شركات وهمية و جامعيون لترويج المهلوسات بقسنطينة

الأمن يحبط عملية ضخمة لبارونات "ليريكا"
بلغ استهلاك الأدوية ذات المفعول المخدر، مستويات مقلقة خلال الأعوام الخمسة الأخيرة بقسنطينة، فهذه الولاية عرفت منذ بداية سنة 2019 حجز أزيد من 400 ألف قرص من هذه المواد وعلى رأسها عقار “ليريكا”، وهي كمية تُعد الأضخم وطنيا وتؤكد مصالح الأمن أن التوصل إليها كان نتاج تحقيقات سرية ودقيقة استمرت لعدة أشهر ومكّنت من الإطاحة بعدد من البارونات، ففي هذا الملف تحاول النصر الإجابة على الكثير من الأسئلة المحيطة بالظاهرة، حيث اقتربنا من فرقة “بياري” التي تكشف عن الأساليب الجديدة المنتهجة لمحاولة إغراق الأحياء بهذه السموم ولتوظيف مراهقين في تجارة مربحة استغلت عدم تصنيف دواء “بريغابالين” كمؤثر عقلي وكون الولاية قطبا صيدلانيا لكي تنتعش، كما نغوص في عالم المدمنين والمروجين وما يخفيه من أسرار تخطت أسوار المدارس، لننقل أيضا آراء مختصين في علاج الإدمان و التربية، يؤكدون أن تراجع الرقابة الأبوية و غياب الحوار داخل الأسرة، ساعدا على انتشار هذه الظاهرة التي لم تعد تعترف لا بالعمر و لا بالجنس و لا حتى بالحالة المادية أو المستوى التعليمي، مع ما لها من آثار صحية و اجتماعية و أمنية خطيرة.
* ملف من إعداد: لقمان قوادري/  ياسمين بوالجدري/ أسماء بوقرن

النصر تحقق في عوالم المروجين والمدمنين بقسنطينة
"ميلكا" و "لاكوست" بـ 800 دينار و مداخيل تصل إلى مليونين يوميا
يخفي عالم الإدمان على المؤثرات العقلية، واقعا خطيرا و مخيفا، تؤكده شهادات صادمة حصلت عليها النصر من مدمنين و أولياء و أساتذة بقسنطينة، يروون قصصا لتلاميذ و شباب وقعوا فريسة للمهلوسات، كما استطعنا اختراق “عالم المروجين» الذين أفصحوا عن بعض أسرار هذا النشاط، بعدما أصبح يجذب إليه العديد من الأشخاص لعدم تصنيف أنواع من الأدوية ذات المفعول المخدر، كمؤثرات عقلية.
و لإجراء التحقيق اختارت النصر المدينة الجديدة علي منجلي التي يقارب عدد قاطنيها ربع مليون نسمة، ما جعلها «مجالا خصبا» لشبكات الترويج، و قد كانت البداية من لقائنا بأحد الأولياء، الذي فتح قلبه للنصر حتى تكون هذه “القصة المحزنة” كما ذكر، عبرة للأولياء والأبناء، حيث قال أنه إطار بمؤسسة وطنية وله ابن عمره 17 عاما يدرس في الثانية ثانوي بعد أن أعاد السنة، فقد كان من أنجب التلاميذ ومحبا لرياضة كرة القدم، فسجله في أحد النوادي العريقة، و كان يقوم بنقله بصفة دورية من علي منجلي إلى وسط مدينة قسنطينة على متن سيارته للتدرب، لكن ما إن تجاوز 15 عاما تركه يقوم بهذه الرحلة بمفرده وأحيانا رفقة أصدقائه.
من لاعب في صفوف ناد عريق إلى مدمن
ويبرز محدثنا، أنه لم ينتبه إلى تغير سلوكيات ابنه فقد كان يدخل ويخرج بصفة عادية ويبلل ملابسه وكأنه عاد من التدرب، حتى اكتشف الأمر صدفة عندما التقى بمدربه وأخبره أن ابنه لم يعد يأت للحصص بانتظام وكثيرا ما يتغيب عن التدريبات فضلا عن تراجع مستواه، ليقرر عدم مواجهة ولده بالأمر حتى يتسنى له مراقبته، ليكتشف ذات يوم أنه يقوم رفقة اثنين آخرين من أبناء الجيران بالتوجه بصفة متقطعة إلى حي 400 مسكن بعلي منجلي وبالضبط نحو الحديقة التي كانت مهجورة، قبل أن يتأكد أنه يشتري من هناك المهلوسات، بالأموال التي يمنحها له من أجل التنقل إلى الملعب، مشيرا إلى أن الصدمة كانت كبيرة ولم يتمالك نفسه عندما قام بتفتيشه رفقة صديقه، حيث عثر على قرصين من دواء «ليريكا»، ليغمى عليه و يكتشف بعدها أنه مصاب بالسكري.
ويضيف محدثنا، أنه لم يتوقف عند هذا الحد بل بحث عن البائع حتى يبلّغ عنه، فوجد أنه شاب من أبناء الحي القدامى وابن جاره منذ أن كان طفلا، لكنه رفض تسجيل شكوى بحكم الجيرة، كما قال، في حين أنه اضطر إلى تغيير مقر سكناه، و ذكر الأب أن ابنه لم يصل إلى مرحلة الإدمان، إذ قام بمرافقته في عمرة إلى البقاع المقدسة، كما أنه شجعه على العودة إلى الرياضة بانتظام لكن ليس في النادي الذي كان ينشط به، فهو لا يستطيع أن يتركه بمفرده.
