أعلنت وزارة التربية الوطنية، منذ أسبوع،  عن الجدول الزمني الخاص بالدروس النموذجية الموجهة لتلاميذ الأطوار النهائية، وذلك من خلال برنامج «مفاتيح النجاح» الذي سيبث عبر قنوات التلفزيون العمومي و إطلاق دروس دعم مصورة عبر منصة يوتيوب في إطار خطة طوارئ فرضها الحجر الصحي الذي سببه انتشار فيروس كورونا المستجد، وبالرغم من أن هذا الإجراء عرف استحسانا كبيرا من قبل المواطنين خصوصا في ظل ضبابية المشهد و ساهم في التقليل من مخاوف التلاميذ و الأولياء بخصوص مصير الامتحانات النهائية، إلا أن فكرة التعليم عن بعد في ظل الحجر و تبعاته النفسية و الاجتماعية، طرحت تساؤلا جوهريا عن مدى نجاعة هذا الأسلوب و درجة تجاوب التلاميذ معه،و فرضت الحديث عن السبل الصحيحة لاستغلال فرصة الحجر للمراجعة و الاستعداد للامتحانات، كما ذهب إليه أساتذة و أخصائيون نفسانيون و مستشارون تربويون، أكدوا بأن هذا المسعى لن يتأتى إلا من خلال إشراك الأسرة كطرف رئيسي في العملية و تحلي الأولياء بالمسؤولية لتعويض غياب الطواقم التعليمية، خصوصا وأنها تجربة غير مسبوقة تستوجب تطوع الأساتذة كذلك..

