يتعرض مصابون بكورونا وعائلاتهم للسخرية والنبذ الاجتماعي  من طرف جيران وحتى أصدقاء وأقارب ما يضعهم تحت ضغط نفسي يفرض عليهم العزلة والشعور بالدونية، وهي ظاهرة جعلت مصابين يخفون حقيقة مرضهم رغم ما يشكله ذلك من خطر على المحيطين بهم.ويحذر مختصون في  الطب و علم النفس و الاجتماع والشريعة  من سلوكات السخرية والتشهير، ويرون أن هناك حد فاصل بين الوقاية والتجريح، مؤكدين أن  تعزيز الجانب النفسي مهم بالنسبة للمصاب ومحيطه القريب وأن المناعة تتأثر بشكل مباشر من الاكتئاب الناجم عن سوء تعاطي المجتمع مع المرض وتحويله إلى تهمة تلاحق صاحبها حتى بعد الشفاء، ويتوقعون أن تكون لمثل هذه المعاملات تأثيرات على العلاقات داخل المجتمع تمتد إلى ما بعد كورونا،  كما يشددون على أهمية المرافقة النفسية للمرضى وأهمية التوعية الدينية حفاظا على العلاقات والصحة النفسية  للمصابين. النصر تنقل في هذا الاستطلاع تجارب صعبة لأشخاص كانوا ضحايا التنمر حتى من محيطهم القريب وآخرين فضلوا التكتم خوفا من الملاحقة اللفظية.   

