معهد باستور ومركز البيوتكنولوجيا يجريان 17 ألف اختبار كشف عن كورونا
أجرى فريق مختلط من مركز البحث في البيوتكنولوجيا ومخبر باستور بقسنطينة  مكوّن من اثني عشر فردا، أكثر من سبعة عشر ألف اختبار «تفاعل البوليمزار المتسلسل»، المعروف برمز «ب سي آر» للكشف عن فيروس كورونا منذ شهر مارس إلى غاية اليوم، حيث يستقبل حوالي خمسمئة عينة من عدة ولايات شرقية يوميا،
روبورتاج: سامي حباطي

في حين يستعد مركز البحث في البيوتكنولوجيا لإعادة بعث النشاط البحثي في مختلف التخصصات، بعد أن تراجع نسبيا بسبب ظروف الجائحة. النصر أجرت روبورتاجا داخل المركز للاطلاع على وتيرة العمل داخل مخبر «كوفيد» وباقي الأقسام، بعد تخفيف ظروف الحجر الصحي وارتفاع متوسط الإصابات اليومية.
إجراءات الصفقة تؤخر إنجاز طقم الكشف السريع
وصلنا إلى مركز البحث في البيوتكنولوجيا بالمقاطعة الإدارية علي منجلي، واستقبلنا البروفيسور عمار عزيون، مديره العام في مكتبه، حيث أكد لنا أن نشاط المركز مستمر، مشيرا إلى أنه كان من المنتظر الإسراع في مشروع إنتاج أطقم الكشف السريع، لولا عدم تمكن القائمين عليه من عقد صفقة بالتراضي من أجل الحصول على المواد الأولية، حيث نبهت لجنة الصفقات أنه يتوجب الحصول على ترخيص من سلطة أعلى تقدر أنه مستعجل، بحسب ما أكده محدثنا. وأضاف نفس المصدر أنه يجري في الوقت الحالي إعداد دفتر الشروط للعملية من أجل جلب المواد الأولية، حيث نبه أن العملية تأخرت بسبب إجراءات الحجر الصحي وتوقف العديد من النشاطات.
وسألنا المدير عن طبيعة المواد الأولية، فأكد لنا أنها تخص البيولوجيا الجزيئية، كما أن كثيرا من مورديها غير موجودين في الجزائر ما يتطلب استيرادها، في حين أكد نجاح المركز في مشروع الكشف المكثف عن فيروس كورونا داخل المجموعات المهنية وقُدمت نتائجه إلى الجهات المعنية به بعد إجراء اختبارات على عينات حقيقية.
ويعتزم المركز اقتراح مجموعة من المشاريع الخاصة بفيروس كورونا على المديرية العامة للبحث العلمي لوزارة التعليم العالي قبل 12 جويلية الجاري، تتمحور حول الكشف السريع ومن بينها مشروع لغربلة الجزيئات ذات القدرات العلاجية ومشروع آخر لرصد الفيروس في المختبرات بطريقة ذات حساسية عالية، وهي طريقة تنافسية للاختبارات المصلية التي تقوم على تحليل الدم، مثلما يؤكد المدير.
وانعقدت خلال الأيام الماضية جمعية عامة بالمركز مع مسؤولي الأقسام ورؤساء المختبرات والباحثين من أجل إعادة بعث النشاط بشكل كامل، رغم تأكيد المدير على أنه لم يتوقف أبدا، مشيرا إلى أن مختلف الفرق تواصل نشاطها، باستثناء الأعمال البحثية التي كانت تجرى في مخبر البيولوجيا المجهرية بعد أن سخر لاختبارات «كوفيد 19». وأضاف نفس المصدر أن فريق الأمن البيولوجي التابع للمركز قدم مجموعة من التوصيات للباحثين بشأن تدابير الوقاية الواجب اتخاذها، حيث ذكر أنه سيتم خفض عدد الأشخاص المتواجدين في وقت واحد داخل المخابر من أجل الحفاظ على التباعد، كما أشار إلى أن مخابر المركز واسعة المساحة.