 ملف من إعداد : هدى طابي
مجموعات فيسبوكية لمناقشة الدروس و أساتذة منقسمون بخصوص التطوع  
وتشمل  تدابير التعليم خلال الحجر، بث دروس نموذجية للأقسام النهائية للأطوار الثلاثة، عبر قنوات التلفزيون العمومي ، وتفعيل جهاز الدعم المدرسي عبر الأنترنت، من خلال الأرضيات الرقمية لديوان التعليم عن بعد، إلى جانب بث حصص تعليمية تخص دروس الفصل الثالث لجميع المستويات عبر موقع يوتيوب، و بالرغم من أن الحديث عن هذا الإجراء كان ضعيفا  في الفترة الأخيرة عبر  مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن السؤال الأهم تمحور حول كيفية اعتماده و الالتزام به فعليا، حيث طرح الكثير من الأولياء وبالأخص الأمهات مشكل الانضباط لدى أبنائهم و تساءلن عن كيفية إقناعهم بجدية الأمر و بضرورة الالتزام بمتابعة هذه الدروس، كما تحدثت أخريات عن صعوبة مرافقة الأبناء خلال هذه العملية بسبب كثرة المسؤوليات المنزلية و استحالة تعويض الأستاذ، و ناقشت سيدات قضية ضعف التحكم في التكنلوجيا و  ضعف تدفق الأنترنت، ناهيك عن الجهل بمحتوى المناهج التعليمية  التي تغيرت كثيرا.
 مع ذلك بادر البعض ، إلى إنشاء مجموعات فيسبوكية خاصة لمناقشة الدروس عن بعد، حيث أنشأت أمهات صفحات خاصة للتفاعل و ووجهن دعوات  للأساتذة و المعلمين للانخراط فيها من أجل تسهيل مهمة مرافقة التلاميذ و شرح الأمور المبهمة و تذليل الصعوبات، خصوصا وأن فكرة الدروس الخصوصية خارج الأقسام ليست بجديدة عنهم.
 من جهة ثانية  انقسمت آراء المهنيين في ما يتعلق بموضوع التطوع لتدريس التلاميذ عبر الانترنت، فهناك من اعتبروا بأن المسؤولية الأخلاقية و المهنية تستوجب ذلك، فيما قال آخرون، بأن الأمر غير ممكن بسبب افتقارنا كمجتمع لثقافة التواصل  الرقمي بين الأساتذة و التلاميذ، و أن العملية التعليمية بالأساس تقوم على التفاعل و غير ذلك فإنه من الصعب انجاحها.
 صفحات دروس الدعم تنتعش
 ويبدوا أن قرار استئناف الدروس، أعاد التفاعل بقوة لصفحات الدعم عن بعد التي يديرها بعض المعلمين خصوصا تلك الخاصة بالطور الابتدائي، و التي يتعدى حجم متابعة بعضها 10 آلاف متابع  على غرار  مجموعة « أكاديمية سيف للدراسة و التعليم» و التي يتابعها أزيد من 15 ألف شخص، وكذا صفحة « دروس الدعم للسنة الخامسة ابتدائي « و «بكالوريا  2020 ياس وي كان» التي تضم 89 ألف مشترك.و قد كيفت هذه الصفحات التي تقدم في العادة تمارين و حلولا لها بالإضافة إلى ملخصات للدروس ، محتواها مع مضامين  الدروس النموذجية التي تبث منذ الأحد الماضي، على قنوات التلفزيون العمومية، كما أنها تحولت إلى مرجع للأولياء و التلاميذ لمتابعة رزنامة الدروس والتأكد منها، خصوصا و أن أغلب مسيريها لا يسمحون بنشر أي محتوى غير تعليمي بما في ذلك الأخبار الخاصة بفيروس كوفيد 19.
 عند استطلاع، آراء بعض الأولياء بخصوص موضوع الدراسة عن بعد،  فلمسنا إجماعا حول الشك في قدرة الأبناء على التجاوب معها و استيعابها بشكل جيد دون مرافقة الاساتذة، فمعظم من حدثانهم مقتنعون بأننا نفتقر لتجارب سابقة،  فحسب السيدة رملة روابح، فإن الضغوطات النفسية التي يواجهها الأولياء و الأبناء على حد سواء بسبب طول مدة الحجر المنزلي تصعب مهمة التركيز ناهيك عن أنها لا تملك أدنى فكرة عن مضمون المقرر الدراسي و لا تستطيع تعويض دور الأستاذ، أما صورية بن عمار فقالت بأنها حاولت التواصل مع معلمة إبنها لتطلب منها مرافقة ولو بالهاتف و شرح التفاصيل الصعبة له، لمكنها رفضت بحجة تواجدها في عطلة بأمر رئاسي، في حين اعتبرت السيدة  وهيبة ، بأن بث الدروس فرصة لتوجيه اهتمام أبنائها نحو أمر مفيد و التخلص من الضوضاء التي يسببونها منذ بداية الحجر، مؤكدة بأنها التزمت بمرافقة ابنتها  بجدية من خلال الاستعانة بدروس الدعم المتوفرة عبر الإنترنت.
عبد الحق ، قال بأنه لا يعتبر الدراسة عن بعد أمرا جديدا، فقد سبق لابنه البكر أن غادر الأقسام مبكرا العام الماضي و اكتفى بالدروس الخصوصية و دروس الدعم ومجموعات المتابعة عبر الإنترنت، خلال تحضيره لشهادة البكالوريا، و بالتالي فإنه يشجع ابنه الثاني هذه السنة على اتباع ذات الأسلوب، مؤكدا بأنه يتعين على أساتذة الدروس الخصوصية الاندماج في العملية التعليمية عبر الأنترنت و التواصل أكثر مع تلاميذهم من خلال المجموعات الفيسبوكية، أما بخصوص التلفزيون  فيقول، أن الأمر صعب نوعا ما لأنها تجربة مختلفة و تتطلب التزام كل الأسرة بالإضافة إلى برنامج زمني صارم.
 فرصة للتحرر من الدروس الخصوصية و إدراك الأستاذ لقيمة التكنلوجيا  

 