استطلاع : هيبة عزيون
«كورونا» وصف يلاحق المرضى في الشارع
كثير ممن تحدثوا للنصر قالوا إنهم عاشوا مع  تجربة كورونا ما هو أسوأ من المرض، وبلغ الأمر حد المس بكرامتهم ورفض التعامل مع كل أفراد عائلاتهم، حتى البعيدين منهم، و أن الأثر النفسي سيظل بلاحقهم بعد الشفاء من المرض، لما طالهم من مس للكرامة ، بعد أن انسحب من هم حولهم، ولم يتلقوا منهم أدنى حد من المساندة المعنوية، وتجاوز الأمر في بعض الأحيان التجنب إلى الأذى.
 وقالت هاجر القاطنة بالوحدة الجوارية 16  بالمدينة الجديدة علي منجلي بقسنطينة أنها تعاني الأمرين رفقة عائلتها منذ تأكد إصابتها وزوجها بفيروس كوفيد المستجد خلال الاسبوع الأخير من شهر رمضان ،   و في حديثها للنصر أشارت إلى أنها توجهت رفقة زوجها العامل بإحدى مؤسسات النظافة إلى مستشفى البير بعدما ظهرت عليهما أعراض الإصابة، حيث قرر الطاقم الطبي الابقاء على زوجها في الحجر الصحي بينها طلب منها الطبيب المعاين التقيد بالحجر المنزلي ، و منذ شيوع الخبر في الحي بدأت معاناتها مع جيرانها حسب قولها ، فالجميع أصبح يتجنب التعامل معها إلا بعض جاراتها اللواتي قدمن لها يد المساعدة بعدما تخلى عنها أقاربها في هذا الظرف و رفضوا زيارتها خوفا من العدوى  رغم إمكانية مساعدتها دون احتكاك وفق ما يوصي به الأطباء، و من بين الوقائع التي قالت محدثتنا إنه كان لها الأثر البالغ عليها،  عندما ذهبت ابنتها الكبرى لاقتناء بعض الحاجيات من السوق رفقة صديقة  لها، أين فوجئت بأحد الشباب  يناديها بوصف «كورونا « و طلب من  رفيقتها الابتعاد عنها لأنها برأيه شخص خطير ، و هو نفس السيناريو الذي حدث مع حسان الذي أصيب بالفيروس و اضطر إلى قضاء مدة الحجر المنزلي في بيت العائلة بالمنظر الجميل  لأن إصابته بسيطة، وعند شيوع الخبر بالحي،  تغيرت معاملة الجيران و الأقارب مع كل أفراد العائلة، حيث قال إن تاجرا رفض التعامل مع شقيقته و وصفها بكلمة  «كورونا» وقالها لها « نقودكم تشكل خطرا علي ولهذا أنا ارفض التعامل معكم» ، بينما تعرضت شقيقاته المتزوجات رغم  أنهن  غير مصابات، للتنمر من عائلات أزواجهن بعدما بلغهم خبر إصابة شقيقهن،  إلى درجة كما  يقول حسان، أن  والدة زوج شقيقته الكبرى طلبت منها البقاء في منزل والدها عندما ذهبت لمعايدته خوفا من نقل العدوى لها، رغم أنه ملتزم بالحجر المنزلي، فيما تعرضت شقيقته الوسطى لتعنيف لفظي من شقيق زوجها وزوجته واعتبراها مصدر خطر على طفلهما الذي يعاني مشاكل صحية .
 بينما قالت  أسماء التي خضعت لحجر منزلي رفقة عائلتها بعد احتكاكهم بعمها المتوفي بسبب الوباء، أن سكان  الحي و الجيران تغيرت معاملتهم  بعد انتشار الخبر في المنطقة، و هناك من رفضوا التعامل معهم و آخرون واجهوهم بكلمة «كورونا» و قالت إن هذه الحادثة أثرت كثيرا على  نفسية أفراد  العائلة،  فيما رفض جيران اقتناء الخبز من مخبزة عمها خوفا من المرض رغم أنه غير معني بالحجر لا هو ولا عائلته لبعدهم عن العم المتوفي.
مصابون يجدون أنفسهم في عزلة بعدما تخلت عنهم عائلاتهم و أقاربهم
و قالت  أسماء أنه منذ تأكد خبر وفاة عمها بفيروس كورونا ، و إصابة زوجته و حتمية خضوعهم للحجر بحكم احتكاكهم بالمعني في آخر لحظات حياته ، تعرضوا لضغوطات نفسية كبيرة خاصة من الأقارب،  فطيلة مدة الحجر  كما تؤكد لم يتلقوا أي اتصال هاتفي أو دعم  معنوي في هذا الظرف الذي وصفته بالصعب و ما رافقه من تخوف من احتمال  انتقال العدوى لأحد أفراد العائلة و بالأخص الأبوين .
بينما وصفت هاجر هذه المرحلة بالأصعب في حياتها و الأكثر إيلاما  من الفترة التي قضتها في العلاج من داء السرطان ، بسبب العزلة التي فرضت عليها من قبل غالبية معارفها و تحديدا الأقارب ، فقد وجدت نفسها وحيدة رفقة طفلين صغيرين داخل شقتها طوال مدة الحجر ، قائلة إن إحضار مختلف الضروريات وتركها أمام باب المنزل كان أمرا مرفوضا من قبل كل من اتصلت بهم، ولولا إحدى جارتها التي واظبت على إعداد الوجبات ووضعها أمام مدخل مسكنها طيلة فترة الحجر لماتت جوعا ، مضيفة أنها فكرت مليا في تغيير طريقة تعاملها مع أقاربها  بعد هذه الأزمة ، بينما قال حسان أن كل سكان الحي قد غيروا من طريقة تعاملهم  فأصبح يطلق عليهم  وصف عائلة كورونا و حتى أشقاؤه تعرضوا لذات التصرفات رغم أنه المصاب الوحيد.
نفي حقيقة الإصابة أو الوفاة بفيروس كورونا خوفا من العز لة الإجتماعية
وفي المقابل وجد كثير من المصابين بالفيروس في التكتم طريقة للتخلص من ظاهرة التنمر، و هناك حتى من يحتفظ بالأمر لنفسه   ولا يقول الحقيقة حتى للأقارب خوفا من  النظرة التي تضع المريض في خانة المشبوه  أو المنبوذ ، حتى أن هناك عائلات  تعمدت نفي حقيقة وفاة أحد أفرادها متأثرا بالوباء لتجنب نظرة المجتمع القاسية وما يترتب عنها  من تعقيدات في حياة مختلف أفرادها، و هو حال إحدى العائلات  بقسنطينة و التي تأكد خبر  وفاة الأب متأثرا بفيروس كورونا إلا  أنها نفت الأمر جملة و تفصيلا .  وبلغ الأمر في حالات أخرى حد رفض الذهاب للمستشفيات أو العيادات  للخضوع للفحوصات أو لإجراء التحاليل أو الأشعة عند ظهور بعض أعراض الإصابة ، تجنبا لتبعات ذلك عليهم وعلى عائلاتهم ، مثلما هو الحال بالنسبة  لسيف،  وهو  شاب يقطن بالمدينة الجديدة علي منجلي و الذي يعاني من أمراض تنفسية،  و قد سبق و أن تعرض خلال شهر رمضان لزكام حاد مع  ظهور بعض أعراض وباء كورونا كارتفاع الحرارة و الإسهال،  رغم هذا رفض التوجه للمستشفى لإجراء التحاليل،  كما أنه رفض مغادرة المنزل نهائيا و حتى الرد على اتصالات أصدقائه خوفا من شيوع خبر إصابته بالوباء، معترفا بأنه تعمد ذلك عندما أضحى كل من يصاب بالزكام محط شبهة و يطلق عليه لفظ «كورورنا» و يكون محط سخرية و استهزاء، حيث أكدت والدته أنها أصرت عليه كثيرا للخضوع للفحص الطبي لكنه رفض ذلك ، و طلب منها ألا تتحدث عن الأمر أمام الأهل و الجيران إلا أن مرت فترة الحجر الصحي .

