تُحيي الجزائر هذا العام، اليوم الوطني للصحافة وسط ظرف استثنائي فرضته جائحة كورونا التي أحدثت تغييرات واضحة على الطرق التقليدية في ممارسة المهنة، فبيّنت أهمية العمل عن بعد وساعدت على التفطن إلى بدائل أوجدتها تكنولوجيا حديثة تؤسس لأساليب جديدة ومبتكرة في العمل الاعلامي، كما نبّهت الأزمة الصحية إلى أن التخصص في الصحافة بات أمرا أساسيا و”سلاحا” مهما في مواجهة الأخبار المضللة، حيث يرى صحفيون ومسؤولو تحرير في هذا الملف الذي أعدته النصر، أن الجائحة تشكل فرصة فعلية للتأسيس لإعلام يتسم بالحداثة ويضمن الانتشار الرقمي، لكن دون أن يتخلى عن مبادئ المهنة المرتكزة على تحرى الدقة وتقديم معلومة صحيحة تساعد المواطن على فهم ما يدور حوله بعيدا عن التهويل وأسلوب الإثارة.

ملف من إعداد: ياسمين بوالجدري

عاشت الصحافة الجزائرية منذ شهر فيفري من السنة الجارية، وضعا غير مسبوق من كل الجوانب، فمن جهة وجد الصحفيون أنفسهم يواجهون خطر الإصابة بفيروس كورونا كغيرهم من أفراد المجتمع، لكنهم كانوا مطالبين في الجهة المقابلة بتقديم المعلومة للمواطن، الأمر الذي وضعهم أمام حتمية التكيف تدريجيا، بينما حدث نوع من الإرباك في البداية في ظل اختلالات التواصل مع المصادر الرسمية، وضبابية و تضارب بخصوص المعلومات المتعلقة بمدى خطورة الوباء و درجة انتشاره.
وفي ظل هذا الوضع، لجأت غالبية المؤسسات الاعلامية إلى اعتماد طريقة العمل عن بعد حفاظا على أرواح طاقمها، وصار الصحفي يعمل من بيته وقد يكتفي بإرسال المادة من هاتفه النقال بعد القيام بتغطية ميدانية يكون قد اتخذ لأجلها احتياطاته ضمانا لسلامته وسلامة عائلته، في وقت اضطرت فيه بعض الجرائد إلى وقف الطبع و قلصت عدد الصفحات لفترة، ما زاد من متاعب الصحافة المكتوبة بالجزائر.
وبهذا الخصوص، يرى متابعون أن الأزمة الوبائية أثرت بشكل أكبر على الصحافة الورقية، لكنهم يؤكدون أنها نبّهت إلى أهمية ذهاب هذا القطاع الذي يوصف بـ "الصحافة التقليدية" إلى تعزيز تواجده في الفضاء الافتراضي من خلال الدعم بالوسائط الرقمية، وهو أمر انتبهت إليه عدد من الجرائد التي أثرت منصاتها الالكترونية بعدما كان محتواها محتشما قبل ظهور الجائحة.
كورونا كشفت أيضا عن عدم تحكم في التعامل مع المعلومة العلمية، يرجعه مهنيون، إلى ضعف في الصحافة المتخصصة ببلادنا، فتم مع بداية انتشار الوباء فتح منابر إعلامية لأشخاص غير متخصصين وسادت حالة من الإرتباك وعدم الفهم انعكست على الشارع، لكنها تبددت بمرور الأشهر من خلال تحكم نسبي في طرق المعالجة و وقوف الاعلاميين على واقع جديد يقول إنهم طرف أساسي في الحرب ضد الوباء، و بأنهم يتحملون مسؤولية التوعية بعيدا عن الإثارة و التهويل.

عبد القادر طوابي الرئيس المدير العام ليومية النصر: الأزمة الوبائية فرضت الانتقال إلى صحافة «الويب»


يعتبر عبد القادر طوابي، الرئيس المدير العام ليومية النصر، أن الجائحة تشكّل فرصة للإعلام المكتوب بالجزائر من أجل الانتقال إلى صحافة «الويب» التي ظهرت أهميتها خلال أزمة وبائية تركت انعكاسات سلبية على الجرائد الورقية.
و يُذكّر طوابي بالتجربة النموذجية للنصر في ما يتعلق بمعالجة المادة الاعلامية المتصلة بجائحة كورونا، حيث أكد أن الجريدة كانت لها نظرة استشراف لما يحدث في العالم وقامت بعمل استباقي، فمنذ الأسابيع الأولى من انتشار فيروس كوفيد 19 في الصين، بدأت النصر في تغطية أخباره و متابعة تطوارته، حيث حرصت على نقل توضيحات المختصين والعلماء الذين شرحوا مدى خطورة المرض وجدية الوضع، و في مرحلة ثانية  تم التعامل مع جميع المواضيع المتعلقة بالوباء، وإفراد مساحات كبيرة لها دون تهويل، فاتّسمت المادة الاعلامية في الجريدة بالاتزان وكانت مسنودة بآراء خبراء ومختصين.
النصر واكبت كذلك الوضع الصحي الجديد الذي فرضته الجائحة، من خلال القيام بعملية تحسيس على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك، يتابع طوابي، مضيفا أن المؤسسة طبقت من جهتها تدابير الوقاية وكذلك ما تعلق بالتخفيض في تعداد الموظفين بنسبة 50 بالمئة، وهو ما فرض أساليب عمل جديدة، و وضع هيئة التحرير أمام تحدي تقديم مادة نوعية دون تقليص عدد الصفحات، مشيدا في السياق ذاته، بجهود الصحفيين الذين ظلوا يؤدون عملهم في تلك الظروف و منهم من واجهوا الخطر بإجراء روبورتاجات ميدانية في المستشفيات والشارع والتحدث إلى مرضى وعائلاتهم.
بالمقابل، أبرز مسؤول النشر بالنصر، أن الجائحة كانت لها انعكاسات سلبية على التوزيع والسحب مع تراجع الإشهار، ما شكل بحسب السيد طوابي، ضربة قاصمة، مؤكدا أن الوضع وإذا تم النظر إليه من زاوية مغايرة، يعتبر فرصة للجرائد الورقية للانتقال إلى صحافة «الويب»، ليتابع في هذا الإطار، أن النصر واعية بحجم هذه التحديات التي تفرض تكيفا سريعا يتطلب تكوينا واسعا ومكثفا للطاقم الصحفي والتقني والمضيّ قدما في عملية الانتقال هذه “بأقل الأضرار وبطرق مهنية”.
وأشار الرئيس المدير العام ليومية النصر، إلى أن اليوم الوطني للصحافة يأتي هذه السنة عشية الاستفتاء على مشروع تعديل الدستور، الذي كرس مثلما يتابع، حرية التعبير في إطار الحريات العامة ولم يضع سقفا لها عدا أن الصحفي مطالَب بأن يحكم ضميره المهني وبأن يمتثل لقوانين الجمهورية ويحترم خصوصية وحرية الغير وثوابت المجتمع ومقدساته، قبل أن يختم “على الصحافة الوطنية استغلال هذا العهد الجديد بالعمل على ولوج صحافة عصرية مهنية ذات مصداقية وقادرة على مواجهة التحديات”.

