بعد شهور من غلق المؤسسات التربوية و الابتعاد عن أجواء الدراسة النظامية، بسبب جائحة كورونا، تخلى عدد كبير من  التلاميذ المقبلين على شهادة البكالوريا، عن زي و مظهر العطلة، و استرجعوا مآزرهم و كراريسهم، و عادوا إلى الثانويات، من أجل المراجعة على يد أساتذتهم في كل المواد، و أيضا الاستفادة من الدعم النفسي و التوجيه من قبل أخصائيين، في ظل الإجراءات اللازمة من أجل الوقاية من كورونا.

إلهام طالب
و بالرغم من ضبط وزارة التربية برنامج للدعم و التوجيه و بروتوكول صحي وقائي يتضمن مخططا لتنظيم الحركة في المؤسسات التعليمية، مع تقسيم التلاميذ إلى أفواج لضمان التباعد، إلى جانب إلزامهم بارتداء الأقنعة الواقية، و الحرص على تطهير و تعقيم كافة المؤسسات، للحماية و الوقاية من كوفيد 19، فإن العديد من التلاميذ و الأولياء أعربوا عن ترددهم و خوفهم من العدوى، مفضلين الدروس الخصوصية على المراجعة النظامية، في حين يدعو أساتذة و مفتشون و مستشارون المقبلين على «الباك» ، إلى اغتنام الفرصة الذهبية المتاحة لهم و العودة إلى مقاعد الدراسة، بعد عطلة إجبارية طال أمدها بسبب الجائحة.
«  بكالوريا كـورونـا» و مخـاوف الأوليـاء
النصر تحدثت إلى عينة من الأولياء، فقال لنا السيد إسماعيل. ر، أن زوجته أستاذة مادة اللغة الفرنسية، بنفس الثانوية التي تدرس بها ابنتهما التي تستعد لاجتياز «باك كورونا»، كما يطلق عليه بعض التلاميذ، و قد ترك لها مهمة الإشراف على تفاصيل مذاكرتها، فاتفقت مع زميلاتها منذ بداية الحجر المنزلي، على ضبط برنامج  للدروس الخصوصية في المواد الأساسية في البيت، مشيرا إلى أن تخصصها لغات، لتجنب الخروج و التجمعات، و هي تتابع بانتظام هذه الدروس، مشيرا إلى أنه يلاحظ قلقها و توترها، خاصة و أنها تعرضت لوعكة صحية مؤخرا و تعافت منها.
و أضاف المتحدث «إن تزامن دورة 2020 مع كورونا، يربكها و يرعبها أحيانا، لهذا أحاول أن أخفف عنها، و أذكرها أن الأمر يتعلق بأزمة عالمية لا تخص الجزائر فقط، و ستزول بإذن الله قريبا، و ما علينا سوى الالتزام بطرق الوقاية. بالنسبة للعودة إلى الثانوية أترك الأمر لوالدتها فهذا مجالها، و هي أدرى بمصلحة ابنتنا».  
أما أم ابتهال، فأكدت لنا بأنها ليست مقتنعة بفكرة عودة ابنتها إلى مقاعد الدراسة التي غادرتها منذ ستة أشهر، خاصة في فترة تشهد انتشار عدوى كورونا، و أي خلل في إجراءات الوقاية، يؤدي إلى ما لا يحمد عقباه، على حد تعبيرها، لهذا و حفاظا على صحة و سلامة ابنتها، ستشجعها على مواصلة المراجعة عن طريق مواقع التواصل التي بدأتها تحت إشراف أساتذتها منذ أول يوم أعلن فيه عن غلق المؤسسات التعليمية و الحجر المنزلي، و كذا متابعة الدروس الخصوصية في المواد الأساسية، مشيرة إلى أنها تحقق نتائج لا بأس بها في تخصصها العلمي.  في حين أكد لنا السيد رشيد. ب أنه أشرف هو و زوجته الأستاذة الجامعية، على مراجعة ابنهما لدروسه في البيت منذ بداية السنة الدراسية، كما سهلا عليه مهمة الاعتماد على مختلف الوسائط و اشتريا له كتيبات التمارين، لكن مادامت وزارة التربية قررت وضع برنامج للدعم النفسي و البيداغوجي و التوجيه للمقبلين على البكالوريا، كما قال، فسيسمح لابنه بالعودة إلى الثانوية للاستفادة من البرنامج، و لو أنه ليس متحمسا لذلك، مع الحرص على توفير الكمامات له وإلزامه بتدابير الوقاية.
و من جهتها قالت لنا أم نهال، أنها ستحتم على ابنتها العودة إلى الثانوية، خاصة و أنها قرأت في الصحف و مواقع التواصل أن مستشارين و نفسانيين سيخصصون للتلاميذ حصصا للإصغاء و الاسترخاء و يستعملون مختلف التقنيات لتخليصهم من الخوف من الامتحان و كورونا، مشيرة إلى أن ابنتها تعاني من نوبات قلق و أرق و كوابيس و أزمة نفسية حادة، منذ فقدت والدها بسبب كورونا قبل شهرين تقريبا. و تخشى أن  تلازمها هذه الاضطرابات مدى الحياة، مشيرة  إلى أن ابنتها البكر كانت تلميذة مجتهدة، لكن الظروف هزمتها قليلا، و رغم كل شيء تواصل المراجعة لتحقيق أمنية والدها و هي النجاح في البكالوريا .

