يعتبر المتحف الوطني للمجاهد بالجزائر العاصمة أهم معلم تاريخي في البلاد يقصده الجزائريون كبارا وصغارا ومن مختلف الشرائح الاجتماعية، طيلة أيام السنة ليستذكروا مآثر ثورة التحرير المجيدة.

* روبورتاج: عبد الحكيم أسابع

وقد أٌريد لهذا الصرح أن يكون شاهدا على نضال وكفاح الجزائريين في وجه المستعمر الفرنسي منذ أن وطأت قدماه أرض الجزائر سنة 1832 إلى غاية خروجه منها عام 1962، وشاهدا أيضا على أبشع الجرائم في حق الإنسانية التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي في القرن العشرين في حق الشعب الجزائري الأعزل، من خلال مجموعة كبيرة من الصور والوثائق التاريخية والشهادات الحية والمجسمات المترجمة لكفاح الجزائريين.
المتحف الوطني للمجاهد، مؤسسة عمومية ذات طابع إداري مستقلة ماليا وتعمل تحت وصاية وزارة المجاهدين تأسس سنة 1972، وكان مقره في بداية الأمر في القبة قبل أن يحوّل إلى الأبيار ( المقر الحالي لمركز الدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة  أول نوفمبر)، وبعد بناء مقام الشهيد تحول إلى مقره الحالي ويعتبر جزءا من مقام الشهيد.
يقع متحف المجاهد تحديدا أسفل مقام الشهيد الموجود على هضبة الحامة المطلة على خليج الجزائر العاصمة، الذي شيد لتخليد نضال وجهاد الشعب الجزائري، ودشن من طرف الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد في الذكرى العشرين لاستقلال الجزائر الموافق للـ 5 جويلية 1982، ومقام الشهيد كما يعرفه الجزائريون وكل من زاروا بلادنا، فهو قلعة حضارية ومكانا مميزا بالنسبة للدولة الجزائرية، وهو مقصد وقبلة لكل الزائرين، ولاسيما الأجيال الصاعدة، علاوة على الشخصيات الوطنية والدولية، ومنها رؤساء الدول والحكومات الذين يشدون الرحال إلى الجزائر، ويجعلون أولى وقفاتهم بها الترحم على شهداء الجزائر.
وقد جاء اختيار المكان لإقامة مقام الشهيد والمتحف الوطني للمجاهد الذي يعد جزءا منه، في هضبة الحامة، لعدة اعتبارات، فالهضبة، تعد منذ القرنين الـ 15 و الـ 16، موقعا استراتيجيا ومعقلا للوطنيين الجزائريين الذين يتخذون منها مكانا لمراقبة سواحل مدينة الجزائر، والتصدي لهجمات الإسبان والبرتغاليين، حيث شهدت الهضبة عدة معارك بحرية، منها حملة ‘’شارلكان’’، على الجزائر في 23 أكتوبر 1541.
كما شُيّد المقام ومعه المتحف في هذا المكان لاعتبار تاريخي آخر، هو أنه يوجد على بعد حوالي 800 متر من المنزل الذي احتضن اجتماع مجموعة الـ 22 التاريخية( في 24 جوان 1954) التي فجّرت ثورة نوفمبر المجيدة علاوة على انطلاق مظاهرات 11 ديسمبر 1960  من الهضبة التي شكلت منعطفا حاسما في مسيرة ثورة أول نوفمبر الخالدة.
وإضافة إلى كل ذلك، يوجد المتحف بمحاذاة فيلا سوزيني التي اتخذها الاستعمار الفرنسي مركزا لتعذيب وتقتيل الجزائريين إبان الثورة التحريرية.
* مراد وزناجي مدير المتحف: صون الذاكرة الجماعية بتسجيل الشهادات الحية في مقدمة المهام  


ومن خلال التمعن في المهام الموكلة للمتحف الوطني للمجاهد، تتضح الأهمية القصوى التي توليها الجزائر للحفاظ على الذاكرة الوطنية، واسترجاع الجزء الأكبر منها الذي نهبته فرنسا الاستعمارية قبيل خروجها مجبرة لا مخيرة من الجزائر.
