هكذا اقتحمنا مجالات كانت حكرا على الرجل
تميزن في مجالات كانت حكرا على الرجل وخضن تجارب صعبة مكنتهن من كسر قيود المجتمع وتلك النظرة الضيقة التي تسوق عن المرأة وتحصرها في مهن ومهام "سهلة"، من مواجهة الإرهاب إلى العمل النقابي و الخيري إلى ترويض تشوهات الأجسام، وصولا إلى الرقابة التقنية للمركبات وعالم الصورة و البحث العلمي في تخصصات حساسة، خاضت كل من نائلة وكريمة وحورية وجيهان ومريم وعبلة و جهيدة ولمياء ، مسارات عسيرة مكنتهن من التفوق كل في مجالها وترك بصمات وضعتهن ضمن خانة النساء الجديرات، حيث يتحدثن في هذا الملف عن تجاربهن المهنية و الإجتماعية وطموحاتهن .

الباحثة في علوم الطب و رئيسة دار الجزائر باسبانيا حورية سهيلي
 23 سنة من الدفاع عن حقوق المرأة و الجالية الجزائرية بالمهجر
أجبرتها الظروف الأمنية الصعبة التي مرت بها العاصمة الجزائرية نهاية عام 1997 على التخلي عن عملها في مختبر البحث و التطوير لعملاق صناعة الأدوية في الجزائر «صيدال»، و انتقلت إلى الضفة الأخرى للمتوسط و بالتحديد إلى اسبانيا، حيث تعيش هناك بمدينة فالانسيا، رفقة عائلتها المكونة من الزوج و ولدين يخوضان غمار البحث و الدراسة الجامعية.
حورية اليوم عضو بارز في الحزب الاشتراكي الاسباني بعد حصولها على الجنسية الاسبانية، لكنها لم تتخل عن جنسيتها الجزائرية، و ظلت وفية لوطنها و أبناء وطنها الذين تقطعت بهم السبل بأوروبا، و أولائك الذين يواجهون صعوبات بالمجتمع الاسباني و حتى بدول الجوار.
و منذ استقرارها بمدينة فالانسيا صارت حورية سهيلي الباحثة في علوم الطب و الصيدلة و الناشطة الحقوقية المتمرسة، إحدى أبرز وجوه الحركة الجمعوية بالمجتمع الاسباني، تدير برامج إذاعية و تليفزيونية، و تحاضر بكبرى الجامعات الاسبانية و تتحدث في البرلمان، و تلتقي كبار المسؤولين و الوزراء الأسبان، و كبار القادة الباحثين في الشؤون العسكرية و الإستراتيجية المهتمين بتاريخ الجزائر.
و برزت حورية سهيلي بشكل أكبر وسط المجتمع الاسباني بالنشاط المكثف ضمن الجمعيات و الحركات التي تعنى بشؤون المرأة، و كذلك من خلال التدريس و تقديم برامج حول الطب النبوي و الطب البديل، الذي يلقى رواجا كبيرا في اسبانيا التي ظلت مرتبطة بالحضارة الإسلامية و العربية قرونا طويلة من الزمن.
و قد لاقى برنامجها الإذاعي حول الطب النبوي بإذاعة فالانسيا رواجا و نجاحا كبيرين، و تحصلت على جوائز قيمة تشجعها و تحثها على المزيد من العمل و التطوير، حتى يستفيد المجتمع الاسباني أكثر من الطب البديل و الطب النبوي.
و نظرا لنشاطها المكثف في مجال رعاية شؤون الجالية الجزائرية في اسبانيا، و مساعدة المهاجرين السريين الذين تقطعت بهم السبل، و أولائك القابعون في المحتشدات و المعتقلات، تخلت حورية سهيلي، عن برنامج الطب البديل و تفرغت للنشاطات السياسية بالحزب الاشتراكي الاسباني، و جمعيات حقوق الإنسان، و كل ما يخص الجالية الجزائرية هناك، و هي تساهم اليوم بشكل فعال في دعم العلاقات الجزائرية الاسبانية، نظرا لقدرتها على التواصل الفعال مع مراكز القرار الاسباني، و علاقتها الوطيدة مع وزراء الحزب الاشتراكي الحاكم.
و تشرف حورية سهيلي اليوم على مؤسسة دار الجزائر باسبانيا، و تمكنت من فتح مدرسة تدرس أبناء الجالية الجزائرية باسبانيا، ببرامج وطنية، و هيئة تدريس جزائرية مقيمة بأسبانيا، لكن هذه المدرسة الناشئة تعرضت لحملات عنيفة من بعض أئمة المساجد.  
 و تعمل دار الجزائر باسبانية على رعاية الجالية الجزائرية و مساعدة العاجزين و المسنين، و المرأة الملتزمة على الاندماج الفعال بالمجتمع الاسباني، من خلال التكوين عن بعد و برامج عائلية في المنازل.
و تمكنت دار الجزائر باسبانيا من حل مشاكل كثيرة كانت تعاني منها الجالية الجزائرية، و بدأت نوادي الجزائريين في الظهور بمختلف المجالات بما فيها قضايا المرأة و الرياضة، حيث تمكن الشباب الجزائري الذي يعيش بمنطقة فالانسيا من تكوين فريق لكرة القدم يجلب إليه هواة هذه الرياضة من لاعبين و مشجعين و متفرجين من الجالية الجزائرية المقيمة باسبانيا.
و تقول حورية سهيلي في حديثها مع النصر من مدينة فالانسيا، بأن المجتمع الاسباني و الغربي عموما ليس الجنة المثالية للمرأة كما يعتقد البعض، مؤكدة بأن المرأة الأسبانية مازالت تخرج في مظاهرات مطالبة بمزيد من الحريات و التصدي للعنف كلما حلت ذكرى 8 مارس من كل عام، مضيفة بأن المرأة الاسبانية مازالت تتعرض للعنف و حتى القتل، و انه مازال هناك عمل طويل و شاق حتى تحصل على كل الحقوق التي تطالب بها منذ سنوات طويلة.
