سكــــان قـسنطينـــــة يبحثــــــون عــن مـتنفّــــــس !

تتردد بقسنطينة منذ سنوات عديدة، نفس الوعود عن مخططات و أغلفة مالية لمشاريع تخص ترميم مرافق ترفيهية و استحداث أخرى، تدخل كلها في إطار بعث الحركية ، و تخفيف ضغط العيش في مدينة تختنق مروريا و عمرانيا، و تعرف تحولات متسارعة في مناخها الذي أصبح حارا و مشبعا بالرطوبة صيفا، ما عمق معاناة سكانها الذين يلجؤون إلى بدائل بدائية كالأرصفة و نافورات المياه و المجمعات التجارية وحواف الطرقات، في حين تغلق الحدائق وتهمل، فيما يغادر آخرون باتجاه السواحل أو نحو مدن تجاوزت قسنطينة، كثيرا فيما يتعلق بشق الترفيه و الخدمات التي تبقى محدودة و مكلفة وبعيدة عن المستوى المطلوب سواء تعلق الأمر بحظائر التسلية أو فضاءات الراحة.
ملف من إعداد: هدى/ط ،هيبة/ع. أسماء/ب

النافورات تستقطب صيفا والأراضي الفلاحية في الربيع
مدينـة  تاريخيـة تتحـول إلى مرقـد كبـير
يعيش الشباب في قسنطينة حياة المتقاعدين، ففي مدينة تنام باكرا جدا لا يجد الفرد بديلا عن كبت طاقته، خصوصا في ظل انعدام فضاءات الترفيه و التسلية، وهو واقع خيم على المدينة منذ بداية العشرية السوداء، التي فرضت حظر تجوال نخر عميقا في نفسية السكان و بات من الصعب خرقه لدرجة أن التجول مساء في شوارعها، يعتبر نشاطا محظورا على العائلات، التي هجرت أيضا الحدائق و الفضاءات العامة كنصب الأموات  بعدما خربت و ساءت سمعتها بسبب همجية الإرهاب و تبعات غياب الأمن ليتحول  بذلك الإنسان القسنطيني إلى فرد كئيب، لا يجد له متنفسا غير تلك المعارض التجارية التي كانت تقام دوريا داخل خيام كبيرة، أو على أرصفة الشوارع و عند مداخل العمارات التي  يستغلها شباب الأحياء كأماكن للسهر مسببين الإزعاج لغيرهم. بالمقابل يفضل آخرون ركن سياراتهم عند مداخل الجسر العملاق أو على حواف الطريق المؤدي للمطار، للعب الورق أو تدريب الكلاب وهي مظاهر أبعد ما تكون عن التحضر، خلفها شح فضاءات الفسحة، في مدينة تختنق و تتحول إلى مرقد كبير، علما أنه  وصف يشمل أيضا توسعاتها الجديدة على غرار علي منجلي و عين نحاس.  
مشاريع معلقة و حظائر تفرض أسعارا غير مدروسة
سألنا عددا من سكان قسنطينة و غالبيتهم موظفون وتجار و أرباب أسر، عن تصورهم لمفهوم الترفيه و التسلية فكان رد غالبيتهم مرتبطا بذكرى باهتة عن حظيرة جبل الوحش التي تعد قصتها أقرب إلى الأسطورة، في نظر جيل الألفية الثانية، فالترفيه عند هؤلاء يعني مغادرة المدينة باتجاه المدن الساحلية القريبة، أو باتجاه حظائر التسلية و الترفيه، التي سبقتنا إليها ولايات كسطيف و باتنة، و ربما التسكع بين أروقة المحلات التجارية و لما لا السباحة داخل نافورة حي زواغي أو تلك المتواجدة بوسط المدينة أما التسلية ، فلا يمكن أن تتعدى حدود جلسة سمر على رصيف أحد الشوارع أو جولة ورق أو «دومينو» عند مدخل عمارة ما.