ومن أهم المهام التي يضطلع بها المتحف، يقول مدير هذه المؤسسة مراد وزناجي في لقائنا به: "استرجاع الوثائق والأشياء المتحفية وتسجيل الشهادات الحية التي لها علاقة بالمقاومة والحركة الوطنية والثورة التحريرية وترميمها وحفظها وعرضها واستغلالها إلى جانب إنجاز برامج البحث في مجالات علم المتاحف والمشاركة في أعمال الباحثين والهيئات الوطنية والأجنبية و جمع المراجع وتبادل المعلومات العلمية والتقنية مع الهيئات المتخصصة الوطنية منها والأجنبية››.
وقد تم تسجيل آلاف الشهادات الحية من أفواه المجاهدين الذين شاركوا في الثورة على مر السنوات الماضية، وهي محفوظة في دعامات إلكترونية وجاهزة للاستغلال من قبل الباحثين، شأنها شأن الوثائق الأرشيفية والمطبوعات التي تم تقديمها للمتحف كهبات.
كما يهتم المتحف الوطني للمجاهد بطبع النشريات التي لها علاقة بنشاط المتحف في مجال علم المتاحف والتاريخ ، فضلا عن طباعة كتيبات " أمجاد الجزائر "، لتعريف الناشئة بشهداء الثورة وسيّرهم بأسلوب أدبي مشوق، وتوظيف وسائل الإسناد السمعية البصرية فيما يخدم نشاط المتحف وكذا المساهمة في التجمعات الوطنية والدولية ذات العلاقة بالمهمة المسندة للمتحف، وأيضا المساهمة في إحياء الأعياد والأيام الوطنية ومختلف المناسبات والذكريات التاريخية، وتنظيم ندوات وملتقيات وأيام دراسية وإقامة معارض ...
ويؤكد السيد وزناجي أن أغلب المعروضات من صور ووثائق وأسلحة وذخيرة وبعض الأغراض الشخصية والألبسة، تبرعت بها أسر الكثير من الشهداء ومجاهدون كمورد أساسي، وقال أن العملية ما تزال متواصلة.
صور مشرقة عن جهاد الشعب الجزائري
 أهم ما يلفت انتباه الزائر للمتحف هو التسلسل المتبع في تصنيف المعروضات وفق التسلسل التاريخي لمختلف الأحداث التي شهده نضال وكفاح الجزائريين وهو ما لمسناه في الجولة التي رافقتنا فيها السيدة نجية لوصيف رئيسة مصلحة الحفظ والترميم.
وقد قادتنا الجولة التي تلقينا خلالها شروحات مفصلة عن محتويات مختلف أقسام المتحف، بالمناسبة للتردد على الأجنحة الأربعة التي تروي وتخزن تاريخ ثورة التحرير المجيدة، بمجموعة من الصور والنماذج التي بدأت من فترات المقاومة الشعبية ومن ثم إلى النضال السياسي، حتى فترة اندلاع الثورة التحريرية، وما تخللها من بطولات الجزائريين، ومجازر وجرائم المستعمر الفرنسي، وكلها تعتبر شاهدا حيا يؤكد عظمة الثورة الجزائرية، وهي مقسمة على النحو التالي: جناح المقاومة الشعبية ( 1830 – 1919)، ثم جناح السياسة الاستيطانية للاستعمار، جناح الحركة الوطنية ( 1919- 1954)- وأخيرا جناح الثورة التحريرية .
وقبل أن ينتقل الزائر إلى مختلف هذه الأجنحة يجد مباشرة أمامه بعد تخطي المدخل الرئيسي، المعرض الدائم للمتحف بواجهات ومحتويات مختلفة.
وفي الجناح المخصص للمقاومة المسلحة 1830- 1924، يجد الزائر التقرير الذي أعده الجاسوس الفرنسي "إيف بوتان"، سنة 1808، عن الوضع العام في الجزائر، وكذا تقرير وزير الحرب الفرنسي كلير طونير سنة 1827 يؤكد فيه إمكانية احتلال الجزائر، ما يؤكد أن نية احتلال فرنسا للجزائر كانت مبيتة من قبل وما حادثة المروحة إلا ذريعة واهية.
