شكّلت أزمة كورونا بالجزائر بيئة خصبة لانتشار الأخبار الزائفة أكثر من انتشار الفيروس نفسه، ما أعاد الحديث عن دور الصحافة العلمية التي لم تربح بعد معركة المهنية، كما دفع ذلك إلى طرح تساؤلات كثيرة عن أسباب هذا التراجع في الصحافة المتخصصة بالجزائر والعالم العربي عموما، مع ما أفرزه ذلك من تضليل لمتلقين «مستعجلين» صارت فئة كبيرة منهم تقبل بمعلومة علمية غير مكتملة أو خاطئة بمجرد نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، وهي تساؤلات تحاول النصر الإجابة عنها من خلال هذا الملف الذي ننقل فيه آراء باحثين وصحفيين متخصصين وأطباء، يحذرون من التداعيات السلبية لهذا الضعف، ويجمعون على أن التكوين المتخصص وإعطاء العلم المكانة التي يستحقها في المجتمعات وقاعات التحرير، هما أقصر طريق لظهور جيل جديد من الصحفيين العلميين المتمكنين.

ملف من إعداد: ياسمين بوالجدري
يُعرّف الاتحاد العالمي للصحفيين العلميين (WFSJ) الصحافة العلمية على أنها التغطية القوية والحاسمة للقضايا في العلوم والتكنولوجيا والبيئة والصحة والطب والزراعة والمجالات ذات الصلة، ليُشكل ممارسوها جسرا بين العلم والعلماء والجمهور، و يكونوا لاعبين رئيسيين في المجتمع المدني والديمقراطية، إلى جانب دورهم في تحسين جودة التقارير العلمية، و كذلك في جعل جمهور المتلقين أكثر قابلية للتواصل العلمي وأكثر نفورا من التعاطي السطحي والسريع مع المعلومة المروجة، و من أهم المبادئ التي تقوم عليها الصحافة العلمية هي الدقة والعمق والوضوح والموضوعية، مثلما يؤكد الاعلاميون المتمّرسون فيها.
و أبانت جائحة كورونا التي ضربت الجزائر كغيرها من دول العالم، ضعفا في الصحافة العلمية تجلى من خلال التعاطي الخاطئ للعديد من وسائل الاعلام مع كل ما له علاقة بالفيروس المستجد “كوفيد 19”، سواء من ناحية الأرقام أو البيانات أو حتى في توظيف و ترجمة المصطلحات العلمية، ما برره البعض بضرورات الآنية و السبق الذي تفرضه المعطيات التي تتغير كل يوم حول المرض.
«الفايك نيوز» تتحول إلى مسلمات علمية!
وقد وصل الأمر ببعض وسائل الاعلام إلى الانسياق خلف ما يُنشر على وسائل التواصل الاجتماعي و اعتبار ما تأتي به هذه الوسائط من المسلمات، فعلى سبيل المثال تم الترويج بأن الفيروس التاجي «يموت في درجة حرارة مرتفعة»، و بأنه لا يصيب الشباب و الأطفال، وهو أمر أثر بشكل كبير على طريقة تعامل الجزائريين مع هذه الجائحة، و خلف نوعا من التراخي في اتخاذ الاحتياطات اللازمة سيما مع الأسابيع الأولى من ظهور المرض ببلادنا.
إضافة إلى ذلك، أدى الفراغ الذي خلّفه ضعف الصحافة العلمية المتخصصة، إلى ظهور أشخاص يدّعون ابتكار أدوية تعالج المرض، فتمت استضافتهم على «بلاتوهات» التلفزيونات و راحوا يشرحون «اختراعاتهم»، لا بالدلائل العلمية القاطعة بل بعبارات وصفها متابعون بالشعبوية و التي تم توظيف الدين فيها بشكل مفرط، أما الصحفيون فبدوا أمام هؤلاء الضيوف غير متحكمين في المواضيع المطروحة، فلم يطرح أغلبهم أسئلة دقيقة و علمية تسمح بالكشف عن أوجه النقص، وذلك في غياب جيل جديد من الاعلاميين المكونين و المستعدين للخوض في هذه المواضيع بكل اقتدار، وبالتالي إظهار الحقائق للمشاهد أو القارئ.
«وباء المعلومات» و تصحيح المفاهيم المغلوطة