"مروجون يستهدفون تلاميذ"
واقتربت النصر من بعض المؤسسات التربوية عى غرار متوسطة في الوحدة الجوارية التاسعة وأخرى بالوحدة الأولى، حيث لاحظنا في كل الأيام التي نتجول بالقرب منها، أشخاصا يتجولون بمحيطها طيلة فترات اليوم، حاملين قارورات مشروبات غازية.
سألنا بعض الجيران والتجار الناشطين بالمكان عن هوية هؤلاء الأشخاص، فأكدوا أنهم مسبوقون قضائيا في السرقة وترويج مهلوسات، ويعملون على بيع المؤثرات العقلية حاليا في أوساط المتمدرسين، إذ يقول أحد التلاميذ إن تعاطي «الدواء» أصبح أمرا عاديا و بأنه توجد بعض التلميذات من جربنه ومنهن من أدمنّ مثل بعض التلاميذ الآخرين.
ويؤكد أستاذ في تلك المؤسسة، أنه وقف الشهر الفارط على تصرفات غريبة لتلميذين يجلسان مع بعضهما البعض، و لدى تفتشيهما تم العثور على قرص من دواء «ليريكا»، وذكر أستاذ آخر، أنه تم ضبط تلميذ في ثانوية بعلي منجلي وهو يتعاطى المهلوسات في فترة الاستراحة وتم تحويله إلى مؤسسة أخرى وهي حالات قال إنها في «ازدياد مقلق».
وقال لنا أحد الأساتذة بثانوية في الوحدة الجوارية الثانية، أنه لاحظ العام الماضي، فتاة تدرس عنده وهي تتجول رفقة أحد الشباب الذي يبدو من منظره أنه منحرف، و عندما فتش حقيبتها وجد مشطا من «ليريكا»، و ما إن هددها باستدعاء ولي أمرها حتى اعترفت أن ذلك الشاب هو من أرغمها على إخفاء الدواء عندها. ويشير ذات الأستاذ، إلى أن العديد من التلاميذ يتداولون كلمات لأغان تمجد «الصاروخ» و»الكاشيات» وكلها كما ذكر، تطلق من الملاعب.
مدمن ينفق ألفي دينار
على المهلوسات والمشروبات الغازية يوميا
اقتربنا من  أحد المدمنين بعد وساطة مع أحد أصدقائه، حيث قال إنه لا يستطيع الكلام أو القيام بأي شيء دون  أن يتعاطى «حبة دواء»، مضيفا “هي تطلق لساني وكل حواسي ولا أستطيع العيش دونها فأنا أشعر بتعرق شديد حتى ولو كانت درجة الحرارة منخفضة جدا، كما أحس بتشاؤم وقلق شديدين يجعلني أتقوقع على نفسي عندما لا أتناولها».
محدثنا الذي كان في كل مرة يردد عبارة “ربي يهدينا”، كان يتحدث بحسرة كبيرة عما آل إليه وضعه، إذ أخبرنا أنه تعاطى في أول أسبوع كميات من حبة 150 غراما، في حين ضاعف في الأسبوع الثاني الكمية إلى قرصين في اليوم، ليصل به الأمر و بعد شهرين، إلى تعاطي حبتين من صنف 300 غرام في اليوم.
ويقول محدثنا، إنه يشتغل كصانع محترف في محل للحلويات ويتقاضى أجرة ألفي دينار نظير عمله، إذ ينفق على الأقل 1500 دينار في شراء «ليريكا» وما تبقى يقتني به مشروبات غازية و سجائر يستهلكها بقوة مع القهوة وكثيرا ما لا يوفر ثمن النقل أو حتى ثمن صحن حمص.
كبسولة “إكستازي” بـ 2500 دينــار
النصر استطاعت التحدث إلى أحد المروجين بعد وساطة من أحد معارفه و إلحاح منا، حيث قال إن علي منجلي تعرف تداول فئتين من المهلوسات  على نطاق واسع، الأولى هي «إكستازي»، وهو مخدر مصنف تباع الكبسولة الواحدة منه بمبلغ يتراوح بين 2000 إلى 2500 دينار، إذ تستهلكها كما قال، فئة معينة من الفتيات و ميسوري الحال، حيث أن متعاطيها يشعرون بتعرق شديد في الطقس شديد البرودة و بنشوة كبيرة.
أما الدواء الثاني المنتشر بكثرة، فهو “ليريكا” الذي ينقسم إلى نوعين الأولى من صنف 150 غراما والثاني من فئة 300 غرام، حيث أن الفرق بينهما يكمن في “الفاعلية وقوة التركيز».
و بحسب المروج، فإن «ليريكا» من نوع 150 غراما تباع بـ 300 دينار للقرص وهي مقسمة  إلى أصناف، هي «اليهودية» وهي كبسولة زرقاء اللون، أما الثانية فهي «مرساي” وهي بيضاء و زرقاء و «الميلكا» الحمراء والبيضاء و «الفيزر» البيضاء كاملة، أما «لاكوست» فهي كبسولة خضراء اللون، مشيرا إلى أن سعر كبسولة 300 غرام يقدر بـ 600 دينار في الحالة العادية و 800 دينار في حالة وجود «ندرة»، مشيرا إلى أن الفئة العمرية الأكثر استهلاكا، هي التي تتراوح بين 16 و 25 عاما، لكن عند استفسارنا منه عن مصدر «السلعة» وكيفية إيصالها، أنهى الحديث.