كما نجد في ذات الجناح مشهد إنزال القوات الفرنسية بميناء سيدي فرج (14 جوان 1830). ومشهد لمعركة سطاوالي.
أما في جناح المقاومة المنظمة المسلحة، فأول ما يقابلنا، الفضاء المخصص لمقاومة الأمير عبد القادر  1832-1847، ويحتوي هذا الرواق على صورة مبايعة الأمير عبد القادر تحت شجرة الدردارة في 27 نوفمبر 1832م، إلى جانب تحف نادرة بعضها يرجع للأمير و نسخة لمخطوط «صحيح البخاري» على حواشيه تعاليق بخط الأمير.
كما يضم المعرض مسدسين نادرين أهداهما الرئيس الأمريكي "أبراهام لينكولن " للأمير اعترافا وتقديرا للدور الذي قام به في إخماد الفتنة بين مسلمي ومسيحيي دمشق سنة 1860.
أما رواق مقاومة الحاج أحمد باي (1830-1848) فيحتوي على صورة نصفية مرسومة للحاج أحمد باي، و نماذج من الأسلحة المستعملة خلال مقاومته، إلى جانب صور عن استماتة سكان مدينة قسنطينة في الدفاع عنها في أكثر من معركة، من بينها المعركة التي سقط فيها قائد الحملة الفرنسية على قسنطينة الجنرال «دامريمون»  سنة 1837 قتيلا.
أما الفضاء المخصص للمقاومة الشعبية المسلحة، فيتضمن رواق خاص بمقاومة الشيخ أحمد بوزيان (الزعاطشة بالزيبان 1849)، و مقاومة الشريف بوبغلة (1851-1854) بجبال جرجرة، ومقاومة لالة فاطمة نسومر (1851-1857) بالقبائل الكبرى، وكذا مقاومة أولاد سيدي الشيخ (1864-1881) بالجنوب الغربي.
وفي نفس الرواق نجد أيضا صورا ولوحات لمقاومة المقراني والشيخ الحداد (1871-1872) بجبال البيبان، ومقاومة الشيخ بوعمامة (1881-1908) بالجنوب الغربي جنبا إلى جنب مع اللوحات الخاصة بانتفاضة التوارق (1881-1924) بالأهقار وجانت ومقاومة الأوراس والهضاب العليا (1916-1917) بعين التوتة وبريكة ومروانة وبلزمة.
شواهد على بشاعة السياسة الاستيطانية الاستعمارية
يحتوي رواق السياسة الاستيطانية الاستعمارية على  صور ووثائق تعبر عن بشاعة السياسة الاستيطانية وخطرها على الوجود الجزائري وتتمثل في:"مصادرة الأراضي الخصبة من  قبل المستعمر الفرنسي واستغلالها للجزائريين  كأقنان، وإبادة وتهجير السكان الأصليين من أراضيهم، الاستيلاء على الأملاك العقارية في المدن ونفي وتهجير أصحابها وممارسة سياسة التفقير والتجهيل في أوساط الجزائريين.
كما يحتوي المعرض على شواهد عن مصادرة الأوقاف والاستيلاء على المساجد والمعاهد والمدارس العربية وتحويلها إلى كنائس وثكنات عسكرية لطمس هوية الشعب الجزائري، والتجنيد الإجباري للجزائريين في الخدمة العسكرية الفرنسية سنة 1912 الذي قوبل بالرفض والاحتجاج والهجرة الجماعية واللجوء إلى الجبال والتخفي.
من المقاومة السياسية إلى الكفاح المسلح


يقف الزائر لهذا الجناح على مختلف الاتجاهات السياسية التي شكلت الحركة الوطنية مباشرة عقب المقاومة الشعبية المتمثلة في الاتجاه الاستقلالي والاتجاه الإصلاحي والاتجاه الاندماجي، من خلال مجموعة وثائق وصور تبين مسار الحركة الكشفية التي أنشأها الشهيد محمد بوراس سنة 1936 تحت تسمية الكشافة الإسلامية الجزائرية، التي عملت على غرس الروح الوطنية وترسيخ القيم

الأخلاقية لدى الشباب الجزائري، إلى جانب تاريخ راية الدولة الجزائرية من العهد العثماني إلى غاية الاستقلال.
