يُجمع اقتصاديون جامعيون وباحثون في ملف النصر على أن تطور الشركات الناشئة يتطلب إطارا قانونيا واضحا وآليات تسمح لها بالترابط والتكامل داخل نسيج اقتصادي مشجع على الاستثمار وقادر على خلق الأسواق، حيث سعت النصر إلى رسم تصور عن مدى ملاءمة وتيرة الحركية الاقتصادية الوطنية مع السرعة التي يتطلبها ازدهار الشركات الناشئة، من عدة مناظير يركز فيها المختصون في الاقتصاد على الجانب المفهومي للشركات الناشئة وتاريخها وضرورة تعريفها بدقة، بينما يتجه المشتغلون على الابتكار التكنولوجي إلى قدرتها على خلق الأسواق من خلال ما توفره من نماذج تمثل عروضا مستحدثة لاستقطاب الطلب وتلبية الحاجة.
وأشار المشاركون في الملف أيضا إلى مجموعة من المعيقات التقنية التي تعرقل نمو الشركات الناشئة وتمثل من الناحية النظرية والعملية أسوارا عالية تقف في وجهها، رغم أنهم قدموا مجموعة من المقترحات قادرة على فتح منافذ جديدة فيها، من خلال تشجيع الاستثمار في الابتكار بوضع أطر عملية لمساعدة حاملي الأفكار على تجسيدها في الحاضنات التكنولوجية وخلق بُنًى تحتية مترابطة بين مختلف الجامعات ومراكز البحث وتحقيق الانفتاح على المحيط الاجتماعي والاقتصادي بصورة فعلية.
إعداد: سامي حبّاطي
وانتشر الحديث في السنوات الثّلاثة الأخيرة عن الشركات الناشئة في الجزائر، حيث يأتي في سياق أزمة اقتصادية ناجمة عن انخفاض المورد الرّيعي من المحروقات بعد تراجع أسعار البترول في الأسواق العالمية، حيث باتت الأنظار تتجه نحو إيجاد مصادر جديدة للدخل من خلال التركيز على المبادرات الاقتصادية الأقل من المصغرة، بعد أن سبقتها سياسة تطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة دون أن تعطي نتائج ملموسة أو تُغيّر من ملامح السّوق. ورغم راهنيّة الموضوع إلا أن إستراتيجية خلق الشركات الناشئة وتطويرها ما زالت غير واضحة في الجزائر، التي تعتبر متأخرة بأربعة عقود من الزمن في هذا النوع من الشركات مقارنة بأول مكان ظهرت فيه في العالم.
نظمت وزارة الداخلية والجماعات المحلية منتصف شهر نوفمبر الماضي ندوة دولية حول موضوع “دعم المؤسسات الناشئة”، حيث تمحورت حول علاقتها بالمرفق المحلي، في وقت ظهرت فيه مجموعة من الشركات الناشئة الناجحة، على غرار شركة “يسير” التي أكد ممثل عنها للنصر سابقا أنها استطاعت في ظرف عامين الانتقال من “ستارت آب” أسسها ثلاثة شبان، إلى شركة ذات مسؤولية محدودة، ثم أصبحت اليوم متعددة الجنسيات بعد أن مددت نشاطها إلى تونس والمملكة المغربية، وما زال القائمون عليها ينوون دخول أسواق بلدان أخرى.
و قد أنشأ شاب جزائري في العامين الماضيين حاضنة “سيلابس” للشركات الناشئة، وهي تعتبر الأولى من نوعها في القطاع الخاص في الجزائر.  وأخرجت “سيلابس” مجموعة من المؤسسات الناشئة التي استطاعت تحقيق النجاح، على رأسها دار “الجزائر تقرأ” للنشر والتوزيع، ويبدو جليا على هذه المشاريع غلبة تصور وسائل التواصل الاجتماعي والوسائط المتعددة المرتبطة أساسا بتكنولوجيات الاتصال واستخدام الانترنيت من حيث طريقة النشاط وتنظيم واجهاتها، كما تجدر الإشارة إلى أن دار “الجزائر تقرأ”، على سبيل المثال، قد انطلقت من مجموعة حوارية على منصة “فيسبوك”.