محمد بغالي رئيس تحرير يومية الخبر : كورونا قلبت سلّم أولوياتنا وكشفت غياب الصحافة المتخصصة


يرى محمد بغالي، رئيس تحرير يومية «الخبر» المستقلة، أن جائحة كورونا كشفت عن غياب صحافة متخصصة بالجزائر كما أظهرت «هشاشة القطاع»، لكنها نبّهت بالمقابل، إلى مزايا العمل عن بعد الذي مكّن من الحصول على مادة إعلامية أكثر جودة وساعد على توفير الكثير من المصاريف.
وقال بغالي إن الخبر كانت متخوفة في بدايات الوباء من تأثير الأوضاع الجديدة على نشاطها في وجود مطبعيين وموزعين وباعة يتحكمون هم كذلك في السوق، مضيفا أنه وقبل أن تعلن السلطات عن إجراءات الحجر الأول، تم الاتفاق على مخطط وقائي جمدت فيه اجتماعات التحرير قبل الانتقال تدريجيا إلى العمل عن بعد، ما مكن من تعميم هذا الإجراء بشكل سلس بمجرد أن قرر مجلس الأمن الشروع في الحجر، فكان الحضور إلى مقر الجريدة مقتصرا على الفريق التقني.
ويتابع رئيس التحرير قائلا «العمل عن بعد مكننا من الوصول إلى منتوج أجود، كما مكننا من التغلب على التأخيرات في الإرسال التي كنا نعاني منها قبل تنفيذ هذا المخطط، بالإضافة إلى الاقتصاد في الكثير من المصاريف (..) لم تغب الجريدة يوما واحدا عن قرائها، كما أن مؤسسة الخبر لم تتخذ أي إجراء يمس رواتب العمال اللهم إلا تجميد بعض المنح التي صرفت في ما بعد».
بغالي نوّه كذلك بالتسهيلات التي حصلت عليها الخبر من مصالح رئاسة الجمهورية و وزارتي الاتصال و الداخلية، والتي رافقتها، مثلما يردف، بشكل جيد عبر تمكين الجريدة من رخص التنقل في وقتها، والاجتهاد في مواعيد تسليم الإشهار العمومي والمؤسساتي، ما عزز شعورا بأن «الدولة كانت حريصة كل الحرص على أن لا يتوقف نشاط الإعلام، كونه يمثل شريكا استراتيجيا في مواجهة الجائحة».   
وبخصوص طريقة التعاطي مع الأخبار المضللة التي انتشرت بصورة مقلقة في بدايات الأزمة، يبرز رئيس التحرير أن «الخبر»، ومنذ تأسيسها، تتعفف عن الإثارة مهما كان مصدرها، كما تتعاطى مع الأحداث والأخبار بحرص شديد في ما يتعلق بالتحقق من صحتها ومصادرها، خاصة تلك المتصلة بمحطات حساسة كما هو الشأن بالنسبة للوباء، أين يتضاعف الإحساس بالمسؤولية فتزيد إجراءات الحيطة، بحسب المتحدث.
ويضيف بغالي في حديثه للنصر، أن الجائحة قلبت سلم أولويات الخبر، فكانت تخصص صفحات الحدث للتعاطي معها، حتى وصلت إلى ما لا يقل عن 60 بالمائة من مساحة النشر، وذلك عبر نقل الأخبار للقراء من مصادرها، مع الابتعاد عن التخويف والتهويل، وفتح المجال للمختصين الحقيقيين من داخل الوطن و خارجه، وكذلك التركيز على التوعية بضرورة احترام الإجراءات الوقائية.
ويرى السيد بغالي، أن الجائحة كشفت عن غياب الصحافة المتخصصة في الجزائر، مما اضطر الصحفيين إلى الخوض في مواضيع ليست في الأصل من اختصاص المنشورات العامة، ليخلص في الأخير، إلى أن كورونا جاءت لتؤكد مرة أخرى هشاشة القطاع، فالكثير من الصحف لم تصمد، بحسبه، ماليا وتجاريا ومهنيا أمام الصعوبات التي أنتجتها الأزمة الوبائية، وأصبح واضحا أن «الغالبية العظمى من وسائل الإعلام في الجزائر لم تبلغ بعد مستوى المؤسسة إداريا و ماليا، كما أنها لم تبتعد بعد عن مستوى الدكاكين الإعلامية أخلاقيا و مهنيا»، حسب وصفه.

نسيمة يعقوبي صحفية التلفزيون الجزائري: كنت أول صحفية تدخل قسم الإنعاش بمستشفى البليدة والتوعية تأتي قبل السبق


تعتبر نسيمة يعقوبي، الصحفية بالتلفزيون الجزائري، أن أزمة كورونا أعطت درسا للصحفيين بأهمية التواجد في الصفوف الأولى، ليس من أجل تحقيق السبق فحسب، بل لنقل الصورة الكاملة للواقع ولعب دور فعال لتحسيس أفراد المجتمع.
وتضيف الاعلامية، أنه ينبغي على الصحفيين تقديم خدمة عمومية للمواطن والمشاهد، مؤكدة أن أزمة كورونا فرضت عليها و على زملائها تأدية واجب نقل الواقع بالصورة والصوت كاملين إلى المشاهد، وكذا تقديم رسائل تساهم في توعية اللجميع خصوصا الذين كانوا يشككون في انتشار الوباء.
و تردف يعقوبي قائلة “أفتخر بكوني أول صحفية تقتحم قسم الإنعاش بمستشفى فرانس فانون بالبليدة، لقد كانت مغامرة ومحاولة للوصول إلى السبق الصحفي. لا أخفي حجم الخوف، لكن المغامرة الإعلامية كانت تطغى على مشاعري بعد أن شاهدت الأطباء كلهم مجندون، فلن نكون أحسن منهم، هم الذين يتواجدون في الصفوف الأولى».
وتضيف الصحفية للنصر، أنها وقفت في أول يوم دخلت فيه إلى مستشفى البليدة، على حالات تعاني من كوفيد 19 وأخرى فاقدة للوعى تماما و وجدت حالات وفاة، ما خلف لديها شعورا بالألم و التحسّر، فبدأ من هنا الإصرار على نقل الصورة كاملة للتوعية والتحسيس وليس تحقيق السبق الصحفي فحسب،  مثلما عبّرت.
وترى الصحفية أن تجربة كورونا، أعطت الصحفيين درسا بوجوب التواجد دوما في الصف الأول، في جميع الظروف.

