لا يملكون أجرة ثابتة، يفتقرون للتأمين الاجتماعي و ينظر إليهم المجتمع بطريقة سلبية، هو واقع عمال مذبح سيبوس بعنابة، يشتغلون بكد وفي ظروف مهنية كارثية وغير مُحفزة ومقابل مبلغ مالي زهيد جدا لا يكاد يضمن لقمة عيش أبنائهم، يتحولون إلأى نجوم كل عيد أضحى ويعتقد الكثيرون بأنهم محظوظون لأنهم يتعاملون يوميا مع اللحوم.

تقربنا إليهم، خلال فعاليات يوم تحسيسي مفتوح على المذبح البلدي بسيبوس، بمناسبة عيد الأضحى المبارك، فحدثونا عن حقيقة صعبة يعيشونها منذ سنوات، إذ قصدنا في البداية، الجناح المخصص لتنظيف الأحشاء وغيرها من أجزاء الذبائح، و كانت ظروف العمل غير ملائمة ومقززة، في ظل غياب وسائل العمل و نقص التهيئة والنظافة، كان العمال في هذا الموقع يكدون بإنهاك كأنهم يعملون داخل منجم، حتى أنهم اجتهدوا لبناء طاولات إسمنتية لتخفيف عبئ الجلوس على الأرض للتنظيف، بعدما أتعبهم الوضع نظرا لعدم توفر طاولات خاصة لتنظيم و تسهيل نشاطهم.  
سألناهم عن طريقة التنظيف وتسليم الذابح لأصحاب القصابات، فراح الجميع يشرحون طريقة العمل، رغم الالتزامات الكثيرة التي كانت تنتظرهم و ضرورة تنظيف كميات كبيرة من أحشاء الخرفان والأبقار المذبوحة، وبمجرد تطرقنا لظروف عملهم، انفجروا من شدة القهر الذي لازمهم لعشرات السنين، فقال عمي مليني 66 سنة :» أمضيت 50 سنة في هذا المذبح، كبرت فيه، وأنا الآن لا أستطيع الخروج للتقاعد لأني دون تأمين ولا أجرة ثابتة أعيل بها أسرتي، نجني من عملنا 2500 دج في الأسبوع، يدفعها أصحاب القصابات مقابل تنظيف ذبائحم، نحن نعاني في صمت ولا أحد يلتفت إلينا، كل محاولاتنا مع مصالح البلدية من أجل إيجاد صيغة قانونية للاستفادة من التأمين باءت بالفشل، وبقيت مجرد وعود، منا من توفي دون أن يستفيد من التقاعد، عائلتي متكونة من 10 أفراد وإذا أصبت بالمرض لا أحد يعيلهم».
و أضاف علي : « أنا متحسر على تضييع فرصة توفرت لي قبل 30 سنة، عرض علي فرنسي زار المذبح العمل معه في فرنسا، بعد إعجابه بعملي، كنت شابا يافعا، والآن ندمت لأني بقيت هنا بلا تأمين اجتماعي ولا أجرة ثابتة، وقد ذهبا قبل عام إلى بلدية عنابة، في مجموعة من وطالبنا بتسوية وضعيتنا، غير أن وعودهم كانت كاذبة».
لسنا مجرمين !
أما فوزي، وهو متعامل مع منظفي الأحشاء  فعبر: « العمال «محقورين»، والبلدية لم تقم  بواجبها من جانب النظافة، عملهم متقن جدا و كان من المفترض أن تستثمر فيهم الدولة وتعطيهم حقهم، وبسبب تدهور وضعية المذبح أصبح الناس يهربون منه»، وأضاف عامل آخر   « لا يشعر الجميع بمعاناتنا نحن نبدأ العمل مع طلوع الفجر، لتصل اللحوم إلى القصابات صباحا، نظيفة وجاهزة للاستهلاك، في المقابل نعاني نحن في صمت، أدعوا المسؤولين لزيارتنا والإطلاع على طبيعية عمانا، ومشاكلنا المهنية والاجتماعية»، باقي العمال استنكروا تلك النظرة الخاطئة التي ترتبط بهم والتي تربط طبعهم بالخشونة و تعتبرهم مجرمين كما تروج له الأفلام، فهم كما قالوا و كما وقفنا عليه، أناس طيبون يحبون عملهم ويتسمون بالبساطة.
