تعرف كليات الحقوق في الجزائر ضغطا كبيرا، على اعتبار أن الشعبة هي واحدة من أكثر التخصصات الجامعية استقطابا للطلبة، إذ يزيد عددهم في جامعة قسنطينة وحدها عن ألفي طالب سنويا، وهو إنزال يرجعه أكاديميون و بيداغوجيون إلى علاقة التخصص بقطاع التشغيل في بلادنا، لأنه مطلوب و متشعب المجالات مهنيا، و هو ما بنيت على أساسه سياسة التكوين المنتهجة حاليا والتي ضبطتها الوصاية بالرجوع إلى معطيات اقتصادية و اجتماعية معينة.
إعداد  هدى طابي 
من جهة ثانية فإن معدلات القبول في كليات الحقوق تعتبر منخفضة، مقارنة بتخصصات أخرى،  و هو واقع أخل بنوعية التكوين، نظرا للأعداد الكبيرة للطلبة مقابل محدودية إمكانيات التأطير البيداغوجي، ما أثر سلبا على مستوى حاملي الشهادات الذين يرى البعض بأن أداءهم انعكس على واقع ممارسة مهنة المحاماة ، و كرس النظرة الدونية للحقوق كشعبة سهلة يختارها الطلبة الأضعف، ما يستدعي، حسب متابعين، ضرورة مراجعة شروط الالتحاق بالتخصص حفاظا على مستوى التكوين.
تخفيض القيمة العلمية
للعلوم الإنسانية قزّم نظرة المجتمع إليها
تعد العلوم القانونية من أكثر الفروع الدراسية التي تحظى باحترام الناس و تصنف كمجال نخبوي في العديد من دول العالم، و تشتهر الكليات التي تدرس بها بتكوين شخصيات هامة، تتحكم في عصب الحياة العامة في كبريات الدول، على غرار أمريكا التي سبق و أن اختارت باراك أوباما رئيسا لها، حتى أنه أشيع سابقا عن لويس الثاني عشر، أنه كان يردد دائما بأنه لو لم يكن ملكا لكان محاميا، و ذلك بالنظر إلى مكانة الحقوقيين في المجتمع الفرنسي.
المفارقة هي أن الصورة تختلف في بلادنا ، فالحقوق كغيرها من فروع  العلوم الإنسانية و الاجتماعية، لا تحظى بالتقدير اللازم وينظر إليها بازدراء و بطريقة شعبوية، بسبب الأعداد الكبيرة للطلبة الذين يلتحقون بها سنويا، عن طريق التوجيه المبني أساسا على محدودية معدلات النجاح في البكالوريا، زيادة على التصور الخاطئ لطبيعة التكوين في حد ذاته و الجهل بالمحتوى البيداغوجي، الذي يظن الكثيرون بأنه سهل و يعتمد بشكل أساسي على الحفظ.
و يرجع كل من أستاذي القانون الجنائي و القانون الخاص بكلية الحقوق بقسنطينة، البروفيسور طاشور عبد الحفيظ  و كذا الدكتور  عياشي شعبان، السبب في كل ذلك ، إلى نظرة المجتمع الجزائري للعلوم الاجتماعية عموما، فالعلوم الإنسانية والاجتماعية بالنسبة للكثيرين، كما قالا، تعد أقل شأنا من العلوم الدقيقة و التجريبية، وهو تصور قديم و ليس جديدا، يرجع بالدرجة الأولى إلى ضيق مجالات التخصص التي يمكن لطالب العلوم الإنسانية و الاجتماعية الالتحاق بها.

غداة الاستقلال، كما أوضح الأستاذان، كان يرخص لهؤلاء الطلبة دراسة الطب أو الهندسة، لكن مثل هذين الشعبتين تمت حمايتهما لاحقا بمعدلات عالية مع إدراجها كتخصصات علمية محضة، في حين بقيت العلوم الاجتماعية مفتوحة  لدرجة أن الالتحاق بالحقوق مثلا، لا يتطلب أكثر من معدل 10 من 20 في البكالوريا، وعليه فإن تخفيض القيمة العلمية للتخصص قزم قيمته اجتماعيا، رغم أن الواقع و الممارسة يثبتان بأن هذا المجال صعب و أكثر تعقيدا و يتطلب الكثير من الفهم و يستند بالأساس إلى المنطق العلمي و الفلسفي .