و ترى حورية سهيلي بأن المرأة الجزائري ليست في حاجة إلى ما يسمى بالحقوق و الحريات العامة، بقدر ما هي في حاجة ماسة إلى الحرية و الحقوق داخل خلية الأسرة، حيث تتجلى مظاهر العنف و الاضطهاد بكل وضوح، و حيث المناخ المناسب لممارسة الحقوق و الواجبات و الحريات بلا قيود، و عندما يتحسن الوضع داخل خلية الأسرة فإن المرأة الجزائرية تكون قد حققت الأهم في حياتها.  
و بخصوص الهجرة السرية للمرأة الجزائرية إلى الدول الأوروبية، تقول حورية سهيلي بأن هذه المغامرة ليست سهلة و ليست الحل الأمثل لما تعانيه بعض النساء و الفتيات الباحثات عن حياة أفضل خارج الوطن، مؤكدة بان أوروبا ليست الجنة المثالية التي يبحث عنها المهاجر، و الحراق في قوارب الموت.  
و وجهت حورية سهيلي نداء عبر جريدة النصر للسلطات الجزائرية لمساعدتها على بناء مركز ثقافي جزائري باسبانيا، يجمع الجالية و يبقيها مرتبطة بجذورها و هويتها الوطنية.  و تعتقد حورية سهيلي، في ختام حديثها مع النصر، بأن ملامح الجزائر الجديدة بدأت تلوح في الأفق بشكل فعلي، و أن مستقبل المرأة و كل الجزائريين سيتغير نحو الأحسن خلال السنوات القليلة القادمة، مضيفة بأن الحكومات الأوروبية بدأت تنظر بجدية إلى بناء علاقات وطيدة و مفيدة مع الجزائر الجديدة التي ولدت من رحم الأزمة الخانقة التي عاشتها البلاد على مدى 3 عقود من الزمن.
فريد.غ

من أوائل الصحفيين المتخصصين في المعلومة الأمنية
نائلــة بن رحــال صحفيــة روّضت الإرهـاب و واجهـت دكتاتــورا
لم تكن الصحافة يوما من ضمن خياراتها، لكنها حققت الكثير في هذا المجال، و استطاعت أن تعطي وزنا لتوقيعها على صفحات عناوين ناطقة باللغتين العربية و الفرنسية، اختبرتها الحياة مرارا، فوجدتها بصلابة ألف رجل، فنائلة خليدة بن رحال، ليست فقط شاهدة على وحشية الإرهاب، ومن أندر الأقلام التي كتبت عنه، بل هي ناجية من مجزرة بن طلحة، و اسم عكر صفو ليالي  معمر القذافي عندما كان في أوج مجده.
rنائلة خليدة بن رحال ، صحفية بيومية «المجاهد» العمومية  الناطقة بالفرنسية ، كانت تريد أن تصبح طبيبة أو قاضية، لكن القدر اختار لها الإعلام، فقد بدأت بنشر الخواطر و بعض المساهمات الأدبية في الجرائد، و في سنة 1995، التحقت بأسبوعية «العالم السياسي» و هي طالبة جامعية، و أنجزت ربورتاجات و تحقيقات اجتماعية عن الصحة و السكن و حقوق المرأة و الأطفال و نشرت مواضيع مماثلة في أسبوعية «كل الدنيا»، قبل أن تلتحق بيومية « اليوم»، أين انتقلت بين عدة أقسام منها المجتمع و المحلي و بعدها الوطني، و أجرت ربورتاجات و تحقيقات أمنية.
 و تدرجت نائلة بين عدة مناصب، فكانت رئيسة القسم المحلي، ثم قسم المجتمع، و بعدها القسم الوطني، كما عينت منسقة للتحرير في 2006 ، عملت في «الجزائر نيوز» و «الشروق اليومي» ، ثم «النهار اليومي»، قبل أن تنتقل إلى الصحافة الفرانكفونية أين عملت في عدة جرائد، منها «ليبيرتي» و « الجزائر» ، ثم جريدة «أوريزون» العمومية التي استقالت منها في أواخر شهر ديسمبر الفارط، لتلتحق بيومية «المجاهد» .
في مواجهة الإرهاب بحثا عن الحقيقة
كشفت نائلة للنصر، بأن أصعب موقف عاشته كان خلال إعداد تحقيق أمني بمنطقة أولاد علي بأعالي بومرداس، حول إعلان جماعة إرهابية للهدنة ، حيث قالت لنا»  تنقلت أنا و زميلي بلال زهاني متخفيين، واجهنا صعوبات، قبل أن نقابل شابا وافق على مرافقتنا للقاء الجماعة التي علقت علما أبيض كان ظاهرا من أعلى السفح ، عبرنا حقول العنب و كان مرافقنا كريما و أعطانا «عنقودا»، و سرنا مشيا على الأقدام وسط الأدغال، قبل أن نفاجأ بشاحنات الجيش التي تنقلت لتمشيط المكان، ففر مرافقنا الذي تبين لاحقا بأنه إرهابي، و كان سيقودنا إلى «كازمة»،  و أن العلم الأبيض كان لمحجرة توقفت عن العمل مند سنوات، تعرضنا للتوبيخ و النهر من طرف عناصر الأمن و بعد سنوات ، وجدت ذلك «المرافق» ماثلا أمام محكمة الجنايات بمجلس قضاء العاصمة، بعد القبض عليه».