أما العائلات فيمكنها أن تقصد الحقل المحاذي للمطار الدولي و تستمتع بمراقبة حركة الطائرات، أو ترضى بأقل ما يمكن أن تحصل عليه من تسلية في حظيرة المريج، التي لا يزال الهاجس الأمني و ضعف التهيئة يقفان بينها وبين تحولها إلى مرفق سياحي و ترفيهي حقيقي، يمكنه أن يغطي على استمرار غلق حظيرة جبل الوحش التي منحت صفقة تهيئتها و استغلالها لمستثمر لم ينجز سوى نسبة بسيطة مما وعد به، حاله حال غيره من المستثمرين الخواص الذين  فشلوا في سد ثغرات السياحة، و عجزوا عن تقديم بدائل مناسبة بالرغم من إعلانهم عن مشاريع هامة على غرار «الأميرة لاند» بالوحدة الجوارية 14 بعلي منجلي، و المدينة المائية خلف مجمع زرزارة للعلوم و التكنولوجيا، ناهيك عن مشروع «بليكز لاند» بجبل الوحش، و أخيرا حظيرة  «صنوبر لاند» بالخروب التي فتحت أبوابها، لكن مقابل تكلفة دخول عالية، لا يمكن للعائلات احتمالها خصوصا وأن تسعيرة ولوج الحظيرة تعادل 100دج للفرد الواحد، أما أسعار الألعاب فتصل حتى 250دج للعبة الواحدة، وهو نفس الحال الذي ينطبق على مشروع النادي الترفيهي الثقافي «سينفوني» الذي أنشأه أحد الفنانين المحليين على مستوى حي الجذور في موقع اعتبره الكثيرون معزولا و غير مناسب.
رغم ذلك تبقى حديقة باردو، هي المتنفس الوحيد للكثير من القسنطينيين و بالأخص العائلات مع أن استغلالها يبقى منحصرا في فئة قليلة من سكان وسط المدينة و الأحياء القريبة من موقعها المحاذي لوادي الرمال .
عاصمة للثقافة  تلتهم الملايير
 وحتى الجانب التاريخي للمدينة، الذي كان بإمكانه أن يتحول إلى عنصر جذب سياحي، طاله الإهمال لسنوات، ليتحول القطاع الحضري القديم بداية من 2015، إلى مغارة علي بابا، فقد أعلن مع اختيار قسنطينة كعاصمة للثقافة العربية، عن مشاريع سياحية ضخمة، بداية بترميم درب السياح الذي خصص له حينها غلاف مالي قوامه600مليار سنتيم، و مشروع المركب السياحي المعلق بالقرب من جسر ملاح سليمان، و غيرها من المرافق ذات الطابع السياحي التي لم ينجز منها سوى مكتبة رئيسية للمطالعة وقاعة للعروض الكبرى « زينيث» التهمت وحدها ما يزيد عن 10 ملايير سنتيم، استغلت لتنظيم عدد من الفعاليات خلال التظاهرة، و دخلت بعد انتهائها، فيما يشبه السبات العميق، وهو واقع ينسحب على الحركية الثقافية عموما.
68 هكتارا حدائق ولكن.. !
سكان المدينة سمعوا أيضا بمبالغ أخرى عديدة أنفقت لتهيئة الحدائق العمومية و الفضاءات الخضراء التي تتربع في العموم على مساحة قوامها 68 هكتارا، على غرار حديقة بن ناصر و دنيا الطرائف و سوسة و بورصاص، وهي في العموم فضاءات غير كافية و تفتقر للكثير، بما في ذلك عدد كاف من المقاعد و أماكن مغطاة  توفر الظل، كما أن تسييرها لا يزال بمثابة معضلة حقيقية، فمنها ما  أهمل و أغلق مجددا، ومنها ما هو حكر على فئة قليلة من المتقاعدين و الباعة الفوضويين و بعض الشباب، الذين يغادرونها في حدود  الساعة الخامسة مساء، لتتحول بعد ذلك إلى منطقة محظورة يحتلها المنحرفون.
المراكز التجارية تتحول إلى بديل
و الملاحظ أن سكان المدينة أوجدوا لأنفسهم بدائل أخرى عن غياب مرافق الترفيه و فضاءات الراحة، فالرجال يفضلون الشوارع و المقاهي، في حين لا تجد النساء في قسنطينة، أماكن مناسبة غير المحلات التجارية فالمقاهي هنا رجالية في العموم والمختلطة منها مكلفة لدرجة أن تسعيرة فنجان قهوة أو شاي  أو كوب عصير أو قطعة حلوى، قد تصل إلى 350دج، وهو ما عزز الإقبال على المراكز التجارية التي انتشرت بقوة في السنوات الأخيرة، خصوصا و أنها تدعمت خلال السنتين الماضيتين بفضاءات للإطعام و أخرى للعب مخصصة للأطفال، تعد مقبولة رغم غلاء أسعارها.