“تبت عن الترويج قبل أشهر من الزواج”

وقد تحدثت النصر إلى مروج سابق للمهلوسات، بعد توسط أحد معارفه أيضا، حيث قال بعد إلحاح منا وتقديم ضمانات عن سرية الحوار وأنه لفائدة الصالح العام، إنه «تاب عن أفعاله» بعدما استيقظ فيه الضمير الحي قبل أن يتزوج بأشهر قليلة، فقد كانت حياته محاطة بالخطر والخوف وتأنيب الضمير لاسيما كلما شاهد مراهقا أو شابا جامعيا يقصده لشراء الأقراص. وقال محدثنا إنه كان ينزوي أو يقف بمحيط محل مهجور، وله اثنان من معاونيه يقومان باستطلاع الموقع من منتصف النهار إلى العاشرة ليلا مقابل منحهما ألفي دينار يوميا، فضلا عن  ضمان الأكل واللباس في مناسبات معينة، مضيفا أنه كان يجني من المبيعات فائدة مالية لا تقل عن مليوني سنتيم يوميا، وحتى في حالة الندرة فإنه يرفع الأسعار حتى لا ينخفض هامش الربح.
مستهلكون يستعملون عملة مزورة
وعن كيفية التواصل مع المدمنين قال محدثنا، بأنه لا يتم الترويح لأي كان إلا «بالضمان والتدقيق في هويته»، كما لفت إلى أن غالبية المتعاطين كانوا يطلبون كميات معتبرة دفعة واحدة، حتى لا يعودوا في نفس الأسبوع، ولما سألناه عن مصدر أموال المدمنين قال إنه لا يعلم ولا يهمه سوى جني المال في تلك الفترة، غير أنه أشار إلى وجود فئات قليلة تتداول عملة مزورة إذ لا يستطيع أي بائع أن يكتشفها، ولهذا فإن العديد منهم توقفوا عن البيع بكميات كبيرة حتى لا يتكبدوا خسائر مالية. ويؤكد محدثنا، أن الأقراص المهلوسة تُتداول في أماكن كثيرة ومتعددة للتمويه، فتجدها داخل محلات ومراكز تجارية و في طاولات الخضر والفواكه و بمحلات بيع الألبسة و المقاهي و في بعض أكشاك التبغ و حتى بالإقامات الجامعية و لدى بعض سائقي «الفرود» و»الأجرة»، مؤكدا أن علي منجلي وكذا بعض الأحياء الشعبية بقسنطينة، أصبحت قواعد خلفية لتموين مناطق مجاورة من طرف «بارونات»  يتداولون كميات كبيرة عبر شبكات منظمة تستعمل رموزا وكلمات سر تتغير من حين إلى آخر.
«كوكاكولا» لزيادة النشوة
و رفض الشاب، إعطاءنا كلمة سر أو رمز سابق، غير أنه ذكر أنه قبل عامين كانت تتداول أسماء للاعبين، كما لفت أن ما شجع على الترويج هو الأحكام القضائية المخففة الصادرة بخصوص دواء «ليريكا» باعتبار أنه غير مصنف كمؤثر عقلي، و أشار إلى وجود نوع معين من المهلوسات التي عادت إلى التداول بقوة في الأشهر الأخيرة وهي «بلارة ريفتوريل» وهي عبارة عن سائل يتناول بالتقطير وثمنه يتراوح بين 800 و ألف دينار. وأصبحت الشبهات في علي منجلي وغيرها من المدن  تحوم حول كل شاب أو فتاة يحمل في يده مشروبات غازية، فالظاهرة عرفت تزايدا مستمرا، في حين قال لنا أحد الشباب أن المروجين الصغار داخل الأحياء يقومون بلف كيس بلاستيكي على القارورة، وهو دليل على وجود نقطة لبيع «الدواء».ولاحظت النصر عبر مختلف المحلات التجارية والأكشاك، أن المشروبات الغازية متوفرة بكثرة ومن مختلف الأنواع، حيث أخبرنا تاجر أنه يقوم كل ثلاثة أيام باقتناء كميات كبيرة رغم أننا في فصل الشتاء، الذي يتراجع فيه مستوى استهلاك المشروبات وحتى المياه بشكل كبير، لكنه أبرز أنها سرعان ما تنفد لاسيما مشروب «كوكاكولا» و «الزعيم» بمذاق التفاح، حيث يتناولها المتعاطون بعد ابتلاع القرص، لأنها تزيد من الإحساس بالنشوة، فكل قرص يتطلب شرب لتر أو لتر ونصف.                  