بالمقابل، يرى متابعون أن مشكلة الأخبار المضللة حول فيروس كورونا، ظاهرة عالمية ولا تخص الجزائر لوحدها، وهو ما دفع بمنظمة الصحة العالمية إلى التصدي لتلك الشائعات  التي باتت تُعرف بـ «وباء المعلومات” أو (Infodemic)، فأفردت على موقعها الالكتروني و بعدة لغات، العديد من المحاور التي كانت تتخلص تحت خانة “تصحيح المفاهيم المغلوطة”، و الإجابة على أسئلة من قبيل “هل تقضي مصابيح التعقيم بالأشعة فوق البنفسجية على فيروس كورونا الجديد؟”، “هل يساعد تناول الثوم في الوقاية من العدوى بفيروس كورونا المستجد؟”، “هل يحول وضع زيت السمسم على البشرة دون دخول الفيروس إلى الجسم؟”، “هل يمكن أن ينتقل فيروس مرض كوفيد-19 في المناطق التي يكون المناخ فيها حارا ‏ورطبا؟”، وهي كلها معلومات خاطئة وقعت بعض الوسائل الاعلام في فخها من خلال الترويج لها.
 و يرجع الخبراء مشكلة ضعف الصحافة العلمية في الجزائر و العالم العربي عموما، إلى نقص التكوين و غيابه في مرات عديدة، فرغم محاولات هيكلة الصحفيين العلميين في اتحاد عربي بدأ يقدم دورات تكوينية قبل سنوات، إلا أنه سرعان ما تلاشى مع أحداث الربيع العربي، أما في الجزائر فقد استحدثت المدرسة العليا للاعلام تخصص الصحافة العلمية لكنه فتح فقط أمام الحاملين لشهادات الليسانس في العلوم الدقيقة و مهندس ومهندس معماري و المتحصلين على شهادة في العلوم الطبية، ما منع العديد من الصحفيين من ولوجه.
و بالرغم من هذا المناخ غير المشجع على خوض غمار التجربة، برزت أسماء لبعض الصحفيين الشباب في تخصصات علمية خارج الطب، و أصبح بعضهم يراسلون مواقع عالمية، لكن في مجال الطب الذي يبقى من أهم التخصصات بالنظر لحساسيته و أهميته للمجتمع، فقد ظلت نفس الأسماء ترسم المشهد الاعلامي بعد تمرسّها لعقدين كاملين غطت خلالهما الأخبار المتعلقة بالسل و التهاب الكبد و السيدا و الطاعون، ما أكسبها خبرة سمحت لها بالتعامل بمهنية و احترافية مع فيروس كورونا المستجد، و هي خبرة يحاول الجيل الجديد من الصحفيين المهتمين بالعلوم، الاستفادة منها بعدما وجدوا أنفسهم أمام حتمية التعاطي و بشكل سريع تفرضه سرعة تطورات الجائحة، مع أخبار الفيروس من خلال الاستعانة بأشخاص متخصصين وأطباء تتطلب محاورتهم الإلمام بالقدر الأدنى من المعلومات، ما يشكل تحديا آخر للاعلاميين.                         ي.ب

- الباحث في علوم الاعلام الدكتور نصر الدين العياضي: لا بد من إعادة النظر في تكوين الصحفي المتخصص


يرى الأستاذ الجامعي والباحث في علوم الإعلام والاتصال الدكتور نصر الدين العياضي، أنه لا بد من إعادة النظر في طرق تكوين الصحفي المتخصص، ويؤكد أن رفع مستوى الصحافة العلمية وتعزيز مكانتها لن يتأتى إلا بتنظيم القطاع “على أسس صحيحة” تسمح مثلما يضيف، بـ “إعادة ثقة” المتلقي في وسائل الاعلام و وقف خطاب الشعوذة الذي جعل البعض يشككون إلى اليوم في وجود جائحة «كورونا».
وذكر الدكتور العياضي في اتصال بالنصر، أن هناك ضعفا في الصحافة المتخصصة على مستوى المنطقة العربية، باستثناء الصحافة الرياضية و بعض العناوين الاقتصادية، مع غياب صحافة متخصصة في المجال الطبي، مضيفا أنه و في دول الخليج على سبيل المثال والتي عمل بها لسنوات، تم استحداث ملاحق تُعنى بالمجالات الطبية، لكن الملاحظ أن من يكتب فيها لا علاقة له بالطب أو الصيدلة.