 أضافت « أذكر أيضا أنني تنقلت بمفردي عام 1999، عند إعلان الجيش الإسلامي للإنقاذ الهدنة، ذهبت إلى منطقة جيبولو بالأربعاء بأعالي البليدة، على متن حافلة جي 5 ، و سرت سيرا على الأقدام عبر مقبرة، المكان كان خاليا و تجنب السكان الكلام معي، و بعد وصولي إلى المقبرة  حاصرني رجال مسلحون بالكلاشنيكوف، قلت لهم « أريد لقاء الأمير كرطالي ، أنا صحفية «، و استطعت لقاءه ، لكن ربما أسوأ الصور كانت خلال تغطيتي للمجازر في بوعرفة و العملية الانتحارية  بيسر، حيث لا نجد كلمات و لا تعبير لنقل بشاعة رأس رضيعة  مهشم بساطور أو جسد شاب جامعي تحول إلى أشلاء» .
يتيمة الأحلام التي لا تعرف الخوف
بعيدا عن تغطياتها لبشاعة الإرهاب كصحفية، عايشت نائلة تجربة شخصية قاسية، باعتبارها واحدة من سكان بن طلحة الذين شهدوا ليلة الرعب، تجربة عجزت عن التحدث عنها لسنوات عديدة، لكنها قررت أن تواجه نفسها والآخرين بالحقيقة، لتقف أمام كل محاولة لتشويه ما حدث، فهي قبل كل شىء مرآة الواقع التي عرضت نفسها للخطر مرارا في سبيل صحافة ميدانية صادقة و أخلاقية، قالت نائلة» كان  الأمر مواجهة مفتوحة و مباشرة مع الموت في أبشع صوره، منذ تلك الليلة صرت لا أعرف معنى الخوف، لكنني صرت يتيمة الأحلام، عندما كنت أتابع ما كتب عن مجزرة بن طلحة و قبلها الرايس،  كنت أقول أن واجب الذاكرة يفرض علي أن أكتب و منها تخصصت في المعلومة الأمنية و قد كانت مهمة صعبة، بسبب شح المصادر، تعرضت للتهديد بالتصفية ذبحا في 2006 من طرف ما يسمى القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، بعد سلسلة تحقيقات عن الانتحاريين، عرفت بعدها أن العمل التوعوي و التحسيسي أفشل التحاق مراهقين بالتنظيمات الإرهابية» .
لم تقتلعها عاصفة القذافي فهزتها رياح صديقة
بذرة الحياة التي زرعتها نايلة بعد تلك الليلة الدامية، أنبتت شجرة صفصاف قوية لم تهزها منذ ذلك اليوم رياح، ولم تقتلعها حتى عاصفة غضب الرئيس الليبي الأسبق معمر القذافي، الذي جرها إلى أروقة العدالة ذات يوم ، على خلفية تحقيق عن  مخطط «تارقستان»، الذي نشرت بخصوصه شهادات موثقة و مخططات و وثائق، أوضحت بهذا الشأن «القضية شابتها كثير من الخروقات في الإجراءات، أذكر أن والدتي تساءلت عن مدى قناعتي بما كتبت، فقلت لها هي قضية وطن. تعرضت لضغوطات نفسية داخل الجريدة، زملاء ساندوني، في حين كتب رئيس التحرير عمود اعتذار للقذافي و في جريدة أخرى نشر يومها عمودا عنوانه «أطلقوا عليها رصاصة الرحمة».
اليوم و بعد تجارب عديدة، يحق لنائلة أن تكتب عن الحياة، ولهذا تعمل على رواية للأحداث بالتفاصيل و التواريخ ، حيث سيتضمن مؤلفها لأول مرة شهادات صادمة، ستحكي قصة امرأة قررت الصمود عندما كان الانسحاب حقا مشروعا، فقد رفضت التخلي عن الصحافة، رغم تهديد جهات إرهابية لها و واصلت السعي خلف المعلومة الأمنية، رغم النظرة الاجتماعية الضيقة، فواقع المرأة الصحفية في مجتمعنا لا يزال بعيدا عن التطلعات. كما أوضحت  محدثتنا مستشهدة بدراسة ميدانية أنجزتها وزارة الاتصال حول « الوضعية الاجتماعية و المهنية للمرأة ومكانتها في وسائل الإعلام بالجزائر»، جاء فيها، بأن مكانة المرأة في قطاع الاتصال و المؤسسات الإعلامية، سواء الصحافة المكتوبة أو السمعية البصرية هامة نسبيا، بالرغم من الحضور الضئيل في مناصب القيادة، فالصحافيات « يتمتعن بتمثيل كبير في مناصب المسؤولية في بعض وسائل الإعلام، لكن بشكل ضئيل، بل و منعدم في مناصب القرار» .
و أعربت نائلة،عن أسفها  لهذا الواقع، خصوصا وأن المناصب التي توكل لنساء الإعلام تقليدية كلاسيكية، مثل رئاسة قسم المجتمع و المحلي و الثقافي أحيانا، دون أن تنكر مسؤولية المرأة الصحفية التي تفضل الميدان على المسؤولية، كما عبرت .
هدى طابي

تحمل الكاميرا بيد و أطفالها باليد الثانية
جيهان بن مغسولة قصة أم اختزلت العالم في صورة
توجت ابنة قسنطينة،  جيهان بن مغسولة، في 2014 بجائزة الشارقة للصورة الفوتوغرافية، كانت آنذاك في عقدها الثالث و كانت أما تخلت عن الطب البيطري لتربي أبناءها، فانعزلت داخل منزلها قبل أن تحمل الكاميرا ذات صباح، و تقرر أن تختزل العالم في صورة، و أن تأسر تفاصيله الكثيرة داخل عدسة حررتها من خجلها و جعلت منها مصورة محترفة برتبة فنانة، هي رحلة نجاح سيدة حلمت  في لحظة، بامتلاك هاتف بكاميرا رقمية،  فجابت صورها بعد ذلك بسنوات الكثير من دول العالم.
