الواقعية و الإنتاجات المشتركة تبعث الدراما الجزائرية
مسحت الدراما الجزائرية هذه السنة غبار النمطية و السطحية عن وجهها، وظهرت بصورة أكثر احترافية من خلال أعمال كسرت طابوهات اجتماعية و عكست جانبا من الواقع المعيش، كما رفعت  المستوى التقني، و أنهت احتكار الإنتاج و الظهور على حد سواء، فغالبية المسلسلات التي بثت خلال رمضان الماضي، هي عبارة عن أعمال مشتركة، سجلت سقوط الأسماء المكرسة و بروز وجوه شابة من أبناء الركح ، الذين تمكنوا من رفع سقف المتابعة عاليا وبلوغ عتبة 6 ملايين مشاهدة للحلقة الواحدة على يوتيوب، كما هو الحال بالنسبة لمسلسلي «أولاد الحلال» و «مشاعر»، اللذين حلقا بأبطالهما عاليا نحو النجومية رغم الانتقادات التي طالت جوانب عديدة، أبرزها الاعتماد على الشراكة و إسناد مهمتي الإخراج و كتابة السيناريو للأجانب، فضلا عن إدراج بعض مشاهد العنف و الجنس.
«ريمونتادا» عودة الجمهور الضائع
هذه السنة صنعت مسلسلات ورد أسود و مشاعر و أولاد الحلال و الجريح الحدث و الجدل محليا، بعدما سرقت المشاهد الجزائري من القنوات العربية التي ظلت قبلته الرمضانية لسنوات عديدة، فرغم اتهامها بخدش حياء المشاهد و تشويه صورة المجتمع و الانصهار في البيئة التركية و التونسية، إلا أن ما قدمه  نجوم مثل سارة لعلامة و حسان كشاش و عبد القادر جريو و سهيلة معلم و محمد خساني و مليكة بلباي  و مصطفى لعريبي، تفوق على إغراء أمير كرارة و نادين نسيب نجيم و قصي خولي و محمد رمضان ويسرا ، و غيرهم من الفنانين العرب الذين تسيدوا شاشات الجزائريين لما يزيد عن عشر سنوات، سقطت خلالها الدراما الجزائرية في فخ الكلاسكية و التكرار و الفراغ الفني. ولعل الوجه الهزيل الذي ميز الشاشة الجزائرية خلال هذه الفترة، راجع لضعف السيناريو و هفوات الإخراج وكذا المستوى الضعيف الذي قدمه ممثلون كثر، وهي عوامل تضاف مجتمعة إلى قضية احتكار التلفزيون الجزائري للإنتاج الدرامي طيلة عقود، ما انجر عنه تكريس لنفس الأسماء الفنية و الإخراجية، فضلا عن ضيق نطاق المعالجة الدرامية للمواضيع الاجتماعية وعدم تحيينها و انحصارها في قصة الأسرة و المرأة و الصراع الطبقي الذي تجري غالبية أحداثه بين جدران فيلات فاخرة، لدرجة أن ما بات يعرض للمشاهد أصبح أقل إقناعا من أعمال التسعينات على غرار مسلسلات « حنان امرأة و بعد اللقاء و اللاعب». الأمر الذي دفع الجزائريين إلى تطليق الإنتاج المحلي و تحويل اهتمامه نحو الأعمال  التركية و العربية الضخمة التي ما فتئت ترفع المستوى خصوصا بعد انتشار موضة المسلسلات المشتركة، في حين أن المستوى محليا كان مخيبا للآمال، فالدراما تراجعت و حل محلها «السيت كوم» الذي فرض على المشاهد لسنوات.
