كشف المختصون أن العديد من الأطفال ببلادنا يعانون من السمنة، حيث  تشير دراسة أجريت سنة 2015  أن 45 بالمئة من أبنائنا يعانون من هذه الظاهرة التي ترتبط بالنظام الغذائي غير الصحي المتبع من قبل الأسر في إطعام أبنائهم ، و الاعتماد بشكل كبير على الأكل السريع  و هو في مقدمة العوامل التي أدت إلى اتساع رقعة السمنة عند الصغار التي تعتبر مشكلا عالميا ، و تتوقع منظمة الصحة العالمية أن 70 مليون رضيع و طفل صغير سيكونون  عرضة لخطر السمنة سنة  2025 ، فيما بلغ عدد الأطفال الذين يعانون من الوزن الزائد بإفريقيا سنة 2013 بين 4 إلى 9 ملايين طفل ، ما جعل المنظمة تضع جملة من القواعد الغذائية و الوقائية للحد من الظاهرة و التحكم بها، خاصة و أنها من أهم أسباب الإصابة بالسكري ، الضغط الدموي و الكوليسترول ، دون إغفال الأمراض النفسية الناجمة عن البدانة لدى الطفل.

ندوة أدارتها هيبة عزيون

r آسيا عيناوي مختصة في التغذية و الحمية: 45 بالمئة مــــــن أطفـــــال الجـــزائر يعانــــون مــــن البـــــدانـــــة


كشفت مختصة التغذية و الحمية السيدة آسيا  عيناوي من المستشفى الجامعي ابن باديس بقسنطينة أن البدانة عند الأطفال من المشاكل الصحية الأكثر انتشارا في بلادنا و مختلف أنحاء العالم ، مشيرة إلى دراسة أجريت سنة 2015 تبين أن 45 بالمئة من أطفال الجزائر من ضحاياها ، و أمام تنامي الظاهرة هناك اقتراح بترسيم يوم 26 نوفمبر كيوم وطني لمكافحة البدانة بالجزائر .
و أرجعت محدثتنا السبب إلى تفشي التغذية غير الصحية بين العائلات ، و الإقبال الكبير على الأكل السريع الذي يكون مشبعا بالدهون و  السكريات التي تسبب البدانة ، مشددة أن مكافحة الظاهرة يتطلب معرفة أسبابها، و يبدأ مشكل السمنة في الغالب في رحم الأم، خاصة في الأشهر الأخيرة من الحمل التي  تكتسب خلالها الحامل وزنا زائدا،  ينعكس على الجنين الذي يقوم جسمه بتخزين كميات من الدهون.
 عند الولادة سيكون أكثر عرضة لأن يتحول إلى طفل بدين، خاصة إذا ابتعدت الأم عن الرضاعة الطبيعية ، و هنا أشارت الأخصائية  أن بعض الدراسات أكدت أن المولود الذي يفوق وزنه أربعة كيلو غرامات عند الولادة، مهدد أن يصبح بدينا بعد سن 14 . و حسب الدراسة التي أجريت سنة 2015 ، فإن 12 بالمئة من أطفال الجزائر الذين تقل أعمارهم عن  5 سنوات وزنهم زائد ، و 18 بالمئة من الأطفال بين 12 شهرا و 23 شهرا ، ظهرت عليهم علامات البدانة بشكل كبير ، و يتفاقم المشكل، حسبها، مع تقدم الطفل الصغير في العمر، ففي سن التمدرس يزيد خطر اكتساب وزن زائد، لأن الطفل ينفتح على محيطه الخارجي و تكون له حرية أكبر.
 و مع انشغال الأبوين بالعمل، فان اعتماد الطفل على الأكل السريع و الوجبات الباردة المقدمة بالمطاعم المدرسية تؤدي إلى تذبذب نمطه الغذائي ،كما قالت المتحدثة، ناهيك عن الإفراط في استخدام الحواسيب و الهواتف الذكية لساعات طويلة التي تضاعف الرغبة في الأكل مع نقص النشاط البدني.. و جميع العوامل المذكورة تتفاعل في ما بنها و  تسرع في ظهور علامات السمنة التي تؤدي إلى  عدد من الأمراض العضوية المزمنة، على غرار السكري ، الضغط الدموي، القلب  و الكولسترول،   إلى جانب مشكل التنفس و تراجع القدرة الفكرية للطفل.
 و تحمل المختصة الأولياء مسؤولية كل ذلك و تؤكد لهم أن مباشرة العلاج أمر ضروري ، مع ضرورة إقناع الطفل بالإقلاع عن العادات الغذائية المضرة لجسمه و إتباع نظام غذائي متوازن و التركيز على الخضروات و البقوليات أكثر، مع الابتعاد عن السكريات و الدهون المشبعة ، و تشدد على التطبيق الصارم لكل تعليمات المختص في التغذية و كذا الطبيب المعالج و حتى الأخصائي النفساني الذي يتدخل إذا أصيب الأطفال باكتئاب نفسي بسبب البدانة.

rالأخصائي النفساني العيادي بن عميرة كمال: السمنة عند الأطفال قد تؤدي إلى الانتحار