تقول صليحة نعيجة أستاذة لغة انجليزية في الطور الثانوي، بأن تجربة العمل عن طريق الأنترنت ليست جديدة عليها، فقد  اختبرتها سابقا منذ حوالي سنتين إلى ثلاث سنوات، و قد حققت نتائج جيدة في شهادة البكلوريا وتضيف معبرة: « نسبة تفوق تلاميذي في هذه المادة تجاوزت 75 بالمائة، كنت قد أنشأت مجموعة على الفيسبوك لأقدم لهم التمارين و الأفكار التعليمية عبرها، طبعا مع تنظيم مسبق لساعات التواصل و تحديدها، علما أن بعض التلاميذ كانوا يستخدمون حسابات بأسماء مستعارة ليتمكنوا من الاستفسار و التعبير عن ضعفهم في بعض النقاط دون حرج، وهو أمر لم يزعجني مطلقا». لكن ترى محدثتنا بأن الوضع مختلف في هذه المرحلة، لأن تاريخ البكالوريا غير معلوم، و التلاميذ نفسيا يعتبرون أنفسهم في عطلة فقد قطعوا كل اتصال لهم بالمدرسة و التعليم عموما، حتى أن من بينهم من يستغلون الوضع للحديث عن تحديد العتبة، وهو أمر غير مقبول حسبها.
 و عن دور الأساتذة في هذه الحالة، قالت صليحة نعيجة، بأنها فرصة ليتعلم التلميذ الاعتماد على نفسه و يتخلص من الحاجة للدروس الخصوصية، و يصبح أكثر تركيزا، مع ذلك فإن قرار  إدماج الأساتذة في مسعى التعليم عن بعد و اعتماد أسلوبها التواصلي مثلا، يبقى قرارا  تطوعيا شخصيا، يخضع لمدى استعداد كل أستاذ و شخصيته، و علاقته بالمهنة و بتلاميذه، مؤكدة «ففي النهاية  هم متواجدون في عطلة قانونية و بقرار رئاسي و لا يمكن إجبارهم على العمل خلالها»،مضيفة  بأن هذه الجائحة و ما ترتب عنها من إلزامية اعتماد التعليم عن بعد، أكدت أهمية التكنلوجيا بالنسبة للأساتذة كذلك.
غياب ثقافة التواصل الرقمي بين الأستاذ و التلميذ يصعب المهمة
 من جانبها، اعتبرت أستاذة اللغة العربية بالطور المتوسط، منال مقران، بأن جائحة كورونا علمتنا أمورا عديدة، أهمها ضرورة تعميم استخدام التكنلوجيا الحديثة في قطاع التعليم، وبأننا  نفتقر فعليا لثقافة التواصل الرقمي بين الأستاذ و التلميذ،  هو تحديدا ما صعب من مهمة إدماج الطرفين بشكل فعلي و سريع في عملية التعليم المنزلي.
 وقالت المعلمة، بأن التعليم عن طريق التلفاز أو اليوتيوب، قد يعوض الوقت الضائع، لكنه يتضمن سلبيات تخص غياب التفاعل المباشر بين التلميذ و أستاذه لطرح الأسئلة و فهم ما هو مبهم أو معقد، وهو جانب كان يمكن لنا أن نتجاوزه حسبها، لو أننا كنا نتحكم في التكنلوجيا بشكل أفضل، وعليه يتوجب على القائمين على المنظومة التربوية، أن يأخذوا هذا الجانب بعين الاعتبار، فالأمر لا يتعلق فقط بالعوامل التربوية، بل بعوامل اجتماعية عديدة فهناك تلاميذ لا يمتلكون الإمكانيات من كمبيوترات و أنترنت و ألواح إلكترونية « تابليت» لمتابعة دروس الدعم عن بعد ، وهناك من يسكنون القرى و لا تتوفر منازلهم حتى على تليفزيونات، وإن وجدت فإن احتكارهم لها طيلة فترة التعليم قد يكون صعبا داخل أسرهم.
 وبخصوص دروس الدعم عبر  يوتيوب، أوضحت الأستاذة، بأن فائدتها ترتبط بمدى انضباط التلميذ وتركيزه فعليا، ناهيك عن توفر جهة مرافقة له ، كالأولياء مثلا أو حتى أستاذ متطوع يمكنه أن يتواصل معه ولو عن طريق الهاتف أو الأنترنت، بمعنى أن نجاح هذا الأسلوب حسبها، مرهون بتكريسه على مدار السنوات القادمة، أما التجربة الحالية فيمكنها أن تكسبنا الوقت لا غير على حد تعبيرها، و حتى ولو كانت خطوة إيجابية، إلا أن السؤال الذي سيبقى مطروحا هو هل سينضبط التلميذ حقيقة و يلتزم بمتابعة المحتوى التعليمي المعروض عليه عبر التلفزيون و الأنترنت أم لا.
من جهة ثانية، فإن الحجم الساعي للدروس عبر التلفاز غير كاف كما قالت، لأن الحصول على نتائج مرضية من خلال الاعتماد على هذا الأسلوب، يستوجب استحداث قناة خاصة بكل طور، وليس تقسيم توقيت البث بين الأطوار، لأن ذلك لن يتلائم مع نظام التلاميذ داخل المنازل.
هـ /ط