«ذاكرة الجسد و الخاوة» منعرج فاصل
سنة 2010 اخرج العملاق السوري إسماعيل نجدة أنزور، مسلسل ذاكرة الجسد، المقتبس عن رواية للكاتبة أحلام مستغاني و كانت تلك أول تجربة عربية جزائرية مشتركة، استحسنها المشاهد و انتظر بعدها أعمالا أخرى أكثر قربا لواقعه و هويته، لكن السنوات التي تلت كانت مخيبة و بعيدة عن التطلعات، قبل أن يشكل مسلسل الخاوة «إنتاج سنة»2017، نقلة نوعية في تاريخ الدراما الجزائرية تقنيا و فنيا، فالقصة جاءت مغايرة و اتسمت بالجرأة، أما التفصيل الأهم فكان الاعتماد على وجوه جديدة من أمثال يعقوب مالك، شهرزاد كرانشي و النجم حسان كشاش الذي رفع مستوى الأداء و الإقناع الفني عاليا، وبذلك استطاع العمل أن يحقق نسب مشاهدة عالية و كان أول نافذة عاد الجزائري ليطل من خلالها على الأعمال المحلية، الأمر الذي فتح شهية المنتجين و القنوات الخاصة للاستثمار بشكل أكبر في الدراما و رفع فاتورة الإنفاق على الإنتاج التلفزيوني هذه السنة، وهو ما انعكس من خلال التوجه للإنتاج المشترك التركي التونسي الجزائري السوري، و أيضا من خلال اختيار هذه الدول و دول أخرى كأمريكا و إسبانيا لتصوير أعمال أبرزها الرايس قورصو و بوبالطو و  غيرها.
 «ورد أسود» عندما تروج الدراما للسياحة
الإنتاج المشترك ورغم أن هنالك من انتقده و اعتبره خطوة سابقة لأوانها، مؤكدين على أن التركيز كان يجب أن ينصب على تشجيع الطاقات المحلية و العمل على تقديم دراما أقرب إلى الواقع و الهوية ، إلا أنه حقق الاستثناء هذا الموسم، فمسلسل ورد أسود السوري الجزائري الذي سلط الضوء على حياة السوريين في الجزائر ضمن بوتقة انصهرت فيها القضايا الاجتماعية بالبعد العاطفي، روج للسياحة في الجزائر بشكل كبير خصوصا وأن العديد من النجوم السوريين من أمثال ديمة قندلفت ووائل شرف و صباح الجزائري صوروا مشاهدا في بلادنا، فضلا عن أن بعض جمل الحوار بين الفنانين السوريين تضمنت دعوة مباشرة لزيارة الجزائر و حديثا عن جمالها.
 أما دراميا فإن العمل لم يحقق الجماهيرية التي كانت منتظرة غداة الإعلان عنه بسبب منافسة بعض المسلسلات الأخرى، وكذلك الأمر بالنسبة لمسلسل الجريح، الآن المؤكد هو أن المستوى التقني الذي قدم خلال هذه الأعمال كان احترافيا، سواء ما تعلق بالديكورات أو الأزياء أو الإضاءة و التصوير و الإخراج.
« أولاد الحلال» يبرز أهمية السيناريو و الكاستينغ
الملاحظ هذه السنة هو أن مواقع التواصل لعبت دورا هاما في الترويج للمسلسلات و توجيه اهتمام الجمهور، كما أن الانفتاح الإعلامي انعكس بالإيجاب لأول مرة على واقع الدراما من خلال خلق التنوع و المنافسة، الأمر الذي خدم نوعية الإنتاج فالمشاهدة الجزائري وجد نفسه لأول مرة أمام قائمة خيارات متنوعة، بالرغم من أن الاهتمام انصب أكثر على مسلسلي أولاد الحلال الذي حققت حلقته الأخيرة وحدها 6ملايين مشاهدة على يوتوب منذ تاريخ بثها، و مشاعر الذي تابع حلقته الأخيرة 3.6 مليون مشاهد بعد سويعات  قليلة من بثها.