- مفتش التربية الوطنية غزالي بوحجر: التلاميذ بحاجة ماسة إلى التحضير النفسي و البيداغوجي في مؤسساتهم


قال مفتش التربية الوطنية غزالي بوحجر للنصر « إن ظرف الجائحة حتم على التلاميذ التوقف الاضطراري عن الذهاب إلى المؤسسات التربوية لأسباب صحية، فعوضوا ذلك بمتابعة الدروس و التمارين التي تبثها قناة المعرفة، كما لجأوا إلى الفضاء الأزرق، لمتابعة الفيديوهات التي ينشرها أساتذة في مختلف المواد، للإلمام بمنهاج الفصل الأول و الثاني، و لم يتوان بعضهم عن الاتصال بأساتذتهم لطلب المساعدة عند الحاجة، و بالتالي لم ينقطعوا عن الدراسة و المراجعة اليومية و لو عن بعد.  و في فترة ما قبل الامتحان أكيد أنهم بحاجة إلى تحضير نفسي، معرفي، منهجي، و بيداغوجي، سنوفره لهم بالثانويات.
و أشدد هنا أن البكالوريا امتحان عادي ككل الامتحانات الأخرى، و لا داعي للخوف منه، هناك مجموعة من الدروس النظرية لقنت لأبنائنا في الثلاثي الأول و الثاني في كل المواد بالثانويات، و راجعوها خلال الحجر المنزلي الذي فرض عليهم عطلة طويلة، و المؤكد أن أسئلة الامتحان لن تخرج عن المنهاج. إن  دور الأساتذة بالمؤسسات التعليمية التي تفتح لهم ، يتمثل أساسا في المساهمة في تحضيرهم نفسيا، خاصة و أننا لا نزال في زمن كورونا، و جوانب أخرى، مثل عرض نماذج للأسئلة و الأجوبة و كيفية  التعامل مع أسئلة البكالوريا، كيف يقرأونها و كيف يجيبون عنها، و شرح آليات و تقنيات الإجابة مع احترام الوقت المحدد لكل مادة، و الأهم تخصيص الوقت الكافي للتركيز في الأسئلة، من منطلق أن الفهم الجيد للسؤال نصف الجواب، و هذا الأخير يوجد ضمنيا في نص السؤال، الذي يعتبر محور العملية التقييمية، كما أنصحهم باستعمال المسودة فقط لكتابة العناصر الأساسية، أما الأجوبة، فتكتب بشكل مركز في ورقة الامتحان.  
 كمفتشين، قدمنا للأساتذة توصيات و توجيهات وزارة التربية، كما وردت في منشور حول تحضير التلاميذ للبكالوريا، و لنا لقاءات معهم لشرح ما يمكن أن نسميه خارطة الطريق إلى النجاح. و أدعو عبر النصر، جميع أبنائي المقبلين على البكالوريا إلى التوجه إلى مؤسساتهم، للاستفادة من نصائح أساتذتهم، لأن الدروس الخصوصية التي عاد البعض لمتابعتها، ذات أغراض تجارية بالدرجة الأولى تعلم التلميذ الحفظ دون فهم و استيعاب في الغالبية العظمى من الحالات، فتحيد به عن طريق النجاح. كما أدعو الأولياء إلى تشجيع أبنائهم على العودة إلى مقاعد الدراسة، و أؤكد لهم أن في انتظارهم أساتذة مستعدون لبذل قصارى جهدهم من أجلهم».