الأفكار الابتكارية في مواجهة “لوبيات” الاستيراد
واستوقفنا بالمعرض المنظم مؤخرا من طرف جامعة عبد الحميد مهري بقسنطينة، على هامش الندوة المنظمة حول المقاولاتية، باحثٌ شاب يشرف على عرض مجموعة من نماذج الآلات الذكية التي طورت بأحد مراكز البحث، حيث أخبرنا أن الابتكار يواجه مشكلة أساسية مع المستوردين، مشيرا إلى حادثة وقعت له مرة مع أحد المستثمرين، عندما تقرب من مربع العرض الذي كان يشرف عليه وعاين نموذج لإحدى الآلات التي طورها المركز من أجل استغلالها في التعليم البيداغوجي على مستوى الثانويات أو المعاهد، ثم سأله عن القيمة التي يكلفها النموذج، قبل أن يعلق بأنه قادر على استيراد نفس الآلة جاهزة بقيمة أقل من الخارج.
واعتبر محدثنا أن العديد من المستوردين يقومون بنفس الأمر في المعارض الدولية التي تتضمن معارض لابتكارات، حيث يستولون على الأفكار ثم يقومون باستيراد نفس الآلات بأسعار أقل، ممتنعين عن تمويل مشاريع استثمارية صغيرة على المستوى الوطني من أجل ضمان صناعتها محليا وتحقيق قيمة مضافة حقيقية للاقتصاد. وأضاف الباحث أن الأمر يتطلب خلق قاعدة بيانات تسجل فيها كافة الابتكارات المطورة على المستوى الوطني، خصوصا من طرف الطلبة، مع منع المستوردين من إدخالها إلى الجزائر عبر الاستيراد، وتشجيعهم على الاستثمار في خلق وحدات لصناعتها محليا.
وتتقاطع رؤية الباحث الشاب مع ما ذهب إليه الأطراف المشاركون في ملف النصر من ضرورة وضع إطار قانوني واضح يدعم نشاط الشركات الناشئة القائمة على الابتكار بصورة أساسية، رغم اختلاف الآراء بشأن مدى ضرورة اعتماد هذه الشركات على التطوير التكنولوجي الرقمي والصناعي، أو اتجاهها إلى أفكار بسيطة قادرة على التقاط حاجة “منسية” وخلق سوق جديدة لتلبيتها بالاعتماد على أسواق وخدمات أخرى، رغم أن انهيار القدرة الشرائية وتدني الأجور بسبب انخفاض قيمة العملة، لا يعتبران من العوامل المحفزة لحركية الاقتصاد وخلق الأسواق الاستهلاكية الجديدة أو تغطية أخرى قديمة محليا بسبب ترابط النشاطات مع بعضها البعض، وهو الواقع الذي تعيشه الجزائر اليوم. وعلى سبيل المثال، فقد عرفت ولاية قسنطينة خلال العام الجاري إنشاء 300 مؤسسة مصغرة جديدة، استطاع أصحابها خلق مناصب شغل بحسب تأكيد مدير التشغيل، فيما قدرت الشركات التي أنشئت في إطار جهازي الدعم “كناك” و”أنساج” بألفين، في حين تلفت الأرقام الوطنية للوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب “أنساج” والمتوفرة بموقعها الإلكتروني، إلى تمويل 45 مشروعا يوميا، لا يمثل الجامعيون إلا نسبة 18  بالمئة من مجمل المستفيدين منها، مقابل 66 بالمئة من حاملي شهادات التكوين المهني.
و تولد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بمخطط أعمال واضح وملامح مالية جلية، على عكس الشركات الناشئة التي تقوم على عدم اليقين، وتتطلب صيغ تمويل خلاقة قادرة على الاستجابة لمتطلباتها التي تتميز عن غيرها، بسبب هامش الفشل المرتفع فيها، حيث أكد لنا أستاذ اقتصاد أن حوالي 25 بالمئة من الشركات الناشئة في العالم تستطيع الاستمرار بينما تفشل الأخرى.