عبد العزيز تويقر المدير العام المسير لشبكة أخبار الوطن: الجائحة فتحت أعيننا على أدوات جديدة في العمل الإعلامي


يعتبر عبد العزيز تويقر، المدير العام المسير لشبكة أخبار الوطن، أن أزمة كورونا فتحت الأعين على أدوات أخرى ممكنة في العمل الاعلامي، وأبرزت أهمية الصحافة العلمية، غير أنها أظهرت كيف يمكن أن تؤثر الأخبار المضللة على العمل الاعلامي.
ويرى تويقر أن زحف الكوفيد رافقته إساءة واسعة من قبل مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، عبر التهويل والتهوين والنفي القاطع في بعض الأوقات، فانتشرت المعلومات التي لا مصادر لها، ما أربك  السلطات الصحية وكذلك وسائل الاعلام التي «فضح» هذا الوضع الجديد، عدم اهتمامها بالإعلام العلمي من قبل.
ويضيف المدير العام لشبكة أخبار الوطن، أنه وبينما كان البعض يسعى إلى التكيف والتقيد بأدبيات الاعلام في نقل المعلومة، وقعت الكثير من الانحرافات في تناول موضوع الجائحة ما دفع بالحكومة إلى اتخاذ سلسلة من الاجراءات أهمها تشكيل لجنة رصد ومتابعة فيروس كورونا، لتأطير المعلومة وتقديمها عبر قناة رسمية ذات صدقية، ما خفف من الفوضى التي عرفتها الساحة الاعلامية مع بداية انتشار الجائحة وظهور الحالات الأولى في البليدة، وحصَر مجال انتشار المعلومات المغلوطة.
ويبرز السيد تويقر أن شبكة أخبار الوطن على سبيل المثال، اتخذت من مبدأ التحري والتأكد عبر أكثر من مصدر، أساسا في تحرير الأخبار الخاصة بالجائحة، فكان التدقيق هاجسا حقيقيا في ظل رفض الكثير من الأطراف والمؤسسات الاستشفائية، خاصة، تقديم المعلومة والتعامل مع الاعلام، كما بدا التساؤل في قاعة التحرير عن كيفية كتابة الخبر والتقرير والرأي العلمي وحتى إدارة الحوار العلمي والأسلوب المناسب لتقديم المعلومة العلمية عبر هذه القوالب، دون الاخلال بالعمل الصحفي المتعارف عليه وضمان قبوله من طرف المتلقي، فكان الاجتهاد والبحث مثلما يضيف المتحدث، السبيلين الوحيدين لتحقيق ذلك، وتم التأقلم سريعا وتقديم معلومة موثوقة من مصادرها الرسمية و تحليلات و شروحات من مختصين، بعيدا عما كان يدور في مواقع التواصل الاجتماعي من خلط وإفزاع وتشكيك.
إلى جانب ذلك، لجأ صحفيو الجريدة إلى العمل عن بعد بهدف الاستمرار في تقديم خدمة عمومية نوعية وذات مصداقية، حتى قبل أن تفرض السلطات ذلك، فيما تم الابقاء على أقل عدد من الصحفيين والتقنيين بمقر الشبكة، وهي تجربة مكنت مثلما يتابع السيد تويقر، من الإبقاء على حياة المؤسسة ونشاطها الاتصالي، وفتحت العين على أدوات أخرى ممكنة في العمل الاعلامي مع الحفاظ على المبادئ والأسس التي تحكم الممارسة الاعلامية.
و يرى تويقر في حديثه للنصر، أن المؤسسات الاعلامية مضطرة إلى التكيف مع المستجدات، وأردف قائلا «لم يعد من الممكن إبقاء وجودها مرتبطا بتكوين أو توظيف الصحفي المتخصص في الشأن السياسي أو الثقافي أو الاجتماعي و الرياضي وفقط، فقد فرضت كورونا على الجميع التحول الى مجال آخر صنع الحدث وصنع مانشيتات الصحف والمواقع و كل الوسائط الاتصالية الأخرى».

طارق حفيظ مراسل وكالة "سبوتنيك" الروسية بالجزائر: لم أرتح مع العمل عن بعد في البداية و"فيسبوك" ليس وسيلة إعلام