لقمان ق

* مسؤولة مركز الوسيط لمعالجة الإدمان بقسنطينة ليلى بوعلام
سجلنا ارتفاعا في عدد الطلبة المدمنين و هناك حالات وسط القصّر
ذكرت مسؤولة المركز الوسيط لمعالجة الإدمان بقسنطينة، ليلى بوعلام، أن الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 25 سنة، يمثلون 43 بالمئة من مجموع الحالات التي تم استقبالها هذا العام، كما كشفت عن تسجيل ارتفاع في عدد الطلبة المدمنين مع الوقوف على حالات استهلاك وسط القصّر، موضحة أن الدعم العائلي يشكل عنصرا أساسيا لإنجاح العلاج.
و أكدت السيدة بوعلام، للنصر، بأن عدد المدمنين الذين يخضعون حاليا للعلاج بالمركز الواقع بحي زواغي سليمان، هو 796 شخصا، 347 منهم التحقوا بالمؤسسة مطلع العام الجاري، حيث  يشكل الذكور الأغلبية بنسبة 96 بالمئة، فيما وصل عدد الإناث إلى 31، مسجلا ارتفاعا بفارق 22 حالة مقارنة بالسنة المنصرمة.
و في ما يتعلق بأكثر أنواع المهلوسات استهلاكا، قالت المتحدثة بأن غالبية الحالات التي تم استقبالها منذ بداية سنة 2019 و إلى غاية أكتوبر المنصرم، تتناول مختلف أصناف المخدرات و الحبوب المهلوسة، بمجموع 520 حالة تمثل نسبة 65.6 بالمئة، فيما يبلغ عدد المدمنين على الأدوية التي تحتوي على مواد مخدرة، 167 شخصا بنسبة 21 بالمئة، أما متعاطو القنب الهندي فيشكلون ما معدله 8.7 بالمئة بـمجموع 69 حالة، في حين وصل عدد مدمني الكحول إلى نحو 36 حالة، أي بنسبة 4.5 بالمئة.
و أضافت المسؤولة بخصوص الفئة العمرية الأكثر إدمانا، بأن الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و 25 عاما، يبلغ عددهم 346 حالة بنسبة 43 بالمئة، ليأتي بعدهم الأفراد الذين ينحصر سنّهم بين 26 و 35 سنة بنسبة 36 بالمئة و ذلك بمجموع 292 حالة، فيما يشكل المدمنون الذين تتجاوز أعمارهم 35 سنة نحو 17 بالمئة و عددهم 137، كما تم استقبال 5 قصّر تقل أعمارهم عن 15 سنة، مشيرة إلى أن العزّاب يشكلون الأغلبية بنسبة تقدر بـ 83 بالمئة.
العاطلون عن العمل هم الأكثر إدمانا
و يُعد العاطلون عن العمل الأكثر إدمانا على المواد المخدرة، إذ يمّثلون نسبة 48 بالمئة من مجموع الحالات التي استقبلها المركز الوسيط لمعالجة الإدمان هذا العام، لتليهم شريحة العمال بنسبة تفوق 40 بالمئة، فيما يحتل الطلاب المرتبة الثالثة بنسبة 11 بالمئة و يتعلق الأمر بـ 88 طالبا، حسب السيدة بوعلام، مشيرة إلى أن عددهم في تزايد حيث بلغ السنة المنصرمة فقط 52 حالة.
و عن مدة العلاج و الطريقة المنتهجة في مركز «الوسيط»، أكدت المتحدثة بأنها تختلف حسب  شخصية المدمن و إرادته و الدافع و مدى توفر الدعم الأسري، مضيفة بأن العائلة تشكل عنصرا مهما في العملية، حيث يتماثل المدمن للشفاء و بوتيرة سريعة في كثير من الأحيان إذا حظي  بالدعم العائلي، فيما يجد البعض الآخر نفسه وحيدا في رحلة العلاج، ما يؤثر سلبا على تقدمه في الشفاء.
السيدة بوعلام قالت بأن الكثير ممن يقصدون المركز يرفضون تقديم أسمائهم الحقيقية و يفضلون التسجيل بأسماء مستعارة، خاصة الأشخاص الذين يتقلدون مناصب مهمة، غير أن إدارة المركز تفرض تقديم وثائق تثبت الهوية كما تلزم القصر بحضور الأولياء قبيل مباشرة العلاج.
و تُستهل العملية بإجراء مقابلة مع المدمن من قبل المساعدة الاجتماعية، التي تحاول جمع كل المعلومات المتعلقة بالشخص و بأسرته، ثم توجهه إن استلزم الأمر لأخصائي نفساني  و طبيب عقلي إن كان يعاني من اضطرابات، كما يخضع لتحاليل طبية لمعرفة وضعه الصحي و نسبة إدمانه، لتتواصل عملية العلاج بعد تسطير برنامج يختلف حسب كل حالة و يعتمد على التقليل من الجرعة إلى غاية التخلص من استهلاكها نهائيا.
قصة فنّان تحدى الإدمان و فتاة وقعت فريسة للشارع
و عن أبرز الحالات التي تم التكفل بها و تركت بصمتها بسبب قصصها المؤلمة، ذكرت المسؤولة حالة فنان قصد المركز و كان منضبطا و يتبع توجيهات الطاقم، كما كان يتجاوب مع العلاج، إلى درجة أنه استغل تلك الفترة  في رسم جداريات بالمركز تحمل دلالات عدة و تحذر من آفة المخدرات و نتائجها الوخيمة، كما تبث الأمل في نفوس المرضى و تخلق دافعا قويا لمواصلة العلاج أملا في غد أفضل، غير أنه فارق الحياة في ظروف قيل بأنها غامضة.