أكد الأخصائي النفساني العيادي بن عميرة كمال من المستشفى الجامعي عبد الحميد ابن باديس بقسنطينة أن السمنة لها انعكاسات خطيرة على الجانب النفسي بالنسبة للأطفال، و قد تكون عواقبها وخيمة قد تصل إلى حد الانتحار، كآخر مرحلة قد يبلغها الطفل الذي يعاني من الوزن المفرط.
 يرى الأخصائي أن المرافقة النفسية للطفل السمين ضرورية جدا ، و تكون بالموازاة مع العلاج العضوي من قبل الطبيب ، خاصة مع بداية ظهور بعض الاضطرابات السلوكية عند الطفل البدين، فغالبا ما يصيبه الخجل من جسمه الممتلئ  ما يجعله عرضة لسخرية أقرانه، فيبتعد عن ممارسة الرياضة  و بعض الهوايات و كذا الانخراط في  اللعب ، و غالبا ما يفضل هذا الطفل البقاء بالمنزل و العزلة، ما يسرع ظهور علامات الانطواء عليه و قد تصل حد  الانقطاع التام عن الكلام و الاكتئاب الحاد الذي يكون الانتحار نتيجته الحتمية.
و اعتبر بن عميرة أن أهم حلقة في علاج الطفل من السمنة هم الأولياء ، لأنهم السبب الرئيسي في الوضعية التي آل إليها ، بإخضاعه لنظام غذائي خاطئ ، إما عن طريق الإفراط في حب و تدليل الطفل و الاستجابة لكل طلباته دون شرط أو قيد و الإفراط في تقديم الحلويات ، الشكولاطة و غيرها له، أو الإهمال التام لتغذيته، و في الحالتين الطفل هو الضحية.
و عليه، حسب المتحدث،  فان العلاج النفسي يبدأ أولا بجلسة مع الآباء لمعرفة طباعهم و أهم صفاتهم النفسية  التي ستساعد في إنجاح العلاج من عدمه ، و اعتبر أن قرار زيادة الأخصائي النفساني في حد ذاتها، تعتبر نقطة هامة في العلاج ، فإلى جانب النية على الأم و الأب التأكد من نجاح العلاجات المتبعة،  سواء العضوية أو النفسية ،مضيفا أنهم مطالبون بالمراقبة الدقيقة لأهم التفاصيل في حياة الابن ، التي تكون المؤشر الحقيقي لضرورة العلاج .و تابع النفساني أن الطفل المصاب بالسمنة يكون عموما عدائيا، سواء مع نفسه من خلال الانعزال و الانطواء ، أو ممارسة العنف مع محيطه الخارجي ، فيما تساهم السمنة في ظهور علامات البلادة عند الطفل  بسبب عدم اندماجه وسط مجتمعه، و تخليه عن الكثير من هواياته،  كما تكون سببا في تراجع مردوده الدراسي، و عموما فإن الأخصائي النفسي مطالب باحتواء الطفل و والديه  و العمل بالتنسيق مع فرقة متعددة الاختصاصات تضم إلى جانب النفساني ، الطبيب المعالج  ، المختص في التغذية من أجل إخراج الطفل من عالمه المظلم الذي ينتج شخصية طفل محطمة نفسيا و جسما مثقلا بالأمراض، على غرار السكري ، القلب و ضغط الدم و أمراض أخرى .

r بشرى حريز منسقة الطب المدرسي بالمؤسسة  الجوارية منتوري بشير: نسعــــى للحـــــد مــــن انتشـــــار السمنــــــة  داخــــــل الوســط المـــدرســـــــي
أكدت للنصر بشرى حريز ، منسقة الطب المدرسي بالمؤسسة العمومية للصحة الجوارية بشير منتوري بقسنطينة،  أن برنامجا سنويا يتم  إتباعه منذ سنوات يهدف إلى خلق محيط مدرسي سليم خال من الأمراض، يشمل التحسيس و التوعية و كذا المرافقة للأطفال، خاصة المرضى منهم ، مع تصحيح بعض العادات السيئة عند التلاميذ ، منها الأكل غير الصحي الذي يؤدي إلى البدانة و منه إلى الإصابة إما بالسكري أو القلب و غيرها.
  و أضافت المتحدثة أن تقارير شهرية و ثلاثية و سنوية ، يتم إعدادها بانتظام  حول الوضعية الصحية لتلاميذ المؤسسات للأطوار التعليمية الثلاثة ، و في حال وجود  حالات للسمنة، يخضع التلميذ البدين مباشرة إلى مجموعة من التحاليل من طرف مصلحة الطب المدرسي للتأكد من عدم إصابته بأي مرض آخر ، كما يتم الاتصال بالأسرة و تحويله نحو المصالح المختصة بالمستشفى الجامعي من أجل إتباع العلاج اللازم .
من جهتها أكدت السيدة نصيرة بودريش، طبيبة بمصلحة الطب المدرسي بمديرية الصحة بولاية قسنطينة ، أنه تم وضع برنامج تكويني لفائدة أطباء المدارس من أجل التكفل بحالات السمنة عند التلاميذ ، إلى جانب العمل التحسيسي الدوري الذي تقوم به الطواقم الطبية المدرسية لتوعية الأطفال بمخاطر الأكل السريع و أهمية تناول وجبات صحية، مع إرفاقها بنشاط رياضي، دون إغفال دور الأسرة، حيث يتم استدعاء عادة الأبوين أو أحدهما لإشراكه في هذه البرامج، رفقة أبنائهم.

الرجوع إلى الأعلى