وأشار الأستاذ إلى أن بعض المؤسسات الناشطة في المجال الصحي تزود المشرفين على الملاحق الطبية بالمادة، و قسم العلاقات العامة هو الذي يتولى كتابة المحتوى أو جزء منه، و هذا يعني، مثلما يخلص، أن هناك نزعة تجارية أكثر منها علمية، مضيفا أن الإشكال الآخر المطروح هو في التكوين، حيث لا يوجد شيء اسمه الصحافة المتخصصة في كليات و معاهد الاعلام، وفق تعبيره.
وأضاف الدكتور أن المدرسة العليا للصحافة و علوم الاعلام بالجزائر، فتحت في بداياتها الأولى ماستر تخصصي في الصحافة العلمية، فأخذت مجموعة من الشباب في اختصاصات مختلفة في الطب والهندسة والهندسة المعمارية والاقتصاد و تم تكوينهم، لكن المشكل هو أنه «لم يكن هناك أفق لإعلام تخصصي لأن معظم المتخرجين من هذا التخصص أصبحوا يكتبون في الصحافة العامة».
وأرجع الدكتور هذا الأمر إلى غياب مكونين في هذا المجال، كما أن معظم المؤسسات الاعلامية بالجزائر بصفة عامة يغلب عليها، حسبه، الطابع التجاري، بحيث «لم تتخذ الموضوع العلمي كمادة معرفية لرفع المستوى المعرفي للقارئ أو الجمهور في المسائل العلمية، بل فقط من أجل كسب قراء جدد لرفع عددهم في غياب أناس متخصصين يكتبون في هذا المجال»، مضيفا “لقد كان هناك أطباء يكتبون مساهمات في وقت مضى، لكن هذا الأمر ظل في مناسبات معينة فقط».
وعن طريقة تعاطي الصحفيين مع أزمة كورونا التي تعيشها الجزائر و دول العالم، قال العياضي إن المؤسسات الاعلامية وجدت نفسها تنجرّ إلى ما هو متداول في مواقع التواصل الاجتماعي، أو مطالبة بالرد على ما يروج فيها، مضيفا أن الإعلام الجزائري عموما، ما يزال عموديا ما أفقد ثقة المتلقي فيه، في حين أن تجارب إعلامية أخرى في العالم، عرفت فتح صفحات على وسائل التواصل للإجابة على تساؤلات الجمهور، وذلك من أهل الاختصاص، وخلال أزمة كورونا على سبيل المثال تمت الاستعانة بأطباء الأوبئة وغيرهم للإجابة على كل صغيرة وكبيرة متعلقة بالجائحة.
وتأسف المختص لما سماه انزلاق بعض المؤسسات الاعلامية إلى الشعوذة و الخرافات، خاصة أن عددا منها متعودة، حسبه، على ذاك من أجل جلب أكبر عدد من القراء، مضيفا أن هذه الشعوذة تشكك في كثير من الأحيان في أهل العلم، فأصبح “لا أحد يثق في قول أحد”، لذلك ما زلنا نرى، مثلما يضيف الأستاذ، أن هناك أشخاصا يشككون لليوم في وجود جائحة كورونا.
أنصح الصحفي العلمي بتعلّم لغة أجنبية على الأقل
ولرفع مستوى الصحافة العلمية بالجزائر يرى الدكتور العياضي الذي يمتلك خبرة عمرها 40 سنة في الصحافة و التدريس، أنه لا بد من إعادة النظر في تكوين الصحفيين و فتح المجال للاعلام التخصصي، لكن ليس بإعطاء دروس نظرية فقط، معلقا في هذا الخصوص “التكوين في الصحافة بالجزائر لا فرق بينه و بين التكوين في الأدب و التاريخ، إذ ما يزال يعتمد على الكتب وعلى دروس تُعطى في المدرجات، بينما نلاحظ في التجارب الأخرى أن الصحافة أصبحت أكثر التصاقا بالتطبيق.. أنصح الصحفيين كذلك بضرورة تعلم لغة أجنبية على الأقل».
إلى جانب ذلك، دعا الدكتور إلى «فتح المجال لأهل الاختصاص لتقديم المعرفة”، مقدما مثالا وصفه بالمحزن، لطالبة لديها ليسانس في علم البيئة و أعادت التسجيل في إحدى كليات الاعلام التي حصلت منها على الليسانس، لكنها لم تتمكن لاحقا من دخول ماستر الاعلام البيئي، معربا عن أمله في أن تكون أزمة كورونا فرصة لإحداث استفاقة في وسائل الاعلام الجزائرية في ما يتعلق بتعزيز الصحافة العلمية، لكن ذلك يستوجب في نظره، عملا كبيرا لتنظيم القطاع على أسس صحيحة.
ياسمين.ب