سخروا مني فمنحوني دافعا للنجاح
قصة جيهان تعتبر دافعا للكثير من النساء الأخريات، فعنوانها الرئيسي يتمحور حول الأمل و كيف أن البدايات لا تعترف بالسن أو بالوقت المناسب، فهذه المرأة اختارت، كما قالت، أن تتخلى عن كل شيء في سبيل الأمومة، بما في ذلك عملها كطبيبة بيطرية، إذ تحولت من سيدة عاملة إلى ربة بيت لا تغادره، إلا للضرورة.
اهتماماتها كانت ضيقة تنحصر في العناية بأسرتها، لكن روح الفنانة التي كانت تسكنها لم تهدأ يوما، وكانت تطالبها دائما بكسر قيود الروتين اليومي، ولأن الموهبة تولد معنا و تنتظر أن نغذيها لتكبر، قررت أن تشتري هاتفا متطورا مزودا بكاميرا رقمية لتمارس التصوير داخل منزلها، بدأت حينها بالبحث عبر الإنترنت، فوقعت عيناها على مدونة خاصة بالتصوير الفوتوغرافي، كان أعضاؤها فرنسيين، سألتهم عن أحسن هاتف للتصوير فسخروا منها، و نصحوها باستخدام كاميرا.
عندئذ قررت أن تقسم ميزانيتها إلى قسمين، فاشترت كاميرا بسيطة بمبلغ 20 ألف دج، و هاتفا أكثر بساطة، و بدأت في التقاط صور لأمور مختلفة داخل المنزل،و كانت تشارك الصور عبر المدونة و تتلقى التوجيه من مصورين محترفين و هواة، كما بدأت في المطالعة عبر الإنترنت لتتعلم تقنيات التصوير الفني، وذات مرة قررت مديرة المدونة وهي سيدة فرنسية تحديث تجهيزاتها، فأهدتها تجهيزاتها القديمة التي أرسلتها إليها عبر البريد، وهكذا بدأت رحلة الاحتراف.
الأبيض والأسود انعكاس لحياة الفنانة والأم
قالت محدثتنا « بدأت في تطبيق ما تعلمته من تقنيات عبر الإنترنت على  أعمالي الخاصة، خصوصا بعد أن  استلمت الكاميرا الجديدة، كنت لا أزال أصور تفاصيل منزلي و حياتي اليومية، و اكتشفت أنني أميل إلى الصور القريبة « الماكرو» و البورتريه، وكذا صور الأبيض والأسود، الجمال و التناقض اللذين في اللونين، يشبه تناقضات حياتي، فقد كنت الأم الملزمة بمنزلها و أطفالها و الفنانة التي تريد الانعتاق، ذات يوم و أنا أبحر عبر الشبكة العنكبوتية، قرأت إعلانا عن معرض للصورة في مدينة قالمة، كان ذلك سنة2011، كنت حاملا في الشهر الثالث، مع ذلك تنقلت حاملة صوري إلى المعرض، وهناك تعرفت على مصورين آخرين و استطعت أن أقيم مستواي من خلال الاحتكاك بغيري، حينها أيقنت أن لدي ما أقدمه لهذا العالم، وقررت أن أمنح لعدستي مجالا أوسع من جدران بيتي، انضممت إلى مصورين آخرين من قسنطينة و كنا نبرمج دوريا خرجات للعمل، كنت أقسم وقتي وجهدي بين منزلي و شغفي، و هو أمر استصعبه زوجي في البداية، لكنه تأقلم في الأخير و أصبح داعما لي».
جيهان، وكغيرها من أبناء قسنطينة وقعت في حب المدينة القديمة، فاختارتها موضوعا لصورها و معارضها العديدة التي أقامتها في أغلب مدن الجزائر، و في تونس و المغرب و عمان و الإمارات العربية المتحدة، أين افتكت سنة 2014 جائزة الصورة الفوتوغرافية بإمارة الشارقة، عن عمل أنجزته داخل منزلها، حيث صورت زهورا كان ابنها يحضرها لها عند عودته من المدرسة، وحسب محدثتنا، فإن هذا الفن يعتمد أساسا على قدرة المصور على رؤية الجمال في الأشياء، و المرأة، حسبها، ليست أقل من الرجل في هذا الجانب، حتى وإن كانت نظرة المجتمع إليها لا تزال ضيقة، فكثيرون ، كما قالت، لا يستسيغون فكرة أن تتجول امرأة بكاميرا في الشارع و توثق أشكال الحياة، قالت» لا يفهمون أنني مصورة عاشقة للطبيعة تحاول جاهدة أن تزرع هذا العشق في أبنائها، التصوير كان في الأول متنفسا لي من أعباء البيت و رتابته، لكنه اليوم بعض من ذاتي» . تسترسل في حديثها  « كمصورة أحس بأن لي مسؤولية تجاه الوطن، لذلك أوثق لكل ما نعيشه، لذلك منحت المرأة حيزا من اهتمامي خلال تصويري لجمعات الحراك، غطيت وجودها في الشارع ، فقد كان حضورها قويا جدا، حيث أبدعت من خلال شعاراتها ومساهماتها، كوني امرأة،  فأنا أعلم جيدا ما تتكبده وتعانيه المرأة الماكثة في البيت أو المرأة العاملة، من ضغوطات وصعوبات، لكي تتمكن من الخروج كل جمعة أو ثلاثاء، و رغم ذلك، فهي تضاعف من الجهد والصبر لتستطيع المشاركة في صناعة الحدث و كتابة التاريخ».
هدى طابي

الإطار مريم سردوك
رفعت التحدي لتغير النظرة السلبية عن المرأة النقابية
تعتبر النقابية مريم سردوك، عضو اللجنة التنفيذية في الإتحاد الولائي لولاية قسنطينة،  من النساء اللائي رفعن التحدي باقتحام العمل النقابي و تغيير النظرة السلبية التي كانت مرتبطة به، و جسدت بانخراطها المعنى الفعلي ، لإشراك النساء في كافة المجالات، لتقضي بذلك على فكرة التمثيل الشكلي لهن، بفضل الجهد الذي تبذله في الميدان، و اكتسابها ثقة العمال طيلة 9 سنوات من العمل النقابي.  