و لعل أولاد الحلال، الذي طوقته الانتقادات بسبب جرأته و تجاوزه للطابوهات الاجتماعية، كان أكثر جماهيرية، لأنه أقرب إلى الواقع المعيش، ناهيك عن أن قصته قوية إذ تحكي تفاصيل حياة شقيقين يتيمين « زين و مرزاق»، تربيا في ملجأ ثم كبرا و باشرا النبش في ماضيهما بحثا عن أسرتهما ليكتشفا لاحقا بأن والدهما قتل والدتهما لشكه فيها، بطولة المسلسل تقاسمها كل من عبد القادر جريو و يوسف سحايري،  بالإضافة إلى كوكبة من الوجوه الشبانية من خريجي المسرح الذين قدموا أداء قويا أبرز أهمية  التكوين و الكاستينغ الذي غاب عن الانتاجات التلفزيونية في السنوات الماضية، و عوض بالاختيارات العشوائية و الاعتماد على جماهيرية اليوتوبر و مشاهير مواقع التواصل.
أحداث السيناريو متشعبة تعالج قضايا عديدة كالاتجار بالمخدرات و العقم و الجريمة و الاعتداء الجنسي على الأطفال و الفساد السياسي و واقع الأحياء الشعبية في الجزائر العميقة، إذ صور العمل بالكامل في حي الدرب الشعبي بوهران، كما تضمن المسلسل الكثير من مشاهد العنف و بعض الإيحاءات الجنسية، التي اتخذها البعض حجة لمهاجمة العمل،في حين عاب آخرون على المنتجين استعانتهم بسيناريست  و مخرج تونسيين «رفيقة بوجدي و نصر الدين السهيلي»، وقيل حينها أن الفكرة مكررة و مجرد إعادة للمسلسل التونسي « أولاد مفيدة»، و العمل المصري «أولاد الحلال إنتاج  سنة 1978».
المسلسل، اتهام  أيضا بالإساءة لأهل وهران، و تشويه صورة سكان حي الدرب، قبل أن يطل أبطاله عبر مواقع التواصل في بث مباشر للقاء قوي جمعهم بأهل مدينة وهران خلال إحدى ليالي رمضان، مكذبين بذلك الادعاءات، حيث عرضوا يومها صورة جميلة لم يعهدها الجزائريون عن علاقة الفنان المحلي بجمهوره، ورغم أن نهاية العمل كانت مفتوحة و مخيبة نوعا ما، بسبب تزامن تصوير الحلقات مع عرضها، إلا أن أولاد الحلال أرخ لمرحلة جديدة في الدراما الجزائرية التي تميزت هذا العام كذلك بنجاح أغاني الشارة أو الجينيرك، على غرار أغنية « من لي رحتي» التي أداها عبد الله الكرد.
«مشاعر» يتفوق إخراجيا
و « قورصو» يسقط
 انتقاد الاعتماد على طواقم أجنبية لإخراج الدراما الجزائرية، طال أيضا مسلسل مشاعر، بطولة نبيل عسلي و سارة لعلامة و حسان كشاش و التونسية مريم بن شعبان و إخراج التركي محمد جوك، فالكثيرون اعتبروا بأن المسلسل أقرب إلى البيئة التركية منه إلى المجتمع الجزائري، كما أن أداء نجمته الأولى سارة لعلامة، كان محل أخذ ورد بين المشاهدين، مع ذلك رغم كل الجدل، فإن المتفق عليه ، هو أن تقنيات التصوير في المسلسل كانت جد عالية و ذات مستوى احترافي لا يقل عن مستوى الأعمال العربية و التركية، كما أن قصته منعشة و مختلفة مشبعة بالعاطفة التي جاءت بجرعة تتناسب مع الطابع الاجتماعي للعمل.  وعكس مشاعر الذي كان في مستوى ما روج عنه قبل بثه، فإن سلسلة الرايس قورصو، التي أشعلت فتيل الصراع بين اثنتين من القنوات الخاصة، و أشيع بأنها أضخم إنتاج لسنة2019، كانت مخيبة للآمال، فالعمل لم يستطع التحرر من تأثير عاشور العاشر، و سقط في فخ التشتت فلا نحن شاهدنا عملا دراميا ولا حضرنا سلسلة كوميدية، كما أن مستوى المؤثرات البصرية كان ضعيفا مقارنة بما روج له رغم أن المشاهد صورت بالكامل في تركيا و تحديدا في استوديوهات حريم السلطان، وحتى أداء نجوم العمل، بما في ذلك النجم صالح أوقروت لم يكن قويا ومقنعا وذلك نظرا لغموض القصة التي تتحدث عن أمير يعود في هيئة قرصان ليستعيد عرشه الضائع، ناهيك عن أن المسلسل تضمن أخطاء فنية كبيرة أبرزها الإشهار الفاضح لعدد من العلامات التجارية في إحدى حلقاته.         
