تحتضن اليوم ولاية تيبازة الاحتفالات الرسمية و الوطنية بحلول السنة الأمازيغية 2970 ، حيث تم تسطير برنامج ثري يجمع بين الجوانب الاجتماعية و التربوية و الجانب الأكاديمي، حسب ما أكدته المحافظة السامية للأمازيغية في بيان لها.
و أوضح البيان أن «المحافظة اختارت هذه السنة ولاية تيبازة لاحتضان الاحتفالات الرسمية و الوطنية، مع مجموع بلدياتها، إضافة إلى التدخل المعتاد على مستوى الولايات الأخرى»، في هذا الصدد أشار الأمين العام للمحافظة سي الهاشمي عصاد، أن احتفالات يناير  في السنة الأمازيغية الجديدة 2970 ،سيتم إحياؤها هذه السنة «من خلال برنامج ثري و تثقيفي يجمع بين الجوانب الاجتماعية و التربوية ، من تنظيم معارض للفنون التقليدية و تظاهرات فنية و بيئية ،مثل التشجير، والجانب الأكاديمي عبر ملتقى يجمع مؤرخين و علماء آثار و علماء أنثروبولوجيا و جامعيين».
و أضاف المتحدث أنه و في إطار الاحتفالات بهذه المناسبة، سيتم «نشر خمسة عناوين تعالج يناير في طبعة واحدة ، كموضوع للدراسة و محور تفكير قام به جامعيون متمرسون»، مؤكدا أن الهدف المتوخى ، هو إبراز البعد الفلسفي و التاريخي و الاجتماعي و الثقافي و الرمزي لهذا العيد من أعياد الأسلاف.
و أردف أن  مؤسسات الدولة الأخرى و كذا المجتمع المدني تحيي هذا الحدث ببعده الوطني المتميز بثراء و تنوع تعابيره الثقافية و تظاهراته الاحتفالية الأصيلة، موضحا أن «يناير عيد تقليدي يعلن عن بداية السنة الفلاحية ، كما أنه تقليد ضارب في القدم بمجتمعنا»، مؤكدا أن هذا الاحتفال «يذكرنا بأن البعد الأمازيغي ، على غرار المكونات الأخرى التي كرسها الدستور الجزائري، تعزز وحدة الأمة و استمراريتها و اللحمة الاجتماعية لبلادنا،  كما يشكل ،حسبه، أرضية مشتركة للقيم العريقة للتعايش و التآزر و الكرم و التضامن و العيش معا».
و أشار السيد عصاد إلى أن «يناير يجب أن يكون مرتبطا بالمعنى الذي يتضمنه التقليد، و يتمحور حول احترام الأرض و موجه نحو المعرفة العلمية المرتبطة بالبعد التاريخي» ، كما أن «يناير عبارة عن مرجع زماني و مكاني يدل على عمق تاريخنا و تراثنا الثقافي».
و جاء في بيان المحافظة أن هذا العيد «يحتفل به على نطاق واسع في مختلف مناطق الوطن، و كذلك على مستوى الساحات العمومية من قبل جمعيات و مؤسسات الدولة، لا سيما منذ تكريس اليوم الأول من السنة الامازيغية الموافق ل12 يناير من كل عام، كعطلة مدفوعة الأجر، طبقا للتعديل الذي أجري في سنة 2018 على القانون رقم 63-278، المؤرخ في 26 يوليو 1963 ، المحدد لقائمة الأعياد القانونية في الجزائر.

الباحثة في اللغة والثقافة الأمازيغية خديجة ساعد
ينار إرث حضاري يعبر عن ارتباط الإنسان بتاريخه و أرضه
أكدت الكاتبة و الباحثة في اللغة والثقافة الأمازيغية خديجة ساعد للنصر، بأن ينار يعد مناسبة تحمل بعدا تاريخيا وحضاريا، يرتبط بتاريخ عميق انتصر فيه شيشناق الأمازيغي على الفراعنة، والاحتفال بإحياء أول يناير يبرز، حسب الباحثة، الموروث الثقافي التاريخي للأمازيغ، وهو محطة للتعبير عن التمسك بالأرض و لتقوية وتعزيز العلاقات الاجتماعية بين الجزائريين، لما يحمله الاحتفال من قيم وأبعاد اجتماعية واقتصادية،  كالتكافل والتضامن الاجتماعي.