باحثون يواصلون العمل إلى الثانية صباحا
ونبّه نفس المصدر أن العمل في مختلف مخابر المركز يستمر في بعض الأحيان إلى الثانية صباحا، كما لم يتوقف الباحثون عن الالتحاق بها حتى خلال شهر رمضان الماضي، في حين يجري العمل على نشر دراسة علمية خلال الأيام القادمة، ولم يبق منها إلا بعض الإجراءات الواجب اتخاذها على العينات. من جهة أخرى، اعتبر محدثنا أن فريق مخبر الكشف عن «كوفيد 19» يعمل بوتيرة كاملة لأن أغلب العينات يتم استقبالها في الفترة النهارية، كما أن متوسط الحد الأدنى اليومي للعينات التي تجلب إلى المركز يتراوح ما بين 350 و 400، فيما تجاوز عددها الإجمالي منذ فتح المخبر 17 ألف اختبار.
وأضاف مدير المركز أن فريق الكشف عن كورونا مختلط بين باستور والمركز الوطني للبحث في البيوتكنولوجيا، ويعود أفراده إلى منازلهم أحيانا عند الثالثة صباحا من أجل إنهاء العمل على جميع العينات القادمة، بينما أصبحت عينات المستشفى الجامعي توجه للمدرسة العليا للبيوتكنولوجيا، في حين أصبحت تجرى الكشوف في باتنة وتستقبل العينات من خنشلة أيضا، إلى جانب ولاية عنابة التي فتحت مخبرا صغيرا، وستفتح مخبرا ثانيا. وقد تنقلت فرقة الأمن البيولوجي للمركز إلى عنابة من أجل تكوين الفرق المخبرية في الوقاية، مثلما أكد.
وقامت فرقة الأمن البيولوجي بنشاطات تكوينية في الوقاية على مستوى جامعات الشلف وبجاية و ورقلة وعنابة، فضلا عن حضور باحثين من جامعة مسيلة للاستفادة من التكوين في المركز، في حين كون أفراد الفرقة المكلفين بالاختبارات من المستشفى الجامعي والمدرسة العليا للبيوتكنولوجيا، مثلما أكد محدثنا.
اختبارات «بي سي أر» لا تطبق على فاقدي الأعراض
واعتبر البروفيسور عمار عزيون أن عدد الاختبارات التي أجريت غير كافٍ لرصد جميع المصابين، لأنها لا تجرى إلا على العينات المأخوذة من أجسام مرضى في المستشفيات، التي لا يقصدها إلا من تظهر عليهم الأعراض، بينما لا تطبق الاختبارات على فاقدي أعراض الإصابة الذين يمكن أن يوجد بينهم حمَلة أصحاء للفيروس، مضيفا أن هذه الفئة تنقل العدوى إلى الغير. وأشار نفس المصدر إلى أن مشروع الكشف المكثف الذي قام به المركز يستهدف توفير المال والوقت وفعالية أكبر في رصد المصابين.
وأوضح البروفيسور أن عدد اختبارات كورونا التي أجريت بالمركز مقارنة بعدد الباحثين الذي قدره بثلاثمئة، تعادل من الناحية النسبية نشاط شركة أمريكية قامت بأربعة ملايين اختبار منذ بداية الجائحة وتضم 60 ألف موظف، كما نبه إلى أن الاختلاف الوحيد في الميزانية حيث تحقق الأخيرة عشرة ملايير دولار سنويا وهو مبلغ ضخم، لذلك لم يأخذ هذا العنصر بعين الاعتبار، مثلما قال.
نحو استحداث مؤسسات ناشئة
وأوضح البروفيسور عزيون أن مركز البحث في البيوتكنولوجيا قد وضع إستراتيجية من أجل استحداث مؤسسات ناشئة، كما شرع في إعداد دفتر شروط من أجل الحصول على الاعتماد لجميع المنصات البحثية في المركز بغرض إنشاء مؤسسات وتقديم خدمات الخبرة.