uمفتش التربية زوبير نجاعي :  «الصف المقلوب» هو الحل التعليمي الأنجح في مثل هذه الظروف

يرى مستشار التربية الأستاذ زوبير نجاعي، بأن أي تقدم إيجابي يمكن تحقيقيه في ما يخص عملية التعليم عن بعد في ظل ظروف الحجر الحالية، سيكون مرهونا بمساهمة فعلية من قبل الأساتذة، الذي قال، بأنه يرى بأنهم مطالبون باعتماد التكنولوجيا بشكل أكبر في مجال عملهم، لأنها ستسهل عليهم مهمة التواصل مع تلاميذهم و لم  لا تبسيط الدروس و شرح الأمور الصعبة لهم عبر الأنترنت كما هو معمول به في دول أخرى، أين يحضر الأستاذ عادة فيديوهات عن محاضراته النظرية و يرسلها لتلاميذه لمتابعتها و فهمها، كي يتمكنوا في اليوم الموالي، من مناقشة النقاط المبهمة مباشرة و الانتقال في أقل وقت للجانب التطبيقي ألا وهو التمارين، وهو نمط يسمى « بالصف المقلوب».
و يوضح المستشار التربوي في الطور الابتدائي، بأننا عندما نتحدث عن التعليم بين الواقع و المأمول في ظل الحجر المنزلي، يجب  أن لا نغفل طبيعة الظروف و انعكاس ذلك على مدى قدرة التلميذ على الالتزام بالدراسة رغم وجود عوامل عديدة من شأنها أن تصعب المهمة، على غرار غياب الحافز النفسي أو الاستعداد الذي يتشكل لديه عند خروجه صباحا للذهاب إلى المدرسة، إضافة إلى تراجع التشجيع الأسري «لمجة و  نقود» وهو شكل من أشكال الدعم غير المباشر، ناهيك عن أن خروج الطفل للشارع و تفاعله اجتماعيا، يساعده في العادة على تجديد نشاطه، أضف إلى ذلك فإن التلاميذ تعودوا على الدراسة مع أقرانهم ما يسهل عليهم التعلم، و بالتالي فإننا نواجه في هذه الحالة تحديا نفسيا حقيقيا لإنجاح  العملية ككل.
أيضا لا بد من أن نفهم كما قال، بأن المثلث الديتاكتيكي التربوي، يقوم على المعلم و المتعلم و المعرفة، و غياب حلقة من هذه الحلقات سيصعب إتمام العملية التعليمية، بمعنى أن غياب التفاعل المباشر مع الأستاذ لن يساعد التلميذ بشكل كبير، وعليه فإن السبيل الأوحد للاستفادة فعليا من نمط التدريس عن بعد، يتمثل في خلق جو داخل المنزل يقرب فكرة القسم إلى ذهن التلميذ، كأن يشاركه شقيقه عملية متابعة الدروس عبر التلفاز مثلا، لتمكينه من تخطي عائقي انقطاع العناصر سالفة الذكر، و كذا  عدم الجاهزية للتعامل مع هذه المنصة التعليمية الجديدة.  من جهة ثانية يضيف المتحدث، بأن هناك جانبا آخر لا يمكننا إغفاله عند الحديث عن مسألة التعليم عن بعد وهو الشق المتعلق بأنماط التعلم، ففي العادة تعتمد عملية التعليم على جوانب بصرية و حركية و سمعية، و التوفيق بينها في هذه الحالة صعب، لأن الاتصال المباشر غائب بين التلميذ و الأستاذ، بمعنى أن النتائج التعليمية التي ستفرزها هذه الطريقة الجديدة في التعليم لن تكون كاملة بنسبة مائة بالمائة، بقدر ما ستكون بادرة أولى للتأسيس لنمط تعليم جديد.             هـ/ط

u مفتش التربية غزالي بوحجر: استيعاب الدروس على التلفاز مرهون بالتركيز والعودة للكتاب المدرسي