- أستاذ علم الاجتماع بوبكر جيملي : التنمر في زمن الجائحة سيترك آثارا في العلاقات الاجتماعية


يرى أستاذ علم الاجتماع بجامعة قسنطينة 2 بوبكر جيملي ، أن  التنمر في ظل هذه الظروف،  سلوك طبيعي  ناتج عن تحول الوعي الصحي إلى حساسية صحية مفرطة،  لوجود حالة الشك  في المجتمع بسبب تفشي هذا المرض الذي تحوّل إلى شبح وسط جهل الناس بحقيقة المرض و آليات الوقاية منه .
و يضيف المتحدث للنصر أن هناك أسبابا موضوعية  لذلك و هي،  اليقظة المبالغ فيها في بعض الأحيان و شح المعلومات حول المرض، حيث و رغم الأرقام اليومية التي يتم الكشف عنها  و الحملات التحسيسية،  إلا أن هناك  ما أسماه بإبهام كبير يضع  الجميع داخل خانة الاتهام .
  فيما توجد برأي المختص  أسباب غير موضوعية تتعلق بطبيعة المجتمع  و التي يغذيها العنف الموجود في المجتمع  خاصة اللفظي منه  ، فأصبح ينظر للمصاب على أنه مجرم و غالبا ما يتم نعته بأوصاف مشينة أو  يتعرض للاستهزاء ،  و هذا راجع إلى طبيعة الفرد الجزائري الذي غالبا ما يتعامل مع القضايا الجدية و الحساسة بنوع من الاستهتار و الدعابة،  باستخدام ألفاظ جارحة أو قاسية نوعا ما، و يضيف المختص أن ظاهرة التنمر قد تترك مستقبلا أثارا في العلاقات بين أفراد المجتمع ، و عداوة لن تزول بسهولة و نحن الآن مطالبون بالتضامن و التلاحم أكثر و مساندة المريض بدل الابتعاد عنه ، من خلال  التطبيع النفسي لتقبل هذا الوباء داخل المجتمع و التعايش معه.

