لم تشأ سنة 2019 أن تنقضي دون أن تشهد فضيحة في حق الطفولة هزت تفاصيلها الشارع الجزائري، ففي ليلة العشرين من شهر ديسمبر، وقف عناصر الدرك بقسنطينة على مشاهد كارثية لصغار مصابين بالتوحد و التريزوميا وُجدوا حفاة و مُعنّفين و الروائح الكريهة تنبعث منهم، داخل «فيلا» اتخذتها جمعية وهمية كمقر لها بعد الاحتيال على الأولياء، ما أثار جدلا و تساؤلات كثيرة حول ظروف التكفل بهذه الفئة الهشة، أمام نقص المراكز المتخصصة للعلاج و المتابعة ببلادنا.
المشاهد و الشهادات كانت صادمة حدّ الفزع، فقد اكتشف الطاقم النفسي و التربوي التابع لمصالح النشاط الاجتماعي آثار جروح و ضرب و حروق خطيرة كادت تودي بحياتهم و بعضها استعملت فيها أعقاب السجائر، حتى أن أحد الصغار الـ 31 الذين وجدوا داخل «فيلا» حي بن شيكو، كان ليفارق الحياة إذا ظل على تلك الحالة لـ 24 ساعة أخرى، حسبما أكده للنصر المشرفون على الحالات بعد تحويلها إلى ديار الرحمة بجبل الوحش إلى حين وصول الأولياء.
هؤلاء الأطفال الذين تراوحت أعمارهم بين 4 إلى 16 سنة، و بينهم 6 إناث، عثر عليهم أيضا في وضعية نفسية جد سيئة، فقد كانوا في حالة هيجان و ذعر شديدين، كما تبين أنه تم تجويعهم لفترة، فيما أظهرت تحقيقات الدرك أن أولياءهم الذين قدموا من عدة ولايات، وقعوا فريسة سهلة لإغراءات جمعية وهمية استغل مؤسسها الذي ادعى أنه دكتور في علم الطاقة، وسائل التواصل الاجتماعي و بعض المنابر الإعلامية للترويج لها، حيث دفع الآباء مبالغ تصل إلى 20 مليون سنتيم، فيما أكد وكيل الجمهورية بمحكمة قسنطينة أن الجمعية المزعومة لا تحوز على أية  رخصة تخضع للشروط القانونية و التنظيمية، و اتضح عدم أهليتها للتعامل مع هذه الفئة.
هذه القضية التي أثارت الرأي العام، كونها تتعلق بجرائم ارتكبت ضد أطفال أبرياء لا يدركون حتى ما يدور حولهم، عرفت إيداع 3 أشخاص الحبس المؤقت و وضع 9 منهم تحت نظام الرقابة القضائية، بعدما وجهت لهم تهم جنائية يتعلق بعضها بالتعذيب و المشاركة في التعذيب.
و في انتظار مثول المعنيين أمام محكمة الجنايات بالنظر للتهم الثقيلة التي وجهت للمتهمين الرئيسيين، يرى حقوقيون أنه يتعين على السلطات العليا في البلاد، معالجة هذا الملف بجدية أكثر، من خلال فتح ما يكفي من المراكز المتخصصة في مجال التكفل بالأطفال المعاقين ذهنيا ومتابعتهم بيداغوجيا، مع تكوين أشخاص مؤهلين للعناية بهم، و هو سيساعد على غلق الباب أمام أية محاولات للاحتيال أو التلاعب.
ياسمين.ب

الرجوع إلى الأعلى