أكثر من ألف ناجح في بكالوريا 2019 اختاروا كلية الحقوق بقسنطينة
ينعكس حجم الإقبال على هذا التخصص من خلال عدد الطلبة الذين تم قبولهم في كلية الحقوق، سواء بالعودة إلى إبداء الرغبة، أو بناء على قرار توجيه بيداغوجي، و قد بلغ عدد حاملي الباكالوريا الجدد الذين يتوقع أن يلتحقوا بمجمع كلية الحقوق بجامعة قسنطينة 1، في السنة الجامعية الجديدة 2019 / 2020، 1075 طالبا،  التحق منهم بأقسام الدراسة إلى غاية الآن 1013 طالبا، فيما بلغ عدد طلبات التحويل من كليات أخرى نحو كلية الحقوق 198 ملفا، بمعنى أن العدد الإجمالي لطلبة قسم السنة أولى حقوق بمجمع تيجاني هدام، يناهز هذه السنة ألفي طالب أو أكثر، باحتساب عدد الطلبة الراسبين الذين يشكلون نسبة 50 بالمئة من العدد الإجمالي لمن التحقوا بالتخصص العام الماضي أي خلال السنة الدراسية 2018/ 2019، و هم 2115 طالبا ، بينهم 247 طالب حولوا من كليات أخرى نحو الحقوق.
للعلم فإن هذا العدد لا يقل كثيرا عن المسجلين في التخصص سنة 2017، و هم 2117 طالبا.

طلبة يعترفون أن هدفهم الأول هو فرص العمل
معدل القبول يثقل كفة التوجيه على حساب الرغبة
 النصر تنقلت إلى كلية الحقوق مجمع تيجاني هدام بجامعة قسنطينة 1، فسألنا الكثير من الطلبة، عن سر اختيارهم لهذا التخصص، و قد تزامن تواجدنا مع تواجد طلبة السنوات الثلاث، نظرا لبرمجة الامتحانات الاستدراكية حينها، و الملاحظ هو أن جل من تحدثنا إليهم أكدوا أنهم غير مقتنعين بدراسة الحقوق، لأسباب تمحورت في مجملها حول عدم احترام رغباتهم و توجيههم إداريا نحو الشعبة، بالنظر إلى ضعف معدلاتهم في البكالوريا، إضافة إلى صعوبة دراسة التخصص الذي اتضح لبعضهم بأنه معقد وليس بالسهولة التي تشاع عنه.
تقول ياسمين طالبة سنة ثالثة قسم قانون خاص، بأنها اختارت الحقوق عن رغبة، رغم كونها حاصلة على بكالوريا علمي، مؤكدة بأن نظرتها للحقوق تختلف عن نظرة عامة الناس، إذ تعتقد بأن هذا التخصص أصعب بكثير مما يعتقده الآخرون، بدليل أنه تخصص يتوسع و يستحدث فروعا جديدا في كل مرة، مضيفة بأن الدفاع عن الناس و إحقاق الحق ليس أمرا سهلا، ولا يتطلب الحفظ بقدر ما يستدعي الفهم و القدرة على تحليل الأمور.
و أضافت الطالبة بأن مشكلة التخصص لا تكمن، حسبها، في عدد الطلبة بل في نوعيتهم، فمعدل القبول المنخفض، جعل الشعبة قبلة  لـ « الفاشلين» على حد تعبيرها، كما أن المحسوبية في كليات الحقوق أثرت سلبا، كما قالت، على مستوى التكوين، لأن عديمي الكفاءة، كما عبرت، يستفيدون دون غيرهم من فرصة النجاح السهل و التدرج، ليتحولوا مستقبلا إلى مكونين و أساتذة يعجزون عن تقديم الأفضل للطلبة.
أما عبد الله و نعيمة و عبد الهادي، وهم طلبة سنة ثانية قانون عام، فقالوا بأنهم وجهوا للتخصص بسبب معدلاتهم الضعيفة، في  حين كانوا يتمنون الالتحاق بتخصصات اللغات و الإعلام والاتصال، لذلك واجهوا صعوبات في استيعاب الحقوق في تقبل فكرة دراستها، لكنهم مع ذلك، يعتقدون بأن أهم ميزات التخصص تكمن في أنه يفتح مجالات توظيف أكثر، خاصة في مسابقات الالتحاق بالأجهزة الأمنية و الحماية المدنية والجمارك. عبلة طالبة سنة أولى، قالت بأنها اختارت الحقوق لأن معدلها في البكالوريا ضعيف، ولم يمكنها من الالتحاق بتخصص علمي، و هو نفس السبب الذي برر به الكثيرون اختيارهم.