الدكتور مجدي سعيد أحد مؤسسي رابطة الاعلاميين العلميين العرب: الصحافـة العلميـة لم تأخـذ المكانــة التي تستحقهـا في العالـم العربي

يرى الدكتور مجدي سعيد، وهو أحد مؤسسي رابطة الاعلاميين العلميين العرب ورئيس التحرير السابق للطبعة العربية لمجلة «نيتشر» Nature))، أن الصحافة العلمية لم تأخذ بعد المكانة التي تستحقها في العالم العربي، مرجعا ذلك إلى عدة أسباب قال إن من أهمها تراجع أهمية العلوم والتكنولوجيا لدى جمهور المتلقين، إضافة إلى ضعف مخرجات البحوث وغياب التكوين في هذا التخصص بالجامعات، كما يؤكد الإعلامي المصري المقيم ببريطانيا، في حوار للنصر، أن هناك مبادرات شبانية من شأنها إحياء هذا النوع من الصحافة، أكثرها بُعِثت على مواقع التواصل.

حاورته: ياسمين.ب
في البداية، كيف ترون واقع الصحافة العلمية في العالم العربي؟
لم تأخذ الصحافة العلمية في العالم العربي مكانتها التي تستحقها بعد، وقد يكون وضعها الآن أفضل من عشر سنوات مضت، ربما بسبب ظهور مجلات مثل الطبعة العربية لمجلة نيتشر، أو مجلة للعلم (وهي ترجمة ساينتفيك أمريكان)، وغيرها، وربما لظهور العديد من المبادرات العلمية الشبابية في كثير من البلدان العربية، ومنها مبادرات تقدم محتوى علمي بأسلوب شبابي خاصة عبر المجلات والصفحات العلمية الشبابية على مواقع التواصل الاجتماعي، لكنها في تقديري لم تصل بعد إلى المكانة التي تكافئ أهمية العلم في حياة البشر.
لماذا برأيك؟
الصحافة العلمية في كل مكان في العالم هي جزء من منظومة العلوم والتكنولوجيا، والتي تشمل تعليم العلوم في جميع مراحله، والبحث العلمي، والنشر العلمي الأكاديمي، والجمعيات العلمية، وأنشطة توصيل وتبسيط العلوم للجمهور، ثم الجمهور المستقبل. ويرجع تراجع الصحافة والإعلام العلمي عموما، إلى عدة عوامل أولها تراجع أهمية العلوم والتكنولوجيا لدى الجمهور، وهذا الأمر يُعالج بأنشطة تبسيط وتوصيل العلوم ومبادرات التنشئة العلمية لجميع الأعمار.
هناك أيضا عامل عدم اهتمام مالكي الصحافة و وسائل الإعلام بالعلوم مقارنة بالرياضة أو الفن أو السياسة أو الأدب، وذلك بحجة أن الجمهور لا يهتم، وحل ذلك أن يقنع الجمهور هؤلاء الملاك أنهم مهتمون وذلك بإقبالهم على الفعاليات العلمية الجماهيرية إقبالهم على المباريات والحفلات.
من أسباب التراجع أيضا، عدم وجود تخصص الإعلام العلمي في كليات الإعلام بالجامعات، كونه تخصص يحتاج إلى الجمع بين القدرة على فهم العلوم، وعلى ممارسة الإعلام بكافة ألوانه، يُضاف إلى ذلك ضعف مخرجات البحث العلمي في بلادنا، وعدم الاستفادة بالموجود منه في جوانب الحياة التطبيقية صناعة وزراعة وخدمات.
كيف تقرأ المعالجة الإعلامية لأزمة كورونا في الصحافة العربية؟
لا أزعم متابعة جميع وسائل الإعلام العربية في هذا المجال، ولكن أظن أن هناك الجيد الذي يقدم المعلومة الموثقة المسندة إلى مصادر من أهل التخصص، وهناك من يركب موجة التوجه العام (التريند) ليملأ صفحات أو ساعات بث بأي شيء غثا كان أو ثمينا.
ما هي المواصفات والمؤهلات التي يجب أن تتوفر في الصحفي العلمي؟
يجب أن يتحصل الصحفي والإعلامي العلمي عامة على خلفية علمية تسمح له بفهم المادة العلمية التي يحاول أن ينقلها للجمهور حتى لا يدلس عليهم المعلومات، وأن يمتلك لغة أجنبية جيدة تسمح له بمحاورة العلماء، وفهم المصادر العلمية الأجنبية، وحضور المؤتمرات العلمية وغير ذلك، فضلا طبعا عن إلمامه باللغة العربية أو اللغة التي يكتب بها لجمهوره، إضافة إلى أن يكون قد تمرس بالخبرة الصحفية الإعلامية المعتادة من بدايتها. الأمر الأخير أن يكون لديه إدراك لمشكلات واحتياجات بلده التي تحتاج إلى ابتكار حلول علمية أو تكنولوجية ليستطيع تسليط الضوء عليها للجمهور وصناع القرار من زاوية علمية.
ما الذي يميز لغة الصحافة العلمية؟
أنها تتناول علوما تخصصية شتى تشمل علوم الصحة، والبيئة، والعلوم (علوم الحياة، والجيولوجيا، والفلك والفيزياء وغيرها) والتكنولوجيا، وعليها أن تهضم ذلك كله، ثم تعيد تقديمه للقارئ العام غير المتخصص بأسلوب يتسم بالدقة في نقل المعلومة، والوضوح والجاذبية للقارئ العام بحيث لا تطغى سمة من هذه السمات على الأخرى.
ما هي أوجه الاختلاف بين ممارسة هذا النوع من الصحافة بين دول الغرب والعالم العربي؟
في الغرب هناك الكثير من أقسام الصحافة العلمية في الجامعات، فضلا عن أقسام ما يعرف باسم التواصل العلمي والتي  تخرج كل من يعمل على توصيل العلوم للجمهور في غير الصحافة كالمتاحف والمراكز العلمية والجامعات والأنشطة العلمية الترفيهية. وفي الغرب أيضا هناك الكثير من المجلات العلمية والصفحات والبرامج العلمية في الصحافة والإعلام العام، والتي تمارس فيها كل فنون الصحافة والإعلام في تقديم نتائج البحوث العلمية الحديثة والغزيرة.
شاركت في مبادرة تأسيس رابطة الاعلاميين العلميين العرب، لكنها ماتت في مهدها مع أحداث الربيع العربي، برأيك، هل آن الأوان لإعادة بعثها؟
الرابطة العربية للإعلاميين العلميين كانت مبادرة تأسست إلكترونيا عام 2004، ورسميا تحت مظلة المؤسسة العربية للإعلاميين العلميين عام 2006، وقد قدمت أول مؤتمر عربي للإعلام العلمي، وأول جائزة عربية، وأول دليل تعلمي للإعلام العلمي كل ذلك عام 2008، كما نظمت لأول مرة المؤتمر الدولي للإعلام العلمي عام 2011، لكن عدة عوامل تسببت في جمهودها، أولها غياب روابط بين إعلاميين علميين على المستوى القُطري، ثانيا تسببت الخلافات المعتادة في الكثير من التعطيل والتمزيق، ثالثا انسحاب المظلة التي كانت موجودة عن رعاية وتمويل الرابطة.
وفي ظني ومن خلال وجودي في مجلس الرابطة لمدة 6 سنوات، وتولي رئاستها لمدة عامين، أن الأولى هو البدء بفعاليات وأنشطة تكوينية على المستوى القُطري، أو الإلكتروني (مع الحظر الكوروني) ثم إذا رأى القائمون على تلك الأنشطة قدرتها على إدارة رابطة قُطرية بلا خلافات فبها ونعم.
ما الذي يمكن أن تقدمه هذه الرابطة أو غيرها من الهيئات للصحفيين الشباب في مجال التكوين؟
ظني في ظل اتجاه الشباب في العالم إلى التواصل الاجتماعي أن الأولى وجود منصة إلكترونية عربية تقدم تكوينا للراغبين في ممارسة الصحافة والإعلام العلمي من الشباب، فتكوين الكوادر الجديدة القادرة على مواكبة العصر وفهم العلوم، وتبسيطها، وممارسة فنون الصحافة والإعلام، هو الدور الأساسي لأي كيان ينشأ في هذا المجال، فضلا عن توفير مصادر مترجمة في المجال، والإعلام عن الفرص المتاحة فيه، وكل ما يخدم الإعلاميين العلميين.        
    ي.ب

الصحفي المختص في العلوم هشام بومجوط: ضعف التكوين وقلّة الإنتاج البحثي أخّرا بروز الصحافة العلمية