ينتقد الصحفي طارق حفيظ، مراسل وكالة الأنباء الروسية «سبوتنيك»، بالجزائر، استعانة عدد من وسائل الاعلام بمحتوى وسائل التواصل لنقل الأخبار المتعلقة بجائحة كورونا، ويقول إن هذا الأمر لا يمكن أن تُطلَق عليه صفة العمل الصحفي، كما يتطرق إلى ضرورة الاستعانة بالمصادر المعرّفة وعدم نشر المعلومات غير المسنودة، ليبرز التغييرات التي فرضتها الوضعية الوبائية على المهنة.
و أكد السيد حفيظ الذي يتعامل مع النسخة الفرنسية للوكالة الروسية، أنه لا يوجد اختلاف كبير بين طريقة العمل كصحفي مع وكالة أجنبية أو مع جريدة وطنية على غرار «لوسوار دالجيري» التي كان يعمل بها، لكن «سبوتنيك»، يضيف، تُلزِم الصحفي بإسناد الخبر لمصدريْن معرّفين على الأقل، أما بالنسبة للمادة المتعلقة بجائحة كورونا على سبيل المثال، فينبغي التحدث إلى مختص أو خبير وإلى مصدر رسمي من وزارة الصحة أو الاتصال أو غيرها، مع عدم الاستعانة بالمصادر المجهولة.
و اتسمت المعالجة الاعلامية لأخبار الجائحة في وكالة «سبوتنيك» التي تنشر بـ 10 لغات، بتأكيد المعلومة وإلزام المراسلين بتقديم الأرقام المحيّنة وإجراء مقارنة تُبيّن أن هناك ارتفاع أو انخفاض في عدد حالات الإصابة، حسب الصحفي، مضيفا أنه ركزّ شخصيا، على آثار كورونا خاصة في الجانبين النفسي والاجتماعي، فاشتغل مثلا، على أزمة السميد وحقق في الأسباب الحقيقية التي تقف وراء تشكل الطوابير، عبر تتبع شبكة التوزيع لفهم المشكلة.
ويبرز حفيظ التغييرات التي فرضتها الجائحة على الصحفي من حيث طريقة مزاولة المهنة، فقد أصبح مجبرا على العمل عن بعد عن طريق الهاتف والأنترنت، بعدما كان قد تعوّد على المقابلة المباشرة والعمل الميداني، و هي تغييرات يؤكد محدثنا أنها جعلته غير مرتاح في بادئ الأمر، لكنه تأقلم معها خصوصا أن الوضعية الوبائية الخطيرة فرضت ذلك.
وعن مسألة الأخبار المضللة التي وقع في فخها العديد من الصحفيين بعد الاستناد إلى مضامين وسائل التواصل الاجتماعي دون التحقق منها، أبرز المتحدث وهو مدرِّب في الاتحاد الدولي للصحفيين، قائلا «كصحفي، لا يمكنني أن أستقي الأخبار من فيسبوك، لكنني قد أستخدم بعض المعلومات التي تنشر فيه كأرضية أنطلق منها، إذ لا آخذها كما هي ففي هذه الحالة لن يكون ما أقوم به عملا صحفيا».
وتأسف المتحدث، لاستعانة عدد من وسائل الاعلام بمحتوى موقع «فيسبوك» مباشرة، وقال إن هذا أمر غير عادي، لأن الفضاء الأزرق «يبقى منصة رقمية ولا يمكن أن يصبح وسيلة إعلام». و أضاف طارق حفيظي أنه كصحفي ممارس منذ عدة سنوات، لم يكن يتخيل ولا حتى الخبراء، أن وباء سيغير طريقة عمل الصحفيين بهذا الشكل.

فاطمة الزهراء دغيش المديرة الجهوية لوكالة الأنباء الجزائرية بالشرق: واجهنا الأخبار المضللة بالمعلومة الدقيقة


تعتقد فاطمة الزهراء دغيش، المديرة الجهوية لوكالة الأنباء الجزائرية بالشرق في قسنطينة، أن أزمة كورونا كانت اختبارا صعبا للصحفيين ومسؤولي التحرير، كما عززت العمل الجماعي و بيّنت مرة أخرى أهمية التحقق من المعلومة قبل النشر وعدم الانسياق وراء الأخبار المضللة.
وتؤكد المديرة الجهوية، أنه ومثل أي حدث وطني أو دولي كبير، وضعت الأزمة الصحية العالمية الناجمة عن جائحة كورونا، وسائل الإعلام، أمام اختبار صعب رافقه سيل من الأخبار المضللة من جميع الأنواع، والتي تم نشرها وتداولها على الشبكات الاجتماعية على وجه الخصوص.
وعن تجربتها كمديرة مكتب جهوي يشرف على 16 ولاية بالشرق، أوضحت السيدة دغيش أن معالجة المعلومات المتعلقة بفيروس «كوفيد 19» لم تكن أمرا سهلا، فقد تمت في خضم كم هائل من المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي غالبا ما كانت مضامينها التي تتطرق للوضعية الوبائية، ملفقة وضارة. وعلى اعتبار أن وكالة الأنباء الجزائرية تتمتع باحترافية ومصداقية توجّب الحفاظ عليهما، فإن كل المعلومات المتعلقة بالفيروس التاجي، كانت تخضع للتدقيق. وتضيف دغيش، أن التحقق من المعلومات والتمحيص الدقيق في مصادرها، أمر ضروري، سواء تعلق الأمر برقم، مقطع فيديو أو اقتباس، مؤكدة أنه ينبغي على الصحفيين الذهاب مباشرة إلى مصدر الخبر، والتواصل مع جهة مرخص لها لمناقشة أي موضوع، لكن هذا المصدر لا يكون متاحا في بعض الأحيان، وأحيانا أخرى غير موجود أو غير مفوض للإدلاء بتصريحات، ما يزيد الضغوط على هيئة التحرير.
كما واجهت الوكالة، الأخبار المضللة خلال انتشار الجائحة، من خلال تحديث المعلومات بصورة منتظمة، دقيقة وكافية، و ذلك في ما يتعلق بتطور الوباء وأيضا التدابير المتخذة للوقاية منه ومحاربته، إلى جانب ذلك، تم إعطاء الكلمة للمتخصصين، كأطباء الأوبئة والأمراض المعدية، للحديث عن هذا المرض، ولكن أيضا لتقديم توصيات وتدابير الوقاية والمكافحة للمساهمة في إجابات علمية لمخاوف وتساؤلات المواطنين.
زيادة على ذلك، تم تسليط الضوء على عمل الطاقم الطبي وشبه الطبي من خلال بورتريهات وروبورتاجات وأيضا إبراز جهود الشركاء الآخرين في مكافحة الفيروس، كما تم التطرق لجهود عمال النظافة والمتطوعين لرفع مستوى الوعي والامتثال للوائح التي أوصت بها الهيئات المختصة للحد من انتشار الفيروس، إلى جانب ذلك، قُدمت شهادات مصابين بكورونا وظروف مكوثهم في المستشفيات. وتؤكد السيدة دغيش، أن أزمة كورونا باعتبارها تجربة خاما وثرية، ساعدت في الحفاظ على مستوى اليقظة بوكالة الأنباء الجزائرية، كما أنها عززت العمل الجماعي، فصار مراسلو الوكالة ينبهون، زملاءهم بولايات أخرى بالمعلومات المتداولة هناك بشأن فيروس كورونا، لتتابع بالقول إن هذه الأزمة الصحية أظهرت أهمية إنشاء شبكة من المتخصصين الموثوق بهم، من أجل تحقيق رؤية أوضح ولتحاشي المعلومات المستندة على أخبار مضللة.