الباحث في الاقتصاد محمد دهان
تطوير الشركات الناشئة يتطلب تحسين مناخ الأعمال
يرى الباحث في الاقتصاد محمد دهان من جامعة عبد الحميد مهري بقسنطينة، أن الجزائر تأخرت كثيرا في الاهتمام بالشركات الناشئة، في حين يؤكد أن تطويرها يتطلب توفير البنى التحتية الملائمة وتحسين مناخ الأعمال.
وذكر الأستاذ دهان للنصر أن المرسوم التنفيذي الخاص بإنشاء الوكالة الوطنية لترقية وتطوير الحظائر التكنولوجية صدر عام 2004، لكن أول حظيرة لم تدخل حيز الخدمة إلا في 2009، لتنشأ بعد ذلك الحظيرة التكنولوجية في ورقلة بعد ثلاث سنوات، بينما ينتظر إنشاء ثلاث حظائر أخرى في كل من قسنطينة وسطيف وغرداية، مضيفا أن الوكالة تعمل تحت وصاية وزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال.
 وأشار نفس المصدر إلى أن مدير الحظيرة التكنولوجية لسيدي عبد الله، قد أكد من قبل أن عدد الشركات الناشئة الموجودة على مستواها يقدر 40، في حين أن الطاقة الاستيعابية تقدر بـ 15 مشروعا، حيث تستهدف إدارة الحظيرة رفعها إلى 25
واستند محدثنا إلى إحصائيات الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب لخمس سنوات، حيث أحصت أكثر من 367 ألف مشروع، من بينها حوالي 10 آلاف فقط من الشركات الناشئة، أي ما تعادل نسبته 3 بالمئة، كما أنها ارتفعت من 1 بالمئة في عام 2011 إلى 6 بالمئة في عام 2016.
“واقع الابتكار متردي بالجزائر”
 واعتبر نفس المصدر أن النسب المذكورة متدنية جدا، وعزا الأمر إلى “واقع الابتكار المتردّي في الجزائر”، مؤكدا  أن الابتكار هو المحرك الأساسي للمؤسسات الناشئة. وأضاف الأستاذ أن تنويع مصادر التمويل لفائدة الشركات الناشئة بحسب مراحل تطورها هو العامل الأول من أجل إنجاحها، بالإضافة إلى تحسين الإطار التنظيمي المحفّز لها.
وأوضح الباحث أن إنجاح سياسة تطوير المؤسسات الناشئة، يتطلب تطوير خدمات الاستشارة والتوجيه وتشجيع الإبداع والابتكار ونشر ثقافة المقاولاتية، بالإضافة إلى تحسين مناخ الأعمال وتطوير العناقيد الصناعية، كما نبه إلى ضرورة تشجيع التّشابك بين مختلف القطاعات، خصوصا الصناعية والتكنولوجية منها، لأنها الأرضية الخلفية والمولد لأفكار الابتكار الضرورية لنشأة هذا النوع من المؤسسات.
وذكر الأستاذ دهان منصة “أمبلواتيك”  كواحدة من نماذج الشركات الناشئة الناجحة على مستوى الجزائر، حيث انطلقت في سنة 2006 وتضم 50 موظفا، واختيرت بعد ذلك لتمثيل المؤسسات الناشئة الجزائرية في الملتقى الذي سيجمع مئة منها من العالم العربي، وينظم بالشراكة بين المنتدى الاقتصادي العالمي ومؤسسة التمويل الدولية، وستكون لهذه المؤسسات، التي يصفها محدثنا بـ”الواعدة”، البصمة الواضحة في الإعداد للانتقال الجيلي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

صاحب أول أطروحة دكتوراه حول الموضوع
يجب تحديد مفهوم الشركات الناشئة بدقة قبل وضع إطار قانوني
يؤكد مُحمّد أمين نُوي، صاحب أول أطروحة دكتوراه حول الشركات الناشئة بكلية العلوم الاقتصادية لجامعة عبد الحميد مهري بقسنطينة، أن وضع إطار قانوني لهذه المؤسسات يتطلب تحديد مفهومها بدقة، في حين أوضح أنها تتطلب صيغا تمويلية غير تقليدية لا تتوفر في الجزائر.