يؤكد الصحفي المختص في العلوم بجريدة «المساء» والمراسل بعدة مواقع علمية دولية، هشام بومجوط، أن الجزائر ما تزال متأخرة في مجال الصحافة العلمية، مرجعا ذلك لعدة أسباب قال إن من بينها ضعف الانتاج البحثي وصعوبة الوصول إلى مصادر الخبر، إضافة إلى مشكلة التكوين حيث جعلت الصحفيين يقعون في فخ الأخبار المضللة التي أصبحت تعج بها وسائل التواصل الاجتماعي.
وذكر الاعلامي أنه وفي كل مرة تطفو على السطح مشاكل بيئية أو صحية بالجزائر، يعود الحديث عن غياب الصحافة العلمية التي لا تقل أهمية عن باقي التخصصات، في حين أن الاشكالية قد تم تجاوزها ومنذ سنين في أغلب الدول العربية والأفريقية التي نجحت، مثلما يتابع، في التأسيس لهذا النوع من الإعلام و روجت له، حيث أصبحت تضم صحفيين بارزين ورابطات للصحافة العلمية، كمصر التي ترأست الاتحاد الدولي للصحفيين العلميين مرتين، ونجحت في الفوز باستضافة مؤتمر دولي لهذا الاتحاد قبل أن يتم نقله إلى قطر بسبب أحداث الربيع العربي.
وفي هذا الخصوص يؤكد الزميل بومجوط الذي يملك خبرة 20 سنة في عالم الاعلام، 12 سنة منها قضاها في ممارسة الصحافة العلمية، أن العديد من الدول العربية بدأت في التأسيس لهذا النوع من الصحافة، فرغم تأخرها عن مواكبة ما كان يحصل في العالم، إلا أنها تمكنت تدريجيا ومنذ ثمانينيات القرن الماضي من الاقلاع والبروز خاصة مع مطلع الألفية الحالية.
وبفضل ميلاد الرابطة العربية للإعلاميين العلميين عام 2007 ومشاركة صحفيين عرب في برنامج تكويني عن بعد نظمه الاتحاد الدولي للصحفيين العلميين بين 2007 و 2009، برز جيل جديد من الصحفيين العلميين الشباب، قال محدثنا إنهم أثروا الساحة الاعلامية العربية بمجلات علمية جديدة وصفحات متخصصة، كما أن الفترة التي تلت تنظيم المؤتمر العالمي للصحفيين العلميين بقطر عام 2011، شكلت حسبه، فرصة من ذهب حيث عرفت إنشاء عدة مواقع إلكترونية علمية مرموقة.
القارئ الجزائري عامّة لا يهتم بالمعلومة العلمية
أما في الجزائر، فقد تأخر ظهور الصحافة العلمية وما يزال عدد ممارسيها ضئيلا، حسب الاعلامي، الذي أرجع ذلك إلى أن تبويب الأقسام في الصحافة المكتوبة أو المصالح في الإذاعات والتلفزيون يعود إلى ما ورثناه عن الصحافة الفرنسية والعالمية القديمة، التي كانت تعتمد أساسا على الاقسام السياسية، الاجتماعية، الرياضية والثقافية، فيما تم وفق محدثنا، إهمال بعض التخصصات التي ظهر أنها مهمة كالاقتصاد، والذي تم إدراجه قبل حوالي عقدين، في العديد من الجرائد كقسم خاص، فيما فضلت صحف إنشاء صفحات أسبوعية تهتم بالصحة أو البيئة.
بالمقابل، بدا قطاع السمعي البصري أكثر اهتماما بهذا النوع من الاعلام مثلما يضيف الصحفي، حيث عرف إطلاق الكثير من البرامج التلفزيونية والإذاعية كحصة «أوزون» في القناة الإذاعية الاولى و واحة العلوم بإذاعة قسنطينة، مؤكدا أن من أسباب التأخر في بروز الصحافة العلمية، عدم اهتمام القارئ الجزائري بالمعلومة العلمية حيث تأتي، وفي غياب دراسات مرجعية تثبت ذلك، في المراتب الأخيرة من المواضيع التي تحظى بالاهتمام على عكس تلك السياسية والرياضية.
محدثنا تطرق أيضا إلى غياب النشاط العلمي وضعف إنتاج مراكز البحث، ما أدى إلى عدم بروز هذا التخصص ودفع الاعلام العربي بصفة عامة إلى الاستعانة بأخبار العلوم في دول العالم، يُضاف إلى ذلك صعوبة الوصول إلى مصادر الخبر خاصة داخل الهيئات الرسمية، ليتحدث أيضا عن «غياب الاهتمام» بهذا النوع من الصحافة، وإن كان تخصص الماستر في الصحافة العلمية قد أطلق سنة 2010 بالمدرسة العليا للاعلام، إلا أنه يشترط على المتقدم لامتحان القبول أن يكون حاصلا على شهادة علمية وهو أمر «غير منطقي»، فالصحفي وفق محدثنا، بإمكانه أن يتكون في الميدان تماما مثل الطبيب أو الصيدلي الذي لا يستطيع أن يكتب في الجيولوجيا أو علم الفلك أو الزراعة قبل التكوّن أثناء الممارسة.
كما انتقد الاعلامي اعتماد العديد من الصحفيين على ما يتم نشره على موقع  «فايسبوك»، خصوصا، خلال معالجة الأخبار المتعلقة بوباء كورونا، في حين أن الكثير من المضامين تكون مفبركة ومغلوطة دون أن يملك الصحفي القدرة على التحقق من صحتها بسبب غياب التكوين وعدم الاطلاع بصفة مستمرة على مستجدات هذا المجال، رغم أن المعهد الدولي للصحافة ينظم بالتعاون مع «فايسبوك» و»غوغل» سلسلة ندوات تدريبية عن بعد حول التحقق من المعلومات والصور لفائدة الاعلاميين العرب، ما يجعلهم قادرين على تكوين أنفسهم.
ياسمين.ب

