناش - سفيان مداسي - حسام فلاوين - عبد الرحيم نوي - يزيد عراب - لطفي حمادو - مروان بركان.
الهجوم: فؤاد هلال ـ بوبكر هلال ـ سيف الدين أسوس – زهر الدين عيواج
رئيس النادي: طارق مودع عزام
المدرب الرئيسي: بكير صحراوي
المدرب المساعد: ياسين قارة
طبيب الفريق: صلاح الدين هنشور
الكاتب العام: أحمد عراب
أمين المال: يزيد عراب
المسيرون: كمال طرطاق – عبد الحكيم عيواج – فوزي مبارك عزام – باسم هلال – صلاح الدين هلال

رئيس النادي طارق موّدع عــزّام
الإنجــــاز نعمـــــة قـــــد تحـــولهــا مشـــــاكلنــــا إلــــى نقمـــــــة
* دفعنا حقوق الانخراط لننجو من الشطب فتحولنا لأبطال  
rهل كنتم تتوقعون النجاح في تحقيق الصعود إلى الجهوي الأول هذا الموسم؟
أكبر المتفائلين في حمام السخنة لم يكن ينتظر أن تكون نهاية الموسم تاريخية، لأن الفريق مر خلال الصائفة الفارطة بظروف جد صعبة، بعدما ضاعت منا تأشيرة الصعود لصالح شباب الطاهير، وعليه فقد سجلنا الانخراط في الرابطة بنية تفادي الانسحاب النهائي فقط، والخروج من هذا الموسم بأخف الأضرار، مع السعي لتفادي السقوط، ولم نفكر إطلاقا في الصعود، لأن تركيبة الفريق للموسم المنقضي أحسن بكثير من التعداد الحالي، وعليه يمكن القول بأننا فجرنا مفاجأة مدوية باعتلاء منصة التتويج، ومنحنا الأنصار هدية لم تكن متوقعة.
rوكيف سارت الأمور الميدانية لصالحكم؟
الأكيد أن ضعف مستوى البطولة، كان من أبرز العوامل التي ساعدتنا على تحقيق الصعود، لأننا أنهينا مرحلة الذهاب في الصف الثاني، متأخرين بسبع نقاط عن البطل الشتوي، وهو الفارق الذي جعلنا ننهي مهام المدرب هروس، والاستنجاد بمساعده وكذا مدرب الأوساط لمواصلة المشوار، لأن الجميع اقتنع بأن حلم الصعود تبخّر مبكرا، إلا أننا عدنا بقوة في مرحلة الإياب، واعتلاء عرش الصدارة لأول مرة في الموسم كان عند الجولة 25، لما فزنا على الرائد السابق شبيبة شلغوم العيد، وذلك أهم منعرج في سباق الصعود.
rالأكيد أن التحفيزات المادية كانت من أهم الأوراق التي راهنتم عليها لتحقيق هذا الهدف؟
لن أكون مبالغا إذا قلت بأننا أفقر فريق في الجزائر، لأننا لن نتلق أي سنتيم كإعانة من مختلف الهيئات على مدار موسم كامل، حتى أن حصة النادي من الميزانية الأولية للبلدية، والمقدرة بمبلغ 36 مليون سنتيم لم تدخل بعد الخزينة، واللاعبون لم يحصلوا سوى على منح الفوز بثلاث مباريات طيلة المشوار، دون الحديث عن المستحقات المتعلقة بعلاوات الإمضاء، لأن كل العناصر أصرت على رفع التحدي، ووضع قضية المطالب المالية على الهامش، فكانت الإرادة السلاح الوحيد الذي مكننا من صنع «ملحمة» تاريخية، في انتظار التخلص من إرث الديون الذي يبقى عالقا، لأننا أصبحنا مطالبين برد الجميل للأبطال، الذين جسدوا حلما انتظرته مدينة حمام السخنة لمدة 30 سنة.