لم تكن مريم سردوك تضع العمل النقابي في خانة اهتماماتها، و فضلت عند التحاقها بعالم الشغل، و هي في 24 سنة من عمرها، أن تحرص على أداء مهامها بإتقان، لكنها وجدت نفسها منخرطة به صدفة، كما قالت للنصر، حيث أنها لم تكن في البداية ترغب في ذلك، غير أن رغبتها في تغيير نظرة المجتمع السلبية للعمل النقابي عموما، و للمرأة النقابية على وجه الخصوص، كان حافزا قويا بالنسبة إليها، حيث كان هدفها وضع إستراتيجية جديدة تضع حدا لما كان سائدا من أفكار خاطئة،  كاعتبار العمل النقابي أداة تقف ضد نظام المؤسسة و إدارتها، بتجسيد توازن بين الشريحة العمالية و الإدارة، و تفادي اللجوء إلى المحاكم و مفتشية العمل، للحفاظ على العلاقة بين العامل و الإدارة، و الحرص على توفير جو أخوي و عائلي، مع الالتزام بما يمليه القانون و العمل و تطبيقه.
الجرأة و المؤهلات العلمية تؤدي إلى نجاح النقابية
محدثتنا قالت بأن العمل النقابي له شروط و لا يمكن لأي كان ممارسته ، و بالأخص المرأة، حيث يجب أن يكون الفرد ملما بالقوانين و شروط العمل النقابي، و يجب أن يكون له مستوى علميا، و ملما بالقوانين و يجيد التعبير و الكلام و يتحلى بالجرأة ، خاصة بالنسبة للمرأة، لتكون لديها القدرة الكافية على المواجهة .
عن الصعوبات التي تواجهها المرأة النقابية، ذكرت المتحدثة بأن المشكل الرئيسي  يكمن في العقليات التي ترفض نشاط المرأة في الميدان، لكن النظرة السلبية التي كانت سائدة تجاه المرأة النقابية تغيرت في السنوات الأخيرة، و لمست ذلك على مستوى الإتحاد الولائي لولاية قسنطينة، قائلة «  نشتغل في جو عائلي يسوده الاحترام، و ما أؤكد عليه أن المرأة هي التي تفرض احترامها في الموقع الذي تتواجد فيه، و ستعامل على أساس ذلك»، مضيفة بأن حضور المرأة  لم يعد شكليا و تفرضه نظام «الكوطة» ، و إنما أصبح فعليا، حيث فرضت نفسها بالمستوى العلمي و الثقافي و عملها الجاد لتقضي بذلك على الفكرة التي كانت سائدة و المتمثلة في هيمنة النساء غير المتعلمات على العمل النقابي، مؤكدة بأن كل النساء النقابيات، يناضلن و يساندن العمال في المواقف الصعبة، أكثر من الرجال.   و عن مدى تقبل عائلتها للعمل النقابي، أكدت مريم سردوك التي تشغل منصب مساعدة مدير لمؤسسة البث الإذاعي و التلفزي للشرق بقسنطينة،  بأنه من حسن حظها أن زوجها هو زميلها في العمل، و يعرف كل العاملين معها، سواء في مؤسسة البث الإذاعي و التلفزي، و كذا بالاتحاد الولائي ، مؤكدة بأن تفهم زوجها و مساندته لها معنويا، و الثقة المتبادلة بينهما، جعلتها توفق بين عملها النقابي و مهامها الأسرية و المهنية، مشيرة إلى أن المرأة بطبعها وفية، و ينعكس ذلك على عملها.           
أسماء بوقرن

أخصائية العلاج الفيزيائي و إعادة التأهيل الوظيفي لمياء عيساني:
أتسلح بالإرادة و الخبرة للتخفيف من آلام المرضى 
تتسلح بإرادة قوية و خبرة ثرية تحرص على تطويرها باستمرار، بالاطلاع على أحدث الدراسات في تخصصها، الذي طالما كان حكرا على الرجال، من أجل إيصال المرضى إلى مرفأ الشفاء أو على الأقل التخفيف من آلامهم و مضاعفات أمراضهم، خاصة العصبية الخطيرة، كالجلطات الدماغية، أو الشلل الدماغي، كما تعالج المصابين بفتق الفقرات القطنية أو الانزلاق الغضروفي، و مختلف الأمراض الروماتيزمية و الكسور و الرضوض، و المشاكل التنفسية و بعض أمراض النساء، فأخصائية العلاج الفيزيائي و إعادة التأهيل الوظيفي لمياء عيساني، تستعمل يديها الذهبيتين، و كلما أوتيت من صبر و عزيمة، من أجل إتمام رسالتها النبيلة، مستعملة التدليك و الحركات المنتظمة و أجهزة و عتاد خاص، لتغني مرضاها عن تناول الأدوية ذات الأعراض الجانبية، أو تقليص الكمية التي يتناولونها، و يظل رهانها الأكبر محاربة الأمراض و لو على المدى البعيد، بالنسبة لبعض الحالات المستعصية و «الثقيلة» .
صقلت تكويني بالعمل في القطاعين العام و الخاص
قالت ابنة قسنطينة لمياء للنصر، أنها متزوجة و أم لثلاثة أبناء، تتراوح أعمارهم بين ست سنوات و شهر واحد، معترفة بأنها بعد حصولها على البكالوريا ، لم تختر تخصص العلاج الفيزيائي و إعادة التأهيل الوظيفي، لكن والدها الذي كان أستاذا في فرع العلاجات العامة بالمعهد شبه الطبي، نصحها به، فوافقت و شاركت في مسابقة الدخول و نجحت، و لاحظت أنه رغم الإقبال على ذات التخصص من الطلبة، فإن محدودية المناصب المتاحة، جعلت دفعتها تضم أربعة طلبة فقط من قسنطينة، بعد ثلاث سنوات من التكوين، و عملت بعد التخرج في 2007،  لمدة 10 سنوات في مستشفى زيغود يوسف، أين اكتسبت خبرة ميدانية معتبرة، رغم الضغوط اليومية، كما عبرت المتحدثة.