الصحفية المتخصصة في الشأن الصحي إلهام تير: يجب الكتابة بلغة مبسطة والابتعاد عن التهويل والعاطفة  


تعتبر الزميلة إلهام تير المتخصصة في الشأن الصحي بيومية «لوسوار دالجيري» الناطقة باللغة الفرنسية، أن أزمة كورونا تشكل فرصة مهمة للصحفيين للتخصص في الصحافة العلمية، كما أنها سمحت بخروج وجوه جديدة من الأطباء إلى المشهد الاعلامي، لكنها انتقدت “الأخطاء” المرتكبة في بعض العناوين وأرجعتها إلى ضعف التكوين.
وترى الاعلامية التي بدأت منذ سنة 2004 في الاشتغال على مجال الصحافة العلمية والصحية خاصة، أن المعالجة الاعلامية لجائحة كورونا بالجزائر مرّت بمراحل، ففي المرحلة الأولى لم يكن أهل المهنة مهتمين بهذا الفيروس وأغلب التغطيات كانت، حسبها، سطحية، لكن مع دخوله الجزائر وتطبيق إجراءات الحجر الصحي، بدأ بعض الصحفيين يهتمون بالأمر وبدأ نشر كم هائل من الحوارات مع أطباء «لم نسمع عنهم من قبل».
وفي هذا الخصوص ترى الاعلامية، أن الصحفيين كانوا في السابق لا يكلفون أنفسهم عناء البحث عن الأطباء و المختصين، وكانوا يكتفون بمحاورة أسماء معروفة و متداولة، لكن الجائحة سمحت بتعريف الرأي العام بأسماء جديدة داخل وخارج الوطن، وهو ما اعتبرته أمرا إيجابيا.
وعن تقييمها للتعاطي الاعلامي مع الأخبار المتعلقة بالجائحة في الصحافة المكتوبة، ترى الزميلة تير أنه وباستثناء  صحف  ناطقة باللغة الفرنسية وبعض الصحف الناطقة باللغة العربية وعلى رأسها جريدة “النصر”، مثلما أكدت، فإن المعالجة لم تكن في المستوى المطلوب، حيث ارتكبت “أخطاء فادحة” في الترجمة كما سجل عدم تمكّن لدى الصحفيين بصفة عامة.
وتتأسف الاعلامية لعدم بروز وجوه جديدة في مجال الصحافة العلمية والصحية خصوصا، حيث تبقى جميلة قورطاع من “الوطن”، وأمينة عزون من “لوجون أنديبوندون» سابقا و دليلة زهاني بوكالة الأنباء الجزائرية وكذلك صورية بورويلة من “الخبر” وسعاد عزوز وغيرهم من الاعلاميين الذين لا يتعدى عددهم العشرة ومن بينهم هي، المتخصصين في هذا المجال الذي بدأوا يلجونه منذ التسعينيات مع التعددية الاعلامية وتخرج أغلبهم من شعب علمية، أما في السمعي البصري فلا تزال الاعلامية حفيظة رزيق من التلفزيون العمومي الأبرز و ربما الوحيدة التي استطاعت التحكم في الشأن الصحي بهذا القطاع، وفق محدثنا.
وفي هذا الخصوص علّقت تير قائلة “صحيح أن الصحفي يجب أن يكتب عن كل شيء، لكن بعد سنوات معينة من الممارسة عليه الاختصاص في مجال ما”، منتقدة بالمقابل ذهاب بعض الصحفيين إلى الكتابة العلمية رغم أنهم لا يملكون خلفية ولا يحرصون على أن يسألوا دائما عن النقاط التي لا يفهمونها، مشددة في هذا السياق على أن التكوين يكون بالميدان و الممارسة، ومن خلال قراءة ما يكتبه الزملاء الآخرون للاستفادة أكثر.
وتضيف محدثتنا أن الخطأ الذي وقع فيه الكثير من الصحفيين هو اعتقادهم أن أخبار السياسة أهم من المضامين العلمية، لأن مواضيعهم تنشر في الصفحات الأولى وتقدم لهم الشهرة، لكن الأمور تطورت اليوم وأصبح بإمكان الاعلامي أن يبرز من خلال الصحافة الجوارية مع ما أتاحت له وسائل التواصل الاجتماعي من مساحة جديدة، و في نظر محدثتنا، فإنه لا يوجد موضوع جيد أو سيء ، بل ثمة صحفي جيد أو آخر سيء.
البعض لا يفرق بين «الكلوروكين» و»الكلوروفيل»
ومن الأخطاء التي تؤكد محدثتنا أن عددا من الصحفيين الجزائريين ارتكبوها خلال المعالجة الأخيرة لأزمة انتشار فيروس “كوفيد 19»، هو حديث بعضهم عن احتمال فرض الجزائر «حالة طوارئ صحية”، مثلما هو الحال في فرنسا، لكن هذا المفهوم غير موجود بالأساس في قانون الصحة الجزائري ، كما أن هناك من لا يفرق، مثلما تتابع، بين “الكلوروكين» و»الكلوروفيل»، ولا بين الجيل المعقم والمحلول الكحولي، ولا حتى بين الماء الأوكسيجي و الأوكسجين.
وتنصح الصحفية المتخصصة، جميع الاعلاميين بإتقان اللغة العربية التي تبقى اللغة الأم، إضافة إلى الفهم الجيد للفرنسية التي يتعامل بها أكثر الأطباء و المسؤولين ببلادنا، كما تدعو إلى إجادة الانجليزية فبها تُكتب المقالات العلمية والدراسات حول العالم، وتضيف محدثنا أن هذه كلها أدوات تُستعمل لتطوير القدرات لدى الصحفي العلمي، الذي ترى أنه من الأفضل أن يكون قد درس شعبة علمية في الطور الثانوي على الأقل، وحبذا لو كان خريج تخصص علمي في الجامعة.
وتبقى المعلومة المبسطة المعتمدة على مصادر موثوقة تقبل تحمل مسؤوليتها، والتي يمكن للإنسان العادي فهمها، أهم ما يميز لغة الصحافة العلمية التي لا مجال فيها للمحسنات البديعية، مثلما تخلص السيدة إلهام تير، مؤكدة أن على الصحفي الممارس لهذا التخصص أن يحاول التحلي بالموضوعية ويتجرد من الأحاسيس عندما يتعلق بالأمر بالشأن العلمي، فلا مجال هنا للتهويل وكتابة أمور لا يقبلها المنطق، مثلما حدث في أزمة كورونا.
     ياسمين.ب