. النصر:  ونحن نحتفل بحلول يناير، هل يمكن أن تقدمي لنا نبذة حول تاريخ إحياء هذه المناسبة؟
ـ خديجة ساعد:   أهنئ الشعب الجزائري بمناسبة حلول يناير، في ما يتعلق بتاريخ الاحتفالات، لا يمكننا رصد البدايات الأولى لاحتفالات ينار عبر التاريخ ، لأنه طقس موغل في القدم، غير أنه من المؤكد أن هذا الاحتفال المعروف عبر كل بلدان شمال أفريقيا، وحتى في دول جنوب الجزائر، كمالي، كان في البداية طقسا فلاحيا تجذر في عمق المجتمعات مع تطور الزراعة لدى الإنسان الأمازيغي، فجعل منه مناسبة يتواصل فيها مع الطبيعة، متفائلا بالخير العميم الذي ستقدمه تلك السنة، وهو بذلك يعلن عن نهاية عام ودخول عام جديد، و بالتالي ينار هو أول شهور السنة الأمازيغية.
 إذا تحدثنا عن إحياء المناسبة  بمنطقة الأوراس على سبيل المثال، فإن الاحتفال يدوم ثلاثة أيام، وهي  ينار القديم الموافق لـ 12 جانفي ، و ينار الجديد في 13 جانفي، وفيه تكون ذروة الاحتفالات ، وكذا يوم 14 جانفي، ويرى مؤرخون أن اليوم 14 تعبير عن اعتلاء «شيشنق» أو «شيشنوغ» عرش مصر سنة 950 قبل الميلاد، بعد أن أسس الأسرة 21 التي استمرت لقرنين كاملين في حكم مصر بعد هزيمة الفرعون المصري بسوسنس والبعض     يذهب إلى أنه رمسيس. ومن هنا، فإن أيام الاحتفال تشمل الرمزية الفلاحية والتاريخية المرتبطة بالأرض والإنسان على السواء.
. ما هي المظاهر التي يمكن رصدها من تراث مادي ولا مادي للاحتفال بيناير؟
ـ عبر الرقعة الجغرافية الشاسعة لشمال إفريقيا و ما جاورها، تختلف العادات والتقاليد ، وتعكس ثراء تراثي وثقافي، حيث تتعدد مظاهر الاحتفال من منطقة لأخرى، وتتفق جميعها على أن ينار من أكبر الاحتفالات التي لا تزال شعوب شمال إفريقيا محافظة عليها، حتى وإن اختلفت التسميات التي نجد منها عموما ينار ، يناير ، حاكوزة، وأسقاس أمنيو ، أخف ن أوسقاس ، أسقاس اثرار ، أيراد و عديد التسميات.
 بالنسبة لأبرز مظاهر الاحتفال التي تجمع مختلف المناطق، ينطلق التحضير لها قبل شهر أو أسابيع من موعده ، من خلال توفير كل اللوازم لاستقبال العام الجديد في أبهى حلة ، فتطلى المنازل وتنظف البيوت و تفرش بما يتناسب وهذا اليوم الجديد للسنة جديدة، و تتأنق النساء وتبدعن في طهي الأطباق المتنوعة من عصيدة إلى حلوى، و تكون مناسبة سانحة لخروجهن إلى الحقول وجلب الأعشاب، تيمنا بعام خصب، وغالبا ما يكون عشاء ينار عبر جميع المناطق باللحم و الخضر و قضاء سهرة طويلة.