سيُعاد بعثها قريبا لتنظيم الإشهار، ضبط الصحافة وتقنين القنوات الخاصة: ورشـــاتٌ إصلاحيـــة لإنهـــاء الفوضى في قطـاع الإعــلام


 
تعتزم وزارة الاتصال إعادة بعث ورشاتها الإصلاحية قريبا لتطهير قطاع الإعلام وتنظيم الإشهار العمومي، وتراهن على تلك الورشات التي أعلن عنها في جانفي الماضي، قبل أن يطالها التجميد بسبب جائحة كورونا، لإحداث القطيعة مع الممارسات السابقة، و استرجاع ثقة المواطن لمحتوى ما تقدمه وسائل الإعلام وتحقيق التوازن المطلوب بين الحرية والمسؤولية، وملء الفراغ القانوني الذي تعاني منه الصحافة الإلكترونية، الإشهار والقنوات الخاصة مع ضبط الصحافة المكتوبة.
أخلطت جائحة كورونا حسابات الحكومة التي كانت ترغب في إطلاق ورشات اصلاحية سياسية واقتصادية و اجتماعية، إضافة إلى بعض الورشات القطاعية، واضطرت لتأجيل البعض منها على غرار الورشات المتعلقة بإصلاح الإعلام إلى ما بعد الجائحة، وتعتزم وزارة الاتصال إعادة بعث تلك الورشات التي تم الإعلان عنها بداية السنة، خاصة وأنها جاءت ضمن الالتزامات التي تعهّد بها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، والتي تندرج ضمن مسعى «الحوار التشاركي”.
وكانت وزارة الاتصال قد أعلنت شهر جانفي الماضي، فتح عشر ورشات، وتتمثل أساسا في التوطين القانوني لنشاط الاتصال لوجود أنشطة إعلامية تمارس خارج القانون أو ضمن السوق السوداء، مما يتطلب بدوره فتح خمس قضايا استعجالية، وهي الضبط الذاتي للصحافة المكتوبة، وتقنين نشاط القنوات الخاصة، وتنظيم وكالات الاستشارة في الاتصال، وضبط مجال الإشهار، وتنظيم الصحافة الإلكترونية.
و تم في فبراير الماضي تنظيم ورشة خصصت لـ”الصحافة الإلكترونية” لبحث المشاكل التي تعيق الإعلام الرقمي في الجزائر، مشروع المرسوم التنفيذي المتعلق بكيفيات ممارسة نشاط الإعلام عبر الإنترنت ونشر الرد أو التصحيح عبر الموقع الإلكتروني يأتي امتدادا للمادتين 66 و 113 من القانون العضوي المتعلق بالإعلام بغية إدراج الصحافة الإلكترونية في نطاق القانون.
وأوضح وزير الاتصال في هذا الصدد أن الأحكام المقررة في هذا النص الجديد “لا تحدد النظام القانوني والاقتصادي لنشاط الصحافة عبر الإنترنت لكنها تعكس الإرادة في وضع قاعدة مرجعية توضيحية لسيرها بالنظر إلى نمط تعبيرها ودعامة نشرها التي هي شبكة الإنترنت”. بالموازاة مع الورشات الإصلاحية التي تعتزم وزارة الاتصال بعثها قريبا، أبدت مصالح الوزير بلحيمر «استعدادها» لفتح ملف التمويل الأجنبي للمؤسسات الإعلامية، من باب مساسه بالسيادة الوطنية، وقال الوزير في تصريح صحفي مؤخرا، أن التمويلات الخارجية تغذي أشكال معارضة الإصلاحات الوطنية، وعرقلة الإصلاحات الشاملة التي تفرضها الوضعية المؤسفة للبلاد.
وتعتزم الوزارة فتح النقاش حول كل الملفات التي تهم قطاع الإعلام، وهي المواضيع التي ستناقش عبر 10 ورشات مختلقة، حيث ستتطرق الورشة الأولى، إلى موضوع التوفيق بين الحرية والمسؤولية الإعلامية. وتحت عنوان “إجماع مفاهيمي من أجل ممارسة هادئة لحرية الصحافة” ستسلط هذه الورشة الضوء على مسألة “التوفيق بين الحرية و المسؤولية في الممارسة الإعلامية مع التقيد التام بأخلاقيات العمل الصحفي”.
أما الورشة الثانية فستتطرق الى مسألة “ضمان الحق في المعلومة في إطار تعددي و أخلقة الممارسة الصحفية”. و تهدف الورشة أيضا إلى تناول مسألة الاحتكار، حالات التجميع من جهة ومحاربة مخاطر الأسماء المستعارة من جهة أخرى. وستخصص الورشة الثالثة لمشكل الفراغ القانوني الذي يعاني منه قطاع الاتصال والإعلام عموما وهو الأمر الذي “يتطلب إعادة النظر” في تنظيم الصحافة المكتوبة، الإلكترونية، نشاط القنوات التلفزيونية الخاصة,، تنظيم وكالات الاستشارة في الاتصال وكذا ضبط مجال الإشهار.
وبخصوص الصحافة المكتوبة، ذكر الوزير أنه ستوكل مهمة ضبطها إلى “المجلس الوطني للصحافة” من خلال ثلاثة أجهزة وهي جهاز الأخلاقيات و الوساطة، جهاز البطاقة المهنية وجهاز قياس التأثير.
كما سيتم العمل على تقنين وضبط نشاط القنوات الخاصة الذي “أصبح أمرا مستعجلا في ظل الخطر الذي تمثله محتويات بعض هذه القنوات”، إضافة إلى ضرورة توطينها القانوني بتحويلها إلى القمر الصناعي الجزائري ألكوم سات1 .
وعلاوة على تنظيم وكالات الاستشارة في الاتصال، ستتناول نفس الورشة النشاطات الإشهارية التي تتميز -حسب الوزير- بوجود “العديد من الأحكام المبعثرة ضمن نصوص تشريعية وتنظيمية مختلفة” وعليه “أصبح من الضروري التكفل بهذا الجانب وسد الفراغ القانوني الموجود”.
أما الورشة الرابعة فستخصص للاتصال الرقمي وضرورة الانتقال النهائي له،  علما أن الاتحاد الدولي للاتصالات حدد تاريخ 17 جوان 2020 كآخر أجل للتحول من النظام الإذاعي التماثلي إلى النظام الإذاعي الرقمي. و سيخصص لموضوع ” تفعيل الاتصال المؤسساتي” ورشة كاملة، وهي الورشة الخامسة. في حين أن الورشة السادسة ستعالج مسألة “توسيع شبكة الإعلام الجواري لتعزيز الديمقراطية التشاركية».
وسيتناول المشاركون في الورشة السابعة مسألة “تعزيز التكوين والتأهيل” بالموازاة مع الشروع في “إعادة تفعيل الصندوق الخاص بهذه الورشة بعدما كان هذا الصندوق مجمدا منذ سنة 2014”. وستحظى مسألة تحسين صورة الجزائر بحيز هام ضمن استراتيجية إصلاح قطاع الإعلام بالنظر إلى أهميته وهو ما سيتم تناوله في الورشة الثامنة التي ستنظم تحت شعار “تحسين صورة الجزائر في الخارج واسترجاع مكانتها في المحافل الدولية” .
أما الورشة التاسعة فستتناول موضوع تقنين وظيفة سبر الآراء أي التحقيق الإحصائي الهادف إلى إعطاء مؤشرات قيمية في تاريخ معين حول آراء، تطلعات، تصورات وتصرفات المواطنين أو شريحة منهم، وستناقش الورشة العاشرة، المشاكل التي تعاني منها الأسبوعيات والصحافة المتخصصة المهددة بالزوال جراء العراقيل المالية.
 ع سمير