جميلة قورطاع المتخصصة في الصحافة الصحية: أغلب وسائل الإعلام تهتم بالسياسة أكثر من المعلومة العلمية


تنتقد جميلة قورطاع التي عملت في مجال الصحافة الصحية لأزيد من 20 سنة بيومية «الوطن» الناطقة باللغة الفرنسية، طريقة تعامل الاعلام الجزائري عموما، مع أزمة جائحة «كورونا»، وترى أن المسؤولية في ذلك يتقاسمها الصحفيون الذين لم يحرصوا على تكوين أنفسهم ومحاولة فهم تفاصيل المرض، وكذلك قاعات التحرير التي أهملت بحسبها، كل ما يتعلق بالعلم وتركته في آخر سلم اهتماماتها.
وتعتبر قورطاع بأنه لا توجد صحافة علمية في الجزائر بصفة عامة، لكن الأكيد أن السنوات الأخيرة عرفت، مثلما تتابع، محاولة صحفيين الاهتمام بهذا التخصص، غير أنه لم يُخرِّج عددا كبيرا منهم، لأن قاعات التحرير تهتم أكثر بكل ما يتعلق بالسياسة، بينما يبقى الموضوع العلمي في المرتبة الأخيرة حتى لو تعلق الأمر بمعلومة مهمة، ونادرا ما يُسلّط عليه الضوء، مثلما تؤكد المختصة في اتصال بالنصر.
وذكرت الصحفية أن العمل في هذا المجال يساهم في توعية المجتمع، وهو ما دفعها إلى ولوجه لمساعدة القراء و حتى الأطباء من خلال طرح مشاكلهم وظروف عملهم، و التحسيس بأخطار الأمراض، مؤكدة أن ما ساعدها على الاستمرار في الصحافة الصحية هو إدراكها أهميتها و بأن “مجتمعا مريضا لا يمكنه أن ينتج”.
 وتؤكد كاتبة المواضيع الصحية بجريدة “الوطن”، أنها استطاعت تكوين نفسها بنفسها على مدار 24 سنة قضتها في العمل في الاعلام الصحي، معلقة بالقول “لقد تكونت مع مرور الوقت وقد زاد اهتمامي بهذا المجال، وهنا أشير إلى أن الجريدة التي أعمل لها ساعدتني على ذلك، فقد وثقت بي منذ البداية».
وطيلة عقدين من الزمن، قامت جميلة قورطاع بتغطيات صحية عاصرت فيها مرض الطاعون سنتي 1997 و 1998، والتهاب الكبد والسل والسيدا، وهو ما أكسبها خبرة كبيرة في المجال، حيث تحرص في عملها دائما على الدقة و احترام المصادر و المؤسسات، مثلما قالت، مضيفة “أنا لا أسكت عن أمور معينة لكنني لا أعمل دون دليل».
طريقة  تعاطي الإعلام الجزائري مع كورونا سيئة للغاية
و وصفت قورطاع طريقة تعاطي الاعلام الجزائري عموما مع أزمة كورونا، بـ «السيئة للغاية»، مرجعة ذلك إلى أن تقديم المعلومة الرسمية صار «محدودا»، ما فتح المجال أمام أشخاص غير متخصصين، مقدمة مثالا عن حالة لوط بوناطيرو الذي أثار الجدل حول الدواء الذي قال إن باحثين جزائريين وعراقيين اخترعوه، حيث ذكرت أنها و كصحفية لم تكن لتقبل بنشر ما يقوله في جريدتها، إذا لم يقدم لها الدلائل الكافية ويجب على أسئلتها المتعلقة بالتحاليل ونتائجها، وهو أمر أكدت محدثتنا أنه كثيرا ما حدث خلال مسارها المهني.
وهنا أكدت الاعلامية على أهمية بذل الصحفي جهدا لفهم المواضيع التي يعالجها، خاصة خلال أزمة فيروس “كوفيد 19» التي تعيشها الجزائر، حيث قالت إنها وعلى سبيل المثال، تقرأ كثيرا عن هذه الجائحة طيلة اليوم، سواء من خلال الدراسات العلمية المنشورة على الأنترنت أو على وسائل التواصل الاجتماعي، كما تتابع ما تأتي به القنوات التلفزيونية وتسأل المختصين باستمرار.
وترى قورطاع أن المسؤولية في هذا لا تقع على الصحفي فحسب، بل على مسؤولي وسائل الاعلام الذين قالت إنهم يرسلون صحفيين إلى تغطيات متعلقة بالصحة وهم مثلا متعودون على معالجة المواضيع السياسية، وبعضهم قد لا يعلم ما هي الخلية أو حتى الفيروس، وهو أمر ذكرت محدثنا أنه لا يمكن لوم الاعلاميين عليه على اعتبار أن العديد منهم درسوا في شعبة الآداب في الطور الثانوي، في حين أن الصحفيين العلميين في الخارج يحظون بالتكوين والتأطير اللازمين.وتنصح الزميلة جميلة قورطاع، الصحفيين الراغبين في التخصص في الصحافة العلمية و الصحية خاصة، بالحرص على تكوين أنفسهم بأنفسهم و إتقان الفرنسية و كذلك الانجليزية التي قالت إنها شخصيا بدأت في تعلمها، كما ستتجه إلى التكوين في المصطلحات العلمية بهذه اللغة.
وخلصت قورطاع إلى القول “ينبغي أن نعلم أن الصحافة العلمية مهمة جدا اليوم، كما يجب أن تلعب دورا مهما في توعية المجتمع حول المشاكل التي يعاني منها بصفة عامة و كما قلت لك، صحة مريضة لا يمكن أن تنتج وهذا أمر معروف في العالم أجمع».                  ياسمين.ب