بالنسبة لمنطقة الأوراس، يكون اليوم 14 ، الموافق لشهر جانفي الميلادي، نهاية للاحتفالات، و فيه يتم طهي الشرشم أو أرشمن التي تدعى أوركيمن في القبائل و تيمغضال في ليبيا، وخلال هذا اليوم يتم تبادل الزيارات و الأطباق، وفي كثير من المناطق، لا يمكن أن يمر ينار، دون أن يخرج الناس إلى الحقول و ينثروا حبات الشرشم على الزرع . وفي المغرب يتم غرس أعواد طويلة وسط الزرع لينمو و يزدهر، وفي بعض مناطق الجنوب الجزائري يتم طهي العيش، أو تيبلمت أو البركوكس، و فيه تخبأ نواة التمر، و كان يسود اعتقاد بأن من يعثر عليها، تباركه السنة الجديدة بحظ وفير، بالإضافة إلى عادات أخرى كتغيير النساء بأرياف مناطق الأوراس ، حجارة مواقد النار و التيمن بسنة فلاحية يعمها الخير.
. ما القيم والأبعاد التي يمكن أن نستشفها من احتفالات يناير؟
ـ تحمل احتفالات ينار بعدا حضاريا وتاريخيا مرتبطا بالأرض والإنسان معا ، فيناير يشكل ذلك الرابط القوي بين الإنسان و أرضه وتاريخه ، ورغم تعاقب القرون و تراكم الأحداث، لم تمحه السنون من الذاكرة الجماعية للمجتمع، فينار أو يناير، يحمل بعدا تاريخيا وحضاريا بربطه بحدث تاريخي لاعتلاء الملك «شيشنق» عرش مصر وبقاء أسرته في الحكم لمدة قرنين من الزمن، وهذا يدل على عبقرية الإنسان الأمازيغي بشمال إفريقيا، وقدرته على التسيير المحكم والقيادة الرشيدة.و يؤكد مؤرخون، بأن جداريات معبد الكرنك تحفظ مآثر هذا الملك  وتسجل انتصاراته، ولا تزال في مصر آثار لغوية و طوبونيمية، تدل على مرور الأمازيغ بتلك الأرض و التأثير فيها بشكل واضح. ولا يزال سكان واحة سيوة يحافظون على لغتهم الأمازيغية وموروثهم الثقافي الذي تحدى الزمن.كما لا يمكننا إغفال القيمة الحضارية لينار الذي يعتبر بمثابة إعلان رسمي عن بداية موسم فلاحي جديد، وما يحمله من إشارات ميثولوجية وأساطير مرتبطة ب»امرأة عجوز أغضبت ينار فانتقم منها»، وكذا قيم اقتصادية مرتبطة بتصالح الإنسان مع الطبيعة وانسجامه مع تقلباتها، واستغلاله لكل ما تجود به الطبيعة بعبقرية وذكاء، ما جعله يكتشف الزراعة و يطورها منذ قدم التاريخ.      
يـاسين عبوبو

بلاطو خاص بالثقافة الأمازيغية بولاية تبسة  في التلفزيون الجزائري
احتضن الموقع الأثري البازيليك القديسة النوميدية سان كريسبين، بوسط مدينة تبسة، بلاطو  خاص بالثقافة الأمازيغية بولاية تبسة، من تنظيم التلفزيون الرسمي الجزائري، بمناسبة احتفالات ينار 2970.
 البلاطو، شاركت الجمعية الولائية تيفاستيس للثقافة و الهوية في تنظيمه و اختيار الديكور المناسب، و تم تكليفها باختيار كل الأسماء الثقافية الأمازيغية من شعراء، فنانين، باحثين، حرفيين، جمعيات، أطفال، للمشاركة في البلاطو و إبراز المخزون الثقافي الأمازيغي الكبير بولاية تبسة.
و شاركت عديد الأسماء من بلديات الشريعة، بجن، بكارية، تبسة، مرسط في البلاطو الكبير و يبث البرنامج بالأمازيغية غدا 12 جانفي الجاري، المصادف ليوم 1 ينار 2970 على القنوات التلفزيونية الجزائرية العمومية.