وأفاد محمد أمين نوي الذي يحضر أطروحة الدكتوراه بعنوان “دراسة تحليلية لعوامل نجاح وفشل المؤسسات الناشئة في الجزائر وإستراتيجيات تنميتها”، أنه يعتبر أول من يخصص الأطروحة لهذا الموضوع في جامعة عبد الحميد مهري، في حين أكد أنه لم يجد أي مراجع من أطروحات عبر الجامعات الجزائرية حول الشركات الناشئة، ما جعله يضطر إلى العمل بالمراجع المتوفرة باللغة الإنجليزية فقط.  
“الستارت آب” ظهرت في أمريكا قبل 40 سنة
وأوضح نفس المصدر أن مصطلح الشركات الناشئة ظهر لأول مرة في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1976، في حين لم تعرفه فرنسا إلى غاية نهاية التسعينيات، ودخل الجزائر في السّنوات القليلة الأخيرة، أي بعد حوالي أربعين سنة من ظهوره لأول مرة في الولايات المتحدة.
ونبه محدثنا إلى أن المحيط الاقتصادي الجزائري ما يزال “متخلفا” ولا يتضمن بنية تحتية مناسبة للشركات الناشئة، كما أن موضوعها حديث العهد، فضلا عن أن القانون لم يمنحها صفة واضحة، على عكس تونس التي منحتها إطارا قانونيا. وأضاف نفس المصدر بالقول “أنه لا يتفق مع الشروط القانونية التي وضعتها تونس للمؤسسات الناشئة”، حيث يؤكد أن تحديدها ينبغي أن ينطلق من استيعاب صحيح لمفهومها، ففي تونس يعتبرون أن أية مؤسسة جديدة تعتمد على الابتكار، ناشئة وهذا أمر خاطيء، بحسب محدثنا، الذي يوضح “أنها مختلفة عن المؤسسات المصغرة والصغيرة والمتوسطة والكبيرة”.
“الشركة الناشئة نمو بنسبة 7 بالمئة أسبوعيا”
وقال نفس المصدر أن الاختلاف حول المعايير التي توضح شروط الشركة الناشئة عالمي وقديم، حيث أوضح أن البعض يذهبون إلى وضع الاعتماد على التكنولوجيات الحديثة كواحد من الشروط، كما اهتم الاقتصاديون بالحجم والعمر، بينما جاء بعدهم رُوّاد أعمال، على رأسهم بول غراهام، الذي أكد أنه كان مخطئا عند ربط الشركات الناشئة بالتكنولوجيا، وهو ما يتفق معه محمد أمين نوي بحسب ما أكده لنا. وأضاف محدثنا أن الأساس في الشركة الناشئة تحقيق النمو في ظرف قصير، مشيرا إلى أنه لا يتفق مع من يذهبون إلى القول أنها تمثل مرحلة أولية تسبق تأسيس الشركة الحقيقية. وتنمو الشركات الناشئة بطريقة أُسِّية، بحيث أنه ينبغي بحسب نفس المصدر أن تكبر بنسبة سبعة بالمئة أسبوعيا، أي أن المؤسسة الناشئة التي تنطلق بألف دولار، تبلغ أربعة وعشرين مليون دولار بعد عام واحد، بحسب طالب الدكتوراه، كما أنها تتطلب صيغ تمويل غير تقليدية أيضا، لا توفرها أجهزة تمويل المشاريع في الجزائر، على غرار التمويل التشاركي، وهو ما يخلق عائقا جديدا أمام ازدهارها.  
  س.ح

مديرة وكالة تثمين نتائج البحث العلمي
الشركات الناشئة قادرة على خلق أسواق جهوية جديدة
اعتبرت المديرة العامة للوكالة الوطنية لتثمين نتائج البحث العلمي والتطوير التكنولوجي، أن الشركات الناشئة قادرة على خلق أسواق جهوية جديدة، فيما أكدت أن الوكالة ترافق تسعا منها.