خلال تواجدنا في المذبح، لاحظنا بأن خبرة أغلب عماله تتجاوز 30 سنة قضوها في خدمة المستهلك، و معظمهم توارثوا هذه المهنة عن أبائهم ونقلوها لأبنائهم، إذ يشتغلون وفق نظام عائلي داخل المذبح، و معظمهم ينحدرون من حي سيدي سالم الشعبي ببلدية البوني.   
 مهنة في طريقها للزوال
تقربنا من مسؤول المذبح البلدي بومحرز مختار، فأكد لنا، بأن المذبح يحتاج فعلا لعملية إعادة تهيئة، بعدما تمت على مستواه عمليات سابقة في 2004 و 2010 تتعلق بالتهيئة الخارجية، لكن ظروف الذبح مقبولة حسبه، و تحتاج فقط إلى تحسين شروط حفظ الصحة، لضمان سلامة المنتوج.
أما فيما يتعلق بالظروف المهنية للعمال، فقد صرح المتحدث قائلا « طلبنا من مسؤولي البلدية إيجاد صيغة قانونية للذباحين والعمال ككل لتحسين وضعيتهم، خصوصا بعدما لاحظنا نقصا في عدد الذباحين، بسبب تراجع عائداتهم المالية الناجمة عن نقص الذبح، فهذه المهنة باتت في طريقها إلى الاندثار، و نحن بدورنا نطالب بالالتفاتة إلى هذه الشريحة الهشة من المجتمع».        
و أوضح المتحدث، بأن المذبح عبارة عن منشأة قديمة تعود لزم الاستعمار، بنيت سنة 1934، و تعمل بـ 5 فرق، حيث تراجعت عمليات الذبح بشكل كبير، بسبب ضعف القدرة الشرائية للمواطن، مشيرا إلى وجود فرق شاسع في النشاط مقارنة بسنوات التسعينات، أين كان المذبح يستقبل 14 ألف خروف في الشهر، بالمقابل يسجل اليوم 800 خروف و 200 عجل كمعدل نشاط شهري، يزيد نوعا ما في رمضان.  
وأمام تدهور وضعية المذبح البلدي سيبوس، ما يزال المذبح الجهوي التابع للديوان المهني للحوم مغلقا بمنطقة النشاطات بحي الصرول، رغم إنجازه قبل سنوات وبمواصفات عالمية، فهو للإشارة، جاهز مند سنة 2012 ولم يتم استغلاله إلى يومنا، رغم أنه قادر على استيعاب 800 رأس من الغنم و 50 رأسا من البقر يوميا، وبإمكانه توفير 113 منصب مباشر و 250 فرصة عمل غير مباشرة لسكان الولاية.
حسين دريدح

رغم وفرة المنتجات المستوردة: رجال الصحراء يبعثون حرفة أدوات ذبح وتقطيع الأضاحي

رغم تنوع المنتجات  المستوردة من أدوات نحر و سلخ و تقطيع الأضاحي في أسواق مدينة الوادي و باقي ولايات الوطن، إلا أن حرفيي حدادة السكاكين التقليدية، أصبحوا ينتشرون بكثرة  في العديد من الشوارع قبيل عيد الأضحى المبارك، قادمين  من عمق الصحراء الكبرى على غرار ولاية إليزي و تمنراست، لتسويق ما جادت به أناملهم من سكاكين و أدوات تقليدية أخرى.  
«النصر» تجولت في عدد من شوارع وادي سوف، و قابلت حرفيين يستعدون ليلة اليوم للعودة إلى منازلهم، بعد أن أمضوا أياما بين الحديد والنار  في ورشات مفتوحة على الهواء الطلق بالساحات العمومية، معداتهم لم تكن تتعدى قارورة غاز و مطرقة وحجرا لسن السكاكين التي يحضرون بها مختلف أنواع الأدوات الخاصة بالذبح و السلخ وغير ذلك.