و كان الفريق التقني للتلفزيون الجزائري، قد تنقل إلى بلدية بجّن، أين قام بتصوير عديد الروبرتاجات حول عادات المنطقة في الاحتفال برأس السنة الأمازيغية “ ينار “.    
و في إطار سعي جمعية تيفاستيس لإحياء و رفع أتربة النسيان عن الرياضات الشعبية الأمازيغية التي اندثرت أو تواجه شبح الاندثار، ستحتضن تبسة أول مباراة رسمية دولية في تاريخ لعبة الهاكورث الأمازيغية ، بين الجزائر و تونس،  من تنظيم و إشراف الجمعية الولائية تيفاستيس للثقافة و الهوية بتبسة ، و مديرية الشباب و الرياضة   غدا الموافق ليوم 12 جانفي الجاري.
ع.نصيب

عمار نقادي.. الباحث الذي بعث الرزنامة الأمازيغية
يحيي الجزائريون غدا، رأس السنة الأمازيغية التي أصبحت عيدا وطنيا رسميا، باستحضار العادات و التقاليد المتنوعة بتنوع تراث مختلف مناطق الوطن، و يحمل الاحتفال بيناير دلالات اجتماعية و اقتصادية عدة، كانت محل اهتمام باحثين و مؤرخين، ومن بين الذين بحثوا في التاريخ الأمازيغي، و بادروا إلى إنشاء رزنامة أمازيغية الباحث عمار نقادي ابن مروانة بالأوراس، الذي قضى جل حياته بالمهجر منذ ستينات القرن الماضي إلى غاية وفاته في 02 ديسمبر 2008 مدافعا عن الهوية الأمازيغية لشمال إفريقيا، و بين الربط بين اعتلاء شيشناق الأمازيغي لعرش الأسرة الحاكمة بمصر، كرمزية للعمق التاريخي لحضارة شمال إفريقيا، و الاستناد إلى العامل الفلاحي في بداية السنة الأمازيغية، ما دفع النصر إلى تسليط الضوء على الباحث عمار نقادي، تزامنا و احتفالات عيد يناير لهذه السنة.

* رشيد حماتو صحفي و مصوّر مهتم بالتراث الأمازيغي
دعا للانتقال من الشفوي إلى التدوين
قال الصحفي و المصوّر رشيد حماتو، المهتم بالتراث الأمازيغي في شمال إفريقيا، و أحد رفاق عمار نقادي للنصر، بأن الأخير كان غيورا على الهوية و التراث الأمازيغيين لدرجة كبيرة، ما جعله يكرس وقته و أبحاثه رغم الغربة التي قضى جل حياته فيها، من أجل الحفاظ على التراث الأمازيغي، من خلال العمل على الانتقال بالأمازيغية من المرحلة الشفوية إلى مرحلة التدوين و الجرد والكتابة، للحفاظ عليها من الزوال، مشيرا إلى أنه كان قد التقى واحتك بعمار نقادي في نهاية التسعينات وبداية الألفية الثانية بباريس خلال زيارته لفرنسا.
 و أضاف المتحدث أنه سمع  بأبحاثه في التراث الأمازيغي من قبل، و متابعته لأخبار الوطن، خاصة مسقط رأسه الأوراس عبر وسائل الإعلام، فكان يجمع قصاصات الصحف، بينها ما كان يتناوله رشيد عن الأوراس بصفة عامة و ما يتعلق بالأمازيغية بصفة خاصة، و خلال الفترة التي قضاها بفرنسا جالس عمار نقادي الذي استضافه عنده.
و ذكر رشيد أن الراحل عمار نقادي أجرى بحوثا حول التقويم الأمازيغي، و استند في التأسيس للتقويم، على اعتلاء الملك شيشناق الأمازيغي لعرش مصر الفرعونية، و أوضح محدثنا بأن نقادي لم يستند على العامل الفلاحي لوحده لإنشاء الرزنامة، فهو، حسبه، عبارة عن عنصر مشترك بين شعوب حوض البحر الأبيض المتوسط، على غرار الاشتراك في عادات وتقاليد عدة و الممارسات التراثية المتشابهة، على سبيل المثال في مجال الموسيقى، فتراث الرحابة عند الشاوية بالأوراس مثلا ، موجود بجزيرة مالطا.