و من بين قصص المدمنين التي  سردتها المتحدثة للنصر، حكاية فتاة في الـ 16 سنة من العمر، أصبحت مدمنة على مختلف أنواع المخدرات، نتيجة طلاق والديها و إهمال الأب الذي كان يمارس كل أشكال العنف عليها، لتجد نفسها في عالم موحش لم يرحم براءتها، و حرمها حتى من مواصلة الدراسة، حيث تحرص والدتها اليوم على انتشالها من هذا العالم.
كما سردت لنا السيدة بوعلام، حالة شاب أدمن استهلاك المهلوسات و مختلف أنواع المخدرات، منذ أن كان قاصرا، حيث تجاوب مع العلاج بشكل ملفت لكن أخباره انقطعت مؤخرا و لم يعرف مصيره، بعدما كان حينها يعيش في ظروف عائلية قاهرة، و يقضي ساعات الليل خلف المنزل رفقة إخوته إلى غاية بزوغ الفجر، عقب تعرضه لمختلف أشكال التعنيف من والده، الذي لم يرحم أبناءه و حرمهم من التمدرس.
و ذكرت المتحدثة، أن هذا الشاب وجد نفسه فريسة للشارع الذي أدخله دوامة الإدمان، فلم يتمكن من الخروج منها رغم بلوغه 30 سنة من العمر، حيث قصد المركز و أبدى رغبة كبيرة في العلاج، حتى أنه طلب المساعدة لدخول أقسام محو الأمية لتدارك ما فاته.
أسماء .ب

* المربي المتخصص محمد أمين رحايلية
نتعامل مع المدمن كضحية و حملات التحسيس تعتمد منهجية خاطئة
ينتقد المربي المتخصص الرئيسي في حماية الشباب بمديرية النشاط الاجتماعي بقسنطينة، محمد أمين رحايلية، المنهجية المعتمدة في حملات التحسيس بأخطار المخدرات و يقول إنها خاطئة، مؤكدا أن غياب المرافقة الأبوية سيما في فترة المراهقة، تعد من أهم أسباب الإدمان على المؤثرات العقلية، كما طرح مشكلة نقص مراكز العلاج وكذا عدم اعتماد الموجودة منها على نظام داخلي يسمح للحالة بالابتعاد عن محيطها السابق.
و ذكر رحايلية و هو أحد القائمين على مصلحة الوسط المفتوح المهتمة بالأحداث والتي لها دور وقائي علاجي من الآفات الاجتماعية التي تعصف بالقصر و في مقدمتها المهلوسات، بأن فئة المراهقين تعد الأكثر عرضة للإدمان،  حيث سُجلت منذ مطلع السنة الجارية و إلى غاية شهر أكتوبر، 45 حالة، تشكل الإناث حوالي نصفها، و ذلك بعد أن كانت الظاهرة حسبه، مقتصرة على الذكور.
‹الأسرة استقالت عن القيام بدورها»
و عن أسباب تفشي ظاهرة تعاطي المؤثرات العقلية في المجتمع، قال السيد رحايلية للنصر، بأن انعدام الحوار داخل الأسرة و غياب المرافقة الأبوية، خاصة في فترة المراهقة، من أهم هذه العوامل، مشيرا إلى أن الوضع المادي لا يعد دافعا كما يعتقد البعض، لأن الكثير من الحالات التي تستقبلها المصلحة تتعلق بأشخاص ينتمون لعائلات ميسورة.
و استغرب المتحدث جهل العديد من الأولياء، أن أبناءهم يتعاطون هذه المواد السامة، حيث وقف على عديد الحالات، و إحداها، مثلما يتابع، لطفل تناول الحبوب المهلوسة لمدة 3 سنوات غير أن والده لا يعلم بالأمر، و عند مواجهته بذلك من قبل المؤسسة التعليمية و مربي المصلحة، أصر بأن ابنه لم يسبق و أن تعاطاها، وفي هذا السياق أكد رحايلية بأن الأسرة استقالت تماما عن القيام بدورها، كما لم تعد تجيد، حسبه، طريقة التعامل مع الأبناء، إذ تقتصر مهامها على توفير الماديات دون الاهتمام بسلوكات أولادهم خاصة في سن المراهقة.
«هناك نقص في مراكز العلاج»
محدثنا طرح مشكلة النقص الفادح في عدد مراكز الإدمان، فحتى الموجودة لا تفي، حسبه، بالغرض، موضحا بأن قسنطينة تتوفر على مركزين غير أن طاقميهما الطبيين لا يمكنهما التكفل بشكل أمثل بالحالات، كما أنها لا تعتمد نظاما داخليا، في حين أن إقامة الشخص لمدة معينة بالمركز و إبعاده عن المحيط الخارجي، يساهمان في تخلص جسمه من السموم، حيث أن المعالجة عن بعد لا تعطي النتيجة المرجوة لأن الفرد يظل قريبا من محيطه المعتاد و وسط كل المغريات، ما يتسبب في توقف الكثير من الحالات عن العلاج.