هدى طابي

* الإعلامي و المخرج عبد الباقي صلاي
الإنتاج هذا الموسم مختلف و مبشر بالتطور
قال المخرج و الإعلامي العائد من الولايات المتحدة « استنتجت من القراءة الأولى للدراما الجزائرية خلال رمضان الفارط، عبر كل القنوات الفضائية، أنها تبدو مبشرة ، لو قارناها بالمستوى الذي كانت عليه سابقا، ولاحظنا أن هناك ارتياحا ولو نسبيا لمستوى بعض المسلسلات التي جاءت مختلفة تماما عن المألوف ، بل تعطي انطباعا قويا أن الدراما في الجزائر بدأت تنحو منحى احترافيا بمرور الوقت، و تشهد تطورا معتبرا.
هناك نقائص يجب الإقرار بها وهذا شيء بديهي ومنطقي، نظرا للتجربة التي كان عليها الطاقم الفني في الجزائر، إذا لم نقل أن النقص فاضح ومرعب للغاية، لكن هذا لا يعني أن نترك الدراما في الجزائر تموت، دون أن نتمعن في الأسباب التي جعلتها لا تروق للمشاهد الجزائري، فما بالك للمشاهد الأجنبي الذي لديه زخم كبير و يستطيع أن يشكل انطباعا أوليا دون أي جهد على أي عمل.
 شخصيا تابعت بعض الحلقات من «أولاد الحلال» الذي أخذ حيزا مهما في يوميات المشاهد الجزائر، ليس للحبكة ولكن للإسقاط على الواقع الجزائري الصرف،و بذات المستوى مسلسل «مشاعر» الذي ارتقى من حيث الصورة غير النمطية إلى مستوى قيم وكان جذابا لمشاعر المشاهد الجزائر، دون أن ننسى مسلسل «الريس قورصو» الذي تمنيت لو أن جعفر قاسم كان مخرجه، فمن المؤكد سيكون أفضل بكثير.
أعرف شخصيا قدرات جعفر قاسم التي كانت ستعطيه الدفقة الجزائرية الخاصة التي يتفاعل معها الطاقم الفني برمته، ليخلق ذلك التمازج الحسي والفني والجمالي في أبعاد فنية كبيرة الإشكالية الكبيرة في الدراما الجزائرية أنها رهينة دارجتنا، رهينة ما نتحدث به، وهذا الذي جعل كل أعمال الجزائريين لا تخرج إلى الدول العربية المجاورة، فضلا عن العالمية، وقليل من أفلامنا القديمة عرفت العالمية بعد أن خضعت للترجمة.
لهذا فأنا أرى أنه من الضروري، بعد التعامل الذي عرفته الدراما خلال رمضان لهذا العام مع العديد من المخرجين غير الجزائريين، أن نفكر كيف نخرج دارجتنا إلى الدول العربية التي نفهم دارجتها ونتقنها،و لا نبقى مكتوفي الأيدي حيال هذا الأمر،ونتوخى في رمضان القادم أو خلال هذا العام، إنتاج دراما جزائرية صرفة لننطلق نحو التعريف بأنفسنا ومزاحمة الدراما العربية.  لا ينقصنا أي شيء، فلماذا نبقى على هامش الحياة الفنية نلتقط الخبرة من دول عربية؟ أعتقد أن ما ينقصنا هو هي الإرادة الفعلية والقرار الصائب، أما دون ذلك فلا يوجد عائق حقيقي والجزائر ولادة لكل الفنون».         إ.ط

* المخرج عمار تريباش
«أولاد الحلال» يروّج للعنف و يشوّه صورة الجزائريين
انتقد المخرج عمار تريباش بعض مشاهد مسلسل «أولاد الحلال» التي تدور في نفس النقطة، على حد تعبيره، دون أن تتطور الأحداث، لحد يبعث على الملل و الاختناق، كما تروّج، حسبه، للعنف و الدم، كمشاهد حمل السكاكين من قبل الشبان
و استعمالها  في شجاراتهم ، مؤكدا أنه كان بإمكان المخرج تجنبها، لأنها غير مجدية ، و  تقديم صورة إيجابية و جميلة عن الجزائر، و يرى أن هذا العمل و غيره من الأعمال التي بثتها القنوات الخاصة في رمضان، غير حيادية، و كأنها خارجة عن نطاقنا و لا تخضع  لقوانين بلادنا التي تنص أساسا على نبذ العنف و احترام قيمنا و تقاليدنا .