إضافات جديدة تعزز المكاسب الموجودة: مشـــروعُ تعديــــل الدستـــور يُكــرِّس حريــة الإعـلام و الصحافـــة


* البروفيسور العايب علاوة: المشروع  يحمل ضمانات واسعة لحرية الصحافة
يكرس  مشروع  تعديل الدستور الذي سيعرض على الاستفتاء الشعبي في الفاتح نوفمبر المقبل حرية التعبير ويضمن حماية واسعة لحرية الصحافة من خلال إضافات جديدة تعزز المكاسب في هذا المجال، حسب ما يؤكده الخبراء والمختصون، ومن بين هذه المستجدات والإضافات المهمة والتفصيلية،  أن إنشاء وسائل الإعلام والاتصال المختلفة يكون بموجب التصريح وليس  الترخيص، زيادة على أنه لا يمكن حلها إلا بموجب قرار قضائي بالإضافة إلى حق الصحفي في الوصول إلى  مصادر المعلومة.
تضمن التعديل الدستوري مواد و إضافات جديدة تعزز حرية التعبير و تضمن  حماية أوسع لحرية الصحافة، وفي هذا الإطار  نصت المادة 54 من المشروع على أن» حرية الصحافة ، المكتوبة والسمعية والبصرية والإلكترونية ، مضمونة» .
وتتضمن حرية الصحافة على وجه الخصوص، حسب نص المادة  ذاتها، «حرية التعبير وإبداع الصحفيين ومتعاوني الصحافة ، حق الصحفي في الوصول إلى  مصادر المعلومة في إطار احترام القانون ، الحق في حماية استقلالية الصحفي والسر المهني ، الحق في إنشاء الصحف والنشريات بمجرد التصريح بذلك، الحق في إنشاء قنوات تلفزيونية وإذاعية ومواقع وصحف إلكترونية ضمن شروط يحددها القانون ، الحق في نشر الأخبار والأفكار والصور والآراء في إطار القانون ، واحترام ثوابت الأمة وقيمها الدينية والأخلاقية والثقافية «.
وتوضح المادة ذاتها أنه ،» لا يمكن أن تستعمل حرية الصحافة للمساس بكرامة الغير وحرياتهم وحقوقهم، ،»  كما أنه «يحظر نشر خطاب التمييز و الكراهية»، وأيضا « لا يمكن أن تخضع جنحة الصحافة لعقوبة سالبة للحرية « و «لا يمكن توقيف نشاط الصحف و النشريات والقنوات التلفزيونية والإذاعية والمواقع والصحف الإلكترونية إلا بمقتضى قرار قضائي «.
و في هذا الإطار، أوضح أستاذ القانون الدولي العام والقانون الدستوري بكلية الحقوق بجامعة الجزائر 1 البروفيسور العايب علاوة، في تصريح للنصر، أمس، أنه من ضمن المستجدات في مشروع تعديل الدستور، أنه جاء بأشياء مفيدة ومهمة جدا في مجال الحقوق  والحريات الأساسية ومن ضمنها حرية الصحافة حيث تتطرق المادة 54  والتي اعتبرها أنها مهمة جدا، بكل تفصيل عن حرية الصحافة، بالإضافة  إلى المادة 55  من مشروع التعديل الدستوري التي  تتكلم عن الحق في الوصول إلى المعلومات والوثائق والإحصائيات من مصادرها الأولية لتفادي التفسير الخاطئ والمغرض ، مضيفا أن  هذا الحق المتعلق بالحصول على المعلومة وارد كنقطة فرعية  في المادة 54 إلا أن المؤسس الدستوري أفردها  بمادة مستقلة وهي المادة 55 نظرا  لأهميتها في أن  الصحفي يأخذ المعلومات من مصادرها الأولية وليس من  مصادر أخرى ربما تكون مغرضة و هذا تماشيا مع المنظومة العالمية التي تنص على الحق في الحصول على المعلومة.
 وأضاف في نفس السياق، أن المشروع جاء بإضافات جديدة مهمة وتفصيلية ، وقال أن  المشروع باعتباره دستور أجيال وليس دستور مرحلة مؤقتة أو دستور ظرفي، كما كان الوضع من قبل، فإنه يمنح ضمانات واسعة لحرية الصحافة انطلاقا من التأسيس الذي يتم بموجب التصريح  وليس الترخيص، كما كان الوضع من قبل بالإضافة إلى أنها  تمارس نشاطها وعملها في إطار القانون  وثالثا أنه لا يمكن حلها إلا بموجب قرار قضائي صادر عن جهة قضائية مختصة و مؤسسة تأسيسا قانونيا.  
وفي نفس الإطار، أوضح أستاذ القانون الدولي العام والقانون الدستوري بكلية الحقوق بجامعة الجزائر 1، أن حرية الصحافة  والإعلام وحرية الرأي و التعبير ، هي من الحقوق الأساسية من الجيل  الأول ، فالجزائر دائما  وعبر دساتيرها المختلفة نصت على هذا  الحق، لأنه حق أساسي ومقدس وحرية أساسية كذلك، موضحا أن هذا الحق  يتضمن الكثير من الحقوق  الأخرى الفرعية، كحرية الرأي والتعبير وإبداع الصحفيين ومتعاوني الصحافة وهذا ما نصت عليه المادة 54 من المشروع ، مشيرا  في نفس السياق أيضا  إلى حق الصحفي في الوصول إلى  مصادر المعلومات في إطار احترام القانون وهذا حق جديد يمكن الصحفي من الوصول إلى المعلومات من مصادرها الأولية في إطار احترام القانون ، و في السياق  ذاته أبرز المادة 55 من المشروع التي تنص أنه «يتمتع كل مواطن بالحق في الوصول إلى المعلومات والوثائق والإحصائيات والحصول عليها وتداولها»،  وتوضح نفس المادة أنه « لا يمكن أن تمس ممارسة هذا الحق الحياة الخاصة للغير وبحقوقهم وبالمصالح المشروعة للمؤسسات وبمقتضيات الأمن الوطني» .ويحدد القانون كيفيات ممارسة هذا الحق.
ومن جهة أخرى، أوضح البروفيسور العايب علاوة، أن الصحفي ليس ملزما بالكشف عن مصدر معلوماته،  حسب نص المادة 54 وهذا حق عالمي كذلك،  إضافة  إلى أنه لا يمكن توقيف نشاط الصحف و النشريات والقنوات التلفزيونية والإذاعية والمواقع والصحف الإلكترونية إلا بمقتضى قرار قضائي  ، بمعنى ترفع دعوى أولا ثم تحكم المحكمة بموجب قرار بحل الجريدة أو النشرية أوالموقع وغيرها  وهذه ضمانة أخرى، حيث توجد هناك حصانة للصحفي  وهذا شيء جديد كذلك .
كما أشار إلى الحق في إنشاء قنوات تلفزيونية وإذاعية ومواقع وصحف إلكترونية ضمن الشروط  التي يحددها القانون، مضيفا في هذا الإطار أننا ننتظر قانون  إعلام جديد والذي يكون ضمن الترسانة القانونية التي ستلي التعديل الدستوري، حيث سيحدد قانون الإعلام الجديد  الشروط الموضوعية التي يجب أن يخضع لها كل من يريد ممارسة هذا الحق وبكافة الوسائل .وأضاف أن الحق في نشر الأخبار والأفكار والصور والآراء دائما في إطار احترام القانون واحترام ثوابت الأمة سواء كانت دينية أو أخلاقية أو  ثقافية وكذلك عدم التعرض لحياة الناس الخاصة، موضحا أن  حرية التعبير لا تعني المساس بحقوق وحريات الأفراد، لأن الحقوق والحريات الأساسية يمكن أن تتصادم مع بعضها البعض، فمثلا الحق في الحياة يسود ويطغى على حرية التعبير فيجب أن تكون هناك موازنات بين ممارسة هذه الحقوق والحريات وثوابت الأمة والحياة الخاصة للأفراد -كما قال- كذلك لا يمكن استعمال والتذرع بحرية الصحافة للمساس بكرامة الغير وحرياتهم الخاصة  وحقوقهم أيضا، كما أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال استغلال الحق في حرية الصحافة لنشر خطاب التمييز و الكراهية . من جانب آخر،  أبرز الحصانة التي يتمتع بها الصحافي الموضوعي والمسؤول، حيث  إنه لا يمكن أن تخضع جنحة الصحافة لعقوبة سالبة للحرية،  لكن في مقابل ذلك يتعين على الصحافي أن يكون موضوعيا ومسؤولا عما يكتبه ولا يمس سواء  بالمرتكزات الأساسية التي تقوم عليها الدولة وقيمها و ثوابتها أو بالنسبة للأفراد في حياتهم الخاصة أو ما يمس المكتسبات الأساسية أو الأمور التي تهم الدولة، خاصة في الجوانب الأمنية والجوانب الاستراتيجية داخل الدولة، فهذه ليست من حرية الصحافة، -كما أضاف- فإذا أراد البعض أن يبحث فيها فيجب دائما أن يتحلى  بالمسؤولية والموضوعية .                               مراد - ح