- الإمام الخطيب عبد المالك كرزيكة: الدين الإسلامي نهى عن الاستهزاء بالمرضى


 أكد  إمام و خطيب مسجد الشنتلي في قسنطينة عبد المالك كرزيكة،  أن هناك آيات كثيرة تدل أن المرض محمود عند الله تعالى ، كما تظهره الكثير من الأحاديث الصحيحة ، فالكثير من الرسل و الأنبياء  مروا بامتحانات صعبة و ابتلاءات منها المرض ، و هو دلالة على رضا الله عن عبده  لقوله تعالى « وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ» البقرة
 حيث  أقسم  عز وجل الله بعزته و جلالته بأن يبتلي البشر حتى يمحص بين الصابرين و  المجاهدين من غيرهم ، و  في حديث قدسي عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إن الله عز وجل يقول يوم القيامة  « يا ابن آدم مرضت فلم تعدني قال يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين قال أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني قال يا رب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين قال أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني قال يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين قال استسقاك عبدي فلان فلم تسقه أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي « و هذا الحديث  له دلالة كبيرة على  أهمية  المريض عند الله عز وجل ، فالله يكون بجانب المريض أكثر من أي ضائقة أخرى ، و لذا فالمريض يصنف أنه في طريق  الانبياء .
اما بخصوص الاستهزاء و السخرية من المرض  يقول الاسلام ينهي عن ذلك و هناك آية صريحة تحرم هذا الفعل لقوله تعالى:
« يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ )) لحجرات
 فمن العيب وفق محدثنا  إظهار نقص هؤلاء الناس إما المرض الدائم كالإعاقة أو المرض الظرفي كما يحدث حاليا مع وباء كورونا ، فالمرض هو  «منحة من الله  ،و الهدف منه هو تدارك الخطأ و الإحساس بنعمة الصحة عند المرض ، و هنا يعاب على مثل هذه التصرفات لأن المرض جند من جنود الله  يصيب به الله من يشاء و يرفعه عمن يشاء مع مضاعفة الأجر».
و يقول  الإمام إن نساء الصحابة و التابعين  كن يغلقن الأبواب   في وجوه أزواجهن  إذا طالت مدة عدم مرضهم ، لاقتناعهم أن الله يبتلي من يحب بالمرض ليمسح من خطاياهم ، و هو فرصة للتقرب من الله و الاستغفار ، و لذا وجب الوقوف بجانب المريض و عايدته و الأخذ بيده، و تجنب السخرية منه  حتى و إن كان من غير ملتنا ، فالمريض في دين الإسلام مهما كان معتقده فهو في منزلة الصبي الذي لا حول و لا قوة له .

- الأخصائي النفساني مليك دريد: النظرة القاسية لمرضى كورونا تؤدي إلى  الاكتئاب و العزلة


يؤكد الأخصائي النفساني الرئيسي بالمركز الاستشفائي الجامعي بسطيف مليك دريد أن الجانب النفسي لمريض كورونا هش و يتأثر  بمختلف العوامل الخارجية في مقدمتها العزلة الاجتماعية المفروضة عليه، ما يسبب له الاكتئاب و عدم تقدير الذات ، و يقول المتحدث إن  ما يلاحظ منذ بداية انتشار الفيروس هو تعاطي بعض أفراد المجتمع بطريقة سلبية مع المصابين ، حيث يعامل المصاب في بعض الأحيان بأنه هو المسؤول عن مرضه، ويلقى عليه اللوم بل  ويعامل وكأنه مجرم يجب تجنبه وعدم التعامل معه ، و هو ما يحدث غالبا مع كل الأمراض المعدية  كالسل مثلا ، وهذا راجع لعدم الوعي ونقص الثقافة الصحية ، و عدم الإلمام بطبيعة الفيروس وطرق انتشاره ، ووضع المريض في خانة المتهم بعدم التقيد  بالوقاية ،  مضيفا أن الكثير من  المرضى أكدوا التزامهم بكل التدابير الوقائية المعروفة ورغم ذلك أصيبوا بالعدوى، و  بالتالي  فإن المصاب ليس مسؤولا عن  إصابته ، هذه النظرة والوصمة الاجتماعية لها تداعياتها النفسية على المصاب، حيث قد تؤدي وفق النفساني لسوء تقدير للذات و الاكتئاب والعزلة الاجتماعية ،بل قد يؤدي ذلك لرفض بعض الأفراد إجراء التحاليل والفحوصات بالرغم من وجود الأعراض لديهم ، وذلك خوفا من ردة فعل العائلة والمجتمع، في حال تأكد الإصابة ، كما يتجنب البعض إجراء التحاليل خوفا من تأثير ذلك على مسارهم المهني.
ويقول الأستاذ مليك دريد  أن بعض  المصابين يخافون من ردة فعل عائلاتهم أكثر من خوفهم على حالتهم الصحية وهنا يأتي دور النفسانيين، مؤكدا « نحاول دائما تعزيز الثقة في النفس فالمرافقة النفسية تلعب دورا مفصليا في تحسن  حال المصاب ، حيث نتعامل مع  الفئة الأولى و هي الحالات المشتبه بها، و هي الأكثر معاناة من القلق والضغط النفسي بسبب «السوسبانس»  المصاحب لانتظار ظهور النتائج ، فنقوم بتحضيرهم نفسيا لجميع الاحتمالات ، والفئة الثانية هي الحالات المؤكدة التي نقوم في البداية بجعلها تتقبل المرض بتقديم شروحات حول  الإصابة و  نسب الشفاء المرتفعة جدا، و إعطائها أمثلة عن شخصيات عظمى في العالم أصيبت، و  سرعان ما يتقبل المعنيون الأمر و يستجيبون  للعلاج مع تركيزنا على كبار السن باعتبارهم الشريحة الأكثر هشاشة من الناحية النفسية ، خاصة ذوي الأمراض المزمنة بسبب المعلومات المتضاربة حول الجائحة و خوفهم  من الموت.