كما أثار المختص موضوع الحملات التحسيسية بمخاطر المخدرات، و التي قال بأنها تتحول في كثير من الأحيان لنقمة، إذ تخلق حب الاطلاع لدى الطفل عند تعريفها للحبوب المهلوسة و أنواعها، و بالشعور الذي تحدثه عند استهلاكها، حيث دعا إلى ضرورة وضع استراتيجية و منهجية مدروسة، خاصة عند التعامل مع المراهقين و الصغار، موضحا بأن القائم بالعملية التوعوية يجب أن يكون على دراية بمنهجية التحسيس الصحيحة.
ذات المتحدث ذكر أن مصلحة الوسط المفتوح، تضم مربين و مختصين و نفسانيين، كما تتعامل مباشرة مع قضاة الأحداث و قضاة التحقيق المكلفين بالأحداث و كذلك الهيئة الوطنية لحماية و ترقية الطفولة، و الذين يوجهون الأطفال الذين لم يتجاوز سنهم 18 عاما إليها، كما تلجأ إليها العائلات في كثير من الأحيان و تقدم بلاغات بخصوص تعاطي أبنائها للمخدرات، لتتدخل المصلحة بعد إخطار قاضي التحقيق لكون الصغير في حاجة للوقاية. وتقوم المصلحة بتتبع هذه الحالات، حيث تجري بشأنها تحقيقات ميدانية من خلال الحديث للأسرة و الوسط المدرسي، كما تساهم في إدماج الذين غادروا مقاعد الدراسة في مراكز التكوين، حسب المربي المتخصص رحايلية محمد أمين، الذين أكد بأن التعامل مع المدمنين يكون على أساس أنهم ضحية مجتمع و أسرة، و ليس كمدانين بتهمة حيازة و استهلاك المخدرات.                               أسماء .ب

* رئيس فرقة "بياري" بأمن قسنطينة حسيني فؤاد يكشف للنصر
هكذا يُستغَلّ مراهقون في ترويج المؤثرات العقلية
يكشف رئيس فرقة البحث و التدخل بالمصلحة الولائية للشرطة القضائية بأمن ولاية قسنطينة، محافظ الشرطة حسيني فؤاد، عن الحيل الشيطانية التي أصبحت بارونات المخدرات تنتهجها من أجل استغلال المراهقين للتحوّل إلى مروّجين صغار للمؤثرات العقلية، كما يتطرق في لقاء مع النصر، إلى تفاصيل أهم القضايا التي عالجتها “بياري” في هذا الخصوص، و إلى العوامل الاجتماعية المتشابكة التي يؤكد أنها وراء إدمان الشباب على هذه السموم، و على رأسها عقار “ليريكا”.
تُعد قضايا المؤثرات العقلية من القضايا الجد حساسة التي توليها المديرية العامة للأمن الوطني أهمية قصوى، مثلما يؤكد محافظ الشرطة حسيني، و ذلك نظرا للمخاطر التي تنجم عنها و الطبقات المستهدفة، إضافة إلى العائدات الضخمة التي يمكن جنيها من هذه التجارة غير الشرعية و التي تستغلها جماعات إجرامية تزرع الرعب في صفوف المواطنين، لذلك فإن معظم القضايا التي تعالجها “بياري” تتعلق بهذا الجانب، لما له من تأثيرات أمنية و اجتماعية.
و يضيف رئيس فرقة “بياري” أن من أضخم القضايا  النوعية التي تمت معالجتها، تلك المسجلة شهر أفريل الماضي، فبعد حوالي سنة من التحقيقات و التحريات و جمع المعلومات و الوثائق، تم حجز كميات معتبرة من المواد الصيدلانية ذات المحتويات المخدرة، و يتعلق الأمر بـ 361 ألف قرص من دواء “ليريكا”، كانت بحوزة شبكة إجرامية استعملت سجلات تجارية مزورة و اعتمادات صادرة من هيئات إدارية و وثائق رسمية مزورة.
و قد مكنت التحريات المكثفة من التوصل إلى الطريقة المنتهجة من طرف هذه العصابة التي تتكون من 16 شخصا، أحدهم يحوز على سجل تجاري و منهم من يقطنون بولايات شرقية مجاورة، حيث كانت تقوم باستخراج الوثائق و إيداعها في مصانع للحصول على الأدوية عن طريق التحايل، لتبدو السلعة أنها مستخرجة بطريقة قانونية لدى مراقبة مصالح الأمن للسجلات و الفواتير، مثلما يؤكد محافظ الشرطة.
فواتير وهمية لتسويق المهلوسات
و بعد جمع الوثائق و التأكد أنها مزورة و معرفة طبيعة نشاط المجموعة الإجرامية، تم تكوين ملف بجميع تفاصيله طيلة عدة أشهر، و كذا تحديد الأشخاص المتورطين و نوعية الشراكة بينهم و مكان اقتناء البضاعة و غيرها من التفاصيل، ليستمر تتبع العصابة إلى أن تم حجز الكمية المذكورة التي تعد الأكبر على مستوى قسنطينة، وفقا للإطار بمديرية الأمن الولائي.
و إضافة إلى التزوير و استعمال المزور في محررات رسمية و إدارية منها فواتير، فقد تبين أن المجموعة الإجرامية التي كانت تخطط لإغراق الأحياء بهذه السموم، كانت تقوم بتزييف الكتابات و التوقيعات و باصطناع اتفاقيات و نصوص و التزامات و مخالصات، إلى جانب انتحال شخصية أناس آخرين و الإضرار بذمتهم المالية و ممارسة نشاط تجاري مقنن دون رخصة.