- مديرة مركز التوجيه بالخروب ربيعة بولكحل: المستشارون مجندون للمقابلات الجماعية و الفردية مع التلاميذ
 « يجتاز التلاميذ هذا العام امتحان البكالوريا في ظل ظروف صعبة،  بسبب جائحة كورونا، و ما ارتبط بها من ضغوط نفسية و قلق و توتر، لهذا أنصحهم بالتوجه إلى مؤسساتهم التعليمية للاستفادة من برنامج يطبقه أساتذة على دراية بنظام الامتحانات، يقدمون لهم نماذج من الأسئلة و طرق الإجابة عليها و يقدمون لهم توجيهات تلخص خبراتهم المهنية الميدانية، و كذا تقنيات المراجعة،  بالمقابل سيخصص مستشارو التوجيه المتواجدين عبر كافة المؤسسات التعليمية تقريبا، حصصا للتحضير النفسي لاجتياز الامتحان، دون خوف أو قلق، و تمارين التنفس و الاسترخاء و غيرها، و كذا شرح البروتوكول الصحي الوقائي المطبق ، و ذلك وفق مخطط خاص وضعته وزارة التربية الوطنية. سنعتمد في ذلك على مقابلات جماعية و فردية،  فالمؤكد أننا سنجد حالات تأثرت كثيرا بالأزمة الصحية العالمية و تبعاتها، التي نجمت عنها اضطرابات نفسية و سلوكية طالت الكبار و الصغار، و تحتاج إلى تكفل و دعم خاصين، و بالتالي مهمتنا صعبة، لكننا سنبذل قصارى جهدنا لإتمامها على أكمل وجه من أجل نجاح أبنائنا».

أستاذ الفيزياء عبد الواحد زغودي:  على  التلاميذ للاستفادة من هذه الفرصة الذهبية


«حددت الوزارة في منشورها، الحجم الساعي للدعم في كافة المواد، مع  التركيز على الجانب النفسي، أكثر من البيداغوجي، و أيضا الجانب التوعوي و التحسيسي و التوجيهي، هناك تلاميذ يتابعون الدروس الخصوصية، قد يفكرون في عدم التوجه إلى مؤسساتهم في هذه الفترة للتفرغ لهذه الدروس التي يعتبرونها الأهم، و آخرون يتوجهون إليها لمعرفة المستجدات و العتبة، لا غير.  في مادة الفيزياء مثلا تتضمن آخر وحدة عدة أجزاء، و سنحدد معا في القسم الجزء أو الدرس الأخير الذي يدرج ضمن الدروس التي عليه أن يراجعها لاحتمال أن يمتحن فيها ، و ذلك في إطار التحضيرات  للبكالوريا، لهذا أنصح جميع التلاميذ بالحضور إلى الثانوية و الاستفادة من الدعم و التوجيه اللذين هم بأمس الحاجة إليهما في هذه الفترة التي تسبق الامتحان بمدة تعتبر قصيرة ، و ذلك بعد فترة طويلة، من الحجر المنزلي، بسبب الجائحة.
 كما أننا نساهم كأساتذة في تسهيل تعامل التلميذ مع الامتحان، و تجاوز القلق و الخوف، خاصة في ظل هذه الأزمة الصحية العالمية و آثارها النفسية و المعنوية على الكبار و الصغار، و ما بالك بالمراهقين المقبلين على البكالوريا.
إننا على أهبة الاستعداد لمساعدة تلاميذنا الذين نعرف جيدا مستوى كل واحد منهم و احتياجاته و نقاط ضعفه و قوته، و توجيههم في ما يخص قراءة التمارين، و اتخاذ القرار في ما يخص التي يمكنهم حلها، كما   سنركز على    المذاكرة البصرية».

- الأخصائية النفسانية سليمة مزدور سودوس: تجنب الإشاعات و الاستفادة من توجيهات الأساتذة نصف الطريق إلى النجاح