rهذا الأمر غير منطقي، فكيف نجحتم في تسيير المجموعة دون أموال وقيادتها لتحقيق الصعود؟
تجربة الموسم الفارط كانت قاسية علينا، لأننا تعبنا كثيرا، ومن جميع الجوانب، ولم نتمكن من اقتطاع تأشيرة الصعود، وقد انعكست بالسلب على الوضعية المالية للنادي، وترتيب البيت من جديد كان صعبا للغاية، وقد اعتمدنا على تعداد غالبيته من أبناء المدينة، مع استقدام 6 عناصر فقط من خارج حمام السخنة، والتفاوض مع اللاعبين كان منذ البداية بلغة الصراحة، لأننا ربطنا تسوية مستحقاتهم بإعانة البلدية، رغم أنهم في بعض الأحيان كانوا يطالبون بشطر من المستحقات، لكنني كنت بدوري أعتزم ترقية الأواسط، لأن هدفنا كان منحصرا في مواصلة الموسم، ولو أن حلم الصعود كبر في الثلث الأخير من البطولة، وهي المرحلة التي تكفلت فيها إحدى الشركات التابعة لأحد الخواص بتسديد منح 3 مباريات، منها قمة الموسم ضد شبيبة شلغوم العيد، والحقيقة أن تعلق الأنصار بفريقهم، زاد في تحميس اللاعبين من أجل تحقيق الصعود، وهذه هي كلمة السر في الانجاز الذي دخلنا به التاريخ.
rوماذا عن مستقبل الفريق في الجهوي الأول ؟
ما حز في أنفسنا أكثر، أن الصعود لأول مرة في تاريخ النادي إلى الجهوي الأول، كان بمثابة «اللاحدث» في مدينة حمام السخنة، وقد يتحوّل من «نعمة» إلى «نقمة»، لأن الفريق لم يحظ بأي تكريم، والوعود التي تلقاها اللاعبون من مختلف الهيئات، مازالت لم تجد طريقها إلى التجسيد، لأن كل لاعب ينتظر الحصول على شطر من مستحقاته العالقة، وهي الوضعية التي من شأنها أن تضع مستقبل الفريق على كف عفريت، لأنني بصدد إعداد الحصيلتين، وبقاء دار لقمان على حالها سيجبرني على الاستقالة، لأنه من المستحيل تكرار نفس «السيناريو»، والديون متراكمة على عاتقي، رغم أن مسؤولي البلدية كانوا قد وعدوا بتخصيص إعانة معتبرة للنادي من الميزانية الإضافية، لأن إشكالية الديون السابقة، والمقدرة بقيمة 700 مليون سنتيم، والتي كنت قد ورثتها في 2012 تبقى قائمة، والحساب البنكي مجمد بسببها، فضلا عن قضية الملعب، والذي يبقى بحاجة إلى إعادة تهيئة الأرضية، وهي مشاكل قد تصعّب من المأمورية في ضمان الانطلاقة الموسم القادم، إلى درجة أننا أصبحنا نخشى من عدم القدرة على ترسيم الانخراط في الرابطة.

قائد الفريق فــؤاد هــلاّل
سأعتزل و في قلبي غصة
* رئيس النادي صرّح بأنكم لم تتلقوا سوى علاوات 3 مباريات طيلة الموسم، فكيف ذلك؟
أفضل الحديث عن هذا الأمر بلغة الأرقام، حيث أن كل لاعب تحصل طيلة موسم كامل على مبلغ 3,5 مليون سنتيم، منها مكافأة الفوز بقمّة الموسم على شبيبة شلغوم العيد، وكذا علاوتي مقابلتي الميلية والطاهير، وهي المبالغ التي تكفل بتسديدها أحد المستثمرين الخواص بالمنطقة، مما يعني بأننا مازلنا لم نتلق منح 18 مقابلة أخرى فزنا بها، إضافة إلى علاوات الإمضاء، والتي لم نتحصل منها على أي شطر، ونحن ننتظر تسوية وضعيتنا المادية العالقة.
rلكن هذا الأمر لا يمكن أن يحفّز اللاعبين على تحقيق الصعود، أليس كذلك؟
وصولنا إلى هذه الوضعية كان من عواقب العلاقة الوطيدة التي كانت تربطنا برئيس النادي، لأننا تأثرنا بصدمة الموسم الفارط، فوافقنا على مواصلة المشوار معه، دون تلقي أي شطر من علاوات الإمضاء، خاصة وأنه كان يراهن على تلقي دعم من البلدية، وبحكم خبرتي الطويلة في الميادين، فقد وجدت نفسي مجبرا على تأطير المجموعة والتحكم فيها، ومع تقدم المنافسة زاد تمسك الأنصار بحلم الصعود، فما كان علينا سوى وضع الجانب المادي على الهامش، ورفع سلاح التحدي، خاصة وأننا من أبناء المدينة، وصمننا على عدم تفويت الفرصة، من أجل تحقيق صعود تاريخي إلى الجهوي الأول، فكان النجاح حليفنا، وهنا بودي أن أوضح شيئا مهما.