العيد زغلامي أستاذ الإعلام بجامعة الجزائر: مشروع تعديل الدستور وضع القواعد المتينة للانفتاح الإعلامي


يرى، العيد زغلامي أستاذ علوم الاعلام والاتصال بجامعة الجزائر، أن مشروع تعديل الدستور، وضع القواعد المتينة للانفتاح الاعلامي، وسيسمح في حال الموافقة عليه بالانفتاح أكثر في مجال الحريات، بما فيها ضرورة رفع التجميد عن قانون الإشهار، مضيفا أنه لا توجد حرية مطلقة، بل لا بد من الالتزام بقواعد المهنة، للخروج من حالة الفوضى التي تسود القطاع، خاصة مع ظهور ما يسمى بصحافة المواطنة التي تحتاج إلى ضبط وتنظيم، وكذا المؤسسات الاعلامية التي حادت كما قال عن الالتزام المهني والأخلاقي، ودخلت في صراعات ايديولوجية وسياسية، ببثها لمضامين ومحتويات تشجع على الكراهية والتعصب، وبعض التصريحات التي تمس بثوابت الأمة، مشيرا إلى أن المطلوب من الإعلاميين هو العمل بقاعدة الربح الاجتماعي للحفاظ على الانسجام، وتجنب استغلال حرية التعبير كغطاء وذريعة لتبرير شتم الآخرين والاساءة إليهم .