كما تتضمن المعروضات مخططا يبين أبرز التشكيلات السياسية وتطورها قبل الثورة التحريرية، فضلا عن صور ووثائق تاريخية تبرز مجازر 08 ماي 1945، التي ارتكبها الاحتلال الفرنسي في حق الشعب الجزائري في العديد من المدن والقرى و المداشر أبرزها، سطيف و قالمة وخراطة، والتي ذهب ضحيتها 45 ألف شهيد.
أما في جناح الثورة التحريرية  فإن الزائر لهذا الرواق تقابله أول ما تقابله، صورة خاصة بمجموعة  الـ 22 التاريخية التي اجتمعت بمنزل المجاهد المرحوم إلياس دريش في الجزائر العاصمة يوم 24 جوان 1954، واتخذت قرار  التحضير لانطلاق الكفاح المسلح، وتحديد أهداف الثورة في مختلف الميادين وتفويض لجنة الخمسة التي انضم إليها كريم بلقاسم للقيام بمهمة الإعداد لتفجير الثورة التحريرية.
ويعد هذا الاجتماع كما هو معلوم نقطة بارزة في تاريخ النضال الوطني الثوري قبل اندلاع الثورة المسلحة، وقد اشتهر بهذا الاسم بسبب عدد الذين اشتركوا فيه ( 22 عضوا) معظمهم من أعضاء اللجنة الثورية للوحدة والعمل (C.R.U.A).
وفي نفس فضاء العرض نجد رواق لجنة الستة والوفد الخارجي، يقف الزائر عند، صورة لمجموعة الستة التي  أسندت لها مهام: "تقسيم التراب الوطني إلى 5 مناطق، وتحديد تاريخ انطلاق الثورة المسلحة، وتحرير نص بيان أول نوفمبر 1954، إلى جانب تحديد المسؤوليات وكلمات السر: (الله أكبر – خالد – عقبة).
كما تقابل الزائر، صورة الوفد الخارجي الذي أوكلت إليه مهمة التعريف بالثورة وطلب الدعم المادي والمعنوي لها.
وإضافة إلى ذلك يجد الزائر في ذات الرواق، نسخة من بيان أول نوفمبر، وآلة ‘’الرونيو’’ التي سحب بها نص بيان أول نوفمبر الأصلي، وكذا خارطة مُضاءة تحدّد أماكن ومواقع العمليات الأولى لجيش التحرير الوطني ليلة أول نوفمبر 1954.
كما نجد في ذات الرواق أيضا نماذج من الأسلحة والوسائل التي استعملها المجاهدون الأوائل في بداية كفاحهم المسلح.
هجومات 20 أوت  ومؤتمر الصومام ... تحول جذري في مسار ثورة التحرير
وبالوصول إلى الرواق الخاص بهجومات 20 أوت 1955، نجد مجموعة من الصور واللوحات الخاصة بهجومات الشمال القسنطيني المباغتة للاستعمار الفرنسي والتي تم التخطيط لها وشنها لتحقق العديد من الأهداف والمتمثلة أساسا، في " فك الحصار المضروب على الأوراس"و "تضامن الشعب الجزائري مع شقيقه المغربي في الذكرى الثانية لاعتقال ونفي الملك محمد الخامس إلى جزيرة مدغشقر" وهي الهجومات التاريخية التي نتج عنها "انتشار الثورة في جميع مدن وقرى ونواحي الجزائر"، "إدراج القضية الجزائرية في جدول أعمال الدورة العاشرة للجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة (23سبتمبر 1955)››، ما أدى بالقوات الاستعمارية إلى القيام برد فعل عنيف على هذا الهجوم، حيث قنبلت المداشر والقرى وارتكبت مجازر رهيبة ضد السكان العزل بقتل ما لا يقل عن 12 ألف جزائري».