صالح 31 سنة، شاب قادم من «جانت» بإليزي، قال لنا، بأنه ورث مهنة الحدادة عن أبيه و جده، حيث يستخدم عادة وسائل بسيطة لصناعة السكاكين ومختلف لوازم الذبح، لكنه يعتمد في ذلك على أجود أنواع الحديد المستعمل الذي يحصل عليه من بقايا مختلف الآليات الثقيلة القابلة للتطويع باستخدام المطرقة و النار مضيفا، أن نوعية هذه الأدوات تعد مهمة جدا في عملية النحر، وذلك لأنها تجنب المضحي وحتى الجزار تعذيب ذبيحته، مشيرا إلى أنه رغم التطور و التقدم وتوفر الآلات الكهربائية و آلات الذبح المستوردة وبأسعار زهيدة،  إلا أن له لا يزال يحظى بزبائن أوفياء يفضلون السكين التي يتم سنها على الحجر والنار، علما أن الكثير من هؤلاء الزبائن كما قال يفتحون أبواب محلاتهم الفارغة للحرفين من أمثاله، للإقامة فيها وبالمجان إكراما لهم كضيوف خلال هذه الأيام المباركة، كما أنها تجربة سمحت له ولغيره  بتكوين علاقات صداقة مع عدد من الزبائن الذين يتواصون معهم حتى بعد عودتهم إلى إليزي، خاصة أصحاب محلات الجزارة و المطاعم، وذلك بوصفهم زبائن دائمين.
وذكر «محمد علي» 37 سنة من نفس الولاية، بأنه تعود على المجيء إلى الوادي كل موسم عيد أضحى رغم بعد المسافة ، وذلك لممارسة هذه الحرفة و التعريف بها مشيرا، إلى أنه يحقق منها  أرباحا جيدة رغم التقدم الصناعي مؤكدا على كرم أهل المنطقة سواء بتوفير المأكل و المشرب أو المبيت ناهيك عن تشجيعهم لعمل الحرفيين وتثمينه ، مضيفا، لأنه أصبح يحظة بثقة الكثير من الزبائن المحليين من مواليين ومزارعين، بفضل تردده السنوي على المنطقة، حتى أنه بات يرسل إليهم الكثير من الشباب البطالين الباحثين عن العمل في الفلاحة و تربية الماشية، ناهيك عن تلقيه المستمر لدعوات للمشاركة في المعارض التقليدية من طرف بعض حرفيي المنطقة.
إتقان و قناعة و كرم
خلال جولتنا، لاحظنا بأنه رغم الجهد العضلي الكبير الذي يبذله هؤلاء الحرفيون، إلا أن أسعار منتجاتهم تبقى مقبولة مقارنة بالتعب والمدة الزمنية التي يقضونها في تحضير الحديد و تسخينه و تطويعه بالمطرقة و سنه بالحجر حتى يصبح قابلا للاستعمال، حيث يتراوح  سعر السكين الواحد بين 800 و 1700 دج، و لا يتعدى سعر الساطور 2500 دج ، وهي أسعار زهيدة مقارنة بأسعار اللوازم صينية الصنع، التي لا تصلح لموسمين متتالين.
مع ذلك فأن هؤلاء الحرفيين يوفرون منتجات نوعية بأسعار بسيطة، و يتحدون حرارة الطقس التي تزيد عن 45 درجة تحت الظل وحرارة النار التي يطوع بها الرجل الصحراوي الحديد، ويضيف لها موقد نار صغيرة يضع عليها إبريق شاي يكرمون به زبائنهم.
وقد أخبرنا عدد من الجزارين و أصحاب المطاعم بالمنطقة، بأنهم كل سنة يستغلون تواجد الحرفيين القادمين من عمق الصحراء المشهورين بإتقان حرفة الحدادة بهدف تجديد وسائل الذبح والتقطيع اللحم الخاصة بمحلاتهم التجارية، كما يحرصون على التكفل بهم أيام تواجدهم هنا، مع تزويدهم بالألبسة و حاجيات أخرى، ينقلونها معهم خلال رحلة عودتهم إلى المناطق التي قدموا منها.
 بشير منصر  

تزامنا مع حملات لإعادة تشجير ما أتلفته الحرائق
قرار بمنع الشواء في الغابات أيام عيد الأضحى
كشف المكلفة بالإعلام على مستوى إدارة الغابات بالعاصمة، حلاس هجيرة، عن قرار  جديد، يمنع كليا إشعال النار داخل الغابات، موضحة بأن التعليمة تأتي في خضم أجواء العيد التي غالبا ما تشهد حرائق بفعل العامل البشري، نتيجة إشعال النار في الغابات من قبل الأشخاص و العائلات الذين يفضلون إقامة جلسات شواء اللحم خلال أيام العيد في هذه الأماكن.