و أضاف المخرج المخضرم الذي يضم في رصيده عددا كبيرا من المسلسلات الدرامية بالعربية و الأمازيغية، أن «أولاد الحلال» في المسلسل، يبدو كأنهم ليسوا أولاد الحراك» الذي أثبت المشاركون فيه، عبر مختلف أرجاء الوطن ، من كافة الفئات العمرية، أنهم منظمون مسالمون على درجة عالية من الوعي و الحس الوطني و ليس لهم علاقة بالعنف و الاعتداءات التي برزت في المسلسل، إلى جانب مشاهد تعاطي الخمر التي كان بإمكان المخرج تفاديها ، لأن العمل عرض في الشهر الفضيل الذي تلتف  فيه عادة العائلات الجزائرية حول التليفزيون.
كما انتقد المتحدث أداء الممثلين في مسلسل «مشاعر» الذين بدوا، حسبه، غير طبيعيين و مزيفين، و يحملون مسدسات و كأنهم يمارسون لعبة للأطفال و لا يمثلون في مسلسل درامي، معربا عن أسفه لأن الممثلين الجزائريين، نظرا لنقص الإنتاج، أصبحوا يقبلون بأي عمل حتى و إن كان مستواه هابطا. و الطامة الكبرى، كما أكد،  أن الأغلبية يشاهدون الدراما الرمضانية و يتأثرون بها، و لو دارت حول المافيا و العنف و اعتبرتهما من الأمور العادية، داعيا أهل الفن إلى عدم الانسياق وراء الإثارة و البحث عن أعمال هادفة تحمل رسالة سامية تتماشى مع قيمنا و أهدافنا كمجتمع يسعى للتغيير الإيجابي البناء».    
إ.ط

* المنتج و المخرج و السيناريست يحيى مزاحم
الاحتكار عنوان الدراما الرمضانية هذا الموسم
قال المخرج و السيناريست يحيى مزاحم أن الدراما الرمضانية احتكرتها شركة إنتاج خاصة واحدة استولت على وقت الذروة و كرست ميزانيات معتبرة لإنتاج ثلاثة أعمال هي «أولاد الحلال» و «مشاعر»
و «الرايس قورصو»، معتمدة على مخرجين أجانب، و لم تمنح للمخرجين الجزائريين الحق في دخول المنافسة في ظل هذا الاحتكار.
و أضاف المخرج و المنتج و السيناريست  أن  مواضيع  و سيناريوهات المسلسلات غير جزائرية، و كذا المخرجين، مؤكدا أنه ليس ضد الاعتماد على مخرجين عرب أو أجانب متمكنين، لكنه ضد احتكار الفن و ظاهرة «الشللية» (جمع شلة أو مجموعة أصدقاء) ، و استيلاء نفس الأشخاص على كل الأعمال ما أثر سلبا على نوعية الأعمال.
و انتقد مزاحم الضوضاء و الصراخ في مسلسلات هذا الموسم، و اعتبر مسلسل «مشاعر» ناجحا تقنيا، لكن فنيا يتأرجح بين الرداءة و الجودة،  لأن مخرجه متخصص أساسا في إخراج الكليبات، حسبه، في حين اعتبر مسلسل «أولاد الحلال»، عملا جيدا من حيث الإخراج و الأداء المميز للممثلين، لكنه أكد أن «فكرة العمل مسروقة « من سيناريو جزائري آخر.