- عضو لجنة متابعة تفشي كورونا وعميد الأطباء الدكتور بقاط بركاني: المعلومة العلمية الخاطئة تُهدّد السياسات الصحية وتحطم المعنويات


ينتقد رئيس عمادة الأطباء وعضو اللجنة العلمية لرصد ومتابعة تطور انتشار فيروس كورونا بالجزائر، الدكتور بقاط بركاني، ما أسماه «نقص التكوين» في مجال الصحافة الطبية، وهو أمر قد يشكل بنظره، تهديدا للسياسية الصحية بالبلاد في أزمة كالتي نعيشها اليوم، داعيا الاعلاميين إلى تحري المعلومة الصحيحة والاعتماد على مصادر مؤهلة لتقديمها.
وأكد الدكتور بركاني في اتصال هاتفي بالنصر، أن الصحفي يُعتبر وسيطا بين الباحثين و الرأي العام، لكن المشكلة تكمن حسبه، في أن هذا الصحفي وفي أغلب الأحيان، يكون غير مُكوَّن في الموضوع المطروح، فإذا تكلمنا عن الطلب مثلا، يجب على الإعلامي أن يتمتع بقاعدة معرفية طبية نوعا ما، بما يسمح له بالكتابة في هذا المجال.
وانتقد رئيس عمادة الأطباء ما وصفه بنقص جانب التكوين في الصحافة عموما وغياب الثقافة العلمية التي تتطلب الحد الأدنى من المعارف التي تسمح للإعلامي بفهم الموضوع وبالتالي إفهام المتلقين، داعيا في السياق ذاته إلى عدم الانسياق خلف الأخبار الزائفة و نشر ادعاءات بعض الأشخاص الذين يقدمون نظريات خاطئة.
ويرى الدكتور بركاني أن من الأخطار التي قد تنجر عن تقديم معلومة علمية غير صحيحة، هي “تحطيم المعنويات”، مقدما مثالا عن دواء هيدروكسي كلوروكين الذي اعتمدته الجزائر في بروتوكول علاج فيروس “كوفيد 19»، و الذي روج البعض أنه دواء خطير ما قد يجعل المواطنين يترددون في استعماله، رغم أنه أثبت فعاليته علميا، حسب تعبير محدثنا.
ويضيف المتحدث أن مثل هذه الأمور يمكن أن تضرّ بالسياسة الصحية للبلاد، خاصة في ظل الظرف الخطير الذي تعيشه، مؤكدا على ضرورة فتح المنابر الاعلامية لأهل الاختصاص المؤهلين للحديث عن المواضيع المتعلقة بالصحة العمومية، وإذا لم يفهم الصحفي تصريحا ما فإن عليه، يتابع بركاني، أن يسأل المختص مرة أخرى ليستوضح أكثر، كما يستطيع الحصول على معلومات أوفى عبر مواقع الأنترنت، خاصة أن هناك مصطلحات تقنية صعبة وتتطلب البحث.
وفي هذا الخصوص علّق بركاني قائلا “لا يمكن أن يكون الصحفي طبيبا في ظرف أشهر، لذلك عليه أن يكون متأكدا مما ينشر ويتفادى التأويل حتى لا يأخذ فئة كبيرة من المواطنين في اتجاه خاطئ»، كما ينصح عضو اللجنة العلمية لرصد ومتابعة انتشار فيروس كورونا والتي شكلتها الدولة لتضم عدة خبراء مهمتهم إطلاع الرأي العام على مستجدات الجائحة، بضرورة اختيار الصحفيين لمصادر معتمدة لها خبرة وسمعة وتمارس في الميدان، فليس أي طبيب يمكنه حسب محدثنا، أن يعطي آراءه و يدخِل القراء في متاهات الجدل العلمي.               ياسمين.ب

الرجوع إلى الأعلى