بعد ذلك قررت لمياء، كما قالت لنا،  أن تفتح عيادة خاصة، و تشتري كل الأجهزة و الأدوات الضرورية لممارسة عملها الإنساني النبيل، و شجعها زوجها و أخواتها على ذلك، خاصة و أن مهنتها كانت طويلا حكرا على الرجال ، و لا يمارسها إلا عدد محدود جدا من السيدات.
توسع ثقافة التوجه إلى أخصائي العلاج الفيزيائي
 أوضحت أن التجربة كانت شاقة في البداية، لأنها لم تكن معروفة و ثقافة الذهاب إلى أخصائي العلاج الفيزيائي و إعادة التأهيل الوظيفي، أصلا لم تكن منتشرة كثيرا بمجتمعنا، عكس الخارج، و معظم المرضى الذين كانوا يقصدون عيادتها، كانوا يحملون رسائل توجيه من أطبائهم المعالجين، و كان الكثير منهم لا يواصلون حصص العلاج الفيزيائي، لجهلهم بفوائده، أو لانشغالاتهم المهنية، أو لعدم قدرتهم على مواصلة دفع المقابل المادي الذي يتراوح بين 800 و ألف دج للحصة الواحدة، لا تعوضها مصالح صندوق الضمان الاجتماعي، مشيرة إلى أن كل حالة تتطلب عددا محددا من الحصص، فعلاج فتق الفقرات القطنية مثلا يتطلب بين 10و 12حصة للحصول على النتائج المرجوة، و علاج التهاب المفاصل يستدعي بين 20 و 25 حصة، و كلما زادت الحالة تعقيدا يزداد عدد الحصة، فمرضى الجلطات الدماغية الذين يصابون بشلل نصفي يحتاجون إلى رعاية خاصة جدا، لكي لا يبقوا مقعدين و يخففوا من أعراض الإصابة و يسترجعون تدريجيا القدرة على المشي و الحركة و الاعتماد على أنفسهم في تلبية احتياجاتهم، و كل حالة تختلف عن الأخرى، و تبقى النتائج غير فورية، و تتجسد على المدى البعيد، معربة عن أسفها، لأن القلق و التوتر المرتبطان بنمط الحياة المعاصرة و المهنة، في مقدمة أسباب الأمراض العصبية المستعصية،  التي تحاربها يوميا.
«أسعى للتوفيق بين مسؤولياتي الأسرية و المهنية»
تابعت الأخصائية الشابة بأنها تستقبل يوميا بين 10 إلى  12 مريضا في المتوسط، بين نساء و رجال من مختلف الفئات العمرية ، إلى جانب الأطفال و الرضع، مشيرة إلى أن الرجال لا ينزعجون من كونها امرأة ، و قد لاحظت بأن ثقافة الاهتمام بالصحة و التوجه إلى أخصائي العلاج الفيزيائي و التأهيل الوظيفي، تشهد تطورا مطردا، مما يشجعها على بذل المزيد من الجهود من أجل علاج مرضاها، مشيرة إلى أنها تواكب آخر الدراسات و المستجدات في المجال، و تتابع مراجع و فيديوهات متخصصة عبر مواقع الإنترنت، لكي تجدد باستمرار خبراتها و تنميها.
و بخصوص سؤالنا عن الصعوبات التي تواجهها في عملها الذي يتطلب لياقة و قوة بدنية، قالت لنا بأن هذه حقيقة لا يمكن نكرانها، مما يجعلها تستجمع قواها و قدراتها و تتسلح بإرادة قوية، بل و تتحدى ذاتها أحيانا، لتخدم  مرضاها  على أحسن وجه، فالمرأة الجزائرية معروفة بشجاعتها و فرض نفسها في كل المجالات و النجاح فيها، كما أكدت المتحدثة، مشيرة إلى أن عديد الأمراض تهدد محترفي مهنتها،  لكن تفانيها في عملها يهون عنها كل المشاكل ، و اعتبرت التوفيق بين واجباتها المهنية و مسؤولياتها إزاء بيتها و زوجها و أطفالها الصغار، معادلة صعبة، لكنها تجتهد في جعلها سهلة و ممتعة، بالحب و الصمود و الاجتهاد.
دخلاء على المهنة يتاجرون بآلام المرضى
ذكرت المتحدثة أنه سيتم قريبا تأسيس جمعية للمتخصصين في العلاج الفيزيائي للارتقاء بالمهنة و تحسين ظروف ممارستها، و طرد الدخلاء عليها، و تحدثت عن ظاهرة فتح قاعات للاسترخاء عبر عديد أحياء الولاية، تعرض خدمات التدليك و غيرها، بسجلات تجارية تدفعها لأصحابها غرفة التجارة، دون شروط معينة، حيث لا يخضع العاملون بها، إلا لتكوين سريع مدته يوم أو يومين، أو دون تكوين أصلا، حسبها، و لا علم لهم بطبيعة و تركيبة و وظائف الجسم البشري و لا بالتخصص، مما يجعل عديد المرضى الذين يقصدون هذه القاعات عن جهل، في غياب الرقابة، يصابون بمضاعفات خطيرة، كما اكتشفت بنفسها من الحالات التي تتابع بعضها، و التي علمت منها أن حصة تدليك الظهر وحده بتلك القاعات كلفتهم 1500 دج ، و تصل في حال الاستفادة من علاجات كهربائية إلى  3000 دج ، في حين أن أخصائي العلاج الفيزيائي و إعادة التأهيل يستلم رخصة فتح عيادة متخصصة من مديرية الصحة، وفق شروط صارمة، في مقدمتها الخبرة و شهادة تخرج بعد تكوين لمدة ثلاث أو اربع سنوات بالنسبة للدفعات الجديدة.