و اللافت أن هذه القضية النوعية، كشفت عن استعمال سجلات تجارية تخص نشاط توزيع الأدوية و المواد الصيدلانية و شبه الصيدلانية بالجملة، رغم أن مديرية الصحة سحبت الاعتماد من أصحابها، حيث بقيت تُستخدم بطريقة غير قانونية، فيما وُجهت للموقوفين أيضا، تهم مخالفة الأحكام المتعلقة بالمواد الصيدلانية و المستلزمات الطبية المستعملة في الطب البشري ذات خصائص مخدرة عقليا بطريقة غير شرعية.
لهذه الأسباب يُروَّج “ليريكا”
و يضيف محافظ الشرطة، أن التحريات كشفت أن المحجوزات مصنعة محليا في مخبر بإحدى ولايات الوسط، و ذلك باستعمال سجل وهمي، ليتابع قائلا “الكمية لم تكن ستوزع بالضرورة على مستوى ولاية قسنطينة، فقد كان من الممكن أن تذهب لولايات شرقية بعد دخولها قسنطينة بطريقة قانونية.. لقد دققنا في الوثائق المحاسبية و الفواتير و وجدنا بينها فواتير وهمية، ما يعني أن هناك أعدادا أخرى من هذه المواد التي سوقت بكميات ضخمة بطريقة غير مشروعة، انطلاقا من تجار جملة كبار يتعاملون مع المصنع مباشرة، لتوجه إلى موزعي جملة أصغر يروجونها داخل الأحياء”.
و قد ساعدت هذه العملية في تضييق الخناق لأكبر درجة على العصابة، التي لم تعُد، مثلما يتابع محافظ الشرطة، قادرة على تسويق الكميات الضخمة، ما جعلها تسعى للحصول عليها من دولة مجاورة بمحاولة تهريب عقار “ليريكا” و المؤثرات العقلية منها، و هو ضغط أكد المتحدث أنه ممارس على المستوى الوطني للحد من نشاط الشبكات الإجرامية.
و عن المستوى العلمي و الثقافي لمروجي الأدوية الصيدلانية ذات المفعول المخدر، أوضح رئيس الفرقة بأنه لا يمكن التخيل بأن شخصا أميا لا يفقه شيئا بمقدوره المتاجرة في هذه المواد، حيث عادة ما يكون لهؤلاء الأشخاص مستوى ثقافيا مقبولا و بعضهم لديه مستوى جامعي على غرار شهادة ليسانس في البيولوجيا و غيرها.

و منذ بداية سنة 2019، أحالت فرقة “بياري” 87 قضية تتعلق بترويج المخدرات على أمن الحواضر، كما عالجت على مستواها حوالي 30 قضية نوعية، منها تلك المسجلة في شهر مارس الفارط، و التي عرفت حجز 10 آلاف و 836 كبسولة، أما شهر جوان فقط تم ضبط 18 ألفا و 180 كبسولة، إضافة إلى 6550 قرصا مهلوسا تبين أنه جيء بها من دولة مجاورة و ذلك في أوت المنصرم، مع معالجة قضايا أخرى شهدت إحداها حجز أزيد من 4 آلاف قرص.
و قد فاقت كمية المؤثرات العقلية المحجوزة بولاية قسنطينة منذ بداية سنة 2019، 400 ألف قرص مهلوس، و هو رقم غير مسبوق علّق محافظ في شأنه بحزم “لقد أعطى رئيس أمن الولاية أهمية جد قصوى لمحاربة هذه الظواهر، و ما يثبت ذلك عمليات الحجز الضخمة.. لو لم تكن المجهودات جبارة و متابعة للملف كما يلزم الأمر، لما تم تحقيق هذه النتائج، لقد كان عملا جبارا اتسم بالسرية و الاحترافية”.
و يؤكد محدثنا أن هناك عدة عوامل تدفع للمتاجرة بهذه السموم، أولها أن عقار “ليريكا” على سبيل المثال، ليس مصنفا كمؤثر عقلي، كما أن من يبيعونه يدركون أن عقوبتهم لا تضاهي عقوبة ترويج المؤثرات العقلية المصنفة، زيادة على أن هذه التجارة غير الشرعية مدرّة للأرباح، غير أن مصالح الأمن تبقى لهؤلاء المروجين بالمرصاد سواء تعلق الأمر بكميات كبيرة أو صغيرة، يؤكد محافظ الشرطة حسيني، قبل يشير إلى أن هناك مرضى يستخرجون الدواء من الصيدلية بوصفات طبية بطريقة عادية، و بعدها يتصرفون في جزء من الكمية و يبيعونها لأغراض مادية بحتة.
نساء و أطفال يُستغَلون للتمويه!
كما تطرق الإطار بالشرطة القضائية، إلى استغلال مروجين لزوجاتهم في إخفاء السموم أو نقلها، فيما وصل الأمر ببعضهم إلى استخدام أطفالهم الصغار من أجل التمويه خلال تحويل كميات معتبرة من المؤثرات و المخدرات، ليعلق في هذا الشأن قائلا “المجرم يستعمل جميع الطرق و الأساليب للتهرب من المسؤولية الجزائية، فعدة مجرمين أوقِفوا تبين أنهم لم يتناولوا المؤثرات في حياتهم.. غرضهم الوحيد هو جمع الأموال”.