و أعرب من جهة أخرى المتحدث عن أسفه، لأن بعض المنتجين و الفنانين تعودوا على الاستيلاء على أفكار و إبداعات و جهود غيرهم، و استغلالها، دون ذكر مصادرها حتى في الجنيريك ، مستشهدا بعدة أعمال ، و تمنى أن يوضع حدا لمثل هذه الظواهر السلبية و إحداث حراك فني حقيقي، يعيد الاعتبار للعقل الجزائري و الكفاءات الجزائرية في مجال الدراما و غيرها، و التركيز على النوعية و الإبداع قبل كل شيء.
  إ.ط

* الممثل محمد الطاهر الزاوي
إشراك العرب و الأجانب في الدراما الجزائرية يطوّر قدراتنا
يرى الممثل محمد الطاهر الزاوي، بطل المسلسل الجزائري السوري «ورد أسود» الذي عرض في شهر رمضان المنصرم أن هناك تطورا كبيرا في الدراما الرمضانية الجزائرية من الناحية  التقنية، سواء في  الإخراج أو الصورة، مؤكدا  «هذا التطور يبقى في نظري ناقصا و «أعرج»، لأنه اعتمد على الخبرة الأجنبية أو العربية. إن كل الأعمال الدرامية التي شاهدتها خلال الشهر الفضيل أو قرأت عنها، تضم أجانب، عرب أو أتراك، بينها العمل الذي شاركت فيه و هو «ورد أسود»، فالمخرج سوري و السيناريو سوري و الفريق التقني سوري و نسبة كبيرة من الممثلين سوريين، و بعض الممثلين الجزائريين .
 أما مسلسل «أولاد الحلال» فحقق صدى كبيرا جدا عند الجمهور المتلقي، لكن يجب ألا ننسى أن مخرجه و كاتبة السيناريو و نسبة من التقنيين تونسيين، أما مسلسل «مشاعر» فالسيناريو و الفريق التقني و الإخراج تركي،مع نسبة من الممثلين تونسيين.
بينما مسلسل «الجريح» الذي كان سيبث عبر التليفزيون الجزائري العمومي، لكنه بث في نهاية المطاف عبر القناة الخاصة «الجزائرية وان» ، فمخرجه مصري و بعض التقنيين أجانب، و  الماكياج إيراني،  و بالتالي أرى أن الجانب الإيجابي في الدراما الرمضانية  و هو الصورة و الإخراج، يبقى «أعرجا» لأنه ليس جزائريا بنسبة مئة بالمئة ، لكن الأهم أن نستفيد من هؤلاء التقنيين الأجانب و نرتقي معهم درجة في سلم التطور الدرامي والإبداع، و لا نتراجع في العام القادم.
سمعت عن انتقادات وجهت لمشاركة العرب و الأجانب في أعمالنا هذا الموسم، لكنني أنظر إلى هذه المشاركة على أنها إيجابية، فقد أتاحت للتقنيين و الممثلين الجزائريين التكوين الميداني المباشر. على سبيل المثال مسلسل «أولاد الحلال» الذي كان له صدى ايجابيا،  نلاحظ أن مساعد المخرج و المخرج كان لهما تأثير كبير على الممثلين، لأنهما قام بتأطيرهم .
 و في الواقع نجد أن مخرجين جزائريين قلائل يهتمون  بالممثلين و إدارة الممثلين، كما أن نسبة كبيرة منهم لا يهتمون بالجانب التقني لأنهم يكونوا في الغالب محاصرين بضيق الوقت، و يصبون اهتمامهم و جهودهم للانتهاء من العمل، أكثر من التركيز على جودته. فنجد بعض الممثلين يكررون نفس طريقة الأداء لعشرات السنين. و أؤمن أن المشكل الأكبر الذي تواجهه الدراما الجزائرية هو السيناريو ، باعتباره الأرضية التي يرتكز عليها المخرج و الممثل و التقني و كل الفريق،  للأسف هذا الموسم،  باستثناء «الجريح» الذي قال لي زملائي الذين مثلوا فيه، أنه يضم نقائص عديدة و تعبوا في تصحيحها .و  باقي السيناريوهات ليست جزائرية .