وأضاف نفس المصدر أن المركز اشتغل من قبل على مخبر حول الكائنات المعدلة جينيا، مشيرا إلى أنه كان من المفترض الحصول على اعتماد الهيئة الجزائرية للاعتماد التابعة لوزارة الصناعة والمناجم خلال شهري أفريل و ماي الماضيين، بعد أن حصل المركز على العقد والميزانية، لكن العملية تأجلت بسبب إجراءات الحجر الصحي، كما أوضح المسؤول أنه سيكون أول مخبر معتمد من نوعه في الجزائر وسيكون مرجعا وطنيا من أجل مرافقة الدولة في فحص المواد الغذائية التي يتم استهلاكها.

* رئيس المجلس العلمي الباحث بوعلام حرفي
طقم للكشف عن كورونا سيستعمل لرصد أمراض أخرى
ورافقنا رئيس المجلس العلمي للمركز، الدكتور بوعلام حرفي، إلى مخبر البحث في البيولوجيا المجهرية الذي تجرى فيه اختبارات الكشف عن فيروس كورونا، حيث نبهنا إلى ضرورة عدم الوقوف على الرواق المحدد بشريطين أحمري اللون عند مدخل المختبر لأنها المساحة المخصصة لإدخال العينات، فيما كان أفراد الطواقم الطبية يدخلون بوابة المخبر مرتدين البدلات الواقية ويحملون في أيديهم علب التبريد، التي أكد لنا الباحث أنها تضم عينات المصابين بالفيروس القادمة من عدة ولايات، تشير إليها لوحات ترقيم سيارات الإسعاف الحاملة للعينات التي لاحظناها مركونة في حظيرة المركز عند وصولنا إليه حوالي التاسعة والنصف صباحا.
ولاحظنا من خلف الزجاج المطل على المخبر حركة دؤوبة لفريق الكشف عن فيروس كورونا الذي انكفأ أفراده على تجهيزات مختلفة، حيث كانوا مرتدين البدلات الواقية بشكل كامل، في حين دونت بعض الملاحظات التي تحمل أرقاما ورموزا على سبورة بيضاء كبيرة في إحدى زوايا المخبر.
وأوضح رئيس المجلس العلمي للمركز أن النشاط البحثي لم يتوقف رغم تراجعه بسبب صعوبة تنقل بعض الباحثين القادمين من خارج الولاية بحكم أن المركز وطني، باستثناء التوقف التام لبعض الأبحاث التي يجب أن تجرى في بعض المساحات المستغلة في الكشف حاليا، في حين أكد أن مركز البحث في البيوتكنولوجيا شارك بمشروع لدى هيئة عالمية في البيوتكنولوجيا مقرها في إيطاليا أطلقت دعوة للمشاركة، من أجل تطوير طقم للكشف تقوم على تكنولوجيا «كريسبر» وتستهدف رصد فيروس كورونا، كما أنها قادرة على أن تُكيّف لرصد أمراض أخرى، كما أضاف أن المشروع مبرمج على مدى ثلاث سنوات.
س.ح

* رئيس لجنة أخلاقيات البحث العلمي البروفيسور عبد الحميد أبركان
مركز البيوتكنولوجيا قادر على التجاوب مع أزمات أخرى
وتحدثنا إلى وزير الصحة الأسبق ورئيس لجنة أخلاقيات البحث العلمي بمركز البحث في البيوتكنولوجيا، البروفيسور عبد الحميد أبركان، الذي التقينا به خلال محاورتنا للمدير، حيث أثنى على نشاطات المركز ومساهمته في مواجهة جائحة كورونا، معتبرا أنه مؤشر على أنه استطاع الاستجابة للحاجة الاجتماعية، كما  قال إن القائمين عليه أحسنوا ترتيب الأولويات والنشاط البحثي. وأضاف نفس المصدر أن مركز البحث في البيوتكنولوجيا قادر على التجاوب مع أزمات أخرى في حال وقوعها مستقبلا، خصوصا وأنه يُجري البحوث في كل الميادين.
وعوّض مركز البحث في البيوتكنولوجيا عجز المنظومة الصحية بحسب البروفيسور أبركان، معتبرا أن تجاوب البلاد مع التحديات المختلفة مرهون بقدرة مختلف القطاعات على الاستجابة لما تتطلبه الظروف. وقال نفس المصدر إن خزان الكفاءات الجامعية الجزائرية يقدر بالآلاف، ضاربا المثال بمركز البحث في البيوتكنولوجيا، لكنه اعتبر أن الاستفادة منهم متوقفة على الاهتمام بهم ومنحهم حرية العمل.