أجرى الحوار: عثمان بوعبدالله
- أكيد أنكم اطلعتم على التعديلات التي تضمنها مشروع تعديل الدستور و بالأخص المواد المتعلقة بالحريات والاعلام، فما هو رأيكم فيها؟
على العموم التعديلات في مشروع تعديل الدستور، و خاصة في قضية دسترة حرية التعبير وما ورد من مواد في الجوانب المتعلقة بالإعلام، حتما ستضع حدا للتلاعبات في هذا المجال، فهناك تأويلات و تلاعبات ومراوغات، نظن أن المشروع أخذها بعين الاعتبار، بما يؤطر الممارسة الاعلامية ويجعلها أكثر مهنية واحترافية وأكثر مصداقية، وبالتالي نطمح لأن نلتمس تحسنا في الأداء، هذا من جهة،  أما النقطة الثانية الأساسية وهي استقلالية وسائل الاعلام و وضعها في يد المهنيين والانتقال إلى القواعد المعمول بها عالميا، بما يتيح للصحفي مجالا واسعا من الحرية، ويبعده عن المتابعات القضائية والأحكام السالبة للحرية، والمضايقات .
- هل تعتقد أن التعديلات ستعطي دفعة للعمل الإعلامي ليس على مستوى النصوص القانونية فقط، بل من حيث الممارسة والتطبيق أيضا؟
الموافقة على مشروع الدستور، ستحدث قفزة نوعية في الحياة السياسية والأيديولوجية وفي التوجهات والقوانين، ففي حال المصادقة على الدستور، ستكون فيه اعادة نظر في قانون الاعلام والأحزاب و قانون الجمعيات و إلى غير ذلك، لأنه مبني على نظرة ومقاربة جديدة ترتكز على تراكمات وتجارب ومخلفات النظام السابق، فهي بمثابة دروس لسد الثغرات وتمتين النصوص القانونية وإبعادها عن التلاعب والتطبيق حسب المقاس، لأن القانون فوق الجميع و من الواجب احترامه بدل البحث فيه عن التبرير للتجاوزات واتخاذ قرارات ضد قناعة الشعب، أعتقد أن مشروع تعديل الدستور أجاب على كل هذه النقاط و وضع لها قيودا ومواد صريحة وثابتة بعيدا عن التأويلات.
 فإعادة تحيين قانون الإعلام الذي يهمنا سيكون حتما قاعدة لإعادة النظر في قضية الممارسة الفعلية ، ولما نتحدث عن الإشهار لا يمكن حصره فقط في مؤسسة النشر والاشهار، بل فيه أيضا الإشهار الخاص، الذي أثبتت التجارب وما مرت عليه المؤسسات الاعلامية من تأثيرات و انعكاسات على الحياة السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية، أنه كان فاعلا رئيسيا في توجهاتها.
- من بين النقاط المدرجة في المادة 54 أن حرية الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية والالكترونية مضمونة، ما قد يعطي الانطباع أن فتح المواقع ومنصات التواصل أصبح متاحا للجميع، فهل من توضيح أو أن الأمر متروك لقانون الإعلام في حال الموافقة على التعديل؟
الصحافة الإلكترونية تخضع إلى طلب خطي، لا بد من عملية ضبط لكي لا يترك المجال لكل من هب ودب للنشر، وفي جميع الحالات الإشكال وحالة الفوضى التي يشهدها القطاع، ليست في الوسائل أو الوسائط سواء كانت مكتوبة أو مسموعة أو مرئية أو الكترونية، بل في احترام قواعد الممارسة الصحفية و لو أن لكل وسيلة خصائصها ومميزاتها وشروطها، لكن في كل الحالات الممارسة الصحفية لا بد أن تمتثل للقواعد المهنية، لتفادي التلاعبات والانزلاقات والمزايدات التي نطلع عليها عبر وسائل الاعلام، فالقضية مرتبطة باحترام قواعد المهنة و الاحترافية، دون تضييق لحرية التعبير والرأي لأن المواطن البسيط إن لم يجد ضالته في هذه الوسائط، فسيلجأ حتما إلى وسيلة بديلة هي بطبيعة الحال فضاء شبكات التواصل الاجتماعي، وهي من أهم التوجهات الأن لما يسمى بصحافة المواطنة على الصعيد الدولي والجزائر ليست استثناء، لأن هناك حوالي 25 مليون جزائري متصلون بالأنترنت، و هذا يعتبر تحديا للصحافة التقليدية سواء كانت جرائد وصحفا ومجلات وحتى التلفزيونات والمواقع
 الالكترونية .
- من بين ما تضمنته المادة 59 نقطة تعطي الحق للمواطن في  الوصول إلى المعلومات والوثائق والاحصائيات، والحصول عليها وتداولها، هل هذا برأيكم يندرج ضمن تشجيع ما يسمى بصحافة المواطن؟
 لا بد أن نرقى بالجزائر لما يسمى بمجتمع المعلومات، الذي تكون فيه الشفافية والمصداقية والحرية والتعددية، لكننا بحاجة إلى تحسين تدفق الأنترنيت ورقمنة المؤسسات، عندها ربما سنتحول إلى مجتمع رقمي مع الانتقال إلى الجيل الخامس، وما يسمى بالثورة الرابعة، فحتما سيكون فيها تحسين، لكن جميل أن نضع القاعدة و نهيئ لها من خلال هذه الأفكار، لكن مازالت الأمور هشة في  الاتصال المؤسساتي، و تأطير صحافة المواطن لتصبح حرية الرأي متاحة للجميع .
- على ذكركم لتأطير صحافة المواطنة، أكيد أنكم تطلعون عبر مواقع وشبكات التواصل الاجتماعي، على ما ينشر وما يبث عبرها، هل أنتم مع فتح سقف الحريات ومنح امكانية النشر والإدلاء بالأراء للجميع ودون قيد؟
لا توجد حرية مطلقة، فلا افراط في الحرية ولا تضييق، أنا ضد حالة الفوضى ونشر وبث محتويات التحريض والكراهية والتعصب، فلا بد أن تكون القوانين مرنة، أين نسمع فيها صوت المواطن و نضمن فيها التعددية الحقيقية، فالمواطن البسيط يلجأ إلى البحث عن المعلومات، ويتحول هو إلى صحفي بنقله ومشاركته لمختلف المنشورات، و لماذا يلجأ لهذا الخيار لأنه يجد ضالته في الفضاءات التي تتيح له هامشا من الحرية للادلاء بالرأي، لكن علينا أن نفهم جيدا أننا نحترم الرأي والرأي الأخر، وضمان الدولة لحرية الرأي و المبادرة ، لكن في كل هذا أعود وأقول أن الصحفي أو من ينشر لا بد أن يلتزم بقواعد المهنة .
- عادة ما تثير تصريحات لإعلاميين وقادة رأي، تمس بالمقدسات وثوابت الأمة، بلبلة وموجة استنكار واسعة وسط الرأي العام، هل ترون أنها تندرج ضمن الانفتاح على الحريات؟
أنا ضد أي اساءة وتشويه، العدالة هي المفصل، نفسح المجال لكل من يبادر لكن أن يكون على علم ودراية أن كل ما ينشر أو يكتب يخضع للتقييم، أو بالأحرى إلى رجع الصدى، وعليه احترام القواعد الأخلاقية والمهنية، ولا بد أن لا تكون حرية التعبير ذريعة لشتم الآخرين والاساءة إليهم والقذف ونشر التطرف والعنصرية، و لا أخفي عليكم أن بعض المضامين تحمل الكثير من السب والشتم و هذا أعتبره وقاحة وليس حرية، كما أن الاعلام العالمي يبنى على وفكرة الربح الاجتماعي، فوسائل الإعلام دورها يكمن في أنها لا بد أن تمتثل لمطلب الانسجام الاجتماعي و احترام المبادئ و الأخلاق والقيم المعمول، مثلما يحدث في المشهد الاعلامي الأوروبي والأمريكي و الدول الكبرى التي لها تقاليد في الديمقراطية وحرية التعبير، الذي يخضع كله إلى مسلمات و قواعد تبنى عليها المنظومة الاعلامية، لعدم خرق هذا الانسجام، لأنه يخلق هشاشة وشرخا في الأوساط الاجتماعية، كما أن الصحفي دوره لا بد أن يخضع للمسؤولية الاجتماعية، التي تفرض عليه أن يحترم المجتمع حفاظا على استقلاليته ودون المساس بالأخرين أو خلق بلبلة و زعزعة الاستقرار أو إثارة النعرات
والصراعات .

الرجوع إلى الأعلى