و يحرص مروجو هذه السموم على أخذ احتياطاتهم، فيتعاملون بحذر شديد جدا و بسرية تامة ولا يظهرون في الواجهة، كما أنهم لا يستعملون وسائل التواصل الاجتماعي كـ “الفايسبوك”، و حتى شرائح الهاتف النقال التي يستخدمونها تكون لأشخاص وهميين أو غير مقيمين في الولاية ذاتها، حسب محافظ الشرطة حسيني فؤاد، الذي أكد أن مصالح الأمن تتعامل بالمقابل، بحذر أكبر مع هذه العصابات التي تمت الإطاحة بعدد من باروناتها في الفترة الماضية، ما ساعد على تسجيل تراجع كبير في ترويج عقار “ليريكا”، مضيفا بالقول “أمن قسنطينة في الميدان لـ 24 على 24 ساعة لمحاربة هذه الظاهرة و لن يهنأ لنا بال حتى نقضي عليها”.
و يؤكد رئيس فرقة البحث و التدخل، أنه لا يمكن الوصول إلى الحديث عن استهلاك الأطفال الصغار للمخدرات أو ترويجها داخل الابتدائيات، إذ توجد حالات محدودة، و الطبقة الواسعة التي تستهلك، مثلما يتابع، هي فئة الشباب من مراهقين و كبار، مضيفا أنه و بالبحث عن السبب الرئيسي لتناول المهلوسات، يتضح أنه يتمثل في المشاكل العائلية و هو أمر قال محدثنا إنه يمكن لخبراء علم النفس و الاجتماع إيجاد تفسيرات له.
مدمنون يصرفون 2000 دينار في اليوم
و أوضح الإطار أن المشاكل بين الأب و الأم في المنزل، أو انفصالهما، كثيرا ما تجعل الطفل أو المراهق دون حماية و رقابة، كما أن الأمر لا يتعلق بالجانب المادي، فليس كل المستهلكين يسرقون لتناول المخدرات، إذ تبين أن أولياء العديد منهم ميسورو الحال، لكن نقص التواصل إضافة إلى أسباب متشابكة منها البطالة و التسرب و المدرسي و عدم قيام العائلة و حتى الأقارب و الجيران بدورهم الرقابي، كما كنا نراه في السابق بالنظر لتغيّر تركيبة المعيشة المجتمع، كلها عوامل قلصت درجة التحصين، ليتابع محافظ الشرطة “إنها مسؤوليتنا جميعا و إذا لم يكن هناك تضافر للجهود، يستحيل محاربة هذه الجريمة، فهدفنا ليس القبض على الأشخاص و الزج بهم في السجون بل هدفنا الأسمى هو وقف الظاهرة”.
محافظ الشرطة أكد أن المدمن على المؤثرات العقلية قد يصرف من 1200 حتى 2000 دينار في اليوم، فقرص “ليريكا” مثلا يباع بحوالي 600 دينار، لذلك فإن ليس كل المستهلكين بمقدورهم توفير هذه المصاريف، ما يجعلهم يتحولون تدريجيا إلى باعة صغار يستهلكون كمية و يتاجرون بالكمية المتبقية، و هي الطريقة التي يتم بها توظيف المراهقين.
و أضاف رئيس فرقة “بياري” أن عدد الشركات التي تصنع و توزع الأدوية لم يبق نفسه، لذلك فقد “انفتحت الأمور” و هو واقع “يجب التأقلم معه بكل الطرق”، مشيرا إلى أن تضييق الجيش الوطني للخناق على مهربي “الكيف” عبر الحدود، دفع بهم إلى اللجوء للأدوية، خاصة أن إنتاج المخدرات في الجزائر يكيّف كجناية و يكلفهم السجن لعدة سنوات.
حملات تحسيس بالجامعات و المدارس

فرقة البحث و التدخل التي أنشئت خصيصا لمعالجة الجرائم التي تستعمل فيها تقنيات تحرّ خاصة، تعمل على وقف هذه الظاهرة، يؤكد محافظ الشرطة حسيني، الذي أبرز أن المديرية العامة للأمن الوطني لم تكتف بالردع، معلقا بالقول “العملية الردعية تبقى آخر حل، و قبل أن يصل دور المصالح الأمن، على الأهل مراقبة أبنائهم، فهل من المعقول أن نرى طفلا قاصرا يتجول بعد منتصف الليل في الشوارع.. يجب على الأولياء و المجتمع و المدرسة أن يقوموا بدورهم”.
و أكد المتحدث أن هناك جانبا توعويا تقوم به خلية الإعلام و الاتصال و مصالح أمن الدوائر، حيث تنظم حملات تحسيس تكون أحيانا جد مكثفة لفائدة تلاميذ الابتدائي و المتوسط و الثانوي و كذا الطلبة الجامعيين، عن طريق جميع القنوات و بما فيها وسائل تواصل اجتماعي على غرار موقع “فايسبوك”، و ذلك قصد التوعية من هذه المخاطر و عدم الاقتراب من المؤثرات العقلية و المهلوسات و الأدوية التي لها نفس مفعول المخدرات.             
ياسمين ب

 


  

 

 

الرجوع إلى الأعلى