وكان عمار نقادي يعمل على إبراز الثقافة الأمازيغية لمنطقة الأوراس وهو في الغربة، حسب الصحفي رشيد حماتو، من خلال البحث الأكاديمي و جمع المراجع والبحوث، فكان دائما على صلة بكل ما هو مرتبط بالهوية الأمازيغية، من أجل العمل على الارتقاء بهاـ   و يتذكر رشيد أنه كان يقول له بأن «الأمازيغية لا يجب حصرها في الماضي فحسب، وإنما يجب العمل على تطويرها في الحاضر والمستقبل»، و كان يسعى لتثمين ما يزخر به شمال إفريقيا من موروث حضاري و فكري في مجال الأدب، فالمنطقة كانت سباقة لإصدار أول رواية في التاريخ و هي «الحمار الذهبي».
ومعروف عن عمار نقادي، مثلما أكد رشيد، اجتهاده في حفظ اللغة الأمازيغة وتدوينها بحروف تيفيناغ، مشيرا إلى ميوله للمقاربة التارقية، و اعتبر رشيد بأنه  لم يتم تسليط الضوء كثيرا على عمار نقادي لعوامل عديدة، من بينها قلة إسهاماته في فترات سابقة.

* ساسي عابدي باحث في التراث و التاريخ الأمازيغيين
أصدر الرزنامة الأمازيغية و احتكم للتيفيناغ
أوضح الباحث في التراث والتاريخ الأمازيغيين بشمال إفريقيا، ساسي عابدي، بأن عمار نقادي بعد أن هاجر إلى فرنسا بعد الاستقلال، كان الوحيد من منطقة الأوراس ضمن أعضاء الجمعية الثقافية الأمازيغية، أو كما تعرف بالأكاديمية الأمازيغية بباريس، مضيفا أن الجمعية التي كان نشاطها ثقافيا قبل حلَها، انخرط فيها هو شخصيا نهاية الستينات عن طريق مراسلات في إطار تعليمي وتكويني ثقافي محض حول الثقافة الأمازيغية، ولم يكن حينها يعلم بتواجد عمار نقادي، ابن منطقة الأوراس، بين أعضائها بفرنسا.
وأكد ساسي عابدي، بأنه علم لاحقا بمعية مناضلين مهتمين بالتراث والهوية والتاريخ الأمازيغي من الجزائر، بأن عمار نقادي يوجد ضمن الجمعية المؤسسة بباريس، التي كانوا ينشطون بها عن طريق مراسلات، و تعرفوا عليه بواسطة صديق لهم، وهو إطار في قطاع التربية بولاية بسكرة، يدعى سليمان مرغمي.
فبعد عودة مرغمي من باريس، أخبرهم بما يبذله نقادي من مجهودات لإبراز التاريخ الأمازيغي والحفاظ على الهوية الأمازيغية، و أكد ساسي عابدي بأن الفضل يعود لابن مروانة ،عمار نقادي، في الإعلان عن أول تصميم للرزنامة الأمازيغية، وذلك سنة 1980 ، و هو ثمرة بحوثه واجتهاداته العلمية.
واعتبر الباحث ساسي عابدي، أن احتكاك عمار نقادي بغيره من الباحثين والمفكرين من مختلف دول شمال أفريقيا، زاده معارف وحماسا لتوسيع دائرة الأبحاث عن التاريخ الأمازيغي والذود عنه، و أكد أنه كان مهووسا بالحفاظ والدفاع عن الهوية الأمازيغية، و واصل نشاطه حتى بعد انسحابه من الأكاديمية، نتيجة خلافات فكرية، لينشأ بعدها ما عُرف برابطة اتحاد شعوب الأمازيغية، وهي الجمعية التي لم تكن حاصلة على الاعتماد، عكس الأكاديمية التي حُلت، و كما أنشأ مكتبة أمازيغية.
