عائلة يحيى بمشتة لحوانت ببلدية الحدائق بولاية سكيكدة واحدة من العائلات التي قدمت تضحيات جسام للثورة بالتحديد في هجومات 20 أوت 1955 بالتحاق ثلاثة اخوة بالجبل قبل استشهاد اثنين منهم لاحقا مع تعرض والديهم لشتى أنواع التعذيب  مع حرق المنازل والممتلكات ولم يسلم منه  حتى الحيوان.
 عاد بنا الأخ الأصغر أحسن يحيى الذي يبلغ من العمر 70   إلى هذه الفترة ليستذكر همجية المستعمر وإبادته للشعب دون شفقة ولا رحمة وأيضا لنفض الغبار مثلما يقول عن حقائق تاريخية أكلها أرشيف الزمن يريد ايصالها للأجيال القادمة.
يروي محدثنا أنه في 20 أوت 1955 نزل مجاهدون من الجبل وتسللوا إلى غاية المحجرة التي يديرها مستوطن فرنسي وقاموا بقتل عاملين فرنسيين كانا متواجدين بالمحجرة التي لا تزال باقية كما هي لحد الآن رغم الصدأ الذي أكلها ثم لاذوا بالفرار.
وأضاف أن الحادثة جعلت فرنسا تستنفر قواعدها من أجل الانتقام لمقتل العاملين وقامت مباشرة ببناء مرقد قرب المحجرة لكونه مكان استراتيجي وشرعت في تنفيذ مخططها الانتقامي من خلال مداهمة المشتة وصنفتها فرنسا آنذاك كعائلة مشبوهة يوجد بينها ثلاثة مجاهدين، ثم قام المستعمر   بحرق المنازل المشتة وتشريد أهاليها كما تم  اعتقال شقيقه بوجمعة رفقة 18 مواطنا  قبل  تحويلهم صوب الحدائق المحادية حاليا لمقر الجامعة، ليأمرهم جنود فرنسا بقطع الأشجار، وتسويق ذلك للرأي العام على أن الجزائريين يقومون بالاعتداء على الغابة لكن في حقيقة الأمر كان  ذلك كما يقول محدثنا  سيناريو محبوك من أجل إبادتهم وقتلهم، حيث سرعان ما قامت باصطفافهم في مكان واحد وأطلق الفرنسيون   النار عليهم  دون شفقة ولا رحمة لكن شقيقه بوجمعة وبحركة سريعة قام بنزع حدائه البلاستيكي(بوط) واعتدى على دركي ثم لاذ  بالفرار، وقام الدرك بملاحقته وأطلقوا عليه النار وأصابوه في كليته ورجله ومع ذلك نجح في الفرار والاختباء في حفرة « طمر» حفرها له خصيصا والده   وبقي داخلها لقرابة ثمانية أشهر إلى غاية الشفاء ثم التحق بالثورة مباشرة وظل العسكر  يبحثون عنه لكن لم يعثروا عليه.
بوجمعة مجاهد اختبأ داخل حفرة لثمانية أشهر
محدثنا وهو يستذكر  تلك الأحداث لم يتمالك نفسه وأجهش بالبكاء عندما تذكر والدته ساسية الواهم مصابح ووالده محمد اللذين تعرضا مثلما قال لشتى أنواع التعذيب مع الاعتقال بمغارة في منطقة سطورة من طرف المستعمر في العديد من المرات من أجل افتكاك أي اعترافات أو معلومات من خلال إيهام والدته أن ابنها بوجمعه تم توقيفه وبشير تم قتله، لكنهم كانوا يفشلون في افتكاك الاعترافات منها و في كل مرة كانت تؤكد لهم أنها لم تر  ابنيها منذ 1955 وأكد محدثنا أن والدته كانت في كل مرة تعود  ليلا منهكة القوى.  وأما شقيقه رابح المدعو بشير الذي استشهد حسب وثيقة العضوية التي سلمت لنا في 1960 ، فروى لنا محدثنا أن المرحوم تم نقله للحدائق لتنفيذ حكم القتل في حقه رفقة صديقه المسمى الساسي الذي طلب منه الفرار بعد تيقنه أن مصيرهما سيكون القتل، لكن صديقه الذي لا يزال على قيد الحياة رفض اتباعه ما جعله يهرب من المركبة بعد اخراجه من السجن وتوجه مباشرة إلى الجبل لكن المجاهدين رفضوا أن يظل  هناك واشترطوا عليه تنفيذ عملية من أجل الالتحاق بالثورة فقام بقتل 2 من الكولون بالحدائق والتحق بالثورة   في 1957.
وأضاف محدثنا أن شقيقه البكر علاوة الذي توفي في 2018 صعد بعد هجمات 20 أوت 1955 وبالتحديد في 1956 بالثورة رفقة زوجته، و  توفي   ابنهما في 1961 عندما كانوا في طريقهم من القل إلى عزابة، حيث اضطر أحد مرافقيهم إلى خنق الطفل تفاديا لإصدار أي صوت لأن المستعمر نصب لهم كمينا هناك.
وأما والده محمد فقد ظل يعيش في المنزل بمشتة لحوانت إلى غاية 1992 أين تم اختطافه و إدراجه في 1998 ضمن المفقودين ولم نعلم أي تفاصل عن اختفائه لحد الآن.
وأكد محدثنا أن عائلة يحي الوحيدة في هذه القرية التي قدمت تضحيات كبيرة رفقة ابن عمهما أثناء الثورة وعلى وجه الخصوص في 20 أوت، وقدم لنا كتيبا صادر عن مديرية المجاهدين يتضمن أسماء أخويه الشهيدين وكذا المجاهدين، موضحا إن عائلته جاهدت في سبيل الله والوطن ولا تنتظر جزاء ولا شكورا.      
  كمال واسطة

الرجوع إلى الأعلى