 

يقول مفتش التربية الوطنية الأستاذ غزالي بوحجر، بأن الفرق بين هذه الطريقة في التعليم و بين الدروس العادية داخل القسم، هو تغييب التلميذ، ففي العادة يتم العمل وفق مبدأ المقاربة بالكفاءة  أي أن التلميذ أساسي في العملية التعليمية، لكن في الظرف الحالي فإن العمل يتم وفق الطريقة القديمة أو ما يعرف بمقاربة المحتويات أو المضامين، بمعنى أن الأستاذ هو الذي يلقن، و اعتبر بأن هذا النمط في التدريس مناسب في المرحلة الحالية، خصوصا و أن الأمر يتعلق بالثلاثي الأخير الذي يتقلص فيه عدد المحاور، و بالتالي فإن الكرة كما قال، موجودة في معسكر التلاميذ  الذين يمكنهم الاستفادة من الدروس التي يتم بثها من خلال التركيز و العودة  للكتاب المدرسي، لأن المادة  التي يتلقونها عن بعود مكيفة و مكثفة و يبقى عليه العودة للكتاب من أجل التوسع فيها أكثر.
كما أنه يمكن للتلاميذ كما أضاف، أن يستعينوا بدروس الدعم التطبيقية المكملة التي يقدمها الأساتذة عبر مجموعاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي و  بالأخص فيسبوك ويوتيوب، خصوصا و أنها تقدم ملخصات و تمارين في جميع المواد و لجميع المستويات، تسهل عليهم التعامل مع الأسئلة خاصة تلاميذ البكالوريا.
من جهة ثانية، يوضح المتحدث بأن الدروس عن بعد التي تبنتها وزارة التربية عن طريق المركز الوطني للتعليم و التكوين عن بعد مع المفتشية العامة للبيداغوجيا،  لا تزال تجربة فتية تطبق لأول مرة، حتى على مستوى الجامعة، ولذلك عرفت صعوبات على الأقل بقسنطينة، تخص نقص التجهيزات على مستوى مركز التكوين و التعليم، لأنها عملية تعتمد أساسا على الوسائل التكنلوجية الحديثة كوسائط التواصل الاجتماعي التي تمكن من إلقاء المحاضرات عن بعد و يكون في هذه الحالة التفاعل و النقاش ممكنا ما يسهل العملية التعليمة في الظروف الاستثنائية.
و يوضح المتحدث، بأن الظرف الاستثنائي و سرعة التحول نحو هذا النمط التعليمي، لم يعرقلا مسعى بعث الدروس مجددا لإدماج التلاميذ مدرسيا ولو لكسب الوقت، حيث تم حسبه، التفصيل في الجوانب التقنية لإنجاز المواد التعليمية في الشعب المشتركة مثلا « المواد العلمية المشتركة في شعبة الآداب»، وذلك لتوحيد و تعميم النموذج التعليمي على مختلف الولايات.
 وحسب مفتش التعليم الثانوي، فإن الفريق التربوي الخاص بقسنطينة و الذي يعد فردا فيه، يعمل حاليا على مستوى المجمع الدراسي « الأندلس» أين تتوفر الظروف الصحية و المهنية الملائمة لإعداد المنهاج و تصوير الدروس بالتنسيق مع أساتذة أكفاء تم انتقاؤهم خصيصا لهذا الغرض لقدرتهم على إيصال المعلومة بشكل أسرع و أدق في وقت وجيز، على اعتبار أن نظام التدريس عن بعد و تحديدا عن طريق البث التليفزيوني، يتطلب تقليص مدة الدرس من ساعة أو ساعتين إلى نصف ساعة فقط.
غزالي بوحجر قال، بأن هذه التجربة يجب أن تثمن وأن تكون لبنة لإنشاء قناة تعلمية جزائرية خاصة، ستشكل بديلا رسميا مناسبا للدروس الخصوصية وتساهم في القضاء نهائيا على هذه الظاهرة غير الصحية، كما اغتنم الفرصة لشكر مسؤولي قطاع التربية لتجندهم للعمل رغم الظروف الصعبة، موجها تحية للقائمين على مجمع الأندلس المدرسي الذين وفروا الوسائل التكنلوجيا الضرورية لإنجاح و تسهيل مهمة إعداد و تصوير الدروس.
هـ/ط