 أما أنس وهو طالب سنة أولى ماستر، قابلناه في المصلحة البيداغوجية، فقال لنا بأنه اختار الحقوق بإرادته، رغم حصوله على معدل 12 من 20في البكالوريا،  و من خلال دراسته للشعبة، استنتج بأنها تعتمد على الحفظ في طور الليسانس لكنها تزيد صعوبة في الماستر، أين ينصب التركيز أكثر على الفهم بنسبة 90 بالمئة، خاصة في القانون العقاري، كما أكد، أما عن مستوى التكوين، فأوضح بأنه يختلف حسب الأساتذة، وهي نقطة شاركه فيها العديد من طلبة السنتين الثانية و الثالثة و الذين فهمنا منهم، بأنهم اختاروا التخصص، طمعا في العمل كون الحقوق شعبة جد مطلوبة في مسابقات التوظيف.
 بعض الطلبة الذي تحدثنا إليهم، أخبرونا، بأنهم حولوا من كليات أخرى نحو الحقوق بتوجيه من أساتذتهم ، و الملاحظ أن أغلبهم غير مقتنعين بهذا التوجيه، نظرا لتكوينهم العلمي في الثانويات، لكن معدلاتهم لم تسمح لهم ببدائل أخرى.

الدكتور عياشي شعبان نائب عميد الكلية
 50 بالمئة من الطلبة يعيدون السنة الأولى
 ذكر الدكتور عياشي شعبان، نائب عميد كلية الحقوق بجامعة قسنطينة 1 المكلف بالدراسات و المسائل المرتبطة بالطلبة، بأن الإقبال كبير على التسجيل في التخصص، فعدد طلبة السنة الأولى هذا العام لن يقل ككل سنة عن 2000 طالب، بالنظر إلى عدد حاملي الباكالوريا الجدد و عدد طلبات التحويل الكثيرة، و أيضا عدد الراسبين، فنسبة النجاح ، حسب  مداولات الدورة العادية الخاصة بطلبة السنة أولى ليسانس لسنة 2018/2019 ، لا تتعدى 25.91 بالمئة، أي أن 500 طالب فقط من أصل 2115  انتقلوا إلى السنة الثانية بشكل مباشر، في حين رسب 1500طالب و التحقوا بالدورة الاستدراكية، التي لا تزيد نسبة النجاح فيها عادة عن 25 بالمئة ، أي أن 1000 طالب فقط، سينتقلون إلى السنة الثانية في حين  سيعيد 115 1 طالبا العام الدراسي.و أوضح الأستاذ عياشي، بأن السنة الأولى عادة ما تطرح مشكلا   بسبب عدد الطلبة، فالكلية تستقبل كل موسم عددا كبيرا من ملفات التحويل يصعب التعامل مع أصحابها، إذ يتعذر رفضهم من جهة ، و يصعب استيعابهم من ناحية أخرى، خصوصا في ظل تزايد عدد المسجلين الجدد سنويا، وهو ما من شأنه أن يؤثر على مردود الأساتذة و الطلبة على حد سواء.
الدليل على ذلك أن معدلات النجاح ترتفع من سنة إلى أخرى، كلما تقلص عدد الطلبة، ففي السنة الأولى لا يتجاوز معدل النجاح عموما 12 من 20 وهو معدل مقبول نوعا ما، يرتفع تدريجيا ليعادل 15 من 20 في السنة الثالثة، لأن عدد الطلبة يتقلص تدريجيا من ألفين إلى 1300 ، ثم 800 طالب ليصل في سنة التخرج إلى 300 طالب.
مقترح لإعادة النظر في معدل القبول
يرجع أستاذ القانون الخاص و نائب عميد كلية الحقوق المكلف بالدراسات و المسائل المرتبطة بالطلبة، شعبان عياشي، السبب وراء ارتفاع عدد طلبة تخصص الحقوق، إلى تطور المجتمع و زيادة نسب النجاح في البكالوريا، مشيرا إلى أنه قبل خمس سنوات، كان عدد المسجلين الجدد من حملة البكالوريا 511 طالبا فقط، لكن الرقم ارتفع بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة.