من جهته يحتوي رواق مؤتمر الصومام 20 أوت 1956 على  صور ووثائق ومعروضات مختلفة خاصة بانعقاد هذا المؤتمر الذي وقع  بقرية إفري أوزلاقن بغابة أكفادو بجاية.
كما نجد في الرواق المخلد لإضراب الثمانية أيام التاريخي والعمل الفدائي، صورا ووثائق تبرز إضراب الثمانية أيام التاريخي الذي امتد من 28 جانفي إلى 4 فيفري 1957، والذي أتى استجابة لقرار لجنة التنسيق والتنفيذ في إشراك كل شرائح الشعب الجزائري في الثورة لاسيما في المدن الكبرى كالجزائر العاصمة، وقد جاء تدعيما لقرارات مؤتمر الصومام الذي غير استراتيجية الثورة في كافة المجالات.
أما الزائر للرّواق المخلد لطرق التنديد والرفض الشعبي للاستعمار الفرنسي، فسيجد صورا ووثائق ونصوصا تبين بوضوح نماذج من الوسائل المختلفة التي عبر من خلالها الشعب الجزائري عن احتجاجه وتنديده ورفضه للممارسات الاستعمارية منها، صور ونصوص توضيحية لإضراب الطلبة الجزائريين عن الدراسة يوم 19 ماي 1956، وصور عن إضراب التجار الذي دام ثمانية أيام من 28 جانفي إلى 4 فيفري 1957، إلى جانب صور عن مظاهرات الشعب الجزائري في الـ11 ديسمبر 1960.
   كما يشاهد الزائر صورا عن مظاهرات 17 أكتوبر 1961 بفرنسا، إلى جانب صور عن المسار السياسي والعسكري للثورة بفرنسا.
هكذا خطط المستعمر للقضاء على الثورة
في الرواق الخاص بالمخططات الاستعمارية الرامية للقضاء على الثورة الجزائرية يقف الزائر عند مجموعة من الصور والوثائق التي تبين أبرز المخططات التي نفذها الاستعمار للقضاء على الثورة منها على الخصوص تطويق الجزائر بخطي موريس وشارل المكهربين المقامين بهدف منع إمداد الثورة بالسلاح والعتاد، على طول الحدود الجزائرية التونسية والجزائرية المغربية، وكل يتضح من خلال المجسم المجسد لعملية اختراق عناصر جيش التحرير الوطني لهذين الخطين بأدوات بسيطة كآلات قص الحديد.
ورغم سياسة البطش والحرمان من الحقوق الأساسية التي مارسها الاستعمار الفرنسي ضد الجزائريين فإن روح التحدي كانت عنوان الجزائريين في حياتهم اليومية، وهو ما نلمسه في رواق الجانب الاجتماعي للثورة التحريرية، الذي يشاهد فيه الزائر معروضات تتعلق بالحياة الاجتماعية للشعب الجزائري أثناء الثورة التحريرية في مجالات التعليم والصحة والتنظيم القضائي وكل ما يرتبط بنضال المرأة الجزائرية.  
من جهة أخرى يبرز رواق " وسائل الإعلام والاتصال إبان الثورة التحريرية" من خلال مجموعة من الصور، نماذج من وسائل الإعلام التي استخدمتها الثورة على غرار " أجهزة البث الإذاعي"، "أجهزة الطبع والسحب والرقن"، إلى جانب " نسخ من جريدتي المقاومة الجزائرية والمجاهد" إضافة إلى " منشورات ووثائق مختلفة" و" أجهزة الإرسال والاستقبال اللاسلكي".

نماذج من أساليب التعذيب والجرائم البشعة التي ارتكبها الاستعمار


في هذا الرواق  يقف الزائر عند مختلف المعروضات من بينها مجسمات وصور تبرز مشهد إعدام أحمد زبانة ومشهد التعذيب ولوحات وصور تجسد بشاعة الجرائم التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي في الجزائر، وكذا صور لبعض المعتقلات والمحتشدات والسجون ومراكز التعذيب، إلى جانب صور لبعض جرائم منظمة الجيش السري "L'OAS"   التي ظهرت للوجود في أفريل 1961 والتي انتهجت سياسة الأرض المحروقة والاغتيالات والتفجيرات وتخريب وحرق المرافق.