 و أشارت السيدة حلاس، إلى اشتعال 16 حريقا في يوم واحد على مستوى غابة باينام خلال اليوم الثالث من أيام عيد الأضحى المبارك العام الفرط،  موجهة نداء للمواطنين بالابتعاد عن الأماكن التي تكثر فيها الأشجار، و الحرص على إطفاء النار نهائيا بعد الانتهاء من عملية الشواء.
من جهة ثانية، أطلق نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، حملة وطنية لحماية الغابات و إعادة غرس ما أتلفته النيران هذه الصائفة، وهي خطوة ثمنتها مصالح الغابات، رغم كونها غير كافية في ظل غياب ثقافة التشجير لدى شريحة واسعة من الجزائريين.
يتداول رواد موقع فيسبوك، منذ بداية اشتعال النيران عبر مختلف غابات الوطن، صورا و شعارات تدعو للتعاون من أجل حماية الغابات من التخريب و النيران، و لتعويض ما أتلفته الحرائق و ذلك عبر الدعوة لتنظيم حملات محلية و وطنية لإعادة غرس ما أتلف مؤخرا، حيث دعا المعنيون إلى الشروع في عملية التشجير بشكل جماعي أو فردي، بحسب ما تظهره الشعارات التي يتم تداولها عبر مختلف الصفحات الخاصة و المجموعات، و التي تلقى استجابة واسعة، و قد وصفت إدارة الغابات المبادرة بالإيجابية، في ظل وجود إرادة قوية لدى المواطنين لتعويض ما أتلفته النيران، غير أنها اعتبرت الأمر غير كاف، إذ قالت مسؤولة الإعلام و الاتصال على مستوى مديرية الغابات بالجزائر العاصمة السيدة حلاس هجيرة، *الرغبة لا تكفي لوحدها، يجب أن نتحلى بثقافة الشجرة، فالمشكل لا يكمن في غرسها ، بل في المتابعة من خلال إيلاء العناية الخاصة لها و مراقبتها إلى أن تتمكن من تثبيت جذورها على الأرض، هدفنا لا يكمن في غرس أشجار وحسب، بل في غرس ثقافة بيئية خضراء في عقول الجزائريين*.
السيدة حلاس،أشارت إلى العام الفارط، عرف غرس 500 شجرة على مستوى إحدى الغابات، لكنها لم تستمر بسبب عدة عوامل أبرزها غياب المتابعة، مؤكدة أن إدارة الغابات تطلق حملتها الوطنية للتشجير بداية من تاريخ 31 أكتوبر و هو التاريخ المحدد لانتهاء موسم الحرائق، حيث تعمل على غرس أشجار جديدة مكان تلك التي ألتفت، غير أنها عادة ما تصطدم بفقر التربة و تضررها بسبب النار.
كما تحدثت المسؤولة، عن سلسلة حملات تحسيسية تطلقها ذات المصالح على مدار السنة، لتوعية السكان الذين يسكنون بالقرب من الغابات بضرورة حمايتها و التبليغ عن الحرائق فور اشتعالها، و قالت أن مصالح الغابات مستعدة لمرافقة الراغبين في التشجير، حيث تمنحهم الشجيرات مجانا، و تدعمهم بالتأطير و التوجيه و المرافقة في الحملات التي يرغبون في تنظيمها في أي مكان.
إ.زياري

يحتفي بالأطفال و النساء
«ثسويقث» تقليد قديم يحييه سكان قرى منطقة القبائل عشية العيد
يُعتبر تقليد «ثسويقث» الذي يحييه سكان قرى منطقة القبائل عشية العيد، حدثا بارزا بالنسبة للأطفال الصغار والعرائس الجدد والرضع، حيث يقوم الطفل الصغير عشية العيد بالتسوق لأول مرة في حياته، ويتم تجهيزه كالعريس ويحلق شعره كما يرتدي أجمل الملابس استعدادا لهذا الحدث الاستثنائي، ووسط احتفال بهيج يذهب إلى السوق عشية العيد رفقة كبير العائلة سواء جده أو والده أو عمه ويقوم بشراء رأس العجل وهو يتباهى بذلك أمام معارفه وأصدقائه الصغار، ويكون في ذلك اليوم معززا مكرما و كل طلباته مقبولة.