علما أن اختيار الحقوق يخضع لعاملين، أولهما شعبية هذا التخصص، باعتباره من أقدم وأعرق الشعب الجامعية، و ثانيا مستوى معدل القبول فيه و الذي يعد، حسبه، السبب الرئيسي وراء الضغط الذي تعرفه  أغلب الكليات عبر الوطن، وهو ضغط عددي، أثر على نوعية التكوين إذ يصل عدد المتمدرسين إلى 700 طالب في كل مجموعتين، بمعدل 300  طالب في المدرج و 40 داخل أقسام الحصص التطبيقية، وهو ما يصعب  على الأستاذ مهمة التأطير والتقييم الجيد، خصوصا وأن الأصل في نظام « ال أم دي» هو ألا يتعدى عدد الطلبة في الحصة التطبيقية 15 إلى 20.
المتحدث أوضح، بأننا نقف اليوم أمام ضرورة  مراجعة آليات التوجيه في الشعبة، خدمة لمستوى التكوين، خصوصا و أن المنشور الوزاري رقم 1 المؤرخ في 18 جوان 2019، و المتعلق بالتوجيه الأولي و تسجيل حاملي شهادة الباكالوريا،  يمنح الأولوية في الالتحاق بكلية الحقوق لشعبة الآداب و الفلسفة  وذلك لتلاؤم نوعية تكوينهم في الثانوية، مع طبيعة مقاييس التدريس في الجامعة، عكس التقنيين و العلميين الذين يصعب استيعابهم، وعليه فقد سبق لفريق ميدان التكوين المسؤول عن تقييم الدراسة في الحقوق منذ سنة 2015، اقتراح إعادة النظر في معدل التوجيه من خلال منح الأولوية لحاملي بكالوريا أدب و فلسفة و اشتراط معدل 10 فما فوق في الفلسفة، و اشتراط البكالوريا  بمعدل لا يقل عن 10 من 20 بالنسبة للعلميين، أو على الأقل اشتراط معدل التحاق لا يقل عن 12 من 20 بالنسبة  لحاملي بكالوريا الشعب العلمية و التقنية، وذلك لأن نوعية التكوين تتأثر بعدد الطلبة و مستواهم و نوعية شهادات البكالوريا.
وحسب الأستاذ عياشي، فإن التشبع الذي يعرفه التخصص أثر على نظرة المجتمع إليه، بالرغم من أهميته، بدليل أن مردود الطلبة يتحسن كلما نقص عددهم، حيث ترتفع  معدلات النجاح بشكل مضطرد، إذ تقدر بـ 25.91 بالمئة خلال السنة الأولى و ترتفع إلى 45 بالمئة في السنة الثانية، لتصل إلى 80 بالمئة في السنة الثالثة، وهي سنة التخرج ، أما في طور الماستر فتناهز نسبة النجاح 98 بالمئة في الأقسام الثلاثة، القانون العام و الخاص و الإداري.
هـ/ ط

عميد كلية الحقوق بجامعة قسنطينة البروفيسور طاشور عبد الحفيظ
سوق العمل فرض شروط التسجيل و حدّد نوعية التكوين
قال البروفيسور طاشور عبد الحفيظ، عميد كلية الحقوق و أستاذ القانون الجنائي، أن واقع التخصص ما هو إلا انعكاس لسياسة سوق العمل في بلادنا، فالحقوق شعبة جد مطلوبة و متشعبة المجالات، حيث تعد تخصصاتها على اختلافها، مطلوبة في كل الفروع المهنية، لذلك فإن معدل القبول فيها حدد ليستوعب الحاجة لتغطية متطلبات قطاع التوظيف و الشغل، بمعنى أن آليات التوجيه نحو الحقوق مبنية، وفق رؤية اقتصادية و اجتماعية، تشرف على ضبطها لجان متخصصة خدمة لسياسة الدولة التي ترتكز على مخططات طويلة المدى تمتد إلى غاية 20 سنة.
و أضاف العميد، بأن التشبع الذي تعرفه الشعبة، أفرز تصورا خاطئا عنها، فدراسة الحقوق ليست مهمة سهلة، بل أن هذا التخصص يعد من أصعب الشعب الجامعية، بدليل أن نسبة الرسوب في السنة الأولى تعد كبيرة، نظرا لصعوبة تكيف الطلبة الجدد مع طبيعة المقاييس الدراسية التي تعتمد على المنطق، ناهيك عن الانتقال من التدريس المعمم إلى التخصص الدقيق، مع اختلاف كبير في لغة التكوين، من سنة تعليمية إلى أخرى، خلال طور الليسانس وصولا إلى الماستر و الدكتوراه اللذين يعتمدان بشكل شبه مطلق على الفهم و البحث العلمي، أضف إلى ذلك فإن الحقوق تخصص متجدد يتوسع بتطور الاحتياجات المجتمعية  و المهنية، حيث تبرز فروع دراسية جديدة كل سنتين إلى ثلاث سنوات، كما أن هناك توجها جديدا في العالم لإدراج  العلوم الاجتماعية كمقياس إضافي في التخصصات العلمية.