وفي ذات السياق نجد مجسم للمحرقة التي ارتكبها الجيش الاستعماري الفرنسي في حق أزيد من ألف شخص من المدنيين العزل من قبيلة أولاد رياح ، ببلدية النكمارية، ولاية مستغانم، بين 18 و20  جوان 1845م، كشاهد آخر على بشاعة جرائم الإبادة التي ارتكبها المستعمر في حق الجزائريين الأبرياء العزل.
الحكومة المؤقتة  
و المفاوضات واسترجاع السيادة الوطنية
يخلد أحد أروقة العرض للمتحف نشاطات الحكومة الجزائرية المؤقتة من خلال مجموعة من الصور والوثائق توضح مسار هذه الحكومة بتشكيلاتها الثلاثة، "تشكيلة الحكومة الأولى: 1958-1960، برئاسة فرحات عباس وعدد أعضائها 19 عضوا، و تشكيلة الحكومة الثانية: 1960-1961، برئاسة  فرحات عباس أيضا وعدد أعضائها 13 عضوا، وتشكيلة الحكومة الثالثة: 1961-1962 برئاسة بن يوسف بن خدة وعدد أعضائها 12 عضوا.
وبمحاذاة هذا الرواق ازدانت واجهات العرض بصور تبين، مجزرة ساقية سيدي يوسف في 8 فيفري 1958، التي وقعت في تلك القرية الصغيرة الواقعة على الحدود التونسية على الطريق المؤدي من مدينة سوق أهراس بالجزائر إلى مدينة الكاف بتونس، وهي منطقة استراتيجية، تم استخدامها كقاعدة خلفية للعلاج واستقبال المرضى ومعطوبي الثورة الجزائرية، ورغم العدد الكبير من ضحايا هذه المجزرة فقد كانت النتيجة أن امتزجت دماء الجزائريين بدماء التونسيين، مما زاد من تلاحـم وتضامن الشعبيـن وبذلك تأكـد الجميع أن مصير شعوب المنطقة واحد في السراء والضراء.    
كما يقف الزائر في هذا الرواق على مجموعة من الصور واللوحات والوثائق تبرز مسار التفاوض، " المراحل التي مرت بها المفاوضات، وقف القتال في 19 مارس 1962، تنظيم الاستفتاء على تقرير المصير بتاريخ 01 جويلية 1962، الإعلان عن الاستقلال والتعبير عن الفرحة وعودة اللاجئين.ينهي الزائر جولته بالولوج إلى قبة الترحم التي هي عبارة عن تحفة معمارية بديعة ذات طابع إسلامي، تزين جدرانها آيات قرآنية منقوشة ومذهبة.
وتتوسط القبة صخرة مضاءة ترمز إلى تلاحم الشعب الجزائري وصموده، وتذكر بمعاقل المجاهدين الأحرار، يعلوها موضع مضاء خصص لوضع السجل الذهبي للمتحف، كما وضعت بالقبة نسخة من المصحف الشريف مفتوح في مكان مخصص لقراءة الفاتحة والترحم على أرواح الشهداء، وفي هذه القبة تتلى آيات بينات من القرآن الكريم.
تجذر الإشارة إلى أن المتحف الوطني للمجاهد الذي يحتوي أيضا على فضاء للاطفال وقاعة للأرشيف وأخرى لمعالجة الأرشيف واستديو مجهز لتسجيل الشهادات، كان قد أغلق أبوابه لمدة أربعة أشهر في فترة الحجر الصحي قبل أن يعاد فتحه لمدة شهر ونصف لاستقبال الزوار.
وينتظر أن يستأنف نشاطاته من جديد ، لكن مع تغيير في مواقيت العمل، حيث كان يفتح أبوابه يوميا وعلى مدار الأسبوع من الثامنة إلى العاشرة ليلا قبل أن يغير المواقيت من التاسعة صباحا إلى السابعة مساء.

الرجوع إلى الأعلى