وأوضحت المديرة العامة للوكالة، نجوى مونسي دموش، في تصريح للنصر، أنها قدمت مداخلة في الندوة التحضيرية لاستراتيجية الذكاء الاصطناعي التي نظمتها المديرية العامة للبحث العلمي بقسنطينة وركزت فيها على دور المؤسسات الناشئة في اقتصاد الغد في الجزائر، حيث ترى أنها قادرة على جلب القيمة المضافة للاقتصاد الحالي، لكن ليس على المستوى الوطني وإنما على الصعيد الجهوي، إذ يمكن، بحسبها، أن تكون لكل جهة من الوطن شركاتها الناشئة الخاصة بها، فيما تستطيع الأخيرة أن تخلق أسواقا جديدة تصبح بعد ذلك أسواقا خاصة بها، كما أنها قادرة أيضا على تغطية جزء من السوق، مثلما قالت المديرة.
وأضافت نفس المصدر أن وكالة تثمين نتائج البحث العلمي ترافق 9 شركات ناشئة على مستواها، حيث توفر لها المرافقة التقنية من جانب حماية الملكية الفكرية، أي حماية الأفكار الابتكارية التي تأتي بها، بالإضافة إلى توفير التمويل لها، في حين نبهت إلى أن الهدف يتمثل في إدماجها في النسيج الاقتصادي. وقد ظهرت على يد الوكالة بحسب المديرة شركتان ناشئتان مطلع السنة الجارية، قالت أنهما متخصصتان في مجال البرامج المعلوماتية بصفة عامة.
  س.ح

صاحبة أحسن مؤسسة ناشئة بقسنطينة
التحدي هو أن يبقى منتجنا مطلوبا في السوق
تقول الدكتورة شافية عبد النور، صاحبة مخبر «كاتاليز لاب» الذي أُسّس بقرض مصغر عن طريق الوكالة الوطنية للتأمين على البطالة، أن تحديها الوحيد هو البقاء وضمان استمرار الطلب على منتجها.
وتضيف محدثتنا، التي فاز مخبرها المختص في تحاليل البيولوجيا المجهرية والفيزيائية والكيميائية في مسابقة أحسن مؤسسة ناشئة بقسنطينة، أنها على علم أن النشطين في مجال البناء والإطعام يحققون أرباحا أفضل منها، لكنها تؤكد أن الهدف الأساسي في الوقت الحالي لمؤسستها هو البقاء على قيد الحياة، مشيرة إلى أنها أنشئت سنة 2011 وانطلقت في الخدمة الفعلية بعد ذلك بسنة.
ونبهت نفس المصدر أن نمو «كاتاليز لاب» كان بطيئا في البداية لكن وتيرة نشاطه تحسنت بعد ذلك، حتى أصبح الطلب على التحاليل بعد سبع سنوات يأتي المؤسسة من معامل صناعية صغيرة، على عكس السنوات الأولى التي كان التعامل فيها يقتصر على الشركات الكبيرة والمؤسسات المتعددة الجنسيات التي تحترم المعايير المعمول بها عالميا. وأشارت الدكتورة شافية عبد النور أن تزايد التوجه نحو التصدير أصبح يدفع مزيدا من المتعاملين إلى طلب خدمات المخبر، خصوصا من الخواص، الذين باتوا يسعون إلى تطوير إنتاجهم ليكون مطابقا للمعايير، فيما نبهت إلى ضرورة توفير الدعم من طرف السلطات العمومية لفائدة المؤسسات الصغيرة والناشئة لتكون انطلاقتها قوية، لكنها اعتبرت أن المناخ الاقتصادي العام لا ينساب المؤسسات، فضلا عن أنه لا يجذب الشركات الكبرى للاستثمار.
واعتبرت صاحبة المخبر أنها حققت العديد من التطلعات التي كانت تطمح إليها عندما شرعت في العمل، فيما ترى أن الأمر الإيجابي في «كتاليز لاب» أنه مكون اليوم من تسعة مهندسين مختصين، استطاعوا بفضلها العثور على أماكن عمل تتوافق مع الشهادات الجامعية التي يحملونها، ولم يجدوا أنفسهم مضطرين للنشاط في مجالات أخرى.                                س.ح

إلى جانب إنشاء مرصد للذكاء الاقتصادي
جامعيّون يقترحون سحب معهد الملكية الفكرية من وصاية وزارة الصناعة
اقترح باحثون وأساتذة بجامعة عبد الحميد مهري بقسنطينة، سحب المعهد الوطني الجزائري للملكية الفكرية من وصاية وزارة الصناعة، وإدماجه في أرضية لإنشاء مرصد للذكاء الاقتصادي والصناعي.