« فلنسترجع الشريط معا.. لقد قضى تلاميذ النهائي قرابة ستة أشهر في البيت بعد غلق الثانويات، بسبب الجائحة، و لجأوا إلى التعلم عن بعد، رغم حالة القلق العامة،  لكن فجأة تكسر ريتم المذاكرة في رمضان، و انتشرت الفوضى و البلبلة و الهلع، بسبب انتشار إشاعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول تأجيل أو إلغاء البكالوريا، أو جعله اختياري، لكن بعد الإعلان الرسمي عن تاريخ الباك، تنفس التلاميذ الصعداء، و بادر الأولياء الميسورون بالاتصال بأساتذة لتقديم دروس خصوصية فردية أو ثنائية في الخفاء لأبنائهم، في حين واصل بقية التلاميذ الاعتماد على قناة المعرفة و الصفحات و الفيديوهات التعليمية التي نشرها أساتذة مخلف المواد عبر مواقع التواصل، لكن هذه المواقع تبقى سلاحا ذا حدين، فهي نفسها تضم مجموعات و صفحات لنشر المزيد من الإشاعات التي تبث الخوف و تهز ثقة التلميذ في نفسه مثل «من لا يتابع الدروس الخصوصية لن ينجح» و «من لم ينجح هذا العام في الباك لن ينجح طوال حياته»، و أيضا « الباك هذا العام في متناول الجميع بفضل كورونا» ، ما جعل الكثيرين يستسهلونه و يتوقفون عن المراجعة.
مقابل الإشاعات،  هناك ضغط الأولياء الذين لا يزال معظمهم ينظرون إلى هذا الامتحان، بأنه مصيري و تأشيرة لضمان المستقبل و نجاح و فخر للعائلة ككل. دون أن أنسى ضغط الوباء و مخاوفه التي هيمنت على كل التلاميذ. كل هذه المعطيات ذكرتها، لكي أبين معاناة أبنائنا هذا الموسم و هم يستعدون لأول بكالوريا تنظم في عز أزمة وبائية. كنفسانية نشرت رقم هاتفي و عرضت على التلاميذ الاتصال بي للإصغاء إلى انشغالاتهم و تخصيص حصص دعم نفسي واسترخاء مجانية لهم في عيادتي، و قد أخبرني من تحدثت إليهم بأنهم يشعرون بالقلق و الإرهاق و ينتظرون اجتياز الامتحان و التخلص من عبء أثقل كاهلهم.  
في المقابل أشجعهم على التوجه إلى ثانوياتهم، لاستعادة أجواء الدراسة و الاستفادة من زبدة المعلومات و التوجيهات التي يقدمها لهم أساتذتهم، لكن مع الالتزام التام بإجراءات الوقاية، كما أدعوهم إلى عدم متابعة ما تنشره بعض المواقع من إشاعات محبطة، و تنظيم وقتهم و عدم السهر الطويل و التغذية المتوازنة، مع تخصيص بعض الوقت للراحة و الترفيه، و أشدد هنا بأن تجنب الإشاعات و الاستفادة من توجيهات الأساتذة نصف الطريق إلى النجاح».   

- الأخصائي النفساني كمال بن عميرة: الوجه الآخر للحجر هو إتاحة الفرصة للتلاميذ للمراجعة على مهل


بالنسبة لي كأخصائي نفسي أثمن المبادرة الجيدة التي تمنح الدعم للتلاميذ من أجل مراجعة بعض الأمور.. مع الالتزام بالوقاية المطلوبة، حتى يتسنى للطالب اغتنام الفرصة دون خوف . و أؤكد هنا أن الامتحان في متناول الجميع، لو التزم أبناؤنا بالتحضير الجيد وتجنبوا السهر لفترات طويلة .
و أيضا الابتعاد في هذه الفترة عن مواقع التواصل الاجتماعي.
أرى أن فرص النجاح كبيرة ، بالرغم من أننا عشنا فترات صعبة، جراء الجائحة وتداعيتها،  لكن فلنعترف أن الحجر الصحي أتاح فرصة لا تعوض لأبنائنا من أجل التفرغ للمراجعة و التحضير الجيد في البيت .و أشير هنا إلى أنه تم التكفل بعدد كبير من المقبلين على البكالوريا من الناحية النفسية على مستوى وحدة المساعدة النفسية في المستشفى الجامعي بن باديس بقسنطينة، حيث وفر الطاقم النفساني المتخصص  الدعم النفسي و التوجيهات و الإرشادات من أجل التخلص من الطاقة السلبية و اجتياز الامتحان بكل ثقة بأقل ضغط و توتر.
كما أعتبر مبادرة فتح الثانويات للتلاميذ في هذه الفترة، فرصة جيدة  لتدارك و تصحيح بعض الأخطاء التي قد يقع فيها التلميذ أثناء المراجعة،  
و فرصة للأستاذ لشحن همم التلاميذ و  توجيههم.
أنصح التلاميذ بالابتعاد عن كل ما يشوش الذهن  و الاعتماد على الغذاء الصحي و اختيار فترات المراجعة الأنسب،  ومحاولة التدرب على الإجابات للتغلب على الخوف و التوتر، و طلب المساعدة من أساتذتهم الذين عادوا إلى المؤسسات من أجلهم.
كنفساني أرى أن أكبر عدو للتلميذ هو التبرير،  كأن يقول أن الجائحة عائق في طريقه للنجاح. لهذا عليه اتخاذ الاحتياطات الضرورية و التعقل و التوكل على الله، فالنجاح حليف كل إنسان مثابر يأخذ بالأسباب ليجني ثمار ما حصد.
كما أدعو الأولياء بالدرجة الأولى إلى تشجيع أبنائهم على المراجعة مع أستاذه في ثانويته في هذا الوقت بالذات، لأن الأستاذ على علم بنقائص كل واحد من تلاميذه، و بإمكانه توجيهه للتغلب عليها. كما أن الفرصة سانحة لكل تلميذ من أجل إعداد كل الأسئلة التي واجه صعوبة في الإجابة عليها، وطرحها على أستاذ المادة ومناقشتها . و سيكون دور الأستاذ  توجيهي منهجي بكل تأكيد، و سيسعى جاهدا لمساعدة الطالب و يكون سندا له وليس عائق، و تبقى المراجعة في البيت تكملة لعمل الأستاذ».                                                   إ-ط