- الطبيبة وردة رباحي: تأثر الجانب النفسي للمريض يضعف المناعة


 ترى الطبيبة وردة رباحي أن المصابين بفيروس كورونا يحتاجون لدعم نفسي كبير،  لما له من أهمية في نجاح العلاج و قد يشكل التنمر خطرا على حياتهم ، مضيفة أن هناك بعض  الأمراض النفسية و العقلية  التي برزت بحدة مع انتشار الجائحة، كانعدام الثقة الطبية و القلق و التوتر و  الوسواس القهري و أيضا الاضطرابات الذهنية .
و تؤكد الطبيبة في حديثها للنصر أن  استقرار الحالة النفسية يساهم في نجاح  العلاج بنسب كبيرة،  لأن المصاب يكون بأمس الحاجة  إلى الطمأنينة النفسية و  الابتعاد عن الخوف و القلق و عدم الثقة ،  لأن تلك الاحاسيس السلبية  تساهم مباشرة في إضعاف الجهاز المناعي من خلال إثارة الجهاز العصبي  اللاإرادي بشكل متكرر استجابة للضغوطات النفسية،  ما سيضعف من قدرات  الجهاز المناعي، و  يؤدي إلى تذبذب في  إنتاج بعض الهرمونات   التي لها دور في مكافحة الالتهابات الجرثومية ، حسبما تؤكده دراسات علم المناعة النفسية العصبية ، و بالتالي يؤدي ذلك إلى  تغلب الفيروس على الجسم من خلال العلاقة الوطيدة بين الجهاز العصبي و المناعي.
و من بين الهرمونات التي تتأثر   داخل جسم المريض  الكرتيزون  الذي يؤثر مباشرة على إنتاج الأجسام المضادة  المكافحة للفيروسات ،  كما أن الخوف المستمر يرفع من إنتاج  الأدرينالين و يؤدي إلى زيادة في دقات القلب  و ارتفاع  الضغط الدموي و نسبة السكري في الدم ، ما يساهم في تفاقم الإصابة و المرض ، مع  ظهور اضطرابات في  النوم و الصداع و  شعور المريض بعدم راحة و قلق دائمين .
و هنا تدعو الطبيبة إلى ضرورة إيجاد   جو من الفرح و التفاؤل و الاطمئنان للمريض و الثقة في العلاج لتعديل الجانب النفسي ، الذي يستحوذ على 50 بالمائة من نسبة الشفاء ، فالمناعة النفسية تزيد من مناعة الجسم ،  ذلك أن الخوف من المرض و نظرة  المجتمع قد يلازمان المصاب  حتى بعد التعافي ، كما يبقى منبوذا  من المجتمع و ينظر له بنظرة سلبية ، و لذا ينصح بتجنب التنمر بذريعة الخوف و حماية النفس.
هـ / ع

الرجوع إلى الأعلى