و أضاف المتحدث بأن نقادي، ورغم أنه قضى جل وقته في البحوث و جمع المراجع التاريخية بفرنسا، إلا أن وجدانه ظل معلقا ومتواجدا بالأوراس الذي حمله في قلبه، إلى غاية أن وافته المنية في الثاني من ديسمبر سنة 2008 .كا ذكر عابدي أن الفقيد كان يميل لاعتماد حرف التيفيناغ لكتابة الأمازيغية، رغم إقراره بأهمية اعتماد القريكولاتين أيضا في الإسراع بتطويرها، نظرا لاعتماده الواسع بين الأمم، لكن لعدم الوقوع في التوافقية، فضل حرف تيفيناغ، كونه يرى في ذلك الوجه المعبر عن الأصالة والتواجد المتجذر لحقيقة أمة.
وبخصوص الرزنامة الأمازيغية، قال المتحدث بأن عمار نقادي هو من أوجدها وأعلن عنها، حتى وإن تم التداول الفكري لها قبل سنة 1980، إلا أن نقادي حسب محدثنا، يعتبر أول من أوجدها، مستندا في ذلك إلى تاريخ 950 قبل الميلاد، الذي يمثل بلوغ واعتلاء القائد شيشناق عرش مصر الفرعونية.
و أضاف في ذات السياق، بأن السند التاريخي المؤسس على دراسات و بحوث تاريخية وأثرية، يمثل رصد و تقدير تلك الفترة، وقال عابدي بأن أول يناير الذي يمثل رأس السنة الأمازيغية مرتبط بالفلاحة، ويعبر عن انطلاق النشاط الفلاحي في شمال إفريقيا.
وأشار إلى أن استناد نقادي للرزنامة الأمازيغية للتقدير التاريخي لوقائع بلوغ شيشناق الحكم في الأسرة 22 بمصر الفرعونية، جاء من منطلق البحوث والحفريات التي أثبتت ذلك، على غرار الحفرية التي اكتشفت بمدينة طاليت المصرية التي تؤرخ لحكم شيشناق والأسرة الحاكمة والمتواجدة بمتحف برلين بألمانيا.
و اعتبر المهتم بتاريخ الأمازيغ في شمال إفريقيا بأن اعتماد التقويم الأمازيغي من طرف عمار نقادي، يحمل دلالة مدى عمق جذور تاريخ أمة وحضارات متعاقبة، حيث لم يتم ربطها بعصر ماسينسيا أو يوغرطة في عصور ما قبل الميلاد، أو ابن تشفين في العصور الوسطى، وإنما لعهد شيشناق لإبراز حقيقة تاريخية لتولي شيشناق الحكم في الحضارة الفرعونية، و أبرز عابدي جهود نقادي في جمع الأسماء الأمازيغية وطبونوميا الأماكن، عن المراجع والباحثين، على غرار الباحث الفرنسي قوستاف ميرسي.

* الباحث و الفنان سليم سهالي
دافع عن الهوية  في صمت   
اعتبر الكاتب والفنان سليم سوهالي، الباحث في التراث الأمازيغي، بأن عمار نقادي يعبر عن جيل من المثقفين عملوا على إعادة الروح إلى الذات، كونه أحد المناضلين الأوائل من جيل ستينات القرن الماضي، الذين نادوا وعملوا على التأسيس للثقافة الأمازيغية.
واعتبر المتحدث أن نقادي ناضل بصمت و بعيدا عن الوطن، منوها بمجهوداته وأعماله في الغربة، من عمله على التأسيس لاتحاد الشعوب الأمازيغية و تأسيسه للمكتبة الأمازيغية، وقال بأن ابن سهل بلزمة يجب أن يعاد الاعتبار له ولمكانته، وتثمين مجهوداته.