rتفضل .... ماهو؟
صدقوني إذا قلت بأن قضية المستحقات المالية، جعلتنا نتذوق طعما مميزا للصعود، وقد أحسسنا بأنه تحقق بعرق الجبين، وبتضحيات كبيرة من اللاعبين، مع دعم معنوي من الأنصار والطاقم المسير، لأن هذا الصعود هو الخاص في مشواري الكروي، بعدما حققت صعودا 3 مرات مع دفاع تاجنانت، وآخر مع نجم بوعقال، لكن إنجاز هذه المرة يبقى استثنائيا، خاصة وأنه تمثل في تحقيق حلم أنصار المدينة التي أعيش فيها، حيث تبقى الفرحة الهستيرية للأنصار لا تقدر بثمن، إلا أن ما جعلنا نحس بالتهميش و»الحقرة» طي الصفحة مباشرة بعد المباراة الأخيرة من الموسم، لأن هناك من اللاعبين من بقيت عليه ديون ناتجة عن مصاريف الموسم، مثل النقل، وهذه النقطة السوداء التي أفسدت العرس.
rوكيف تنظر  لمستقبلك مع الفريق بعد النجاح في تحقيق الصعود؟
عودتي إلى شباب حمام السخنة قبل 3 مواسم، كانت بنية المساهمة في تجسيد حلم الصعود إلى الجهوي الأول، لأنني تربيت في هذا الفريق، قبل أن أنتنقل إلى عدة أندية، منها اتحاد بسكرة، نجم بوعقال، شباب باتنة ودفاع تاجنانت، والنجاح في تحقيق الهدف المنشود، جعلني أفكر بجدية في تعليق الحذاء، خاصة وأنني أبلغ من العمر 38 سنة، لأن إهداء الأنصار فرحة الصعود يبقى الانجاز الذي يسمح لي بالخروج عبر أوسع الأبواب، وبرأس مرفوعة، رغم أنني تأثرت كثيرا لوضعية العديد من الزملاء، بسبب قضية المستحقات، وهذا الإشكال يجعلني لست مرتاح البال على مستقبل الشباب، لأن بقاء دار لقمان على حالها سيكلف الفريق السقوط الموسم القادم، وتوضيح الرؤية بخصوص الوضعية المالية أمر حتمي وضروري لترتيب البيت، وبالتالي تثمين الانجاز التاريخي الذي حققناه.

قالوا عن الصعود
مساعد المدرب ياسين قارة
جنينا ثمار 6 سنوات من التكوين
«هذا الصعود يعد ثمرة العمل الجبار الذي نقوم به منذ عدة مواسم، لأن السياسة التي انتهجها المكتب المسير الحالي، منذ توليه المهمة قبل 6 سنوات، كانت مبنية على الاهتمام بالفئات الشبانية، وقد عملت في مختلف الأصناف منذ فترة، وقطف الثمار الأولية لهذه الإستراتيجية مكن الفريق من تحقيق صعود تاريخي، بتركيبة غالبيتها من خزان الشباب، بدليل أن الأزمة المالية الخانقة، لم تكن كافية لقطع الطريق أمام مجموعة أصرت على تحقيق الهدف، ونجحت في مبتغاها بفضل سلاح الإرادة».
أصغر لاعب قيس عزّام
مشاكلنا كبيرة لكن طموحنا كان أكبر
« إنه لشرف كبير لي أن أكون من بين اللاعبين، الذين ساهموا في قيادة الفريق إلى الجهوي الأول، لأن هذا الانجاز كان بمثابة الحلم الذي ظل يراود أنصارنا، لكنه لم يتجسد على أرض الواقع في سابق السنوات، والفضل الكبير يعود بالدرجة الأولى للاعبين، الذين شكلوا أسرة واحدة، تلاحمت فيما بينها، وقد تعلمت الكثير من هذه التجربة، من خلال احتكاكي بعناصر ذات خبرة، وما علينا الآن سوى العمل على المحافظة على هذا المكسب، لأننا كشبان حملنا المشعل، وحظينا بثقة المسيرين والأنصار، رغم أن المشكل المادي عويص».

الرجوع إلى الأعلى