الأستاذ الباحث محفوظ سنية في حوار للنصر: ظروف البكالوريا الاستثنائية تتطلب تحضير نفسي وبيداغوجي استثنائي للتلاميذ


يؤكد الأستاذ الباحث محفوظ سنية في هذا الحوار الذي خص به النصر، بأن الظروف الاستثنائية التي تجري فيها امتحانات البكالوريا هذا الموسم، تتطلب تحضيرا نفسيا و بيداغوجيا استثنائيا للتلاميذ، مؤكدا أن هذه الظروف الاستثنائية يجب ألا تكون سببا في التقليل من قيمة وأهمية  شهادة البكالوريا، و دعا الأولياء إلى الإطلاع على البروتوكول الصحي الخاص بالامتحانات لحث أبنائهم على التقيد به.

حاوره: نورالدين عراب
. النصر: امتحان شهادة البكالوريا هذا العام يأتي في ظروف استثنائية فرضها وباء كورونا، ما هي الإرشادات والنصائح التي تقدمها للتلاميذ الممتحنين؟
ـ محفوظ سنية: أكيد امتحان شهادة البكالوريا هذه السنة يأتي في ظروف استثنائية بسبب وباء كورونا، و أثر هذا الوباء على قطاع التربية، حيث أغلقت المدارس بتاريخ 12 مارس الفارط ، أي منذ 06 أشهر تقريبا انقطع التلاميذ عن المدارس، كما لم تكتمل كل محاور الفصل الثاني، وكأن وباء كورونا فرض على التلاميذ العتبة التي عاشها القطاع في السنوات الماضية، و أصبح واضحا أن أسئلة البكالوريا هذا الموسم، تشمل الفصل الأول و بعض محاور الفصل الثاني. هذا الانقطاع عن التمدرس كان له تأثير سلبي على التلاميذ نفسيا و بيداغوجيا. لهذا يجب على الأخصائيين النفسانيين و الأساتذة مرافقة التلاميذ و تأطيرهم مباشرة مع استئناف المراجعة، كما لا ننسى دور الأولياء في مرافقة أبنائهم ومساعدتهم من كل الجوانب، من أجل التقليل من الآثار الثنائية لوباء كورونا، ويتمكن بذلك التلاميذ من تحقيق مردود إيجابي في الامتحان.
وأؤكد بأن الظروف الاستثنائية تتطلب تحضيرا نفسيا و بيداغوجيا استثنائيا حتى لا يشوش على الممتحنين بسيكولوجيا، وأيضا هذه الظروف يجب ألا تكون سببا في التقليل من قيمة و أهمية البكالوريا، لهذا يجب أن تبقى نفس التوجيهات التي كانت من قبل.
الفشل في التخطيط يعني تخطيط الفشل
. ماذا عن برنامج المراجعة  ؟
ـ قبل الامتحان يجب وضع تخطيط للمراجعة و احترامه، والفشل في التخطيط يعني تخطيط الفشل، كما يجب على التلاميذ حل أكبر عدد ممكن من مواضيع الامتحانات السابقة  والتركيز على الفصل الأول و الفصل الثاني، ووضع برنامج محكم يكون في متناول المحاور الأساسية للمواد ذات المعامل الهام، ولا يعني ذلك إهمال باقي المواد، كما يجب على التلاميذ طرح الأسئلة بالنسبة للمواضيع غير المفهومة على الأساتذة خلال فترة المراجعة، أما ليلة الامتحان فيجب على التلاميذ تحضير لوازم الامتحان و لوازم الوقاية الصحية إن لم يوفرها مركز الامتحان( معقم اليدين والقناع الواقي)، والتأكد من تحضير جميع الوثائق المطلوبة في الامتحان، كما أنصح التلاميذ بتفادي المراجعة ليلة الامتحان  وعلى التلميذ أن يثق في نفسه و قدراته، وعليه أن ينام باكرا ويمتنع عن شرب القهوة والشاي، وعليه أن يضع دائما ثقته بالله.