و يبقى النشاط الوحيد الذي يمكن للفرد أو العائلة ممارسته في هذه المجمعات، هو التجوال بدون هدف بين الأروقة و محلات الألبسة المكتظة و تحمل الضوضاء و الأضواء و الروائح و ما إلى ذلك، ليعود الإنسان إلى بيته منهكا في نهاية المطاف، دون أن يحظى بالمتعة الحقيقية، التي يفترض بأنه يهرب إليها من ضغط العمل و مشاكل الاختناق المروري و حظائر الركن العشوائية و غيرها.  
كما يلاحظ انتشار كبير للمواطنين على حواف الطرقات سيما بالطريق المؤدي إلى المطار أين تتوقف السيارات بالقرب من قاعة زينيت في مشهد بدائي يعبر عن ما بلغته المدينة من حال تعيس، كما تتحول الأراضي الفلاحية ربيعا إلى وجهة مفضلة رغم ما يظهره أصحابها من إنزعاج إضافة إلى الخطر المحدق بالأطفال كون النقاط التي تجذب أكثر تقع على محور زواغي أو عبر طريق بلدية بني حميدان  وبن باديس وغيرها من المحاور الخطرة.
استمرار مشكل المسابح الجوارية وعزلة في البلديات البعيدة
يبقى واقع سكان وسط المدينة والأحياء المجاورة لها، أحسن بكثير من مشاكل سكان التوسعات الحضرية المعزولة مثل الغراب و بن الشرقي، فضلا عن البلديات البعيدة كعين عبيد و  بني حميدان و زيغود يوسف و غيرها، فمعضلة قاطني هذه المناطق تبدأ بمشكل النقل الذي يجر  إلى الحديث عن العزلة التي يعيشها شبابها، خصوصا في ظل محدودية النشاطات الثقافية و الرياضية و غياب فضاءات اللعب و ضيق الفضاءات العمومية، فيما تبقى النقطة الأكثر سوادا، متعلقة بالمسابح الجوارية المغلقة التي كلفت الملايير،  دون أن تؤدي الدور المنوط بها بسبب مشاكل تسيير و عراقيل تقنية عديدة على غرار مسبح بلدية عين سمارة، والمسبحين المتواجدين بمركب سيدي مسيد، المعروفين لدى العامة باسمي «بريمو ولابتيت» ، إضافة إلى مسبح بلدية عين عبيد .
و الأدهى  هو أن مصالح الشباب و الرياضة، كانت قد أطلقت سنة 2017 مشروعا لتزويد البلديات بمسابح هوائية بلاستيكية متنقلة بطول 10 أمتار وعمق 1,30 مترا، من بينها ثلاثة مسابح وضعت على مستوى الوحدات الجوارية رقم 1 و7 و13 بمدينة علي منجلي، كما وزعت أخرى على  أحياء بومرزق والقماص بعاصمة الولاية، واستفادت منها أيضا بلديات عين سمارة وبني حميدان ومسعود بوجريو، لكن المشروع مني بالفشل إذ اختفت المسابح و عاد الجفاف مجددا ليطبع يوميات شباب هذه المناطق و غيرها.      
هدى طابي

حديقة بن ناصر فضــاء محـرّم على العائلات مساء
تحوّلت حديقة بن ناصر أو « جنان الزوالية»، بوسط المدينة إلى قبلة للعائلات، بفضل عملية إعادة الاعتبار التي شهدتها منذ نحو ثماني سنوات في إطار برنامج وطني لتدعيم و معالجة المحيط الحضري، فزيارتها لم تعد حكرا على الرجال، كما لا تقتصر على العائلات، بل باتت ممكنة للنساء اللائي حرمن من التواجد بالقرب من محيطها طيلة سنوات عديدة، شابها خلالها الإهمال و غاب عنها الأمن، ما أفقدها صفة الفضاء العمومي، غير أنها ومنذ حوالي الثلاث سنوات، عادت لتكون فضاء مفتوحا أمام الجميع و محطة للقاء
و فسحة للراحة.