وبخصوص رأس السنة الأمازيغية، اعتبر الكاتب سليم سوهالي، بأن الرزنامة التي اعتمد عليها عمار نقادي سنة 1980 ، كانت أول رزنامة أمازيغية يعرفها، وفي ذات السياق أوضح، بأن الاحتفال بيناير مرتبط أساسا بالنشاط الفلاحي كتقويم أقدم من الرزنامة الجوليانية الرومانية، مستبعدا ما يتم تداوله بربط أول يناير من رأس السنة الأمازيغية بالحساب الروماني للرزنامة، مستدلا بالتوارق في أقصى الجنوب، الذين يحتفلون بيناير وفق عادات وتقاليد متوارثة منذ آلاف السنين، قبل وصول الرومان و دون الاحتكاك بهم.
وقال بأن  نقادي الذي بعث التقويم الأمازيغي، يعد  من الأوائل من جيل الستينات الذين واكبوا نهضة التأسيس للثقافة الأمازيغية، مشيرا لمساهمته الفعالة في تطوير الحرف التيفيناغي، و قال بأنه ناضل بصمت وبعيدا عن الوطن بعد أن قضى جل حياته في الغربة، مشيرا لإصداره لكتب ومجلات، ناهيك عمَا كان يجمعه من مراجع وبحوث.
وبخصوص ربط التقويم الأمازيغي بشيشناق، اعتبر المتحدث، على عكس ما ذهب إليه البعض، بأن الواقعة التاريخية تبقى فرضية، مضيفا بأن معطيات تاريخية أخرى، تشير إلى أن  قبيلة شيشناق استغلت من طرف الأسرة الحاكمة في مصر، وأن الأمازيغ كانوا متواجدين منذ القدم هناك، و كانوا معروفين بسيطرتهم على المعابد، وما عبادة الإله آمون ،حسبه، في سيوا الأمازيغية بمصر، إلا دليل على تواجد الأمازيغ منذ القدم بمصر.
ي/ع

* يـاسين مرشيش مهتم بالتاريخ الأمازيغي
   اقتفى آثار الباحثين عن التاريخ بأوروبا
قال ياسين مرشيش، وهو مهتم بالتاريخ الأمازيغي و ابن منطقة مروانة التي ولد بها عمار نقادي، بأنه كان يسمع عن نشاطه و بحثه الفكري منذ سنة 1961 ، تاريخ مغادرته إلى فرنسا، وهو في ربيعه 18، وأضاف أن نقادي ظل مرتبطا بالوطن والأوراس وعُرف عنه غيرته عن الهوية الأمازيغية و دفاعه عنها، من أجل التصالح مع الهوية و الذات، ما جعله يكرس حياته لرصد الأبحاث و المراجع العلمية و التاريخية للباحثين الغربيين في أوروبا. وذكر ياسين مرشيش، أن الراحل كرس جهوده ، رفقة باحثة علم الاجتماع جمعة جغلال، ابنة خنشلة، في البحث لسنوات  في المهجر ، عن كل ما  يمكن أن يساهم في تعزيز الهوية الأمازيغية و الحفاظ عليها، من خلال جمع أمهات الكتب حول شمال إفريقيا، و أشار مرشيش أن نقادي كان العضو الوحيد من منطقة الأوراس، في الجمعيات و النشاطات العلمية والأكاديمية الثقافية بفرنسا حول الأمازيغية نهاية الستينات ومطلع السبعينات من القرن الماضي.
كما نوّه المتدخل بدوره  في الحفاظ على الأمازيغية والذود عنها كهوية وتاريخ، من خلال تأسيسه للمكتبة الأمازيغية بفرنسا، وقبلها تأسيس اتحاد الشعوب الأمازيغية و الرزنامة الأمازيغية، و شدد على اهتمام الباحث بحرف التيفيناغ لكتابة الأمازيغية، وجمعه للأسماء الأمازيغية الخاصة بالنساء والرجال، واعتبر أنه استند في إعداد الرزنامة الأمازيغية على تاريخ اعتلاء شيشناق الأمازيغي للحكم في مصر، لإبراز العمق التاريخي الأمازيغي.

 

الرجوع إلى الأعلى