أما بالنسبة ليوم الامتحان فعلى التلميذ النهوض باكرا، والتوجه إلى مركز الامتحان قبل الوقت المحدد ليتعرف على قاعة الامتحان، و بعد توزيع ورقة الامتحان عليه ملأ المعلومات بكل تأني وبدقة، وعند إطلاعه على موضوع الامتحان عليه إعطاء نصف ساعة لقراءة السؤال الذي اختاره، وعليه أن يبدأ بالسؤال الذي يراه سهلا،  و إذا اعترضه سؤال غير واضح عليه تأجيله، كما أنبه التلاميذ إلى ضرورة استغلال كل الوقت المخصص للمادة، وعلى التلميذ أن يضع في ذهنه أن من يسلم الورقة قبل الآخرين، لن يحصل على جائزة أو أي تفضيل، كما على التلاميذ الابتعاد عن مناقشة صحة الأجوبة مع الزملاء و أفراد الأسرة.
. تم إعداد بروتوكول صحي من طرف وزارة التربية خاص بمراكز الامتحان، هل لهذا البروتوكول تأثيرات نفسية على التلاميذ؟
ـ البروتوكول الصحي شيء جديد بالنسبة للتلاميذ، وأكيد له تأثير سلبي عليهم، لهذا يجب تحضيرهم مسبقا، و أحسن وقت للتحضير يكون أثناء المراجعة، إلى جانب توزيع مطويات تشرح كيفية تعامل المترشحين أثناء الامتحان، كما يمكن نشر هذا البروتوكول عبر وسائل الإعلام المختلفة، من خلال ومضات إعلامية وعبر الإنترنت ورسائل نصية عبر الهواتف النقالة، خاصة الأولياء الذين يجب عليهم الإطلاع على هذا البروتوكول الصحي لتوعية أبنائهم، وحثهم على طريقة التعامل مع هذا الظرف الصحي الاستثنائي أثناء الامتحان، وعلى الأولياء أن يكرموا أبناءهم ويحسنوا آدابهم.
على الأولياء حث أبنائهم على الالتزام بالبروتوكول الصحي
. تحدثت عن الأولياء، ما هي النصائح والإرشادات التي تقدمها لهم للتعامل مع أبنائهم المقبلين على شهادة البكالوريا في هذا الظرف الاستثنائي؟
ـ على الأولياء حث أبنائهم على ضرورة الاحترام الدقيق للبرتوكول الصحي، وتفادي الاهتمام المفرط بهم الذي قد يعود سلبا على نفسية أبنائهم، إلى جانب مرافقتهم طيلة فترة الامتحان و أثناء المراجعة، والاعتناء بهم من حيث التغذية الجيدة ونوعية الخضروات ذات الألياف والفواكه، و تفادي شرب القهوة والشاي وتعويضها بمنقوع الأعشاب»التيزان»، كما يجب على الأولياء أن يكون الحوار إيجابيا مع أبنائهم ومنعهم من بعض السلوكيات، كاستخدام الإنترنت و فايسبوك خاصة في ليالي الامتحانات.
. هل من كلمة أخيرة تقدمها بمناسبة امتحانات البكالوريا التي تجري في هذه الظروف الخاصة التي فرضها وباء كورونا؟
ـ كلمتي الأخيرة تكون في شكل تساؤلات أطرحها حول مصير التلميذ الذي تكتشف أن درجة حرارته عالية، هل يبعد عن باقي التلاميذ أم يقصى ؟ هل يواصل الامتحان أم لا؟ وكيف يتم التعامل مع هذا الموقف؟هل أدرجت في البروتوكول الصحي أم لا؟
 أتمنى في الأخير النجاح لكل التلاميذ المقبلين على امتحان شهادة البكالوريا.                             ن ع

الرجوع إلى الأعلى