بالرغم من أن الجلوس فيها لا يمكن أن يطول لأكثر من نصف ساعة، بسبب السلوكيات المشينة و غير الأخلاقية التي تصدر عن بعض زوارها، و هو واقع وقفنا عليه خلال تواجدنا في المكان عند حدود الساعة الواحدة و النصف زوالا، وهو وقت الذروة، على اعتبار أن الكثير من المتواجدين في وسط المدينة يقصدون الحديقة بحثا عن الظل، وبالأخص الفتيات اللاتي أكدن بأن مشكل غياب الخصوصية يعتبر نقطة سوداء في الفضاء، فلا يمكنك الجلوس فيه دون التعرض لمضايقات و معاكسات شباب لا يتوقفون عن الحركة حاملين السجائر و علب المشروبات الغازية، دون أن تسلم أية فتاة من تعليقاتهم، وهو سلوك بدا بأنه مصدر إزعاج للكثيرات حيث عبرت إحدى الفتيات بالقول، بأنها تزور الحديقة لأول مرة بعدما اتفقت مع صديقتها على اللقاء داخلها، وقد صدمت بكم المضايقات الذي تعرضت له منذ دخولها إليها، فيما قالت شابتان كانتا تهمان بالخروج بأنه مكان يستحسن أن تتفاداه الفتيات، فيما أضافت سيدتان بالقول بأن الفضاء مريح، إلا أن تصرفات بعض زواره شوهته و نفرت قاصديه، خصوصا وأنه يتحول في الفترة المسائية بداية من الساعة الخامسة إلى مرتع للمنحرفين، يحرم على العائلات دخوله، إذ  تكثر فيه السرقات و السلوكيات المشينة، وقد سبق لمواطن أن تعرض الأسبوع الماضي، لاعتداء بالسرقة تحت طائلة التهديد من قبل مجموعة من اللصوص، و هي قضية عالجتها مصالح أمن قسنطينة، التي تمكنت من توقيف المشتبه فيهم و بحوزتهم كمية من المخدرات، ما ضاعف من مخاوف العائلات.
أسماء بوقرن

باردو بديل العائلات الباحثة عن الراحة
  تعد اليوم حديقة باردو، مقصد القسنطينيين الأبرز، بعد أن وجدت فيها العائلات بديلا لغياب مرافق الترفيه، وذلك نظرا لتوفرها على الأمن و مساحات اللعب المخصصة للأطفال، حيث يعرف الفضاء توافدا متزايدا للأسر بداية من الساعة الخامسة و النصف مساء، و هو ما لاحظنه خلال زيارتنا إليه، كما حدثنا أحد أعوان الحراسة عن حركية كبيرة تستمر إلى غاية منتصف الليل، أرجعها كما قال  إلى توفر الأمن واقتصار الدخول إلى الحديقة على العائلات و الأزواج، بالرغم من أن بعض الزوار لا يلتزمون كما عبر، بشرط نظافة المكان، ومنهم من لا ينهون صغارهم عن تخريب الألعاب. بدورها أكدت سيدة تدعى حفيزة، بأنها تزور المكان كل يوم جمعة رفقة عائلتها الكبيرة و ذلك منذ نحو شهر تقريبا، مشيرة إلى أنها وجدت فيه ما يسعد أحفادها، وذكرت بأن توفر الأمن يعتبر الحافز الأهم الذي يدفعها للتردد على الحديقة في كل مرة.            
أسماء بوقرن

سوسة.. رئـة مهملة في مدينة تختنق
  حديقة سوسة أسفل جسر باب القنطرة بمدينة قسنطينة والممتدة على مساحة 4 آلاف متر مربع، بالرغم من أنها تعد من أجمل الفضاءات المفتوحة التي تزخر بها المدينة نظرا لموقعها المحاذي لوادي الرمال ، و انعزالها نوعا ما عن ضوضاء المدينة، إلا أنها محرمة على الزوار بسبب وضعيتها الكارثية و افتقارها لشرطي النظافة و الأمن ما حولها إلى مقصد للمنحرفين و المدمنين.