uصبرينة بوراوي أخصائية نفسانية تربوية : التعوّد على الأسلوب يتطلب الصبر وعلى الأولياء التعاون

•الحوار لإقناع التلاميذ بالتعليم عن بعد
 تؤكد الأخصائية النفسانية التربوية صبرينة بوراوي، بأن تطبيق نظام التعليم عن بعد خلال مرحلة الحجر الصحي، يعتبر إجابة على علامات استفهام كثيرة كان يطرحها التلاميذ خصوصا المقبلين على اجتياز امتحانات مصيرية، في ما يتعلق بإنقاذ البرنامج الدراسي  و الهروب من شبح السنة البيضاء، وهو ما يبعث الأمل نوعا ما في نفوسهم و يساعد على كسب الوقت، كما أن هذا النظام سيساعد حتى الأولياء كما قالت، على احتواء أبنائهم داخل المنازل و كسر الملل الذي يزيد مع طول فترة الحجر و الانقطاع عن المدارس، على اعتبار أن كل إنسان منا يملك حسبها، ساعة بيولوجية تضبط بعض سلوكياته و وفقا لهذه الساعة فإن فترة استئناف الدراسة كانت قد دقت قبل مدة، لكن الأوضاع التي فرضها فيروس كورونا أخلت بالبرنامج و قلبت الموازين.
و أوضحت الأخصائية، بأن أفضل طريقة للتعامل مع الوضع  الحالي و إدماج التلاميذ مجددا في جو الدراسة و إقناعهم بجدية التعليم عن بعد سواء عن طريق التلفاز أو الإنترنت، هو تنظيم الأولياء للوقت و استحضار أجواء عملية تشبه إلى حد كبير أجواء الدخول المدرسي و الأقسام، بمعنى أن يكون هناك تنظيم والتزام تام في ما يتعلق بساعات الاستيقاظ و الأكل و النوم، لأن نجاح هذه التجربة مرهون بمدى مساهمة الأسرة في توفير الجو المناسب للتلميذ لأن فكرة التعليم عن بعد تعتبر غريبة بالنسبة إليهم و تقبلها صعب.
 وحسب المختصة، فإن عملية التعود تتطلب تمرينا وصبرا تماما كما اختبرناه مع قضية تقبل الحجر الصحي المنزلي، ففي البداية كثيرون على اختلاف مستوياتهم و أعمارهم رفضوه، لكن مع مرور الوقت  أصبح هناك التزام أكبر به و النسبة تناهز اليوم  70 بالمائة، و تقول المتحدثة، بأن الوسيلة الوحيدة لإقناع التلميذ بالتعليم عن بعد، هي الحوار  الذي سيساعده على فهم الأمور و تقبلها بشكل أفضل بعيدا عن الخوف ، كما سيسهل مهمة إدماجه في عملية تنظيم الوقت و إعادة ضبط ساعته البيولوجية بشكل صحيح مجددا وفقا للتوقيت الأسبوعي الذي كان مطبقا في الأيام العادية. المتحدثة، أوضحت بأن أول ما يجب أن يدركه التلميذ هو أن الدولة أقرت هذه الدروس لحمايته و ليس لمعاقبته، وأنه يتعين على الأولياء التعاون و تقاسم المسؤوليات فيما يخص مرافقة أبنائهم دراسيا خلال هذه المرحلة، مع تهيئة الظروف المناسبة داخل غرف الدراسة بعيدا عن وسائل الإلهاء و الترفيه، بمعنى أن تعوض الأسرة دور الطاقم التربوي و تتحلى بالمسؤولية.                    هـ/ط