و سبق للكلية أن استقبلت أطباء و مهنيين آخرين، اختاروا دراسة الحقوق لتعزيز مهاراتهم في المجالات الدقيقة و المتخصصة، كالمجالات الأمنية والطب الشرعي مثلا.و بخصوص حجم التسجيل سنويا و انعكاسه على مستوى التكوين،  أوضح البروفيسور طاشور، بأن قضية العدد الكبير للطلبة، لا تقتصر على كلية الحقوق وحدها، بل تمس عديد التخصصات كالبيولوجيا و العلوم التكنولوجية، وهي نتيجة حتمية لتطور المجمتع و تراجع نسبة الأمية و ارتفاع نسب النجاح في البكالوريا، مضيفا بأن نوعية التكوين في كليات الحقوق لا يقل شأنا عما هو موجود في الخارج، بدليل أن العديد من الطلبة الجزائريين تفوقوا في دول العالم،  و أثبتوا جدارتهم خلال مراحل التدرج في جامعات عالمية عريقة، لكن المشكل الذي يطرح يتعلق أساسا، بإطار التكوين، لأن عدد المكونين البيداغوجيين يكون غالبا غير كاف، لتغطية الأعداد الكبيرة من الطلبة، وهو ما يؤثر على مردوديتهم، لكنه لا يلغي أبدا حقيقة أن الاجتهاد الشخصي و التكوين الذاتي، يمكنهما أن يحققا التميز لطالب دون غير، و النماذج في الكلية كثيرة، كما قال، معترفا من جهة ثانية، بوجود تفاوت في المستوى بين الأساتذة و المؤطرين.               هـ/ ط

نقيب المحامين لناحية قسنطينة مصطفى الأنور
الشعبوية في التكوين  أضرت بمجالات التمهين التابعة للحقوق
النصر تواصلت مع عدد من المحامين بناحية قسنطينة، للحديث عن انعكاسات التشبع الذي يعرفه التخصص على واقع ممارسة المهنة، فأكد الكثيرون بأن إشكالية العدد باتت تطرح أيضا على مستوى المحاكم، بالنظر إلى ارتفاع رقم المنتسبين للمهنة، ما أثر على الأداء العام ، بدوره أوضح الأستاذ مصطفى الأنور، نقيب منظمة المحامين لناحية قسنطينة و رئيس الاتحاد الوطني لمنظمات المحامين،  بأن تخصص الحقوق يعرف إقبالا كبيرا في كل دول العالم، نظرا لشعبيته، لكن في الجزائر يعد ضعف معدل القبول، عاملا أساسيا في رفع عدد طلبة الشعبة، وهو أمر انعكس سلبا على مستواهم، بسبب ما وصفه بـ "الشعبوية" التي تطغى على التكوين الجامعي الخاضع منذ منتصف الثمانينات، لمبدأ الكم أو العدد، كما عبر.
 وأضاف المحامي بأن مشكل المستوى لا يتعلق فقط بالجامعة، بل أن الخلل يكمن أساسا في قطاع التعليم الذي مر بمراحل تذبذب على مدار السنوات الماضية، و لم يعرف الاستقرار بسبب طغيان الإيديولوجيا على الهدف الأساسي وهو التكوين، مع ذلك يمكن حصر مشكلة دراسة الحقوق في ضعف مستوى بعض المؤطرين و الأساتذة و العدد الكبير للطلبة، الأمر الذي أفرز نوعا من التساهل فيما يخص التقييم، و بالتالي أنتج حملة شهادات يفتقرون للكفاءة اللازمة، وهو ما انعكس على مردودهم في جميع القطاعات المهنية،  التي لها علاقة بالحقوق بما في ذلك مهنة المحاماة، التي تحصي نقابة قسنطينة بمجالسها الأربعة " جيجل سكيكدة ميلة و قسنطينة، 3300 محامي منتسب إليها حاليا،  وعليه فقد اتخذ اتحاد النقابات سنة 2013 ، كما قال نقيب المحامين، قرارا بتشديد شروط الانتساب للمهنة، تطبيقا للقانون  بشكل صارم، وذلك من خلال تعليق دورات دخول المحاماة إلى غاية التزام الدولة بشرط فتح مدارس متخصصة لتكوين المحامين.        
هـ/ ط

 

 

الرجوع إلى الأعلى