أول ما شدنا خلال زيارتنا للحديقة، كان كم القذارة الكبير الذي يسد مدخلها، بما في ذلك بقايا الطعام و علب الوجبات السريعة بالإضافة إلى أكواب القهوة وغيرها من أشكال القمامة، أما أكثر ما يبعث على النفور فهو الانتشار الكبير للحشرات و الجردان التي تغزو الفضاء، خصوصا  بمحاذاة البوابة المتواجدة على مستوى الكورنيش و التي تعد المدخل الوحيد المتاح أمام قاصدي المكان، على اعتبار أن المدخل الثاني المتواجد بنهج طاطاش بلقاسم، مغلق منذ سنوات  ، وهو ما حد من نطاق استغلاها إذ تعتبر هذه الحديقة محرمة على القسنطينيين لدرجة أن هنالك من يجهلون بأنها مصنفة كفضاء عمومي و يعتقدون بأنها مجرد امتداد للصخر العتيق، حيث يكتفون بمشاهدتها من أعلى الجسر و التقاط صور لها دون دخولها ، بالرغم من أنها استفادت من عملية تهيئة في إطار قسنطينة عاصمة للثقافة العربية، كما عرفت  عملية تنظيف واسعة أشرفت عليها أحدى الجمعيات الشبانية مؤخرا، غير أن عزلتها استمرت و طالت معها رحلة سكان قسنطينة المضنية للبحث عن مرافق للترفيه  ، إذ يقتصر استغلالها، على بعض الجمعيات التي نادرا ما تخصها بجولة سياحية أو عمليات تنظيف مناسباتية، و قد كان من المبرمج أن تستفيد الحديقة مطلع السنة الجارية من برنامج تهيئة شامل و ذلك  في إطار مشروع  تهيئة درب السياح، المار أسفلها، حيث تم اقتراح إنشاء مساحة للعب و مطعم  للوجبات الخفيفة و كافيتيريا على مستواها، حسب ما أكده في وقت سابق، مدير السياحة للنصر، إلا أن المشروع تأخر إلى غاية الآن .                 
أسماء بوقرن

المريج.. بديل يفتقر للإمكانيات
وتعتبر حديقة الاستجمام بمنطقة المريج، المتنفس الوحيد للقسنطينيين، مع أنها لا تعد فضاء سياحيا أو ترفيهيا متكاملا نظرا لانعدام خطوط  النقل منها وإليها، فضلا عن نقص مرافق التسلية و ضعف الخدمات على مستوى الحظيرة   التي تتربع على مساحة ثلاثين هكتارا، تابعة لمحافظة الغابات، وهي الجهة التي تكفلت بمشروع تأهيل المنطقة  قبل سنوات، عبر إنجاز ممرات لممارسة رياضتي الجري و المشي، و تأهيل بعض البحيرات الصغيرة و توفير طاولات و كراس للعائلات و ألعاب للأطفال، قبل أن تقرر تأجير الحظيرة لأحد الخواص قبل 14سنة، ليشرف على تسييرها، وهو نفس المستثمر الذي افتك هذه السنة مناقصة لاستغلال المرفق بشكل كلي، يتضمن توسيع الفضاء و تنويع الخدمات من خلال إنشاء أكشاك تجارية و مسابح متنقلة و ما إلى ذلك من مرافق الترفيه.  