كما طرحت الأخصائية مشكل عدم توفر مراكز متخصصة كبرى للتكفل بالمرضى ، و لا توفر المستشفيات العمومية سوى قاعة أو قاعتين تعاني من اكتظاظ و ضغط دائمين، و في الوقت نفسه لا تقدم مصالح الضمان الاجتماعي للمرضى الذين يعالجون بالعيادات الخاصة تعويضات عن تكاليف حصص العلاج التي يزداد عددها، كلما زادت حالة المريض تعقيدا.
إلهام طالب

تتمنى الحصول على عمل لضمان مستقبلها
جهيدة شابة من ذوي الاحتياجات الخاصة تتفوّق في كرة السلة
تناشد جهيدة بنابي وهي شابة من ذوي الاحتياجات الخاصة، السلطات المحلية لمساعدتها للحصول على عمل يكفل لها مستقبلها فهي اليوم تتلقى منحة
بـ 3 آلاف دج، ولكن رغم الظروف فهي تتحداها من خلال ممارسة رياضة كرة السلة التي تألقت فيها.
تنشط جهيدة ضمن فريق نسوي لكرة السلة بوهران، تحدت إعاقتها على مستوى رجلها والناجمة عن إصابتها بمرض منذ كان سنها لا يتعدى 6 أشهر، تتعايش بشكل عادي مع هذا الوضع فهي نشيطة وحيوية وطموحة، وصل تألقها في المجال الرياضي خاصة لأن تصبح لاعبة ضمن الفريق الوطني لكرة السلة النسوية لذوي الاحتياجات الخاصة، ولكن حالت الظروف دون مواصلتها مع الفريق الوطني لتعود إلى وهران لمواصلة المشوار، وقد تحصلت معه على لقب البطولة الوطنية وكأس الجزائر.
 جهيدة تبذل جهدا مميزا ضمن فريقها ولكن في الوقت نفسه تتحسر لأنه رغم النتائج المحققة لا يوجد مقابل مادي مثلما أضافت في حديثها مع النصر، مشيرة أنها التحقت بالمجال الرياضي منذ 2002 وكان ذلك مع فريق كرة السلة رجال ثم انتقلت لفريق النساء في 2005 ومنها الفريق الوطني.وفي 2017 خاضت جهيدة تجربة أخرى مع فريق المسيلة لمدة عام، ولكن تم مؤخرا إنشاء جمعية رياضية جديدة بوهران فعادت إلى مسقط رأسها وهران لتواصل مشوارها الرياضي مع كرة السلة.
لكن جهيدة لم تكتف بممارسة الرياضة وفقط، بل بفضل طموحها وتحدياتها التحقت بالتكوين المهني وتحصلت على شهادات في الإعلام الآلي الحلويات و الخياطة، هذه الأخيرة تفوقت فيها لدرجة أنها كانت تشرف على مدار 12 سنة على تعليم البنات هذه الحرفة في مركز مسرغين ولكن تم توقيفها، وتناشد جهيدة السلطات لمساعدتها على الحصول على عمل فهي اليوم تطرق أبواب الأربعينات من عمرها، وبحاجة لدخل قار يضمن لها مستقبلها و استقلاليتها المالية لتأمين العيش بكرامة  وتحدي احتياجاتها الخاصة.
بن ودان خيرة

متطوعة لمساعدة أبناء وطنها والطلبة الأفارقة
كريمة .. سيدة تعدى نشاطها الخيري حدود الوطن
في كل مناسبة تبرز المرأة كفرد فعال في المجتمع ومحور تغيير عدة أمور في الحياة اليومية سواء في عائلتها أو محيطها أو مجتمعها وقد تتعداه لخارج حدود الوطن، وفي وهران يوجد السيدة حمودي كريمة التي يمكن اعتبارها نموذجا يجمع بين كل الفضاءات التي ذكرناها، تعمل في صمت تعدى حدود الجزائر.
«المرأة الجزائرية قوية وشجاعة ولكن يوجد الكثيرات اللواتي لا يعرفن قدراتهن» ،هكذا ترى كريمة حمودي  وهي سيدة في الخمسينات، أهمية دور المرأة في المجتمع وروت للنصر قصتها مع العمل الخيري الذي يسري في دمها وجيناتها لأنها ورثته عن والديها، وها هي اليوم تواصل مشوارها بداية من الحي الذي تسكن فيه بالصديقية في وهران، أين تنشط من أجل تطهير المحيط ونظافة وتزيين الحي أين وضعت حاوية لجمع البلاستيك وإعادة بيعه لمؤسسة تحويل و استغلال المبلغ في أعمال أخرى رغم أنه مبلغ زهيد، هو عمل تطوعي تقوم به كريمة منذ أكثر من 3 سنوات رفقة بعض أفراد عائلتها، ولا تتوقف هنا بل عملت على غرس أشجار في المسجد وفي ساحة مدرسة وغيرها من الأعمال الخيرية التي تسعى لتحقيقها حتى خارج الحي، ومنها أنها في بعض الأحيان تجد ألبسة مرمية في الشارع أو قرب حاويات القمامة، فتجمعها وتنظفها لتعيد توزيعها على المحتاجين، وتتأسف لعدم وجود شبكات تعمل في هذا الإطار أي استغلال الأشياء التي ترمى من أجل مساعدة من يحتاجها، وتريد توسيع نشاطها لتحقيق أمنية غرس الأشجار في المؤسسات التربوية،  كما تنشط كريمة ضمن فريق لجمع سدادات غلق القارورات التي يجمعونها بالأطنان و يبيعونها لمؤسسات رسكلة البلاستيك، و يساعدون أطفال القمر من أجل العلاج وتوفير لهم لوازم الوقاية وتقول محدثتنا أنها لا زالت تجمع في السدادات ولديها مخزون معتبر ستبيعه قريبا، وهو مثال من أمثلة العمل التطوعي الخيري الذي تقوم به كريمة من أجل عدة فئات من المجتمع.