واعتبر نفس المصدر أن المفترض أن يكون القائمون على قطاع الصحة عارفين بخريطة الكفاءات التي تتوفر عليها مختلف القطاعات، مشيرا إلى أن مركز البحث في البيوتكنولوجيا لم يُسخّر لمواجهة كورونا إلا بعدما اقترح مديره ذلك ونبه السلطات إلى ما يمكنه تقديمه من مساعدة. وشدد محدثنا على ضرورة إجراء تقييم لفعالية مختلف الهيئات والمراكز التابعة للدولة في تعاملها مع الجائحة، منبها إلى أن العالم واجه جائحة كورونا، ويمكنه أن يواجه أزمات أخرى تشبهها في مجالات البيئة أو غيرها.

* مدير ملحقة معهد باستور البروفيسور فضيل خليفة
نتائج الاختبار السلبية لا تعني أن الشخص غير مصاب بشكل تام
يشرح مدير ملحقة معهد باستور لولاية قسنطينة، البروفيسور فضيل خليفة، الذي التقينا به في مركز البحث في البيوتكنولوجيا، في هذا الحوار مع النصر، تفاصيل عملية إجراء اختبارات الكشف عن فيروس كورونا منذ وصول العينات من المؤسسات الاستشفائية إلى غاية صدور النتائج، حيث يؤكد أن بعض النتائج السلبية لاختبارات «بي سي أر» لا تعني سلامة الشخص بشكل تام من المرض، فيما يوضح أن عدد العينات تزايد كثيرا خلال الأيام الأخيرة.
حاوره: سامي حباطي
النصر: ما هي إحصائيات نشاطكم في المركز؟
منذ انطلاقنا في العمل على مستوى المخبر التابع لمركز البحث في البيوتكنولوجيا إلى اليوم، وصلنا إلى حوالي 17 ألف اختبار، لكن العدد أخذ بالارتفاع تدريجيا فمنذ أن كنا نستقبل ما بين 40 إلى 50 عينة في اليوم وصلنا اليوم إلى متوسط ما بين 300 وخمسمئة عينة تستقبل يوميا من حوالي 10 ولايات.
النصر: ما هي أكبر الولايات من حيث العينات التي تستقبلونها؟
ولاية سطيف هي من ترسل العدد الأكبر من العينات وتتجاوز قسنطينة، ونلاحظ من خلال التصريحات اليومية للجنة الرصد والمتابعة أنها تضم عددا أكبر من الحالات.
النصر: هل هناك زيادة كبيرة في عدد العينات التي تستقبلونها خلال الأيام الأخيرة؟
هناك زيادة معتبرة منذ أواخر شهر رمضان إلى اليوم، مقارنة بشهر ماي.
النصر: كم تكلّف الاختبارات التي تجرى على مستوى المركز؟
اختبار «تفاعل البوليمزار المتسلسل» يكلف أموالا كبيرة، وفي المتوسط تتراوح قيمة الاختبار الواحد بين ستة آلاف وثمانية آلاف دينار، وهو يعدّ ثمنا معتبرا، في حين يمكن القول إن القيمة المالية لسبعة عشر ألف اختبار التي أجريت على مستوانا قد بلغت حوالي 17 مليار سنتيم، لأنه يمكن الوصول حتى إلى عشرة آلاف دينار للاختبار، دون احتساب أجور الموظفين وغيرها من التكاليف. لقد دفعتنا زيادة العينات إلى رفع عدد الفريق، فبعد أن كان عددنا ثمانية، أصبح فريقنا مكونا من اثني عشر فردا منذ عشرة أيام.
النصر: ما هي مواقيت دوامكم؟
ينطلق عملنا على الساعة السابعة والنصف صباحا، ننتهي من العمل يوميا بين منتصف الليل والواحدة صباحا. لا نعمل بفريقين، لكن الذين يتأخرون منا إلى غاية منتصف الليل يسمح لهم بالتأخر إلى غاية الحادية عشرة صباحا في اليوم الموالي، ويعملون إلى حوالي منتصف الليل، بينما يغادر أفراد الفريق الذين يبدؤون دوامهم في الصباح عند السابعة والنصف صباحا، ما بين السادسة والنصف إلى غاية السابعة مساء. في هذا اليوم قدمت على الساعة السادسة والنصف صباحا، ومنذ ثلاثة أشهر لم نحصل على عطلة أو أي وقت آخر للراحة.