و ينتظر أن يسهم مشروع التوسعة الجديد، في  ضمان استغلال أنجع للحظيرة، التي لم تنجح في استقطاب اهتمام الكثير من المواطنين، لأسباب  تتعلق أولا بالجانب الأمني و ثانيا بالسمعة السيئة التي ظلت لصيقة بها لسنوات عديدة كانت خلالها مكانا مهجورا يحتكره المنحرفون ، مع ذلك، فإن عدد زوارها عرف تزايدا ملحوظا خلال السنتين الأخيرتين تزامنا مع استقرار الأوضاع الأمنية في البلاد عموما، حيث تحول الفضاء إلى مقصد للعائلات خاصة في فصل الربيع، أين يصل عدد قاصديها إلى 300 زائر يوميا بحسب ما أكده مسيرها السيد كاسوري  جمال، الذي أبدى امتعاضه الكبير من “ العراقيل البيروقراطية المفروضة عليه كما قال، من قبل إدارة محافظة الغابات، التي تتماطل منذ ثمانية أشهر على حد تعبيره، في منحه رخصة الاستغلال، وهو ما أخر أشغال توسعة الحديقة”
رغم ذلك أكد المتحدث، بأنه يسعى جاهدا لإنجاز ولو جزء ضئيل من المشروع، في ظل محدودية الإمكانيات وعدم حيازته للرخص اللازمة، مشيرا إلى أنه انتهى من نصب المسابح المتنقلة، لكنه لم يفعل استغلالها بسبب غياب الإمدادات بشبكة المياه، وهو ما حال دون فتحها أمام الزوار الذين قل عددهم  نوعا ما خلال فصل الصيف ، ما دفعه إلى برمجة عروض ترفيهية و بهلوانية، كبديل في انتظار انفراج مشكل التراخيص كما عبر.
 هيبة عزيون

حظيـرة جبل الوحـش.. 25 سنـة من الانتظار
مشروع مركب التسلية و الترفيه بأعالي غابة جبل الوحش هو أيضا واحد من المشاريع التي لم تر  النور إلى غاية الآن، بالرغم من مرور 25 سنة كاملة على إعلانه، فتجسيده لم يتعد  بعد عتبة الوعود، بل  إن واقع ورشات تهيئته يعد أكثر تعقيدا، فهذا الفضاء كان سنوات الثمانينات إلى بداية التسعينات متنفسا و قبلة للعائلات القسنطينية و تلك القادمة من ولايات مجاورة، بالنظر للمقومات السياحية و الترفيهية التي كان يتوفر عليها على غرار حديقتي الألعاب و الحيوانات، اللتان كانتا جزءا من جنة خضراء لطالما استقطبت آلاف الزوار إلى غاية بداية العشرية السوداء، أين أحرق جزء من المركب و هجر بعد ذلك لسنوات عديدة، دخل خلالها متاهة الإهمال، و تحول المكان الذي كان ينبض بالحركية  طوال أيام السنة، إلى مرتع للمنحرفين و المجرمين في ظل الانعدام التام للأمن.
محاولات كثيرة لإعادة تهيئة حظيرة جبل الوحش، كانت قد برمجت سابقا و منيت بالفشل تباعا، منها ثلاثة مشاريع رئيسية لتحويله إلى مركب سياحي بمقاييس عالمية، حيث تفنن مستثمرون في إهدار الوقت في ظل غياب الرقابة و الصرامة في الانجاز، وقد سجلت آخر محاولة لاسترجاع الحظيرة، السنة الفارطة عندما تقرر إسناد مشروع المركب لأحد الخواص، بناء على مناقصة تضمنت عقد استغلال مدته 33 سنة، أفتكها مستثمر محلي، بحيث قدرت ميزانية المشروع بأزيد من 500 مليون سنتيم.
وكان المستثمر قد أكد في تصريح سابق لوكالة الأنباء الجزائرية، أن المشروع سيدخل حيز الاستغلال شهر مارس 2019، على أن ينجز بالشراكة مع إيطاليين  وصينيين و روسيين وفق معايير عالمية ويكون نسخة عن " ديزني لاند"  و يضم العديد من الفضاءات و المرافق التي قال، بأنه سيعتمد في بنائها على النمط الروسي، غير أن الواقع لا يشبه تلك الوعود، فالنصر، تنقلت هذا الأسبوع إلى موقع المشروع، أين تفاجئنا بتأخر كبير في وتيرة الإنجاز إذ لم تتعد  الأشغال   نسبة ثلاثين في المائة، كما لمسنا خلال تواجدنا في الموقع غيابا كليا للعمال و توقفا تاما للورشة التي لا  تتوفر سوى على عدد من الأعمدة  و بعض الأشغال الطفيفة، وقد حاولنا التقاط صور توضيحية لما سلف ذكره،  لكننا قوبلنا بهجوم عنيف من طرق حارس الورشة، كما تعذر علينا الاتصال بصاحب المشروع للحصول على شروحات أكثر.                      
هيبة عزيون

 

 

الرجوع إلى الأعلى