 ويدل تسوق الطفل لأول مرة في مثل هذه المناسبة الدينية على بلوغه مرحلة النضج، و بأنه سيرتقى في أسرته إلى مرتبة الرجل، حيث يمكن الاعتماد عليه مستقبلا ويتقلد أعلى المسؤوليات، أما اقتنائه لرأس العجل فيعد دلالة على «القوة» التي يتميز بها الرجال.
في قرية «توريرت أمقران» الوقعة بأعالي منطقة الأربعاء ناث إيراثن يحيي، يحتفل السكان «ثسويقث» بمختلف الطقوس المتوارثة أبا عن جد، وما يتميز به هؤلاء عن غيرهم هو ارتداء العروس المتزوجة حديثا، والتي ستقضي مناسبة العيد في بيت زوجها لأول مرة، أجمل جبة قبائلية ترافقها الحلي الفضية ، وتخرج عشية العيد لتجوب كافة أرجاء القرية، كما تتوجه إلى مقام ولي صالح يقع في إحدى مرتفعات المنطقة، وهناك تتضرع إلى الله بالدعاء ليرزقها الذرية الصالحة والصحة والعافية ومختلف الأمنيات الأخرى وتخرج منه وعلامات الفرح بادية على وجهها.
«ثسويقث» تخص أيضا الأطفال حديثي الولادة أو الرضع الذين يُرفع عن وجوههم الغطاء كما يطلق عليها في المنطقة حيث تُخرج الجدة حفيدها أو حفيدتها إلى بهو القرية ليراه الجيران بعد أن قضى بعض الشهور أو الأسابيع في البيت دون أن يراه أحد خشية إصابته بالعين أو الحسد، وتقوم بأخذه إلى منبع مائي يقع وسط القرية يسمى «ثلا ندوا»، بمعنى «منبع الدواء»،أين تقوم بغسل أطرافه ووجهه ورأسه، و في ساحة القرية ترفع عن وجهه الغطاء ويُسمح للجميع برؤيته.
وفي بعض القرى، يحتفل السكان بـ»ثسويقث» حتى لا يزول هذا التقليد، وذلك بذهاب الأطفال الصغار «الذكور والإناث» إلى السوق أوليائهم لاقتناء ملابس العيد والألعاب بدل رأس العجل، خاصة بالنسبة للعائلات التي لا تملك إمكانيات مادية كبيرة لشرائه، حيث تكتفي فقط بإحياء هذه العادة التي تعتبر من التقاليد التي يعتز بها سكان منطقة القبائل بشراء ما سبق ذكره، حتى لا تندثر ولإدخال الفرحة إلى قلوب الأبناء الصغار الذين يرافقون أوليائهم إلى السوق لأول مرة منذ ولادتهم وهم في قمة سعادتهم.   
وفي هذا الصدد، يتذكر عمي سليمان، اليوم الأول الذي رافق فيه جده إلى سوق «معاتقة»، عشية عيد الأضحى لإحياء     « ثسويقث»، حيث يقول، بأنه حدث مميز لن ينساه مدى الحياة، مضيفا، بأنه ارتدى ثوبا مطرزا بالرموز البربرية ووضع فوق كتفيه برنوسا أبيضا، نسجته جدته من الصوف كما وضع على رأسه قبعة ترمز إلى التاج، وكان يتباهى بنفسه في السوق عندما اشترى رأس العجل وشعر وكأنه رجل كبير، وفي يوم العيد تمت دعوة الجيران والأقارب والتفوا حول طبق الكسكسي، الذي أعدته والدته بذلك الرأس ومختلف الخضروات. ويضيف محدثنا، أنّ هذه العادة الجميلة، لا تزال تتمسك بها أغلب القرى في تيزي وزو سيما الواقعة بالمرتفعات الجبلية نظرا لطابعها الاجتماعي، آملا أن تحافظ عليها الأجيال القادمة حتى لا تزول.
 سامية إخليف

الرجوع إلى الأعلى