النصر: ولم لا تطلبون دعما في الفريق؟
المشكلة ليست في تعداد أفراد الفريق، ولكن لا يمكننا إحضار عدد كبير لأسباب تنظيمية بالنظر لحساسية التجهيزات، وينبغي على العاملين هنا أن يكونوا متحكمين في تدابير الحماية، فنحن نخشى وقوع أخطاء تؤدي إلى انتقال العدوى.
النصر: كيف تتم حماية العينات التي يتم جلبها للمخبر؟
نسجل صعوبات في بعض الأحيان في العينات، فهناك من يقومون بلف الأنابيب بالورق ثم يلفون الورق بالشريط اللاصق، ما يشكل خطرا عند عملية فتح الغلاف، بسبب بعض القطيرات التي قد تقذف في الهواء في حال وجود الفيروس على سطح الأنبوب. تحسّن توضيب العينات بمرور الوقت بعدما تحدثنا إليهم، فالمفترض ألا تغلف أبدا، لأن التغليف يتسبب لنا أيضا في تراكم النفايات المخبرية التي تكلف عملية التخلص منها أموالا.
يتم إحضار العينات حاليا في أنابيب داخل علبة حافظة للبرودة، كما يرفق كل أنبوب باستمارة تضم المعلومات الخاصة بالمريض وأعراض الإصابة التي تعتبر مهمة بالنسبة لنا من حيث تلاؤمها مع نتيجة الاختبار. على سبيل المثال، في حال وجدنا على استمارة المريض الأعراض الخاصة بالإصابة وكانت النتيجة سلبية، نقوم بطلب إعادة الاختبار.
النصر: وما هي المراحل الأخرى التي تمر عليها العينة بعد ذلك؟
عند استخراج الأنبوب نتحقق من مطابقته مع معلومات صاحبه، وقد وقعت بعض الأخطاء من قبل، وقمنا بإعادة العينات إلى المؤسسات الصحية التي جاءت منها لطلب التحقق منها. نقوم بعد ذلك بتعقيم خارجي لأنبوب العينة بمادة قاتلة للفيروسات، ثم نضع العينة  في أنبوب خاص ونرجها، حتى يتبعثر الفيروس في حال وجوده على النكاشة القطنية من أجل زيادة احتمالات رصده. المرحلة الثانية تتمثل في تدمير الفيروس حتى نستخرج مادته الوراثية، المتمثلة في الحمض النووي الريبوزي RNA، وفي حال تسجيل وجودها تكون إصابة الشخص بـ"كوفيد- 19" بنسبة مئة بالمئة. ينبغي التنبيه إلى أن ظهور نتيجة سلبية بعد إجراء اختبار «تفاعل البوليمزار المتسلسل» لا يقصي احتمال الإصابة بشكل تام، فقد لا يجرى استخراج العينة بشكل جيد أو يحدث ذلك في وقت لم يكن فيه الفيروس منتشرا في الأنف.
النصر: هل هناك أشخاص ظهر اختبارهم الأول سلبيا ثم صار إيجابيا في المرة الثانية؟
نعم، حدث ذلك. كما شرحت لك، فإننا عندما نجد في استمارة المشتبه بالإصابة ورود الأعراض مع نتيجة سلبية نطلب إعادة الاختبار، وهناك من أجرينا لهم الاختبار مجددا بعد ثلاثة أو أربعة أيام وجاءت النتيجة إيجابية. النتائج السلبية ترسل إلى مديريات الصحة للولايات، بينما تحوّل النتائج الإيجابية إلى وزارة الصحة وهي من تتكفل بإرسالها إلى مديريات الصحة.