uالأخصائي النفساني ماليك دريد:  تنظيم الوقت مفتاح التعوّد على نمط التعليم عن بعد

• هذه مفاتيح خلق بيئة مدرسية في البيت
يرى الاخصائي النفساني الرئيسي، ماليك دريد، بأن الظروف الصحيّة الرّاهنة وتطبيق إجراءات الحجر الصحي تسببت في عرقلة المسار الدراسي للتلاميذ والطلبة في كل المراحل التعليمية  مما جعل القائمين على الفعل التربوي، في سباق مع الزمن لاستكمال الدروس المتبقية والبحث عن بدائل لتحقيق ذلك، وتعد الدراسة عن طريق الوسائط الرقمية الإنترنت والتلفزيون إحدى هذه البدائل حيث توفر هذه الطريقة الجهد والوقت كما أنها غير متعبة بدنيًا كما هو الشأن بالنسبة للتعليم الحضوري حيث لا تتطلب الاستيقاظ مبكرا ولا عناء التنقل للمدرسة.
 و يعتبر الأخصائي، بأن هذه الطريقة تسد النقص والقصور لدى التلميذ في مختلف المواد وتساهم بشكل كبير في اعتماده على نفسه فالتعليم عن بعد هو تقنية مفيدة حتى بالنسبة للأساتذة والمعلمين أنفسهم، حيث تسمح بتبادل المعلومات فيما بينهم والاستفادة من بعضهم في طرق وأساليب التدريس ومختلف الخبرات، كما أنه مفيد حتى بالنسبة للأولياء الذين أصبحوا أكثر اهتماما بأبنائهم في السنوات الأخيرة من حيث المرافقة الأكاديمية وأكثر حرصا على تعليمهم مقارنة بالأجيال السابقة، حيث باتت الكثير من العائلات من طبقة متعلمة ومدركة لأهمية التعليم لدرجة أننا لاحظنا الكثير من الأمهات يتابعن الدروس في المنصات الرقمية بدل أبنائهن من أجل مساعدتهم في البيت .
لكن رغم ايجابيات الدراسة عن بعد تبقى بيئة رقمية حسبه، و لا يمكن أن تعوض أبدا التعليم الحضوري، لأنها لا تتيح للتلميذ أو الطالب الفرصة للتفاعل مع المعلّم ومع زملائه ، كما لا يمكنه طرح أسئلة واستفسارات بصفة مباشرة حول الدرس بمعنى أنه أسلوب تلقيني بامتياز قد يقتل ابداع التلميذ ، كما أن عدم التقيد بحيز مكاني وزماني كما هو معمول به في التعليم الحضوري قد يجعل التلميذ غير مواظب وغير ملتزم بالدروس عن بعد، بعض التلاميذ خاصة في المرحلة الأساسية، يعتقدون بأن فترة الحجر هي عطلة مدرسية،  لكن رغم ذلك تبقى أنجع طريقة في ظل الظروف الصحية الراهنة .
ولكي ينجح التلميذ في هذا المسعى يقترح المتحدث بعض النصائح والتوجيهات منها، مرافقة الأولياء لأبنائهم خاصة من الناحية النفسية عن طريق تشجيعهم ومكافئتهم في حال الالتزام بمتابعة الدروس في البيت، إضافة إلى تنظيم الوقت و تخصيص ساعات ثابتة لمتابعة الدروس في المنصات الرقمية للتعود على نسق ثابت للدراسة كتخصيص الفترة الصباحية لمتابعة المواد العلمية والمسائية للأدبية مثلا ، كما ينصح المتحدث، بتوفير بيئة في البيت تشبه البيئة المدرسية كأن يدرس التلميذ في غرفة هادئة مع استعمال كرسي وطاولة إن توفر ذلك، خصوصا إذا كان يتابع الدروس عن طريق التلفزيون، كما يجب مراعاة عوامل أخرى كالإضاءة والتهوية ومتابعة الدروس في وضعية مريحة لكي لا يتشتت التركيز، و لما لا إنشاء صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي بين التلاميذ أنفسهم وبين التلاميذ والأساتذة لطرح الأسئلة بشكل مباشر.
هـ/ط

الرجوع إلى الأعلى