أما «أولاد الحلال» فالمعالجة الدرامية للفنان عبد القادر جريو، لكن السيناريو  كتبته تونسية، و تدخل جزائريون في أداء الحوار باللهجة الوهرانية، لكن يبقى أنه سيناريو تونسي ، و سيناريو «مشاعر» تركي مترجم و «ورد أسود»  سيناريو سوري، يعني أن الفرح بالأعمال و خاصة شكلها ، يبقى غير كامل.
و أؤكد شخصيا أنني لست ضد  أي عربي أو أجنبي يعمل في الجزائر، لأن السينما و التليفزيون مجالان مفتوحان و ليس لهما حدود».
إ.ط

* الفنانة نضال الجزائري
التأثر بالأعمال التركية واضح في مسلسلاتنا الرمضانية
ترى الفنانة نضال الجزائري أن مسلسل «أولاد الحلال» عمل ناجح على العموم، و حظي بنسبة مشاهدة عالية، لكن أي عمل مهما كان، حسبها،  لن يرقى لإرضاء الجميع،  مؤكدة «هذا هو الإبداع معرض للنقد البناء، لكن أولاد الحلال يجسد الهوية الجزائرية بنسبة مئة بالمئة، حتى و إن كان المخرج و السيناريست تونسي، فإن المشاكل التي طرحها المسلسل مشتركة في كل المجتمعات العربية، إلا أنه في بعض الحلقات خرج العمل عن السيطرة الدرامية و حاد عن القاعدة، إذ لا حظنا بعض المشاهد الشاذة عن الواقع المعيش لشخصيات المسلسل، كمشاهد البطل مع حبيبته  المعالجة النفسية، رقص على الكورنيش.. مما يتنافى مع أخلاق الشخصية الشعبية التي يمثلها بطل العمل عبد القادر جريو ، و شخصية المعالجة النفسية التي من المفروض أنها خبيرة بخبايا النفس البشرية، عاقلة  و رصينة . معلقة « أكيد هناك هفوات، لكنه عمل ناجح إلى حد كبير و الأجمل فيه الممثلون الذين أكدوا على ضرورة التكوين وأغلبهم قادمون من السيدة الخشبة».
في ما يخص الجوانب التقنية لمسلسل «أولاد الحلال» و أغلب مسلسلات رمضان 2019، تقول المتحدثة أنه لا يمكن إلا القول أنها شهدت تطورا كبيرا ، و هي بمثابة «أرضية» جيدة ، و إضافة تحتاجها الدراما الجزائرية للنهوض بالإبداع،  و تلبية رغبة المشاهد الجزائري الذي أصبح يطالب  بالأحسن و بتسليط الضوء على حياته الاجتماعية.
اللافت أيضا أن التأثر بالدراما التركية واضح هذا الموسم، لكنه ليس بالضرورة صحي، في رأي  الفنانة  مشيرة أن ذلك قد يكون لفترة عابرة «لأننا لا نزال نتخبط بحثا عن خط درامي يميزنا في غياب السيناريو كفكرة محلية جادة، و غياب مخرج متمكن و الأهم غياب قانون فنان و نقابة للفنانين تهتم بإبداعاتهم و قضاياهم.  قائلة   أنه  آن  الأوان لتحجز الجزائر   مكانا في السباق الدرامي العربي لقد تأخرنا كثيرا. «ما أريد أن أؤكد عليه، أن لدينا طاقات مبدعة من كل المراحل العمرية تحتاج إلى عين بصيرة محترفة تعرف مكانة كل واحد.من هذا المنبر أود أن أحيي كل الفنانين المشاركين هذا العام، مع تمنياتي أن يرفع عنا غبن التهميش اللامبالاة و الحقرة».
إ.ط

الرجوع إلى الأعلى