وجاء المقترح ضمن خمس ورشات منظمة مؤخرا حول المقاولاتية في جامعة عبد الحميد مهري بالتنسيق مع الوكالة الوطنية لتثمين نتائج البحث العلمي، وشملت الحديث عن الشركات الناشئة وحاضناتها والطرق العملية من أجل ترقيتها على أرض الواقع.
وقد ركزت توصيات الورشة الأولى على وضع إطار قانوني يتضمن القوانين والمراسيم المحددة لمفهوم الحاضنة ومهامها الوطنية والعالمية من أجل تمييزها عن آليات أخرى، مثل المشاتل المسرّعة ومراكز التسهيل، كما اقترحوا إلزام الحاضنات بلعب دورها الأساسي عند تشكل الفكرة وخلق المؤسسة الناشئة إلى غاية تجسيدها على أرض الواقع، ومرافقتها لمدة عامين بعد ذلك من الناحية المالية والتقنية.
توصيات بتسهيل تمويل براءات الاختراع
وشدد الأساتذة على أن الحاضنة مطالبة بالاندماج وضمان ارتباط قوي بالفاعلين من محيطها الاقتصادي، فيما أشاروا إلى ضرورة مراجعة التكوين الجامعي من خلال تعزيز التخصصات التي تستجيب لحاجة المؤسسات من أجل القضاء على البطالة، بالإضافة إلى ضرورة تغيير طريقة التدريس، وضمان الرابط بين الجامعة والمؤسسات من أجل خلق نظام وطني فعال للابتكار. واستهدفت الورشة الثانية اقتراح إستراتيجية من أجل التطوير ورفع عدد براءات الاختراع في مجال البحث بالدرجة الأولى، بالإضافة إلى ضرورة التحضير لخلق منهجية لتسويق الابتكار كأولوية ثانية.
ونبه معدو توصيات الورشة الثانية إلى ضرورة وضع نظام اتصال فعال في مجال براءات قطاع البحث، بالإضافة إلى استعمال شبكات التواصل الاجتماعي من أجل الإعلام، في حين أكدوا على ضرورة مراجعة تقييم البحث ومعايير ترقية الباحثين في الرتب من خلال منح مكانة إستراتيجية للبراءات في السلم المعتمد عليه للتقييم، مع تسهيل إجراءات تمويل براءة الاختراع داخل مخابر البحث وتدعيم الكليات بجهاز مكلف بتقييم الابتكار وتسويقه.
وبينما أشار أساتذة الورشة الثانية إلى ضرورة سحب المعهد الوطني الجزائري للملكية الفكرية من وصاية قطاع الصناعة، اقترحت الورشة الرابعة إنشاء مرصد للفعالية والذكاء الاقتصادي والصناعي، وربط المعهد الوطني الجزائري للملكية الفكرية ومراكز تسيير المسارات المهنية ومراكز دعم التكنولوجيات والابتكار وغيرها، بالمرصد المذكور من أجل تحويلها إلى منصة انطلاق لإنشائه، فضلا عن خلق خلايا مكلفة بدراسة وضعية أنظمة الاتصال ومعرفة مدى فعاليتها على مستوى المؤسسات بحسب المعايير العالمية، مع جمع المعلومات من مصادرها من خلال التحقيقات وسبر الآراء من مختلف الفاعلين في المجال، كما أوصت بتطوير استعمال وسائل الاتصال من أجل نشر المعلومة.
وأوصى الأساتذة أيضا بوضع تسهيلات جبائية وشبه جبائية وتوفير الدعم والقروض على البحث العلمي، مع خلق سوق لرأس مال المخاطر، في حين نبهوا إلى ضرورة تشجيع الإحصائيات وسبر الآراء من أجل رصد المشاكل الاجتماعية وتكوين مختصين في الهندسة الاجتماعية وتشجيع العلاقات التعاونية بين الجامعة والمؤسسات وتشجيع خدمات تمويل جديدة بعيدا عن البنوك وأجهزة دعم التشغيل مثل “أنساج” و”أنجام”.
س.ح

 

 

الرجوع إلى الأعلى