النصر: هل ترون أن تحاليل الدم لكشف «كوفيد- 19» التي انطلق فيها مخبر خاص في قسنطينة ناجعة؟
الهدف من تحاليل الدم هو كشف إصابة سابقة للمريض من عدمها، فمثلا لو أصيب الشخص في يوم ما، ستكون نتيجة تحليل الدم سلبية لو تجرى في غضون أسبوعين إلى عشرين يوما، وينبغي الانتظار ثلاثة أسابيع على الأقل حتى تصبح إيجابية. هي لا تنفع في معرفة إن كان الفرد مصابا أم لا، لأنها تكشف عن المضادات المناعية. مشكلة فيروس كورونا أنه جديد، ولا نملك ما يكفي من الخبرة حوله للجزم بأهمية هذه الاختبارات من عدمها، لكنها قد تفيدنا في شيء ما.
النصر: ما رأيكم كمختص في ارتفاع عدد الحالات في الفترة الأخيرة؟
أعتقد أن أسباب الارتفاع تعود إلى أن المواطنين كانوا يعيشون تخوفا في البداية، خصوصا عندما رأينا ما يحدث في إيطاليا وغيرها، وكان المواطنون يحترمون توصيات وزارة الصحة بعدم الخروج من المنازل دون ضرورة والمحافظة على التباعد، كما أن الأرقام لم تكن كبيرة في البداية، ما جعل اليقظة تنخفض، وبلغ الأمر ببعض الأشخاص حد إنكار وجود الفيروس، رغم أن الارتفاع كبير في الحقيقة.
إنكار وجود الفيروس خطأ كبير، والارتفاع يعود إلى عدم احترام إجراءات الوقاية، ولا مبالاة الكثير من الشباب بأنهم قد يحملون الفيروس معهم إلى بيوتهم ويتسببون في إصابة آبائهم. فيروس كورونا ما زال موجودا وما زال يقتل البشر.
وعي المواطنين هو حجر الزاوية في عملية مكافحة الفيروس. أتذكر أننا استقبلنا عينة من ولاية سطيف ذات مرة، وكانت تحمل استمارتها إشارة إلى أن الشخص يعمل بائعا لقلب اللوز. استغربت حينها، لأنه في الغالب لا تتم الإشارة إلى المهنة، وفي الحقيقة وجدنا أن الشحنة الفيروسية لهذا الشخص كبيرة بصورة لا تصدق، وقد كان يبيع الحلوى بطريقة سرية. أتساءل كم هو عدد الأشخاص الذين نقل إليهم العدوى؟
النصر: هل سجلتم تغيّرا في الفيروس؟  
في الولايات المتحدة الأمريكية سجلوا طفرة في الفيروس، بينما في الجزائر لا يمكننا معرفة الأمر انطلاقا من اختبار «تفاعل البوليمزار المتسلسل»، وإنما يتطلب الأمر تقنيات أكثر تطورا ودراسات على الجينوم، لكننا حاليا منكبون على التشخيص ولا نملك الوقت، بينما سنعمل في المستقبل القريب على دراسة فيروس كورونا الذي يتنقل في الجزائر.
النصر: وهل سيتراجع مع ارتفاع درجات الحرارة؟
أغلبية الفيروسات التنفسية هشة، ولا تحتمل الحرارة المرتفعة، وأعتقد أن عدد الحالات سيتراجع شهري جويلية وأوت مع الحرارة.
النصر: ما هو الوقت الذي يستغرقه اختبار «بي سي أر»؟
من المفترض أن تجرى الاختبارات في 24 ساعة، لكن بالنظر إلى ارتفاع العدد مقارنة بطاقتنا، فإنها تستغرق ثمانية وأربعين ساعة. طاقة فريقنا هي 300 اختبار في اليوم، لذلك يؤدي الفائض في الطلب إلى التأخير.
أريد أن أغتنم هذه الفرصة لتقديم الشكر لفريق المختصين المتطوعين من مركز البحث في البيوتكنولوجيا والمستشفى الجامعي ابن باديس الذين قدموا لمساعدتنا،  فنحن فريق معهد باستور نؤدي عملنا، بينما المتطوعون جاؤوا بمحض إرادتهم، وأبدوا التزاما صارما ببرنامج العمل.                                       س.ح

 

الرجوع إلى الأعلى