كريمة احتفلت أمس بعيد المرأة مع الطلبة الأجانب وخاصة الأفارقة الذين تقدم لهم يد المساعدة، فهي منذ سنوات طويلة تنشط من أجل تقديم يد المساعدة للطلبة الأفارقة بوهران، هي نوع آخر من النشاط الخيري الذي تعدى الحدود ليشمل الشباب الطلبة القادمين من دول الساحل وخاصة النيجر الذين يحتاجون للمساعدة، وتعمل كريمة أيضا على مساعدتهم من أجل ضمان تكوين مهني لاكتساب حرفة تساعدهم عند عودتهم لبلدانهم، حيث لمست لدى هؤلاء الطلبة رغبة كبيرة في تطوير مشاريع إنتاجية عند عودتهم لبلدهم والتكوين الذي يتلقونه من شأنه مساعدتهم ودعم طموحاتهم من أجل تجسيدها لصالح مجتمعاتهم، علما أن كريمة تسعى في هذا الإطار مع مراكز التكوين الخاصة، كما  تحرص من جهة أخرى، على توفير لهم المواد الغذائية عند غلق المطاعم الجامعية في العطل وكذا خلال شهر رمضان والأعياد، ودعمهم بألبسة والمستلزمات التي يحتاجونها لدرجة أنهم يطلقون عليها اسم «أم الأفارقة».
بن ودان خيرة 

عبلة  فورة تسرد قصتها مع مهنة يحتكرها الرجال
أُعامل كجسم غريب في مجال الرقابة التقنية للمركبات
تنافس عبلة صاحبة الـ33 سنة الرجال في مجال طالما اعتبر حكرا عليهم، تحدّت كل العراقيل ليساعدها شغفها الكبير في حب عالم الميكانيك على التميز في هذا العالم بعد 8 سنوات من الخبرة، تدرجت من عون حفظ البيانات إلى مراقبة تقنية معتمدة من وزارة النقل، لتصبح مختصة في فحص أجزاء مهمة بالمركبات على غرار العجلات والإطارات والفرامل وغيرها.
وقالت عبلة فورة، مراقبة معتمدة بمركز خاص للمراقبة التقنية لسيارات الوزن الخفيف بالمنطقة الصناعية بالما، أنها لم تكن تتوقع لما كانت طفلة صغيرة أن تعمل في مجال ميكانيك المركبات، متحدثة عن قصة تحولها إلى هذه المهنة وأسباب تعلقها بها، حيث أكدت أنها كانت تعمل في مكتب بمركز مراقبة السيارات للوزن الخفيف سنة 2009 كعون حفظ للبيانات، ولكنها بمرور السنوات أعجبت بعالم الميكانيك ليقودها شغفها اللامحدود إلى الخضوع لاختبار للحصول على شهادة مراقبة معتمدة من طرف وزارة النقل في نوفمبر 2011، لتنجح في الظفر به سنة 2012، كما أوضحت أنها كانت تحمل شهادة تقني في الميكانيك، لتصبح  مراقبة للمركبات ذات الوزن الخفيف والثقيل.
وقالت الشابة أنها جد سعيدة بعملها الحالي في المراقبة التقنية للمركبات، موضحة أن شغفها يكبر يوما بعد يوم من أجل معرفة كل كبيرة وصغيرة تخص الميكانيك، مضيفة أن 8 سنوات جعلتها   متمكنة في عالم كان حكرا على الرجال، وأوضحت أنها تستمتع كثيرا عند ممارسة عملها ولا تجد أي حرج في القيام بمراقبة السيارات.
أما عن الصعوبات التي واجهتها أثناء تأدية مهنة ارتبطت كثيرا بالرجال، فقد ردت بأنها تجد بعض العراقيل مستذكرة موقفا حدث لها قبل مدة قصيرة، حيث أنها في أحد المرات طالبت زبون بفتح غطاء محرك السيارة من أجل فحص الرقم التسلسلي للمركبة، ولكن  رده كان قاسيا حسبها وواصلت سرد القصة «غضب كثيرا وقال لي مكانك في المكتب وليس كمراقبة للمركبات»، كما سردت قصة حادثة أخرى هي عجز أحد سائقي الشاحنات  في  تجريب فرامل الشاحنة عند فحصها، فطالبته بالنزول على أن تتكفل هي بالعملية وهو ما أدخله في حالة هستيرية من الغضب وكأنه لم يتقبل أن تقود امرأة شاحنة بطريقة أفضل منه حسبها.
كما اعترفت المتحدثة أن الزبائن يرون تواجدها في مجال مراقبة السيارات غير مألوف وبعضهم ينظر إليها كجسم غريب في المهنة، ولكن عليهم باحترام حبها لهذه المهنة حسبها، كما طالبت كل مراكز مراقبة السيارات سواء بقطاعيها الخاص والعام احترام هذه المهنة من خلال العمل بصدق وإخلاص لأن الغش قد يؤدي لسقوط أرواح، خاصة وأن مراكز مراقبة تؤشر على صلاحية سيارات رغم أن حالتها  تؤكد عكس ذلك.
وختمت المتحدثة أن حلمها يبقى فتح مركز للمراقبة التقنية لمركبات الوزن الثقيل والخفيف، متيقنة أنها قادرة على النجاح في هذا العالم لأنها تملك كل المؤهلات والقدرات للتميز في مجال يبقى مغلقا في وجه النساء  .
حاتم/ب 


 

 

الرجوع إلى الأعلى